الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
دعا الإسلام إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما، ومساعدتهما بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال، والحديث معهما بكل أدب وتقدير، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما، قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/ 23- 24، ولهذا يعتبر الإسلام البر بالآباء والأمهات من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، فهما سبب وجود الأبناء، وتربيتهم الصالحة سبب سعادتهم في الحياة الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ) رواه مسلم.
ولذلك أوجب الإسلام لهما حقوقاً ينبغي على الأبناء مراعاتها حتى لو كانا مشركين، ما لم يأمرا بمعصية، قال الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان/15.
ومن جملة الحقوق الواجبة على الأبناء تجاه آبائهم الاحترام المطلق في جميع الأوقات، فلا يتفوه بكلمة تغضبهما أو تسيء إليهما أو تعكر مزاجهما، ولا يرفع صوته بحضرتهما، كما أكد الدين الحنيف على وجوب الإنفاق على الوالدين وتحقيق رغبتهما، وتلبية طلباتهما بقدر الاستطاعة، دون تأفف أو ضجر، وقد ورد في "قانون الأحوال الشخصية الأردني" في المادة (197/أ) ما نصه: "يجب على الولد الموسر، ذكرا كان أو أنثى، كبيرا أو صغيرا، نفقة والديه الفقيرين ولو كانا قادرين على الكسب".
وقد حذرت الشريعة الإسلامية من عقوق الوالدين وعصيانهما في شؤونهما، بل جعلته موجباً لسوء الخاتمة، وتوعدت العاق بتعجيل العاقبة في حياته قبل موته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله تعالى يُعَجِّلُهُ لصاحبه في الحياة قبل الممات) رواه الحاكم. والله تعالى أعلم