الأسرة في رمضان
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
فمن أعظم النعم على المسلم أن يبلغه الله سبحانه وتعالى شهر رمضان، وأن يعينه على أداء واجباته من صيام نهاره وقيام ليله، فهو شهر الرحمة والغفران والعتق من النار، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين إعانة من الله للمؤمن للجد والعمل والطاعة، فحري بالمسلم أن يستغل هذا الشهر بما يعود عليه بالخير، وأن يبادر بالبر والطاعة.
وشهر رمضان هو شهر الأسرة بامتياز، فهو الشهر الذي تجتمع فيه الأسرة على مائدة الطعام على السحور والإفطار، فتلتقي فيه العائلات وتتواصل، فهو دورة تدريبية يمكن أن نحصل من خلالها الكثير من الأخلاق والأدبيات الإيجابية.
ومن أهم الأولويات تحصيل التقوى في رمضان وذلك من خلال التركيز على تحصيل المعاني الراقية من التسامح والرحمة والإحسان، وليتنا في هذا العام نبدأ تعزيز الإيجابيات بجعله شهر تغيير للأفضل نقرن فيه بين النظرية والتطبيق.
ومن النقاط المهمة أن نضع برنامجا لأسرتنا في هذا الشهر من توزيع الواجبات الشرعية كأن نجعل جلسة لقراءة القرآن الكريم أو قراءة كتاب معين فيه سيرة الأولين أو للذكر أو لقيام الليل لتعزيز العمل الجماعي بين أفراد الأسرة.
ومن القضايا المجتمعية المهمة في رمضان الإسراف في الطعام، صحيح أن من حق المسلم التنعم، ولكن الإشكال في الإسراف حيث نجد البعض يضع العديد من الأصناف، وأغلب هذا الطعام لا يؤكل بل يرمى في النفايات فلنحافظ على نعم الله ليزيدنا من فضله.
كما لا يجوز تكليف الزوجة بما لا طاقة لها من حيث إعداد الطعام والعمل الشاق في البيت، فرمضان فرصة لنتعلم التعاون في الأسرة، فقد كان أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم يكون في خدمة أهله، ويخيط ثوبه ويخصف نعله.
ولا بد أن يكون للأطفال اهتمام خاص في شهر رمضان، من حسن الرعاية والتربية وحثهم على الخير وتعويدهم عليه، فقد أرشد نبينا الأكرم أولياء الأمور أن يدربوا أبنائهم على الطاعات كالصلاة حيث قال: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع)، وقد ورد عن نساء الصحابة تعليم الأبناء الصيام وأن يستغلوا أوقاتهم، وهذا من باب التعليم بشرط الرفق بهم وعدم المشقة عليهم لأنهم غير مكلفين ابتداء، وهذا من باب التدريب والتعليم.
ومن جماليات شهر رمضان المبارك التي تعد علامة فارقة ومميزة له صلاة التراويح، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، فيجتمع فيها المسلمون ويتلى فيها القرآن ويتوافد الناس على المساجد، فهي فرصة لاصطحاب الأبناء المميزين إلى المسجد وتحفيزهم وترغيبهم لحضورها وتعليمهم آداب المساجد.
والخلاصة أن شهر رمضان المبارك فرصة ثمينة للارتقاء بالأخلاق والقرب من الله تعالى، وتعميق العلاقات الأسرية، والتأسيس للتكافل والتراحم، وتحقيق معاني التسامح.