الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ملكية الشخص لماله مرتبطة بحياته، فما دام على قيد الحياة فجميع ما لديه من أموال ونحوها ملك له، وعليه فملكية والدتك لأموالها باقية؛ لأن إصابتها بمرض الزهايمر لا يؤثر على ملكيتها، وإنما يؤثر على أهليتها في التصرف بأموالها.
والواجب في هذه الحالة أن يُرفع أمرها إلى القاضي ليعين وصياً أميناً يدير لها شؤونها، ويحفظ أموالها، ولا يجوز أن تصرف أموالها إلا لمصلحتها، وأي تصرف في هذه الأموال ليس فيه مصلحة لها تصرف باطل، وفاعله آثم لأن فاقد الأهلية مثله كمثل الطفل الصغير، بحيث لا يجوز التبرع ولا التصرف بشيء من ماله، وإن كان كبيراً في السن.
قال الإمام الشربيني: "ويتصرف له الولي بالمصلحة وجوباً؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الأنعام/ 152، وقوله تعالى: (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) البقرة/ 220، وقضية كلامه أن التصرف الذي لا خير فيه ولا شر ممنوع منه إذ لا مصلحة فيه، وهو كذلك، كما صرح به الشيخ أبو محمد والماوردي، ويجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف واستنماؤه، والمجنون والسفيه كالصبي فيما ذكر" [مغني المحتاج، 3/152].
وقد جاء في "قانون الأحوال الشخصية الأردني" (المادة 212 ب): "يتولى شؤون فاقد الأهلية أو ناقصها من يمثله سواء كان ولياً أو وصياً".
وعليه؛ فإنه لا يجوز لكم ولا للولي التصرف في مال والدتكم، سواء أكان ببناء مسجد أو بالتبرع عنها ما دامت على قيد الحياة؛ لأن الأصل حفظ مالها إلى أن تشفى من مرضها بإذن الله تعالى، أو تموت فتقسم تركتها على الورثة.
وإذا قام الوالد أو أي أحد بالتصرف في أموالها من غير إذن القاضي، وجب عليه ضمان هذا المال ورده. وننصح الجميع بتقوى الله والبعد عما يغضبه. والله تعالى أعلم.