مقالات

الأم عندما تكون صاحبة رسالة

الكاتب : عطوفة الدكتور محمد الزعبي - الأمين العام بالوكالة

أضيف بتاريخ : 24-06-2015

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي دائرة الإفتاء العام


الأم عندما تكون صاحبة رسالة

 

الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(يارسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال ثم أي؟ قال: أمك، قال ثم أي؟ قال: أمك، قال ثم أي؟ قال: أبوك) فهي الأم الرؤوم والقلب الحنون، كم عانت عند حملك ورأت الموت عند وضعك، كم سهرت لتنام، وجاعت لتشبع، ولذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبايعه على الجهاد في سبيل الله وكلنا يعلم مكانة الجهاد في الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: (ألك أم ؟ فيقول نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: أتريد الأجر والمثوبة؟ قال نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: إلزم قدمها فثم الجنة)، فمهما قدمت لأمك أخي تبقى مقصراً بحقها ورحم الله من قال:

                              لأمك حق لو علمت كثير                     كثيرك يا هذا لديه يسير

                              فآه لذي عقل ويتبع الهوى                     وآه لأعمى القلب وهو بصير

                              فدونك فارغب في عميم دعائها                 فأنت لما تدعو إليه فقير

فالأم التي تخر راكعة ساجدة لله تعالى، الأم التي تقرأ آيات الله آناء الليل وأطراف النهار، الأم التي تربي أبناءها على الصدق والأمانة وعلى البطولة والشجاعة، الأم التي تربي بناتها على العفة والطهارة والستر والحياء، الأم التي تربي أبناءها على آيات الرحمن، وعلى صيام رمضان وقيام لياليه، عندها تكون الأم هي حاضنة الأطفال وصانعة أبطال، عندها تكون الأم كما قال الشاعر:

                               الأم مدرسة إذا أعددتها                  أعددت شعبا طيب الأعراق

فعندما نتحدث عن الأم فإننا نتحدث عنها على أنها قرينة الأب، فهي نصف المجتمع ويخرج من أترابها النصف الآخر، فكأنها بذلك أمة بتمامها، ولذا قيل الأم التي تهز السرير بيمينها تهزّ العالم بيسارها.

فهذه أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها ولدها يستشيرها في أمر الحجاج الذي حاصره بمكة، فقالت له: يا ولدي إن كنت على حق فامض إليه وإن كنت على باطل فبئس العبد أنت فقد هلكت وأهلكت من معك فقال: يا أماه أخشى أن يمثل بي، فقالت: يا ولدي إن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها.

الأمثلة من حياة سلفنا الصالح كثيرة، ولكن يضيق المقام عن ذكرها ورحم الله من قال:

                            ولو كل النساء كمن ذكرن           لفضلت النساء على الرجال

                           وما التأنيث لاسم الشمس عيب       ولا التذكير فخر للهلال

بعض الأباء والأمهات غائب غياباً كلياً مع أنه حي لم يوسد الثرى بل يمشي عليه ولكن ليس لأبنائهم نصيب أولئك الذين يتموا أولادهم وهم لا زالوا على قيد الحياة:

                              ليس اليتيم من انتهى أبواه            من هم الحياة وخلفاه ذليلا

                             إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً         تخلت أو أباً مشغولا

أيها الأباء وأيتها الأمهات اتقوا الله عز وجل، وأعلموا  أن الله حملكم الأمانة، وألقى على كاهلكم المسؤولية، وجعلكم رعاة على أبنائكم سائلكم الله عنها يوم القيامة أحفظتم أم ضيعتم.

فشأن المربي إذن شأن المزارع الذي يقلع الشوك ويخرج النباتات الدخيلة من بين الزرع ليحسن نباته وينضج ثمره.

                         وليس النبت ينبت في جنان            كمثل النبت ينبت في فلاة

فإياكم أن تنشغلوا عن أبنائكم وبناتكم،  فتهملوا واجبكم وتتركوهم لقمة سائغة لأعدائكم الذين يتربصون بهم الدوائر، والواقع خير شاهد:

                 ومن رعى غنماً في أرض مسبعة           ونام عنها تولى رعيها الأسد

                 لا يلام الذئب في عدوانه                    إن يك الذئب راعي الغنم

وصدق الله إذ يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/ 6،  نسأل الله عز وجل أن يحفظ أبناءنا، وأن يغفر لآبائنا وأمهاتنا، وأن يحفظ وطننا وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

رقم المقال [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب



اقرأ أيضا

المقالات

   كيف نحمي أولادنا من العقوق

   مهارات تربية الأولاد

   التربية الإسلامية المستمرة من أهم وسائل الإصلاح

الفتاوى

   حكم حضانة الطفل المعاق

   هل للوالدين إكراه ولدهما على الزواج بمن لا يرغب

   يريد الزواج من إحدى الفتيات ووالده غير موافق

   نفقة الوالدين تقسم بين الأولاد ذكوراً وإناثاً

   التربية الجنسية في الثقافة الإسلامية


التعليقات



تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا


Captcha