مقالات

كي لا نندم على فوات رمضان

الكاتب : المفتي الدكتور حسان أبو عرقوب

أضيف بتاريخ : 18-06-2015

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي دائرة الإفتاء العام


 

تزدان العاصمة عمّان بالأنوار والفوانيس فرحًا بقرب حلول شهر رمضان المبارك، وفي هذا إشارة إلى البهجة والسرور بقدوم هذا الضيف الكريم، الذي يحمل في طياته أنوار القرب من الله تعالى، حيث يصوم المسلمون لرب العالمين، معلنين عبوديتهم لربهم، وطلب القرب منه، وتمسكهم بدينهم، وهذا هو الفرح الحقيقي، الفرح بالطاعة والعبادة، فرمضان في ذهن المؤمن هو طاعة وعبادة وقرب من الخالق سبحانه.

أما ارتباط رمضان بالأطعمة أو الأشربة أو الولائم أو السهرات أو المسلسلات، أو الخيم الرمضانية فيميل بالمؤمن عن الطريق الصحيح، ويأخذه إلى طريق الملذات والشهوات، ورمضان إنما جاء ليهذب هذه الرغبات والشهوات، لا ليتمادى فيها المؤمن.

وإذا كان شهر رمضان موسمًا للعبادة والطاعة، فعلى المسلم أن يفرح بقدومه ويستبشر، ولا يدخل قلبه خوف ولا وجل ولا انزعاج من أنه سيصوم رمضان في حرِّ الصيف، ونهاره الطويل. وعليه ألا يتذمّر من عطش سيصيبه، وجوع سيسكن أمعاءه. بل عليه أن يحتضن مواسمَ الخير فرِحًا بها؛ لأن فيها يتقرب من الله تعالى خالق الأكوان، وفي هذا القرب غذاء الروح، وسكينة القلب، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يونس/ 58.

وعلى المسلم أن يسأل الله تعالى أن يبلغه هذه الأيام المباركة، حيث تضاعف الحسنات، وتمحا السيئات، وتقال العثرات، وتعتق الرقاب من النيران، فهو باب خير يتمنى المسلم ألا يغلق دونه، وللدعاء فضله، فهو عبادة في ذاته، بالإضافة إلى كونه سؤالا ممن لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وما على  العبد إلا أن يكون موقنا بالإجابة، فعلى العبد السؤال، والله تعالى لا يخيّب من رجاه، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)  غافر/60.

إن بلوغ هذه الأيام من نعم الله تعالى على العبد، حيث يعطيه فرصة إضافية للتوبة والرجوع والإنابة، وزيادة رصيده من الخيرات، فكم وكم من إخوان لنا أدركهم الموت قبل أن يبلغوا رمضان؟ لذلك كان لزاما على العبد أن يحمد الله تعالى  ويشكره على هذه النعمة والمنة، وبهذا الشكر ينال المزيد من خزائن قيّوم السماوات والأرض.

وينبغي أن يستثمر المسلم هذا الشهر بنجاح، والاستثمار الناجح يحتاج إلى خطة ناجحة، لأن "من فشل في التخطيط، فكأنما يخطط للفشل"، فزمان رمضان قصير، هي أيام معدودات، يقضيها الإنسان بين نوم وطعام وشراب وعمل واالتزامات، لكن أين العبادة والطاعة؟ ما إن نفرح بدخول رمضان، حتى نجد أنفسنا نحزن لوداعه وفراقه، كأنه طيف مرّ بنا مسرعا، أو حلم رأيناه ثم استفقنا على حقيقة وداعه وفراقه.

هذه الأيام المباركة تحتاج إلى أن يرتب الإنسان فيها وقته، وأن يحسن توزيع الواجبات، ويراعيَ الأولويات، ويقدمَ الأهم على المهم، وإلا سيجد نفسه في نهاية الشهر لم يقدم شيئا لآخرته، وسيرى أقرانه من المجتهدين قد سبقوه، وعندها سيندم حيث لا ينفعه الندم.

رقم المقال [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب



اقرأ أيضا

المقالات

   ليس رمضان كغيره

   في استقبال رمضان

   حوار مع سماحة المفتي العام

   لعلكم تتقون

   نظرة الإسلام إلى عادة الإسراف في رمضان

الفتاوى

   يجب مراعاة قصد المتبرع وشرطه

   ما السفر المُبيح للفطر في رمضان؟

   عدد ركعات صلاة التراويح

   ليس في السنة صلاة خاصة في آخر جمعة من رمضان

   لا فضيلة في تبليغ الناس بموعد شهر رمضان قبل أوانه


التعليقات



تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا


Captcha