الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أيّد الله تعالى جميع رسله بمعجزات دالّة على صدق نبوتهم، ومن تلك المعجزات ما ورد في القرآن الكريم أو في السنة النبوية، ومنها ما لم يرد لها ذكر، بل من الأنبياء من لم تذكر أسماؤهم مطلقاً، فلا يعني ذلك عدم وجودهم أو وجود معجزة لهم، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر/78.
ويؤيد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدِ اُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) متفق عليه.
جاء في "فتح الباري" لابن حجر رحمه الله: "قوله (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي) هذا دال على أن النبي لا بد له من معجزة تقتضي إيمان من شاهدها بصدقه، ولا يضره من أصرّ على المعاندة. قوله: (من الآيات) أي المعجزات الخوارق... والمعنى أن كل نبي أعطي آية أو أكثر من شأن من يشاهدها من البشر أن يؤمن به لأجلها"
فمسألة وجود معجزة لكل نبي هو ما يدل عليه ظاهر هذا الحديث، أما مسألة ذكر معجزات بعض الرسل والأنبياء والسكوت عن ذكر معجزات أنبياء آخرين فهذا أمر يتعلق بإرادة الله تعالى.
فسكوت الشرع عن الإخبار بمعجزات بعض الأنبياء لا ينقص من قيمتهم، ولا يضعف مكانتهم، ولا ينبني عليه تفويت حكم شرعي. والله تعالى أعلم.