الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
للعمرة أركان لا يتم النسك إلا بها، وهذه الأركان ثبتت بالأدلة الشرعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. وقد جاءت في "عمدة السالك" لابن النقيب رحمه الله (1/144) بقوله: "أركانها -أي العمرة-: إحرام، وطواف، وسعي، وحلق... فإن ترك ركنا لم يحل من إحرامه حتى يأتي به".
ويحرم على المعتمر قبل تحلله عقد النكاح، وإلا كان العقد باطلا، كما هو معتمد السادة الشافعية. قال الشربيني رحمه الله في "مغني المحتاج" (4/ 258): "إحرام أحد العاقدين من ولي أو زوج أو وكيل عن أحدهما أو الزوجة بنسك - ولو فاسدا - يمنع صحة النكاح؛ لحديث: «المحرم لا ينكح ولا ينكح» رواه مسلم".
وذهب السادة الحنفية إلى صحة عقد نكاح المحرم، وقالوا إنما يحرم الوطء (يعني الدخول والجماع)، كما جاء في كتاب "الاختيار" للموصلي رحمه الله (3/ 89): "يجوز أن يتزوج المحرم حالة الإحرام; لأن النبي عليه الصلاة والسلام «تزوج ميمونة وهو محرم». والمحظور الوطء ودواعيه، لا العقد. وهو محمل ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام «نهى أن ينكح المحرم»".
فإذا حدث الدخول -بناء على صحة العقد عند الحنفية- فيجب ذبح شاة توزع في الحرم عن كل جماع عند أبي حنيفة، خلافا للصاحبين. قال في "الاختيار" (1/ 165): "إن جامع فيها -أي العمرة- بعد أربعة أشواط لم تفسد؛ لوجود الأكثر، وعليه شاة؛ لأنها سنة [يعني العمرة]".
وقال ابن نجيم رحمه الله في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (3/ 19): "لو جامع بعد ما طاف أربعة أشواط لزمه شاة، ولا تفسد عمرته؛ لأنه أتى بالركن".
وفي "الجوهرة النيرة" للحدادي (1/ 171): "من جامع في العمرة قبل أن يطوف لها أربعة أشواط أفسدها ومضى فيها وقضاها وعليه شاة، وإن جامع بعدما طاف لها أربعة أشواط فعليه شاة. ولا تفسد عمرته".
فالواجب على أختك الانتظار حتى يفتح باب العمرة، فتذهب لاستكمال مناسكها التي فاتتها قبل ثماني سنوات، وبذلك تتحلل من عمرتها القديمة، وتجدد عقد النكاح، ثم يتم الدخول الصحيح بينهما، إلا إذا كانت قد اعتمرت مرة أخرى بعد تلك العمرة، فيكفي ذلك عنها إن شاء الله.
وعلى كل حال ننصحكم بمراجعة دائرة الإفتاء في أقرب وقت، وذلك للاطلاع على حيثيات الموضوع بشكل مفصل ودقيق، وبيان الأمر لكم بشكل أفضل. والله أعلم