الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
رعاية المواطنين والقيام على شؤونهم واجب من واجبات الدولة على قدر الوسع والطاقة، والضمان الاجتماعي هو جزء من أداء هذا الواجب، حيث يقوم هذا النظام بكفالة المواطنين الذين تقدمت بهم السن وتنطبق عليهم الشروط الموضوعة، ونظام الضمان الاجتماعي يقوم على مبدأ التكافل والتعاون والتبرع؛ وبذلك فهو ينطوي تحت قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
هذا؛ ولا حرج من دفع الاشتراكات المالية المشروطة للحصول على راتب الضمان، سواء كان دفعها معجلاً أم مقسطًا، ولو ترتب على التقسيط زيادة في المبلغ المدفوع؛ فالضمان عقد إرفاق وإحسان، وليس عقد تجارة، فالزيادة مقابل التأخير لا تُعدُّ من قبيل الرِّبا؛ لأنَّ مَن يشترك في الضمان الاجتماعي لا يُكيَّف فقهًا على أنَّه في الأصل مدين للصندوق، وبالتَّالي فإنَّ ما يُطلب من زيادة على قيمة الاشتراك الأصلي لا يُكيَّف على أنَّه فائدةٌ ربويةٌ على دين متأخِّر، وإنَّما يُكيَّف الأمر على أنَّ ما سيدفعه من يريد إكمال الاشتراك (القسط بالإضافة إلى الزِّيادة النَّاتجة عن حساب السنوات اللاحقة) على أنَّه اشتراكٌ جديدٌ مبنيٌ على التكافل والتعاون.
وعليه؛ فلا حرج شرعاً من الانتفاع برواتب الضمان الاجتماعي، ولا تعتبر الزيادة المفروضة على المشترك من الربا المحرَّم؛ لأن الربا يكون في ديون المعاوضة والقروض، والضمان الاجتماعي يقوم على مبدأ التكافل والتعاون والإحسان. والله تعالى أعلم.