الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ذهب جمهور العلماء –خلافاً للحنفية- إلى أن المبيت في منى ليالي التشريق واجب يلزم الحاج بتركه دم، يذبح ويوزع على فقراء الحرم، ولكن يستثنى من هذا الحكم المرضى الذين لا يستطيعون المبيت بمنى، فلا يجب عليهم المبيت، ولا دم عليهم.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: "أما من ترك مبيت مزدلفة أو منى لعذر فلا دم، وهم أصناف... ومن المعذورين من له مال يخاف ضياعه لو اشتغل بالمبيت أو يخاف على نفسه، أو كان به مرض يشق معه المبيت، أو له مريض يحتاج إلى تعهده، أو يشتغل بأمر آخر يخاف فوته، ففي هؤلاء وجهان، (الصحيح) المنصوص يجوز لهم ترك المبيت، ولا شيء عليهم بسببه، ولهم النفر بعد الغروب" [المجموع8/ 247].
وفي هذا السؤال إذا لم يكن لكم عذر بترك المبيت بمنى، فيجب على كل واحد منكم دم (شاة)، ويمكنكم توكيل أي شخص آخر بذبحها في الحرم.
أما رمي الجمرات فهو من واجبات الحج، ويدخل وقته أيام التشريق بزوال شمس ذلك اليوم ويستمر إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، وهذا يعني أنه لا حرج في رمي الجمرات ليلاً بعد الغروب إلى الفجر، والأفضل أن يتم الرمي قبل غروب الشمس، فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ فَقَالَ: (لاَ حَرَجَ)، قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، قَالَ: (لاَ حَرَجَ) رواه البخاري.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "يدخل رمي كل يوم من أيام التشريق بزوال الشمس من ذلك اليوم للاتباع...، ويخرج أي وقته الاختياري بغروبها من كل يوم. أما وقت الجواز فلا يخرج بذلك...الأظهر أنه لا يخرج إلا بغروبها من آخر أيام التشريق" [مغني المحتاج 2/ 276].
وعليه؛ فإذا تم رمي جمرات أول أيام التشريق الساعة الحادية عشرة والنصف مساء، فالرمي صحيح عن ذلك اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي أيام التشريق.
وننبه هنا إلى أن التوكيل برمي الجمرات لا يجوز إلا في حالة العجز عن القيام بذلك لمرض، أما إذا كان التوكيل بلا حاجة، فلا يجزئ رميهم الجمرات عنكم، وعليكم دم بدل ترك الرمي. والله تعالى أعلم