تشويه الأعداء والمتطرفين صورة الإسلام السمحة
الإسلام دين رباني شامل، عالمي كامل، أرسل الله تعالى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ومنقذاً للبشرية من الغواية والضلال بالحق والعدل والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة، فأشرق نور الإسلام العظيم في أصقاع الأرض بصورته المشرقة الناصعة، يحمله أبناؤه إلى العالمين ينشرون التسامح والعدل والكرامة الإنسانية امتثالاً لأمر الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل/90.
لقد أدى الإسلام دوره في بناء القيم الإنسانية النبيلة التي تنشر العدل والتسامح والرحمة، وأدى المسلمون دورهم في بناء الحضارة الإنسانية على مر التاريخ، إلا أننا نلاحظ اليوم هجمة شرسة على هذا الدين، تريد النيل منه وتشويه مفاهيمه، بعضها من أعدائه، وبعضها من أبنائه.
وقد استغل الأعداء الفئات المتطرفة، فصوروا الإسلام عدواً لهم، وتمادوا في تشويه صورته، وأساؤوا إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. وقد كان الأردن سباقاً للتحذير من هذا التشويه بإطلاق رسالة عمان، رسالة الإسلام السمحة، عام 2004م، واستنكار الإرهاب أياً كان مصدره وشكله المتمثل بالتعدي على الحياة الإنسانية بقتل الأبرياء وترويع الآمنين المسالمين.
وإن خروج البعض عن سواء السبيل لا يعني إلصاق تهمة التطرف والإرهاب بالمسلمين والإسلام، والواجب على العلماء والمفكرين وأصحاب العقول النيرة أن يبيّنوا للناس حقيقة الإسلام ومبادئه العظيمة، وأن يفندوا شبه المتطرفين، وإظهار حقيقة التطرف وأساليب علاجه، ذلك أن المسلم الحق يكون داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى: (دْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/125.
وإننا في مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية لنؤكد على مجموعة من الثوابت التي لا يجوز المساس بها بحال من الأحوال، وعلى رأسها التأكيد على حرمة الدماء والأموال والأعراض، ذلك أن المحافظة عليها من المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، ومنها أيضا التأكيد على المحافظة على الأمن والسلم الاجتماعيين، قال صلى الله عليه وسلم: (من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، ومنها إبراز الصورة المشرقة للإسلام المعتدل البعيد عن مظاهر التطرف والإرهاب والتعدي.
ولذلك كله فإننا ندعو أبناء الوطن إلى ضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه دعوات العنف والتطرف، وإراقة الدماء، والابتعاد عن الإشاعات المغرضة وترديدها دون النظر في النتائج والشرور الناتجة عنها والتي يمكن أن تؤدي إلى هدم المجتمع وتقويض أركانه.
وكذلك ندعو وسائل الإعلام إلى أن تقوم بدورها في نقل الصورة الصحيحة وعدم السعي وراء الإشاعات، والحرص على ترسيخ قيم الإسلام الصحيحة؛ فالإعلام أمانة عظيمة وهو لسان ضمير الأمة والمجتمع، فعلى أصحاب هذا المجال أن يتحملوا الأمانة على خير وجه دون تحريف أو تزييف أو تهويل فالكلمة سلاح خطير، وهي سلاحٌ ذو حدَّين، فإن كانت الكلمة صادقةً أمينةً صالحةً أدَّت إلى الخير والبناء، وإن كانت كاذبةً باطلةً فاسدةً قادت إلى الشرِّ والدمار.
سائلين الله تعالى أن يحفظ بلدنا آمناً مطمئناً، وأن يقيه من كل سوء بسواعد أبناءه المخلصين، إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين