الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الوقف طاعة من الطاعات التي يُتقرب بها إلى الله تعالى، وهو نوع من التبرعات التي يقدمها الإنسان صدقة جارية بعد موته، وقد اتفق الفقهاء على أن شرط الواقف معتبر ما دام شرطاً مشروعاً، ولا تجوز مخالفته، ومن ذلك لو وقف مالاً على الذكور من ذريته دون الإناث، وإن كان الأولى ألا يحرم الإناث.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "يراعى شرط الواقف في الأقدار، وصفات المستحقين، وزمن الاستحقاق، فإذا وقف على أولاده وشرط التسوية بين الذكر والأنثى، أو تفضيل أحدهما يتبع شرطه...، ولو قال: على بني الفقراء، أو على بناتي الأرامل، فمن استغنى منهم، وتزوج منهن، خرج عن الاستحقاق، فإن عاد فقيرا، أو زال نكاحها، عاد الاستحقاق" انتهى "روضة الطالبين" (2/ 291).
وعليه فيكون شرط انتفاع البنت بالوقف ما دامت غير متزوجة أو أرملة أو مطلقة شرطاً معتبراً شرعا، قال النووي رحمه الله: "ويدخل أولاد البنات في الوقف على الذرية وأولاد الأولاد، إلا أن يقول: على من ينتسب إليَّ منهم" انتهى. "منهاج الطالبين".
ولو أعطى الموقوف عليه الآخرين ما تطيب به نفوسهم كي يجبر خاطرهم، ويحافظ على دوام المودة والصلة بينهم، فله بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى، فإن لم يفعل فلا إثم عليه.
والواجب على من لم ينل نصيبا من الوقف أن يرضى بما قسم الله تعالى له، وأن يستغني بغنى الله، ولا يذهب قلبه حسرات على ما يرى من تقسيم الأموال، فإذا قطع طمعه عما في أيدي الناس استراح قلبه، وهدأت نفسه، وفتح الله عليه من بركاته ورزقه. والله تعالى أعلم.