الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله يحرم على الموظفين أخذ الهدايا، سواء كانت ثمينة أم رخيصة، فقد روى البخاري أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا، فَجَاءَهُ العَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَالَ لَهُ: (أَفَلاَ قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لاَ؟). ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ العَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ: هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ)، وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ) رواه الإمام أحمد.
فننصحك بعدم قبول هذه الهدايا للتورع عن شبهة التمييز بين الطلبة، فإن النفس قد تميل لمن يخصها بالهدية، فيكون في ذلك ظلم للطلبة الآخرين، كما أن قبول المعلم للهدايا قد يكون سبباً في اتهامه من قبل أولياء الأمور والإدارة بالمحاباة على حساب الطلاب الذين لم يشتروا له الهدية، فضلا عن أن قبول الهدية من بعض الطلاب سيكلف الطلاب الآخرين شراء هدايا أيضا كي ينافسوا زملاءهم في كسب ودّ معلمهم، وهكذا يدخل المعلم في حلقة كان الأجدر به أن يتورع عنها ابتداء.
ويمكنه الاستعاضة عن قبول الهدايا بقبول احتفال صغير يقيمه الطلاب لتكريم معلمهم في الفصل، يشارك فيه المعلم وجميع الطلاب، وغير ذلك من الأفكار التي هي أنفع وأحوط، فنحن نخشى أن يدخل المعلم في محذور قبول الموظف العام لأي هدية من عامة المسلمين، لذلك ننصحك إذا كنت قبلت بعض الهدايا بإرجاعها للطالبات بالكلمة الطيبة، أو وضعها في الفصل، أو في المدرسة كي تعلم الطالبات أنك لم تستفدِ منها في أمورك الشخصية.
أما الحديث الشريف: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) فبابه الهدايا التي لا يتطرق إليها شبهة المحاباة. والله تعالى أعلم.