بسم الله الرحمن الرحيم
الأصل في حج التمتع أن يحرم بالعمرة أولا، فيأتي بها بجميع أركانها، من الطواف والسعي والحلق، ثم يتحلل، ويحرم بعد ذلك بالحج، ويأتي به بجميع أركانه من الطواف والسعي وغيرها، فكل من العمرة والحج عبادة مستقلة لا تغني واحدة عن الأخرى، قال الله تعالى:(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196، ولا يكون السعي الأول الذي أتى به المعتمر في عمرته مغنيا عن سعي الحج.
هذا ما استقرت عليه مذاهب أهل السنة الأربعة، الحنفية والمالكية والشافعية، وهو المشهور عند الحنابلة وعليه الفتوى في الحرمين الشريفين، وذلك لِما ثبت من فعل الصحابة الذي حجوا متمتعين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ، فطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) رواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم، ورواه البيهقي بسند صحيح.
والواجب اتباع ما ثبت في السنة الصحيحة وجرى به العمل لدى فقهاء المسلمين، ففي ذلك احتياط للدين، واحتياط لحج المسلمين الذين أنفقوا الغالي والنفيس في سبيل الوصول إلى تلك المشاعر، فلا داعي للمخاطرة بحجهم، ومخالفة أئمة الإسلام المتبعين إلى قول آخرين من غير المتَّبَعين. والله تعالى أعلم.