الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي ألا يتم توزيع الأرباح بين الشركاء إلا بعد بيع البضاعة المشارك بها، وتنضيض [أي تحويل السلع إلى نقد] الربح وتحققه؛ لأن الربح وقاية لخسارة رأس المال، ولا وقاية لرأس المال إلا بعد انتهاء المشروع المشارك فيه، ولا سبيل للجزم بمقدار الربح قبل البيع. وبالتالي فيستحق الشريك ربحه بالبيع.
فإذا تم الاتفاق بين الشركاء على توزيع الأرباح قبل ذلك صح، واعتبرت الأرباح الموزعة دفعات على الحساب، وقد أجاز ذلك فقهاء الحنابلة، جاء في [المغني لابن قدامة 5/ 45]: "لو أن رب المال والمضارب اقتسما الربح، أو أخذ أحدهما منه شيئا بإذن صاحبه، والمضاربة بحالها، ثم سافر المضارب به، فخسر، كان على المضارب رد ما أخذه من الربح؛ لأننا تبينا أنه ليس بربح، ما لم تنجبر الخسارة"، وفي [كشاف القناع 3/ 519]: "وتحرم قسمته -أي الربح- والعقد باق إلا باتفاقهما على قسمته؛ لأنه مع امتناع رب المال وقاية لرأس ماله؛ لأنه لا يأمن الخسران فيجبره بالربح، ومع امتناع العامل لا يأمن أن يلزمه رد ما أخذ في وقت لا يقدر عليه، فلا يجبر واحد منهما... وإن اتفقا -أي المتقارضان- على قسمه -أي الربح- أو على قسم بعضه، أو اتفقا على أن يأخذ كل واحد منهما كل يوم قدراً معلوماً جاز؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما".
وعليه، فلا يستحق الشريك ربحه بشكل نهائي إلا بعد بيع البضاعة ونضوض رأس المال، ولا حرج إن اتفق الشركاء على توزيع دفعات تحت الحساب عند بيع البضائع، فإن لم يتم البيع فلا يوزع ربح بينهما؛ لأن مقتضى عقد الشركة هو الاشتراك في الربح والخسارة، ولا يظهر ذلك إلا بعد بيع المواد المشارك فيها. والله تعالى أعلم.