الضوابط المستخلصة من فتاوى دائرة الإفتاء الأردنية للمؤسسات المالية الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فتعتبر مشكلة الحصول على التمويل من أبرز القضايا الأساسية التي تواجه الأفراد والمؤسسات والدول في عصرنا الحاضر، وقد دأب أنصار المذهب الرأسمالي على حل هذه المشكلة عن طريق التمويل بقروض الفائدة، ولكن هذا الحل يعتبر مرفوضاً في المذهب الاقتصادي الإسلامي باعتباره من الربا المحرم شرعاً.
وقد قام مجموعة من كبار الاقتصاديين الإسلاميين في منتصف القرن الماضي بمحاولة إيجاد بديل إسلامي يحل مشكلة الحصول على التمويل بالضوابط الشرعية، فنشأت البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.
وتصدت المجامع الفقهية واللجان الشرعية للفتاوى والقرارات الشرعية اللازمة لضبط عمل هذه المؤسسات المالية من الناحية الشرعية، وكان لدائرة الإفتاء العام الأردنية دوراً كبيراً في توجيه وضبط مسيرة المؤسسات المالية الإسلامية.
وسيقوم الباحث في هذا المقال بجمع الفتاوى المتعلقة بالمؤسسات المالية الإسلامية – سواء أكانت الفتاوى منشورة أو مصدرة غير منشورة – وتقسيمها إلى أبواب، وترتيبها على شكل ضوابط مع أدلتها وتعليلاتها الفقهية، حتى يستفيد منها الباحثين وطلبة العلم وعموم الناس.
والله أسأل أن يتقبل هذا العمل لوجهه الكريم، إنه جواد كريم.
منهج دائرة الإفتاء في المسائل المالية المعاصرة[1]
استقرت مناهج ومدارس الفقه الإسلامي في أربعة من المذاهب الفقهية المعتبرة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، ووقع الإجماع على اعتمادها واعتبارها طرائق موصلة إلى تحقيق رضوان الله عز وجل، وإلى حفظ مصالح البلاد والعباد.
واتخذت دائرة الإفتاء من المذهب الشافعي حجرا أساسياً في فتاويها؛ بسبب انتشاره في بلدنا الأردن المبارك، ولكن ذلك لم يمنع من الاستفادة من مذهب الحنفية أو المالكية أو الحنابلة والفتوى بما تقتضيه مذاهبهم – بعد الرجوع إلى الكتب المعتمدة لتلك المذاهب – في الحالات الآتية:
1. إذا كان اجتهاد المذهب الشافعي في مسألة معينة لا يناسب تغير الزمان والمكان والظروف المحيطة بسؤال المستفتي، كأن يؤدي إلى حرج شديد، أو مشقة بالغة.
ومن الأمثلة على ذلك فتوى الدائرة بلزوم عقد الاستصناع على مذهب أبي يوسف من الحنفية (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3071).
2. إذا اختلفت العلة التي من أجلها نص فقهاء الشافعية على ذلك الاجتهاد.
ويلاحظ أن هذا الضابط مقيد بما إذا كان الحكم ثابتاً بالاجتهاد، وأما إذا كان ثابتاً بالنص فلا يختلف الحكم الشرعي لاختلاف العلة؛ لأن العلة لا تعود على النص بالإبطال.
ومن أمثلة ذلك اعتبار الذهب والفضة أثماناً تجري فيها أحكام الربا، ولا يراعى عرف الناس في عدم تعاملهم بالذهب والفضة كأثمان؛ لأن هذا الحكم بربوية الذهب والفضة ثبت بالنص الشرعي، وأما الأوراق النقدية فقد ثبت حكمها بالقياس، فلو ترك الناس التعامل بالأوراق النقدية لم تعد أثماناً.
3. إذا استجد من المعلومات والحقائق العلمية ما يدعو إلى إعادة البحث في الاختيار الفقهي.
