الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
وقع الإجماع العملي عند المسلمين في القديم على أن نساءهم لا يخرجن إلى الملإ وهن كاشفات الوجوه، بل لا يخرجن إلا بالتزام الحجاب الكامل الذي لا يبدو معه شيء من بدن المرأة.
يقول الإمام الغزالي رحمه الله: " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات " انتهى. " إحياء علوم الدين " (6/159)
ونقل الإمام النووي رحمه الله عن إمام الحرمين الجويني : " اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات " انتهى. " روضة الطالبين " (5/366).
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: " لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب " انتهى. " فتح الباري " (9/235)
وهذا ما نفتي به ونختاره لجميع النساء المسلمات، وذلك لقوة الأدلة التي تدل على ذلك، ومنها:
أولاً: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
وأكثر المفسرين على أن معنى الآية الأمر بتغطية الوجه. يمكن مراجعة ذلك في " تفسير القرآن العظيم " للحافظ ابن كثير (6/481-482)
ثانياً: قوله تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31.
وقد روى البخاري في صحيحه (رقم/4759) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " (فاختمرن) أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع " انتهى. " فتح الباري " (13/270)
ثالثا: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ) رواه البخاري (رقم/1838) وهذا يعني أن الأصل في حال المرأة غير المحرمة أنها منتقبة.
ونصوص أئمة الشافعية في كتبهم تدل على وجوب تغطية وجه المرأة أمام الأجانب.
يقول الشيخ الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج ( 2/112 ): " قال الزيادي في شرح المحرر: لها - أي للمرأة - عورات: عورة في الصلاة، وهو ما تقدم - أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين - ، وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها: جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد..." انتهى.
ثم أكثر نصوص فقهاء المذاهب الأربعة على وجوب تغطية وجه المرأة أمام الأجانب عند فساد الزمان ووجود الفتنة .
لذلك نوصي الأخت الكريمة بالمحافظة على نقابها وعدم كشف وجهها، خاصة وأن الذي أمرها بتغطية وجهها هو زوجها، فإن للزوج ولاية على زوجته فيما لا معصية لله تعالى فيه، والغيرة على الزوجة من علامات الإيمان، وتدل على المودة، وعدم التفات الزوج إلى غير زوجته، كما أن من اعتادت تغطية وجهها بين الناس لا يليق بمثلها - وهي المؤمنة الملتزمة - أن تنقض التزامها وتكشف ما كان مستورا عن الناس، ونحن في زمن غربة الإسلام، حيث يضاعف أجر الملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية. والله تعالى أعلم.