الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
القرآن هو الكتاب الذي نزّله الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويُعرفه علماء أصول الفقه بأنه: "اللفظ المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته" "شرح المحلي على جمع الجوامع" (1/ 290).
والمصحف الشريف هو المشتمل على القرآن الكريم أو جزء منه، قال الإمام الغزالي: "فعلم أنّ المكتوب في المصحف المتفق عليه هو القرآن، وأنّ ما هو خارج عنه فليس منه" "المستصفى" (1/ 81)، واشتمال المصحف على القرآن معناه: اشتماله على النقوش الدالة على لفظ القرآن الكريم، بحيث إذا قرأت النقوش كان المقروء ألفاظاً عربية منظومة هي ألفاظ نظم القرآن الكريم الذي أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وطريقة بريل ليست لغة، بل هي في حقيقتها طريقة خاصة في الكتابة من خلال نقوش بارزة تميز باللمس، تُعَبِّر عن الألفاظ المسموعة بلغة القارئ نفسه، ويقرؤها من يعرف طريقة بريل.
وبناءً على ما سبق، فإنّه يجوز كتابة ألفاظ القرآن الكريم بطريقة نقوش بريل، فإذا قُرأت تلك النقوش فكان المقروء قرآناً؛ أخذ المنقوش عليه حكم المصحف الشريف؛ لأنّه اشتمل على ما يدل على القرآن الكريم، كما تدل الحروف العربية المرسومة عليه، ويكون الورق المشتمل عليها مصحفاً، وتأخذ حكمه من حيث عدم جواز مسّه أو حمله بالنسبة للمحدث، خصوصاً أن تلك النقوش جُعلت في تلك الصحف بقصد القرآنية، قال الإمام القليوبي: "ويجوز كتابته [أي المصحف]، لا قراءته بغير العربية، ولها حكم المصحف في المسّ والحمل" حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 41).
وإما إن كان المقروء من خلال نقوش بريل ليس قرآناً، بأن يكون المقروء كلمات غير عربية تعبر عن ترجمة للقرآن الكريم مثلاً فلا تأخذ الأوراق المنقوش عليها حكم المصحف.
وننصح القائمين على طباعة المصاحف المنقوشة بطريقة بريل أن تُعظّم وتُجعل مجلّدة، ويوضع على دفتي المصحف ما ينبه إلى أنه مشتمل على القرآن الكريم، ليحترز من إهماله أو الإساءة إليه. والله تعالى أعلم.