4. إذا كانت المعاملة لا تخلو من شبهة ربوية، أو تحايل على الربا، وهذا الضابط لم تنص عليه دائرة الإفتاء في موقعها، ولكن سماحة الدكتور نوح القضاة رحمه الله المفتي العام الأسبق كان يوصي المفتين والباحثين في الدائرة ألا يفتوا الناس بالحيل.
ففي جميع هذه الحالات تقوم دائرة الإفتاء بإعادة دراسة المسألة في ضوء القواعد الفقهية والمقاصد الشرعية، وتستفيد من اجتهادات المذاهب الأربعة للوصول إلى الحكم الشرعي.
وأما إذا تعلقت المسألة بنازلة جديدة من نوازل العصر غير منصوص عليها في اجتهادات الفقهاء[2]، أو كانت من المسائل العامة التي تتعلق بالمجتمع كله أو الأمة كلها[3]: فتقوم دائرة الإفتاء حينئذ من إعداد أبحاث خاصة لدراسة المسألة في ضوء الأدلة الشرعية والقواعد الفقهية والموازنة بين المصالح والمفاسد، وعرضها على لجنة الفتوى أو مجلس الإفتاء لتخلص من خلالها إلى الحكم الشرعي.
ضوابط التمويل بالمرابحة للآمر بالشراء
-شروط المرابحة للآمر بالشراء:
1. يجب على البنك التحقق من استلام البضاعة المطلوبة من بائعها الأول وقبضها القبض الشرعي؛ وذلك لامتثال حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ. متفق عليه. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 683)
2. عدم توقيع العميل الآمر بالشراء على عقد البيع حتى يقبض البنك البضاعة من البائع الأول قبضا حقيقيا أو حكميا، أما توقيع العميل الآمر بالشراء على وعد الشراء فلا بأس فيه ولا حرج. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 683)
3. يجب دفع ثمن البضاعة لبائعها الأول، وليس بتوكيل العميل الآمر بالشراء. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 683)
- أحكام متعلقة ببيع المرابحة للآمر بالشراء:
1. يجب على الممول التأكد من إلغاء أي ارتباط عقدي بين العميل الآمر بالشراء والبائع الأول إن وجد، أما إذا كان الآمر بالشراء قد حصل على عرض سعر فقط فلا بأس في ذلك. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 683)
2. يجب على الممول التأكد من أن البائع الأول طرف ثالث غير العميل الآمر بالشراء أو وكيله؛ كي لا يقع البنك تحت حيلة المحتالين، وإلا صار البيع باطلا. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 683)
3. لا حرج في اشتراط الدائن على المدين حلول سائر الأقساط في حال تأخره في الوفاء؛ إذ ليس ثمة ما يمنع من هذا الشرط، فإذا وافق المدين ورضي وجب عليه الالتزام بشرطه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 939)
4. لا يجوز اتفاق العميل مع البائع الأصلي رفع سعر السلعة على الممول أكثر من السعر الحقيقي كي يأخذ العميل المبلغ الزائد نقدا من صاحب البضاعة؛ وذلك لأن مثل هذه الحيل تقرب البيع إلى صورة المعاملة الربوية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 441)
5. لا يجوز اتفاق المشتري مع البائع الأصلي على أن يشتري البضاعة عن طريق البنك، ومن ثم يقوم المشتري ببيع البضاعة لبائعها الاول بثمن حال، ليحصل بذلك على السيولة؛ لوجود شبهة العينة في المعاملة، ولكن إذا تم هذا الأمر من غير ترتيب ولا اتفاق مسبق فلا بأس به. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 609)
6. لا حرج من اتفاق الممول مع العميل على اقتطاع مبلغ معلوم يكون تأمينا على الدين المستحق على العميل في حال عجزه أو وفاته، بشرط أن يتم ذلك التأمين في صندوق تكافلي خاص بالبنك أو لدى شركات التأمين الإسلامي، ولا يجوز أن يتم لدى شركات التأمين التجارية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2909)
7. لا يجوز تمويل ديكورات المحلات بطريقة المرابحة الشرعية، فبيع المرابحة للآمر بالشراء يتعلق بالسلع الموجودة، التي يتم شراؤها من المرابح وقبضها ثم يتم بعد ذلك بيعها للآمر بالشراء، وأعمال الديكور ليست بضائع موجودة لتصحّ المرابحة عليها، بل هي في حكم المعدوم، فيكون التمويل لها قرضاً، فلا يجوز تجنباً للربا المحرم. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3391)
8. لا يجوز تمويل التعليم الجامعي أو المدرسي عن طريق المرابحة للآمر بالشراء؛ لأن عقد المرابحة يتعلق بالسلع وليس بالخدمات. (قرار مجلس الإفتاء رقم: 108)
9. لا يجوز فرض غرامات تأخيرية إذا تأخر المدين عن الوفاء بالتزاماته تجاه الدائن، وهو ما يسمى بالشرط الجزائي في الديون، وحكم هذا الشرط أنه فاسد مفسد للعقد؛ لأنه من ربا الجاهلية الذي جاء تحريمه في القرآن، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} البقرة/275. (قرار مجلس الإفتاء رقم: 124).
