الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله الأصل في صلاة الجمعة أن تقام في المسجد الجامع، ولا يجوز إقامتها في غيره من المساجد إلا في حالة عدم اتساعه للمصلين؛ لضيقه أو كثرتهم، فإن ضاق أو لم يتسع لكثرة المصلين جاز إحداث جُمَع أخرى في مساجد أخرى على قدر الحاجة، فإذا لم يضق المسجد الجامع ينبغي إغلاق غيره من المساجد.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "الثالث [من شروط صحة الجمعة]: أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها مثلاً، وإن عظمت؛ لأنها لم تفعل في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الخلفاء الراشدين إلا في موضع واحد، وحكمته ظهور الاجتماع المقصود فيها، إلا إذا كبرت... وعسر اجتماعهم" "تحفة المحتاج" (2/ 425).
وعليه، فينبغي أن يغلق هذا المصلى وقت صلاة الجمعة ويتجه مصلوه الثمانون إلى المساجد القريبة منه؛ لاتساعها لهم ولغيرهم.
وأما اتخاذ المنابر للخطب الدينية في المساجد فهو سنة, قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "وتسن الخطبة على منبر، ولو في مكة خلافاً لمن قال يخطب على باب الكعبة وذلك للاتباع، وخطبته صلى الله عليه وسلم على بابها بعد الفتح إنما هو لتعذر منبر ثَمَ حينئذ، ولهذا لما أحدثه معاوية... أجمعوا عليه... ومنبره صلى الله عليه وسلم كان ثلاث درج غير المسماة بالمستراح، ويسن الوقوف على التي تليها للاتباع" "تحفة المحتاج (2/ 459)، فإن لم يوجد منبر خطب على الأرض وصحت الجمعة، إذ ليس من شروط صحتها أن تكون الخطبة على المنبر، ولكن يستحب للخطيب أن يسند ظهره إلى شيء لفعله صلى الله عليه وسلم قبل اتخاذ المنبر، حيث (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ) رواه البخاري. والله تعالى أعلم.