الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يظهر من صورة السؤال المذكور أن طريقة المعاملة يدفع بموجبها المشتري ثمن سلعة موصوفة في الذمة غير موجودة عند البائع، وهذا يسمى في الفقه الإسلامي بعقد السلم أو السلف؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) متفق عليه.
ويستقر الثمن في عقد السلم في ملك البائع بمجرد العقد، ولذلك يزكي البائع الثمن، ولو لم يتم تسليم البضاعة للمشتري؛ لأن مناط وجوب الزكاة الملك، ولأن الثمن استقر في ملك البائع.
قال شيخ الإسلام زكريا الانصاري رحمه الله: "للثمن المقبوض قبل قبض المشتري المبيع حكم الأجرة، فلا يلزمه إخراج زكاته ما لم يستقر ملكه عليه؛ لأن الثمن قبل قبض المبيع غير مستقر، بخلاف رأس مال السلم يلزمه إخراج زكاته بعد تمام حوله وإن لم يقبض المسلم فيه؛ إذ بقبضه يستقر ملكه عليه بناء على أن تعذر المسلم فيه لا يوجب انفساخ العقد" [أسنى المطالب 1/ 358].
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: "ولو اشترى شيئاً بعشرين ديناراً، أو أسلم نصاباً في شيء، فحال الحول قبل أن يقبض المشتري المبيع، أو يقبض المسلم فيه والعقد باق، فعلى البائع والمسلم إليه زكاة الثمن؛ لأن ملكه ثابت فيه" [المغني لابن قدامة 3/ 72].
وعليه؛ فيجب على البائع في عقد السلم أن يزكي الثمن، فيضمه إلى موجوداته الزكوية ويزكيه عند حولان الحول. والله تعالى أعلم.