10. يصح ضمان العميل للبائع الأصلي عند التعدي أو التقصير بصفته الشخصية لا بصفة الآمر بالشراء؛ فلا ترتبط كفالة حسن الأداء بعقد المرابحة؛ قال العلامة البهوتي: "ولا يصح أيضاً ضمان الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة، ومال الشركة والمضاربة إلا أن يضمن التعدي فيها، أي: الأمانات فيصح الضمان؛ لأنها إذن مضمونة على من هي في يده فأشبهت الغصوب" "كشاف القناع" (3/370) (فتوى مصدرة بتاريخ 23/ 12/ 2013م)
11. بيع المرابحة يتعلق بالسلع دون المنافع، فلا يصح بيع المنافع بالمرابحة، ولا بيع المستصنع بالمرابحة؛ لأنه العين المستصنعة معدومة عند العقد فلا يصح بيعها مرابحة، والبديل عن ذلك أن تمول المنافع عن طريق الإجارة الموصوفة بالذمة، وتمول العين المستصنعة بالاستصناع. (فتوى مصدرة بتاريخ 23/ 12/ 2013م)
12. يتحقق القبض في بيع المرابحة بتسليم اليد، كما يتحقق بالتخلية، فقبض العقار يتحقق بالتخلية، ويعتبر فرز البضائع بصورة مميزة في مخازن البائع من التخلية المعتبرة شرعا. (فتوى مصدرة بتاريخ 23/ 12/ 2013م)
13. الخصم الذي يرد من البائع الأصلي إن كان قبل إتمام العقد، فيجب على المؤسسة الممولة أن يخصمه من ثمن المشتري؛ لأن بيع المرابحة من بيوع الأمانة، ولا يصح أن تأخذ هذه الخصومات؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل.
أما إن كان الخصم بعد إتمام العقد - ولم يكن هنالك اتفاق بين الممول والبائع الأصلي - صار الخصم حقاً للممول، ولا حرج أن تقوم الممول بخصمها من ثمن المشتري كتبرع. (فتوى مصدرة بتاريخ 23/ 12/ 2013م)
14. يصح للممول اشتراط وقف العمل بإرادة منفردة عند التخلف بالقيام بأي التزام أو استغلال أو مخالفة شرعية؛ بناء على قاعدة الشروط عند الحنابلة (فتوى مصدرة بتاريخ 23/ 12/ 2013م).
ضوابط التمويل بالتأجير المنتهي بالتمليك:
- شروط التأجير المنتهي بالتمليك:
1. وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد (الهبة) بالتمليك في نهاية مدة الإجارة؛ لتعارض أحكام الإجارة والبيع إذا تواردا على عين واحدة في زمن واحد. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2867)
2. أن يتحمل المالك ضمان العين المؤجرة دون المستأجر، إلا إن كان التلف بسبب تعدي المستأجر أو تقصيره؛ لأن يد المستأجر يد أمانة لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2867)
3. أن يتحمل المؤجر نفقات الصيانة غير التشغيلية والتأمين للعين المأجورة دون المستأجر؛ لأن الغنم بالغرم، فالمؤجر كما يغنم الأجرة يجب أن يغرم الصيانة والتأمين؛ لأن العين المأجورة ملك للمؤجر. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2867).
