الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
قيام رمضان من الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه. قال الإمام النووي رحمه الله: "والمراد بقيام رمضان صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها" [شرح النووي على مسلم6/ 39]، ولا مانع أن يجمع الناس إلى صلاة التراويح عبادات أخرى، كقراءة القرآن، أو الذكر، أو صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، أو طلب علم نافع لوجه الله تعالى، لكن الأولى أن يحرص المسلم على صلاة التراويح لما فيها من الأجر العظيم.
والمسلم الأصم مكلف كغيره من المسلمين، فيحرص على الأجر في أيام رمضان ولياليه، ويستحب له القيام وأداء الطاعات، ويشغل وقته بالصلاة وقراءة القرآن والذكر ولو بالقلب.
ويجوز إقامة شعائر دينية في المسجد لهؤلاء الصم، تشتمل على المواعظ الإيمانية، والتوعية الدينية من خلال "لغة الإشارة"، ويستحب أن ينووا الاعتكاف في المسجد ما داموا فيه؛ لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ) [رواه البخاري].
كما يستحب لهم أن يحرصوا على الصلاة وغيرها من الأعمال الصالحة في هذه الليلة، لأن الأجدر بالمؤمن أن يختار العمل الأفضل للوقت الأفضل، وليلة القدر أفضل الأوقات والصلاة خير الأعمال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرَ) [رواه الطبراني]، ومن واظب على صلاة الفجر والعشاء والتراويح جماعة في العشر الأواخر، نرجو من الله أن يكتب له قيام ليلة القدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) [رواه مسلم]
وأما إشغال ليالي رمضان بغير القيام والتلاوة والذكر، لمجرد التسلية، فلا يعتبر قيامًا. والله تعالى أعلم.