الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اتفق الفقهاء على استحباب الطواف بالكعبة سبعة أشواط لمن تطوع بذلك، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا –أي سبعة أشواط- فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ) وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن.
وأما الطواف أقل من سبعة تطوعاً، فالذي عليه الشافعية والمالكية في المعتمد عندهم أنه لا يجزئ أقل من سبعة أشواط، فقال الباجي رحمه الله في [شرح الموطأ]: "...أعمال الطاعات التي تقصد لأنفسها ولا تتبعض كالصلاة والحج والصيام والطواف لا ينبغي لمن دخل فيها وتلبس بعملها أن يقطعها حتى يتم منها أقل ما يكون من جنس تلك العبادة كاملة.... وأقل ما يكون من الطواف عبادة سبعة أشواط مع ما يتبعه وهما الركعتان بعده".
وفي [حاشية الجمل] من كتب الشافعية: "طواف التطوع.... كونه سبعاً أنه لا تطوع فيه بشوط أو أكثر أي أقل من السبع وهو الذي يظهر، ونقل عن الخادم أن له التطوع بذلك فليحرر، ثم رأيت في الإيعاب وفي حديث غريب: (من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، والمراد بالمرة الأسبوع وإلا لاقتضى جواز التطوع بطوفة واحدة، والصحيح خلافه إلى آخر ما أطال به". انتهى بتصرف يسير.
ومذهب الحنفية أنه لا يلزم في التطوع إتمام سبعة أشواط ويثاب على ما طافه، وهو قول عند الشافعية.
جاء في [مجمع الأنهر] من كتب الحنفية: "يطوف بالبيت نفلاً ما أراد؛ لأنه عبادة، وهو أفضل من الصلاة للغرباء".
وفي [أسنى المطالب] من كتب الشافعية: "هل يصح التطوع بشوط منه، وقد نص في الأم على أنه يثاب عليه كما لو صلى ركعة ولم يضف إليها أُخرى".
وقال ابن مفلح في [الفروع]: "يتوجه على كل حال أن في طواف شوط أو شوطين أجراً، وليس من شرطه تمام الأسبوع، كالصلاة، ولهذا قال عبد الرزاق: رأيت سفيان يفر من أصحاب الحديث، إذا كثروا عليه دخل الطواف فطاف شوطاً أو شوطين ثم يخرج ويدعهم".
وعليه، فالأفضل والأحوط لمن أمكنه إتمام طوافه سبعة أشواط أن يتمه سبعاً لينال الأجر كاملاً، ويخرج من خلاف الفقهاء، فأن اقتصر على أقل من ذلك لعذر، فله أجر ما طاف بإذن الله تعالى. والله تعالى أعلم