السؤال:
اشتُرط عليَّ عند التوظيف توقيع عقد يُلزمني بالعمل لمدة عامين بشرط جزائي قيمته (2500) دينار، وبعد انتهاء العامين يحق لي الاستمرار في العمل أو المغادرة. بعد مرور عدة أشهر رغبت في الخروج من العمل، فهل يجوز اشتراط هذا الشرط شرعًا، وهل يُعَدُّ هذا استغلالاً؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن عقد العمل هو عقد إجارة، وعقد الإجارة مُلْزِمٌ لا يجوز لأحد الطرفين فسخه قبل مضي المدة المتفق عليها؛ ولذا لا مانع أن يشترط أحد الطرفين على الآخر شرطًا جزائيًّا في حالة قيام الطرف الآخر بفسخ العقد دون مبرر مقبول، وخاصة إنْ كان في ترك الموظف للعمل ضررًا على صاحب العمل؛ فاشتراط غرامة مالية يُعَدُّ تعويضًا عن هذا الضرر.
ومثل هذا الشرط في عقود العمل جائز، فكل من وقَّع على عقد ورضي بشروطه ابتداءً يُلزَم بها شرعًا ما لم يكن فيه مخالفة شرعية. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) رواه الحاكم وغيره.
وقد أقرَّ مجمع الفقه الإسلامي الدولي الشرط الجزائي في عقود العمل؛ حيث جاء في قرار (12/3/109) ما نصه: "يجوز أن يُشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَينًا".
وعليه؛ فإن الأصل الالتزام بالغرامات ما لم يعفُ عنها صاحب العمل، وننصح كل من أراد توقيع عقد يتضمن شرطًا جزائيًّا أن يتروى ولا يتعجل في التعاقد؛ كي لا يتحايل بعد ذلك لإسقاط ما التزم به.
كما ننصح أصحاب العمل بالرحمة والرأفة بالعاملين، وأن لا يستغلوا حاجتهم إلى العمل بفرض الغرامات عليهم، خاصة إذا كانت تخالف قانون العمل الذي وُضع لحفظ مصالح العمال ودرء المفاسد عنهم. والله أعلم.