- أحكام متعلقة بالتأجير المنتهي بالتمليك:
1. يجوز ربط الأجرة بمؤشر محدد منضبط، مثل مؤشر الجوديبر، يتحاكم إليه طرفا عقد الإجارة في تحديد مبلغ الأجرة بداية كل فترة من فترات الإجارة الطويلة؛ وذلك لانتفاء حصول النزاع بسبب هذا الربط، ولأنه أبعد عن وقوع التغابن بين العاقدين.
وقد أجاز فقهاء الحنابلة استئجار الأجير بطعامه وكسوته، واستئجار من يحصد الزرع بجزء مشاع منه، وكذلك البيع والإجارة بسعر السوق أو بما يؤجر به الناس؛ فمن باب أولى أنه يجوز استئجار الأعيان بأجرة مربوطة بمؤشر مالي معين. (قرار مجلس الإفتاء رقم 182)
2. يجب على الممول التأكد من أن البائع الأول طرف ثالث غير العميل الآمر بالشراء أو وكيله؛ كي لا يقع البنك تحت حيلة المحتالين، وإلا صار البيع باطلا. (قرار مجلس الإفتاء رقم 182).
3. لا يجوز فرض غرامات تأخيرية إذا تأخر المدين عن الوفاء بالتزاماته تجاه الدائن، وهو ما يسمى بالشرط الجزائي في الديون، وحكم هذا الشرط أنه فاسد مفسد للعقد؛ لأنه من ربا الجاهلية الذي جاء تحريمه في القرآن، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } البقرة/275. (قرار مجلس الإفتاء رقم: 124).
4. لا حرج في اشتراط الدائن على المدين حلول سائر الأقساط في حال تأخره في الوفاء؛ إذ ليس ثمة ما يمنع من هذا الشرط، فإذا وافق المدين ورضي وجب عليه الالتزام بشرطه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (رقم/1352) وقال: حسن صحيح. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 939)
5. لا يجوز اتفاق العميل مع البائع الأصلي رفع سعر العقار على الممول أكثر من السعر الحقيقي كي يأخذ العميل المبلغ الزائد نقدا من صاحب العقار؛ وذلك لأن مثل هذه الحيل تقرب البيع إلى صورة المعاملة الربوية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 441)
6. لا يجوز اتفاق المشتري مع صاحب العقار على أن يشتري العقار عن طريق الممول، ومن ثم يقوم المشتري ببيع العقار لبائعها الاول بثمن حال، ليحصل بذلك على السيولة؛ لوجود شبهة العينة في المعاملة، ولكن إذا تم هذا الأمر من غير ترتيب ولا اتفاق مسبق فلا بأس به. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 609)
7. لا حرج من اتفاق الممول مع العميل على اقتطاع مبلغ معلوم يكون تأمينا على الدين المستحق على العميل في حال عجزه أو وفاته، بشرط أن يتم ذلك التأمين في صندوق تكافلي خاص بالبنك أو لدى شركات التأمين الإسلامي، ولا يجوز أن يتم لدى شركات التأمين التجارية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2909)
8. لا يجوز تمويل بناء العقارات عن طريق عقد الإجارة المنتهي بالتمليك؛ لأن عقد الإجارة يتعلق بالأعيان الموجودة، وتمويل بناء العقار يتم عن طريق عقد الاستصناع أو المشاركة المتناقصة. (فتوى مصدرة بتاريخ 6/ 3/ 2016م)
ضوابط التمويل بالاستصناع:
- شروط عقد الاستصناع:
