الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من نذر شيئاً مباحاً فعلاً أو تركاً لم يجب عليه الوفاء به؛ ولا تلزمه الكفارة، بدليل حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ. فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) رواه البخاري.
ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الرجل أن يكفر عن نذره، بل أمره بعدم امتثاله؛ ليدل على أن نذر الأمور المباحة لا يجب الوفاء به، خاصة إذا سبَّبَت المشقة والعنت، أما إذا كان نذر طاعة وعبادة كالصوم مثلاً، وجب الوفاء به؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ).
ونذر تقبيل الرأس والقدم ليس من الطاعة، بل هو من المباحات التي لا يصح الالتزام بها بالنذر.
جاء في [مغني المحتاج 6/ 235]: "لو نذر فعل مباح كأكل ونوم أو تركه كأن لا يأكل الحلوى، لم يلزمه الفعل ولا الترك؛ لخبر أبي داود: (لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله تعالى)... والأصح أنه لا كفارة فيه لعدم انعقاده" انتهى باختصار.
وعليه فليس على الناذر الالتزام بما نذر، وليس عليه كفارة. والله تعالى أعلم.