الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اتفق الفقهاء على حرمة نبش القبر، فلا يجوز هتك حرمة القبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) رواه أبو داود، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الإسراء/70، ومن كرامته أن لا يُنبش قبره ولا تُنتهك حرمته.
والدفن في الفسقية لا يعد دفناً شرعياً وهو غير جائز، وقد صدر قرار رقم (126) لمجلس الإفتاء الأردني بحرمة دفن أكثر من ميت في قبر واحد، جاء فيه: "الأصل في الدفن أن يكون لكل ميت قبر خاصّ به، ويحرم دفن أكثر من ميت في قبر واحد من غير ضرورة، أما إذا وجدت الضرورة لكثرة الموتى وتعسُّر إفراد كل واحد بقبر فيجوز ذلك.
وإذا تم دفن الميت في قبر فلا يجوز أن يبنى عليه إلا ما يحفظه من الاندثار، ولا يجوز دفن ميت فوق ميت؛ لقول جابر رضي الله عنه: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ، أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ، أَوْ يُجَصَّصَ) رواه النسائي والبيهقي وأصله في مسلم. والمراد بالزيادة عليه، أن يقبر ميت على قبر ميت آخر.
ثم إن القبر يجب أن يكون في حفرة تحت الأرض، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: (احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا) رواه النسائي في السنن.
وعليه فلا يجوز بناء القبور بحيث يكون بعضها فوق بعض؛ لأنها في حقيقتها خزائن كخزائن ثلاجات المستشفيات، وليست قبوراً بالمعنى المتعارف عليه اللائق بكرامة الإنسان المسلم، ولا يوجد ضرورة تدعو لهذا الإجراء فالصحراء واسعة، والإنسان يدفن مرة واحدة، وحيثما كانت المقبرة يمكن الوصول إليها. والله تعالى أعلم" انتهى.
والمشاهد في بلادنا أن عظام الموتى لا تبلى إلا بعد مرور أكثر من مئة سنة، ولا يجوز طمر القبور والدفن فوقها إلا بعد بلاء العظام بصورة كاملة، وبشرط أن يكون دفناً شرعياً. والله تعالى أعلم