1. يجب أن يتفق المتعاقدان على أوصاف الشيء المراد صنعه على شكل يؤدي إلى بيانه وتكوين العلم به؛ جاء في "بدائع الصنائع" (5/ 3): "وأما شرائط جوازه: بيان جنس المصنوع، ونوعه وقدره وصفته؛ لأنه لا يصير معلوماً بدونه، وأن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس". (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3071)
2. يجب أن يتم الاتفاق على الثمن والأجل؛ منعا من الجهالة والغرر. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3071)
3. إذا تمت العقد عن طريق الاستصناع الموازي وهو أن يتعاقد المستصنع مع الصانع (الممول) على عين ستصنع، ثم يتعاقد الصانع مع صانع آخر لصناعة العين التي اتفق عليها مع المستصنع الأول، فيجب أن يتم الفصل بين العقدين؛ حذرا من الوقوع في محذور بيعتين في بيعة. (فتوى مصدرة بتاريخ 28/01/2014م)
- أحكام متعلقة بعقد الاستصناع:
1. يجب التأكد من عدم وجود ارتباط تعاقدي بين العميل والصانع الأصلي؛ لئلا يصبح العقد صوريا فيقع في محذور الربا. (فتوى مصدرة بتاريخ 28/01/2014م)
2. في حالة وجود عقد سابق بين العميل والصانع الأصلي فيجب فسخ العقد بينهما، وتصفية العملية على حساب العميل، ومن ثم إبرام عقد استصناع جديد لبقية العمل، دون التزام المؤسسة بالاستعانة بالصانع السابق، بل ينص على أن لها الحق في إنجاز العمل بأي وسيلة تراها مناسبة. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3372)
3. لا يصح اشتراط البراءة من العيوب؛ لأن شرط البراءة يتعلق ببيوع الأعيان الموجودة، والاستصناع بيع موصوفة في الذمة. (فتوى مصدرة بتاريخ 28/01/2014م)
4. لا يجوز للمؤسسة أن تشترط على العميل كفالة حسن تنفيذ الصانع؛ لوجود شبهة التحايل على الربا. (فتوى مصدرة بتاريخ 10/04/2016م)
ضوابط التمويل النقدي
- شروط التمويل النقدي:
1. خلو التمويل من أي شرط ربوي يتضمن زيادة على أصل الدين؛ لأن كل قرض جر نفعا فهو ربا.
2. يجوز تحميل المقترض التكاليف الإدارية بشروط:
أولاً: أن تكون التكاليف حقيقية، وهي التكلفة التي يقابلها عمل تم تقديمه بالفعل، فلا يجوز تحصيل تكلفة بدل مخاطرة؛ لأن القرض مضمون على كل حال، والغنم بالغرم.
ثانياً: أن تكون التكاليف مباشرة وهي التي يتحملها المقرض في سبيل القرض، فلا يجوز تحميل المقترض التكاليف غير المباشرة، وهي التي يبذلها المقرض لممارسة مجموع أعماله، كالمصاريف الإدارية للمؤسسة عامة وأجور جميع الموظفين، ونحو ذلك.
ثالثاً: ألا تُربط تكاليف القرض بمبلغ القرض أو مدته (على شكل نسبة مئوية)، وإنما تكون على قدر التكاليف الحقيقية، بلا أية زيادة.
رابعاً: ألا يتكرر أخذ التكاليف إلا إذا تكرر تقديم الخدمة، فلا يجوز للمصرف أن يفرض رسوماً دورية بحجة أنها تكاليف القرض إلا إذا تكرر الإنفاق أو تكررت الخدمة.
خامساً: أن يتم تحديد هذه التكاليف من قبل أهل الخبرة من المحاسبين والماليين؛ لئلا تحصل مبالغات في تقديرها.
سادساً: أن تُفصل المصاريف الإدارية ونحوها في حساب مستقل؛ حتى إذا تبين أن المبالغ المقتطعة فاضت عن التكلفة الفعلية، تُصرف هذه الزيادة في وجوهها الشرعية، بحيث لا يعود أي نفع منها على المؤسسة المقرضة.
