الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في الشريعة وجوب التقابض وعدم التأجيل في عقود الصرف عند اختلاف الأجناس واتحاد العلة.
قال الإمام النووي: "أجمعوا على أنه لا يجوز بيع الربوي بجنسه وأحدهما مؤجل. وعلى أنه لا يجوز التفرق قبل التقابض إذا باعه بجنسه أو بغير جنسه مما يشاركه في العلة، كالذهب بالفضة". [شرح النووي على مسلم 11/ 9].
فلا يجوز الاتفاق على صرف مستقبلي بسعر معين؛ لأن ذلك يعتبر من ربا النسيئة.
ويجب أن يتم الصرف بسعر يوم التقابض؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) رواه أبوداود.
وعليه؛ فلا يجوز شرعاً أن يتم التعاقد بين طرفين على صرف مستقبلي مع تحديد سعر معين للصرف على مدار مدة زمنية معينة؛ وذلك لعدم وجود التقابض والحلول، والتي هي شروط لا بد من توفرها لشرعية عقد الصرف.
وأما مجرد المواعدة غير الملزمة في الصرف فلا مانع منها شرعاً، وهذا ما نصت عليه المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية (المعيار رقم:1/ 2 /9) شريطة أن لا يقترن بالوعد ما يدل على أنه عقد، بمعنى أن لا تكون المواعدة ملزمة للطرفين المتواعدين، وعلى أن يتم عقد الصرف عند التقابض. والله تعالى أعلم.