الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من ملك نصاباً من المال في وقت معين، وبعد بضعة أشهر ملك غيره، كأن يملك في شهر الله المحرم عشرة آلاف دينار، ثم استفاد مثلها في أول ذي الحجة مثلا، سواء كانت الزيادة ربحا لرأس المال أم من مصدر منفصل كالميراث مثلا، فيزكي العشرة الأولى لحولها في أول شهر الله المحرم، ويزكي العشرة الثانية لحولها في أول ذي الحجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) رواه ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ) رواه الترمذي. وبهذا قال الشافعية.
وذهب الحنابلة إلى أن المال الثاني إذا كان مستفاداً من المال الأول ضُما وزكيا في نهاية الحول، وإن لم يكن مستفاداً منه استؤنف للثاني حول جديد.
وذهب الحنفية إلى أن المالين يضمان إلى بعضهما، ويزكيان في نهاية الحول، سواء استفيد الثاني من الأول أم لا.
قال الإمام الخطابي رحمه الله تعليقاً على الحديث السابق: "وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الفوائد والأرباح يستأنف بها الحول ولا تُبنى على حول الأصل، وقد اختلف الناس في ذلك:
فقال الشافعي: يستقبل بالفائدة حولها من يوم أفادها، روي ذلك، عَن أبي بكر وعلي وابن عمر وعائشة رضوان الله عليهم، وهو قول عطاء وإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز.
وقال أحمد بن حنبل: ما استفاده الإنسان من صلة وميراث استأنف به الحول، وما كان من نماء ماله فإنه يزكيه مع الأصل.
وقال أبو حنيفة: تُضم الفوائد إلى الأصول ويزكيان معاً" "معالم السنن" (2/ 31).
والذي نراه أن مذهب الحنفية أرفق بالناس؛ لأن إفراد كل مال يستفاد بحول جديد يُفضي إلى اختلاف أوقات الواجب، والحاجة إلى ضبط مواقيت التملك، وفي ذلك حرج، وإنما شُرع الحول للتيسير، وقد قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/ 78.
هذا إذا كان المال المستفاد من جنس المال الأول، فإذا كان من غير جنس المال الذي عنده كأن يكون ماله ماشية، فيستفيد ذهباً أو فضة فهذا النوع لا يزكى عند حول الأصل، بل ينعقد حوله يوم استفادته إن كان نصاباً. والله تعالى أعلم