الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حكم الاشتراك في صناديق الادخار تابع لطريقة الاستثمار التي يديرها الصندوق، فإذا كانت المعاملات المنصوص عليها في نظام الصندوق لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية فالاشتراك فيه جائز شرعاً، وأما إذا كانت تلك المعاملات المنصوص عليها محرمة قطعاً، كالتعامل بالربا والتجارة في أمور محرمة، فلا يجوز الاشتراك فيه ابتداءً، ولا يجوز للجنة المسؤولة عن الصندوق التعامل بتلك المعاملات، وذلك لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]، ولما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ...) رواه البخاري.
وأما إن كانت معاملات الصندوق المنصوص عليها في نظامه جائزة شرعاً، ثم عرض التعامل المحرم في تطبيقات الاستثمارات، فإن الاشتراك في هذا الصندوق والأرباح الناتجة من استثماراته فيه تفصيل، وقد نصّ قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم (271) على حكم ذلك، وجاء فيه: "رابعاً: أما ما يسمى بـ"الشركات المختلطة"، وهي الشركات المسجلة بأعمال تجارية مباحة الأصل، غير أنها تتعامل عرضاً ببعض العقود المحرمة أو بيع بعض المحرمات التي ليست نشاطاً أساسياً للشركة، ولا منصوصاً عليها في نظامها المسجل. فهذا النوع المختلط من الشركات لا بد من توافر شرطين فيها كي يجوز التعامل بأسهمها بيعاً وشراء:
1 . عدم تجاوز إجمالي المبالغ المقترضة أو المودعة بالربا نسبة 25% من القيمة الدفترية لمجموع أسهم الشركة.
2. عدم تجاوز الإيرادات أو المصروفات الناتجة عن عنصر محرم عارض –كما سبق بيانه في التعريف- نسبة 5% من إجمالي إيرادات الشركة".
وعليه؛ فإنّ حكم الاشتراك في الصندوق والأرباح المتحصلة منه يتبع التفصيل السابق، وأما إن كانت المخالفات مما يدخل في الشبهات، أو فيها اختلاف بين الفقهاء المعاصرين كتوكيل الآمر بالشراء لدفع قيمة البضاعة واستلامها، فلا حرج في الاستمرار في الاشتراك عندئذٍ، ويتحمل القائمون على الصندوق مسؤولية مراعاة أحكام الشريعة، والواجب على المسلم –رغم حكم الجواز المشروط- التخلص من نسبة الربح المحرم الذي تحصّل عليه نتيجة مساهمته هذه، وإنفاقها في أوجه الخير العامة، على أن لا يعود ذلك بأي منفعة على المساهم. والله تعالى أعلم.