(فتوى منشورة على الموقع برقم: 3073)
- أحكام متعلقة بالتمويل النقدي:
1. لا يجوز التعامل بالتورق المصرفي المنظم؛ لأنه تحايل على الربا؛ وذلك لأن المقصد الحقيقي من هذه العملية هو الحصول على المال مقابل زيادة؛ حيث يقوم البنك بعملية شراء صورية لبضائع، ثم يبيعها للعميل بمبلغ آجل، ومن ثَمَّ يقوم ببيعها مرة أخرى لطرف ثالث بمبلغ أقل من المبلغ الأول، ويعطي العميل المبلغ الحالَّ، ويُقيِّد عليه جميع المبلغ المؤجَّل. (قرار مجلس الإفتاء رقم: 171)
2. لا حرج في اشتراط الدائن على المدين حلول سائر الأقساط في حال تأخره في الوفاء؛ إذ ليس ثمة ما يمنع من هذا الشرط، فإذا وافق المدين ورضي وجب عليه الالتزام بشرطه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 939)
3. لا حرج من اتفاق الدائن مع المدين على اقتطاع مبلغ معلوم يكون تأمينا على الدين المستحق على العميل في حال عجزه أو وفاته، بشرط أن يتم ذلك التأمين في صندوق تكافلي خاص بالشركة الدائنة أو لدى شركات التأمين الإسلامي، ولا يجوز أن يتم لدى شركات التأمين التجارية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2909)
ضوابط بطاقات الائتمان
1. يجوز للمؤسسات إصدار بطاقات ائتمانية بشرط ألا تتضمن شروط جزائية، وأن تكون الرسوم المفروضة على العميل رسوماً مقطوعة على قدر التكاليف الفعلية دون زيادة. (فتوى مصدرة بتاريخ 7/ 2/ 2017م)
2. يجوز للمتعاملين استخدام بطاقات الائتمان بشرط ألا تتضمن البطاقة شروط جزائية عند التأخر عن السداد. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 1450)
3. يجوز الاستفادة من النقاط الممنوحة للمستهلك عند استخدام بطاقات الائتمان غير الربوية؛ باعتبارها تبرعا مقدما من المصدر بشرط أن تكون منفعة الحوافز مباحة شرعاً، وألا يستوفى عمولات من العميل مقابل هذه الحوافز؛ لأن استيفاء عمولات مقابل حوافز قمار وغرر. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2966)
4. يصح للتاجر قبول دفع ثمن السلع والخدمات عن طريق بطاقات الائتمان بشرط ألا يزيد الثمن بسبب العمولة التي تأخذها منه جهة البطاقة. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3329)
5. إذا كانت البطاقة مغطاة الرصيد جاز لمصدر البطاقة أن يتقاضى أجرة عليها. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3408)
6. لا يجوز استخدام بطاقات الائتمان غير المغطاة لشراء ذهب أو فضة أو عملات. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3408)
ضوابط التأمين
- شروط عقد التأمين:
1. يجوز التأمين لدى الشركات التي تلتزم أحكام الشريعة في التأمين القائمة على مبدأ التبرع والتأمين التعاوني بضوابطه الشرعية, ويحرم التأمين لدى شركات التأمين التجاري التي لا تعتمد النظام الإسلامي في التأمين.(فتوى منشورة على الموقع برقم : 2994)
2. يقوم التأمين الإسلامي على المبادئ والأسس الشرعية الآتية، التي يجب أن ينص عليها في النظام الأساسي للشركة أو في اللوائح أو في الوثائق:
أ- الالتزام بالتبرع، حيث ينص على أن المشترك يتبرع بالاشتراك وعوائده لحساب التأمين لدفع التعويضات، وقد يلتزم بتحمل ما قد يقع من عجز حسب اللوائح المعتمدة.
