الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة فلا يجوز الاعتداء عليها بحال، وقد شرع الإسلام الأحكام الكفيلة بالمحافظة على هذا المقصد، فحرم القتل، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء / 93، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) رواه مسلم.
وقد جعلت الشريعة الإسلامية لولي الأمر وضع القوانين التي تساهم في المحافظة على النظام العام بما يكفل حفظ النفوس والأموال، وبما لا يتصادم مع نصوص الشريعة الغراء.
وبما أن قانون السير يجبر السائق على إعطاء الأولوية، ويعتبر عدم إعطاء الأولوية مخالفة يستحق صاحبها العقوبة، وهذا القانون لا يتصادم مع نصوص الشريعة بل يساهم في المحافظة على النفوس والأموال، ومثل هذه المخالفات يترتب عليها أضرار جسيمة ربما تنتهي بالوفاة، فالعمل بهذا القانون واجب شرعي؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والمحافظة على الأنفس والأموال لا تكتمل إلا بإصدار مثل هذه القوانين الناظمة، والعمل بها.
وبالتالي فإن الالتزام بقانون السير والذي منه إعطاء الأولوية للآخرين واجب شرعاً ومخالفته لا تجوز؛ لما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ضَرَرَ ولا ضِرَار) رواه ابن ماجه. ولما فيه من مخالفة ولي الأمر فيما أمر مما لا يتصادم مع الشريعة الإسلامية، والذي يؤول إلى الخلل والعشوائية في حياة الناس، فنوصي السائقين الالتزام بقواعد السير حفاظاً على أرواحهم وأرواح الآخرين. والله تعالى أعلم.