الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
كرّم الله تعالى الإنسان، فقال: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ) الإسراء/70، وهذا ثابت له حياً وميتاً، ومن إكرامه بعد وفاته دفنه والتعجيل بذلك، لذا يحرم نقل الميت من بلد إلى بلد آخر إذا لم يكن هنالك حاجة تستدعي ذلك، وشريطة عدم تغيّره وتعرضه للبلى وهتك حرمته.
جاء في كتاب "بشرى الكريم"(1/ 474): "يحرم نقله قبل دفنه إلى محل آخر وإن أوصى به وأمن تغيره. نعم؛ إن جرت عادتهم بالدفن في غير محلهم.. لم يحرم النقل إليه، وكذا لو نقل لمقبرة أقرب من مقبرة محل موته...ولا يجوز نقله إلا بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه".
ولذا إذا وُجد من يقوم بتجهيز هذه السيدة المتوفاة في تلك البلاد، وذلك بالقيام بغسلها وتكفينها والصلاة عليها ودفنها، ضمن الضوابط الشرعية لذلك، فلا يجوز نقلها، بل تدفن في ذلك البلد، بعد أن تقوم بغسلها امرأة مسلمة، ولا يشترط أن تكون من أقاربها، إذ لا حرج في تولي النساء المسلمات الأجنبيات غسلها وتكفينها، ويجوز تولي الرجال الأجانب عنها الصلاة عليها ودفنها.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "يُدخلُه القبرَ الرجالُ إذا وُجدوا، وإن كان الميت أنثى" "مغني المحتاج"
فقد أخرج البخاري: (أنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا طلحة أن ينزل في قبر ابنته أم كلثوم)، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3/159) : "في هذا الحديث جواز .. إدخال الرجال المرأة قبرها لكونهم أقوى على ذلك من النساء" يعني يجوز أن يتولى الرجل الأجنبي الصالح إدخال المرأة القبر في حال عدم وجود أحد من أهلها. والله تعالى أعلم