مقالات

حكم استعمال المال العام في الأغراض الشخصية

الكاتب : سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله

أضيف بتاريخ : 01-06-2009


Article

 

المال العام ملكٌ لجميع المواطنين، ينفقه على مصالحهم وفق ما يراه ولي الأمر، ولذا كان يسمى: "بيت مال المسلمين" وله إيرادات معينة في الفقه الإسلامي، ووجوه للصرف محددة أيضاً، والأخذ منه بغير حق من أشد المحرمات، لأنه نوع من أنواع الغلول، وقد قال الله تعالى:( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) آل عمران/161. وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:( وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) متفق عليه.

وهذا واضح فيمن يأخذ شيئاً عينياً من أموال الدولة، ويشمل أيضا من استعمل أدوات الدولة وممتلكاتها لأغراضه الخاصة، كمن يستخدم السيارات الرسمية في غير ما يأذن به ولي الأمر؛ لأن الإنفاق من المال العام يجب أن يكون وفق ما يأذن به ولي الأمر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِى مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

وإذا لاحظنا أن خزينة الدولة هي من مجموع الرسوم التي تؤخذ من أموال المواطنين للإنفاق على الصالح العام، وما تهبه بعض الدول لخزينة الدولة، أي لمجموع المواطنين، عرفنا أن الذي يأخذ من المال العام إنما يأخذ من مال كل المواطنين، وهذا أسوأ من الذي يأخذ من مال شخص معين، لأن مَن أخذ مال شخص معين إن أراد أن يتوب طلب المسامحة من ذلك الشخص، أو أدى إليه بدل ما أخذ منه، لكن من أخذ من المال العام كيف يستطيع أن يطلب المسامحة من كل المواطنين؟!.

ولهذا يجب البعد، وتوقى الشبهة في هذا الأمر.

ولا يقولن أحد أن غيري يأخذ، فالمستشفيات فيها آلاف المرضى ولا يرضى أحد أن يكون مريضاً، وسلامة الدين أهم من سلامة البدن، وشهوة المال الحرام لا يقطعها إلا تذكر الوقوف بين يدي الله، ولذا حرم الله الربا ونهى عنه، ثم ختم آيات الربا بقوله تعالى:(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)البقرة/281.

وحرم التطفيف والتلاعب بالميزان والمكيال، ثم ذكَّر بالوقوف بين يدي الله تعالى:( أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ . يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) المطففين/4-6.

وقد قيل بصدق:اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل، وكم رأينا في الدنيا من استمرأ الحرام، ثم كانت عاقبته في الدنيا سيئةً، فضلاً عن عذاب الله في الآخرة.

رقم المقال [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب



اقرأ أيضا

المقالات

   حول جريمة حرق الطفل الدوابشة

   بيان في المحافظة على الوطن والتعبير بالطرق السلمية

   لا يجوز التوسع في النفقات الحكومية ولو ضمن الموازنة

الفتاوى

   حرمة الاعتداء على المياه

   حكم استخدام الفيس بوك

   حكم الواسطة والمحسوبية

   ما حكم تشغيل الغلاية الكهربائية من كهرباء مكان العمل؟


التعليقات



تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا


Captcha