الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
نفقات الزراعة التي يتكلفها المزارع لا تُطرَح من الناتج قبل إخراج الزكاة - إن كان الناتج قد بلغ نصابا وكان مما تجب زكاته من الزروع -، بل يجب على المزارع أن يتحملها، ويُخرج زكاتَه مِن المحصول كله، مِن غير أن يخصم شيئا من النفقات، وذلك أن الزكاة وجبت في هذا الزرع بنص من الكتاب والسنة، فلا يجوز إسقاط حق أوجبه الله عز وجل بغير دليل.
وهذا هو المفهوم من نص فقهائنا الشافعية على عدم طرح أجرة الأرض قبل الزكاة.
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: " على زارع أرض فيها خراج وأجرة: الزكاةُ, ولا يسقطها وجوبهما؛ لاختلاف الجهة، ولا يؤديهما من حبها إلا بعد إخراج زكاة الكل " انتهى. " تحفة المحتاج " (3/242)
وقد نص على ذلك فقهاء الحنفية بكلام صريح واستدلال ظاهر، فقال ابن عابدين رحمه الله:
" يجب العشر - فيما سقت السماء -، ونصفه - فيما سقي بالنضح - بلا رفع أجرة العمال ونفقة البقر، وكري الأنهار، وأجرة الحافظ، ونحو ذلك، قال في الفتح: يعني لا يقال بعدم وجوب العشر في قدر الخارج الذي بمقابلة المؤنة، بل يجب العشر في الكل؛ لأنه عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، ولو رفعت المؤونة كان الواجب واحدا، وهو العشر دائما في الباقي، لكن الواجب قد تفاوت شرعا، فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج، وهو القدر المساوي للمؤونة أصلا " انتهى. " رد المحتار " (2/51)، وللتوسع يمكن مراجعة: " الموسوعة الفقهية " (23/289). والله أعلم.