الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وأصحابه، وبعد:
فإن دائرة الإفتاء العام ترفض بشدة قرار الإدارة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل، ونقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة، مما يشكل ذلك اعتداء على عقيدة المسلمين.
وتذكر الدائرة بقرار لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو الذي يؤكد على عدم وجود سيادة إسرائيلية على مدينة القدس، مما يجعل القرار الأمريكي الأخير تحدياً للشرعية الدولية وللقرارات الأممية، ومرفوضاً جملة وتفصيلاً لعدم مشروعيته، ومشعلاً لفتيل الصراعات والأزمات في المنطقة.
إن للقدس مكانة مميزة في قلوب المسلمين تنبع من صميم عقيدتهم، حيث تحتضن المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين الشريفين وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليه تشد الرحال وتهوي الأفئدة، وتضاعف الأجور، قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى) متفق عليه.
وإننا في دائرة الإفتاء في هذا البلد المسلم العربي، الذي يتمتع بقيادة هاشمية، دأبت على عمارة الأقصى والدفاع عنه، انطلاقاً من عقيدة الإسلام التي ربطت المسلمين جميعاً بالمسجد الأقصى ربطاً عقائدياً، لا يتغير بتغير الأشخاص والأزمنة، لنؤكد رفض كل القرارات أحادية الجانب، والتي ترمي إلى المساس بالقدس والمقدسات.
إننا نحيي صمود إخواننا المرابطين في الأراضي المقدسة، ونعتز باستبسالهم ودفاعهم عن القدس والمقدسات، وندعـو الله بصدق أن ينصرهـم ويثبت أقدامهم.
والواجب الشرعي على المسلمين في هذا العصر، شعوباً وقيادات وحكومات وأصحاب فكر ورأي أن يدافعوا عن المسجد الأقصى مما يحيط به من أخطار وما يتعرض له من انتهاكات.
وإننا نؤكد أن الوصاية على المسجد الأقصى هي حق للمسلمين ممثلين بالقيادة الهاشمية التي استمدت وصايتها على المقدسات بحكم إرثها التاريخي، واتفاقية الوصاية الموقعة مع السلطة الفلسطينية، وأنه لا يجوز التفريط بهذه الولاية على المقدسات أو التنازل عنها.
سائلين الله تعالى أن يحفظ القدس والمقدسات وأن يحفظ بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلين، والحمد لله رب العالمين. دائرة الإفتاء العام