الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن يُسدد المهر ذهباً كما هو متفق عليه، فإن تعذر ذلك فقد أجاز فقهاء الشافعية للزوج سداد المهر بغير الجنس أو النوع الذي دفعه به، كالأوراق النقدية بدل الذهب، ولكن بشروط:
الأول: أن لا يكون قد سبق الاتفاق على هذا الأمر، بل عرض عند الوفاء، فإن الاتفاق على الوفاء بالأوراق بدلاً عن الذهب من غير تنفيذ ذلك عاجلاً يوقع في ربا النسيئة؛ لأن إبدال الذهب بالأوراق النقدية يسمى صرفاً، ويشترط فيه التقابض والحلول.
الثاني: أن يعتمد سعر الذهب يوم الوفاء، وليس يوم دفع المهر.
الثالث: أن يتم دفع المبلغ كاملاً، ولا يجوز تأخير أي جزء منه؛ لما سبق أن ذكرنا من أن الصرف لا بد فيه من التقابض.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "والجديد جواز الاستبدال عن الثمن الثابت في الذمة، وإن لم يكن نقداً، لخبر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: "كنت أبيع الإبل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فقال: لا بأس إذا تفرقتم وليس بينكما شيء" رواه الترمذي وغيره وصححه الحاكم على شرط مسلم". [مغني المحتاج 2/ 464].
وجاء في "قرار مجمع الفقه الإسلامي" رقم: 75(6/8) ما نصه: "يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد -لا قبله – على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين، إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم، ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة".
وعليه فإن أراد الزوج أن يدفع المهر أوراقاً نقدية فلا يجوز تقسيطها، ولا تأخير أي جزء منها فإن كان لا يستطيع فتثبت الليرات الذهبية في ذمته، وعند وفاء أي جزء منها يمكنه أن يدفع قيمتها نقداً بسعر الذهب وقت الوفاء. والله تعالى أعلم.