الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
جعل الإسلام القرض موضوعاً للإرفاق وليس للمعاوضة، فلا يجوز شرعاً أخذ العوض على القرض؛ لأنه ربا؛ كما قال الإمام ابن قدامة: "وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا" "المغني لابن قدامة" (4/240).
أما تحميل تكلفة القرض على المقترض فقد أجازه الفقهاء بشروط؛ قال الإمام الدردير: "من اقترض إردباً مثلاً فأجرة كيله على المقترض، وإذا رده فأجرة كيله عليه بلا نزاع" "الشرح الكبير" (3/145)، ولكن يشترط في حساب التكاليف التي يجوز فرضها على المقترض الآتي:
أولاً: أن تكون التكاليف حقيقية، وهي التكلفة التي يقابلها عمل تم تقديمه بالفعل، فلا يجوز تحصيل تكلفة بدل مخاطرة؛ لأن القرض مضمون على كل حال، والغنم بالغرم .
ثانياً: أن تكون التكاليف مباشرة وهي التي يتحملها المقرض في سبيل القرض، فلا يجوز تحميل المقترض التكاليف غير المباشرة، وهي التي يبذلها المقرض لممارسة مجموع أعماله، كالمصاريف الإدارية للمؤسسة عامة وأجور جميع الموظفين ونحو ذلك.
ثالثاً: ألا تُربط تكاليف القرض بمبلغ القرض أو مدته (على شكل نسبة مئوية)، وإنما تكون على قدر التكاليف الحقيقية، بلا أية زيادة.
رابعاً: ألا يتكرر أخذ التكاليف إلا إذا تكرر تقديم الخدمة، فلا يجوز للمصرف أن يفرض رسوماً دورية بحجة أنها تكاليف القرض إلا إذا تكرر الإنفاق أو تكررت الخدمة.
خامساً: أن يتم تحديد هذه التكاليف من قبل أهل الخبرة من المحاسبين والماليين؛ لئلا تحصل مبالغات في تقديرها.
سادساً: أن تُفصل المصاريف الإدارية ونحوها في حساب مستقل؛ حتى إذا تبين أن المبالغ المقتطعة فاضت عن التكلفة الفعلية، تُصرف هذه الزيادة في وجوها الشرعية، بحيث لا يعود أي نفع منها على المؤسسة المقرضة.
وبالجملة فإننا ننصح كل مؤسسة مالية قائمة على الإقراض أو الائتمان أن تحذر من التهاون في شأن التكاليف المفروضة على القروض؛ لأن كل زيادة غير حقيقية ربا، قال الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) البقرة/ 235. والله تعالى أعلم.