الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
لا شك أن المشاكل العائلية بين أبناء العمومة وما يصاحب ذلك من كثرة القيل والقال هي من الأمور المحرمة، لما فيها من قطيعة للرحم، وهجر بين الأقارب، والله عز وجل يقول: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) محمد/22-23.
ولكن الأهم في نجاح الزواج، وبناء البيت السعيد هو الدين والخلق القويم، فذلك ما ينبغي على الأولياء مراعاته وتطلبه والبحث عنه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي
يقول الإمام الغزالي رحمه الله : " يجب على الولي أيضاً أن يراعي خصال الزوج، ولينظر لكريمته، فلا يزوجها ممن ساء خَلقُهُ أو خُلُقه، أو ضعف دينه، أو قصر عن القيام بحقها، أو كان لا يكافئها في نسبها.
قال صلى الله عليه وسلم: ( النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته) - قال البيهقي في " السنن الكبرى " (7/83): روي مرفوعا والموقوف أصح - .
والاحتياط في حقها أهم؛ لأنها رقيقة بالنكاح، لا مخلص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال، ومهما زوج ابنته ظالما أو فاسقا أو مبتدعا أو شارب خمر فقد جنى على دينه، وتعرَّض لسخط الله لما قطع من حق الرحم وسوء الاختيار.
قال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟
قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها " انتهى. " إحياء علوم الدين " (2/41)
وأما التوافق بين أسرة الخاطب وأسرة المخطوبة فهذا ليس من شروط الزواج الصحيح، ولا من ضرورياته، والمهم هو موافقة ولي أمر المرأة على الزواج، فالزواج لا يصح من غير موافقة الولي.
ونحن نخشى أن كثرة الخلافات بين عائلة الزوج وعائلة الزوجة قد تؤدي إلى زيادة المشاكل بعد الزواج، وإن كان من المحتمل أيضاً أن تنتهي المشاكل بسبب الزواج.
فالذي ننصحكم به جميعاً - الخاطب والمخطوبة وأولياؤهما - تقوى الله عز وجل، والالتفات إلى متطلبات الزواج الناجح، والسعي إلى بناء أسرة كريمة مستقيمة، وتجنب كل خلاف وشقاق يؤدي إلى ضياع فرص الزواج السعيد، كما ننصحكم بمشورة أهل الفضل والرأي من أقربائكم للتوصل إلى تفاهم يجد لكم مخرجاً. والله الموفق.