عروض التجارة تزكى بعد أن يحول الحول -العام القمري- عليها، فيقوّم التاجر-في نهاية الحول- البضاعة المعدة للبيع عنده بالعملة التي اشتراها بها حسب سعر الجملة في السوق يوم الزكاة، سواء ارتفعت قيمتها عن سعر الشراء أو انخفضت خلال الحول، ويضيف إليها ما عنده من نقود نتجت من مال التجارة.
وأما الديون التي للتاجر على الآخرين فتضاف مع مال التجارة، ولكن إذا كان الدين على مليء وهو الذي يستطيع أن يوفي دينه عند طلبه، فهذا يُزكى في نهاية الحول وإن لم يقبضه الدائن؛ لأنه بمثابة المال المملوك المدخر عند الغير.
وأما إن كان الدين ميؤوساً منه، أو على مماطل، فهذا يزكيه لما مضى من السنين عند قبضه عند السادة الشافعية، وهذا أحوط وأبرأ للذمة، وعند السادة المالكية يزكى لعام واحد فقط عند قبضه، وهذا أيسر على الناس، جاء في [مواهب الجليل 2/ 321]: "وأما دين التجارة فلا اختلاف في أن حكمه حكم عروض التجارة، يقومه المدير ويزكيه غير المدير إذا قبضه زكاة واحدة لما مضى من الأعوام".
وأما القرض البنكي فهو مال تملّكه المقترض له مطلق التصرف فيه بيعاً وشراء وهبة، وله إنماؤه بتجارة ومضاربة ونحوها؛ فلا يمنع الدين وجوب الزكاة على المقترض؛ لأن الزكاة تتعلق بالعين، ويتعلق الدين بالذمة فلا يمنع أحدهما الآخر، ولإطلاق النصوص الواردة في باب الزكاة، فمتى ما بلغ المال النصاب وحال عليه الحول من وقت ملك النصاب وجبت زكاته.
وأما الديون التي على التاجر فلا تؤثر في استحقاق الزكاة؛ لأن الدين لا يمنع تصرف المدين بماله وإنمائه له، وكذلك الحال مع الضرائب المستحقة، فإن دفعت خلال الحول كانت ضمن مصاريفه التي لا تحسب من مال الزكاة، وإن تم الحول قبل دفعها لم تخصم من مال الزكاة.
وزكاة التجارة تتعلق بالعروض التي يتم تقليبها بالسوق بنية التجارة بيعاً وشراء، ولا تتعلق بما يقتنيه التاجر لمنافعه سواء أكانت لأعمال التجارة كسيارات الشحن أو أجهزة الحاسوب للموظفين، أو لغيرها من الأعمال كسياراته الشخصية ونحوها، وكذلك ما يؤجره التاجر من عقار فهذا ليس مال تجارة، ولكن يزكى الناتج من بدل الإيجار دون المأجور إن حال عليه الحول وبلغ النصاب، والأيسر على التاجر أن يضم ما يأتيه من بدل الإيجار مع ربح التجارة ورأس مالها والديون الحالة التي يعرف تحقق سدادها، وغيرها مما يأتيه من الدخل، ويجعل لها يوماً في السنة يزكى لها الجميع إن حال عليها الحول.
وذهب الزينة لا زكاة عليه إلا إذا زاد عن حدّه المعروف عرفاً، وأما المعدُّ للادخار فيزكى إن بلغ النصاب.
وعليه؛ فالواجب على التاجر أن يقوم عروض تجارته في آخر الحول فيحسب البضائع المعدة للبيع بسعر الجملة وقت وجوب الزكاة، ويضيف لها النقد الذي يملكه، ويحسب الدين الذي له على الآخرين بحسب التفصيل السابق، ولا يخصم الديون المستحقة عليه، فإن بلغ المجموع النصاب -وهو قيمة (85) غراماً من الذهب عيار (24)-، فيزكي المجموع بمقدار (2.5%). والله تعالى أعلم