ب- قيام الشركة المنظمة للتأمين بإنشاء حسابين منفصلين، أحدهما خاص بالشركة نفسها، حقوقها والتزاماتها، والآخر خاص بصندوق (حملة الوثائق) حقوقهم والتزاماتهم.
ت- الشركة وكيلة في إدارة حساب التأمين، ومضاربة أو وكيلة في استثمار موجودات التأمين.
ث- يختص حساب التأمين بموجودات التأمين وعوائد استثماراتها، كما أنه يتحمل التزاماتها.
ج- يجوز أن تشتمل اللوائح المعتمدة على التصرف في الفائض بما فيه المصلحة...على أن لا تستحق الشركة المديرة شيئاً من ذلك الفائض.
ح- صرف جميع المخصصات المتعلقة بالتأمين، والفوائض المتراكمة في وجوه الخير عند تصفية الشركة.
خ- أفضلية مشاركة حملة الوثائق في إدارة عمليات التأمين.
د- التزام الشركة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها واستثماراتها، وبخاصة عدم التأمين على المحرمات.
ذ- تعيين هيئة رقابة شرعية تكون فتاواها ملزمة للشركة، ووجود إدارة رقابة وتدقيق شرعي"
(فتوى منشورة على الموقع برقم: 2994)
- أحكام متعلقة بالتأمين:
1. لا حرج من اتفاق البنك مع العميل على اقتطاع مبلغ معلوم يكون تأمينا على الدين المستحق على العميل في حال عجزه أو وفاته، بشرط أن يتم ذلك التأمين في صندوق تكافلي خاص بالبنك أو لدى شركات التأمين الإسلامي، ولا يجوز أن يتم لدى شركات التأمين التجارية. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 1876)
2. يحرم على مالك السيارة بيع الكروكة لشخص آخر؛ لأن التعويض الذي يستحقه مالك السيارة المتضررة من شركة التأمين دَين على الشركة أو المتسبب بالضرر، وبيع الدين يعني الوقوع في الربا. (فتوى منشورة على الموقع برقم: 3206)
3. افتعال الحوادث بغرض أخذ أموال التأمين عملٌ محرم شرعاً، والمال الذي يؤخذ من شركات التأمين بالكذب والغش لا حقّ فيه لآخذه، لأنه لم يؤخذ من طريق صحيح، ويجب على الآخذ إعادة ما أخذ لشركة التأمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ) رواه أبو داود. (فتوى منشورة برقم: 3177)
4. يجوز لحملة الوثائق الانتفاع بالفائض التأميني الموزع، كما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الحادية والعشرين، وأما الفائض التأميني الموزع في شركات التأمين الجاري يجب التصدق بها في مصالح المسلمين؛ لأن المال الحرام سبيله الصدقة. (فتوى منشورة برقم: 3101)
5. يجوز لشركات التأمين الإسلامية إعادة التأمين لدى الشركات التقليدية؛ للحاجة العامة التي تنزل منزلة الضرورة، مع ضرورة توجه شركات التأمين الإسلامية إلى إيجاد شركات إعادة تأمين إسلامية. (فتوى منشورة برقم: 3043)
6. إذا قامت شركة التأمين بإعادة التأمين لدى شركة تقليدية فلا يجوز لها أخذ عمولات إعادة التأمين، لكن يجوز لها أن تطلب من شركات إعادة التأمين التقليدية تخفيض قيمة الاشتراك أو الخصم منه وأخذ قيمة التخفيض أو الخصم، وإذا رفضت شركة إعادة التأمين التقليدية منح التخفيضات، فيجوز أخذ عمولات إعادة التأمين أو أرباح إعادة التأمين بشرط صرفها في وجوه الخير والمصالح العامة. (فتوى منشورة برقم: 3043)
7. يجوز التعامل ببطاقات التأمين التي تمنح خصومات، وتقوم على أساسه الشركة المصدرة للبطاقة بإرشاد حامل البطاقة إلى عيادات طبية ومراكز صحية وتجميلية تمنح خصومات بنسب معينة لحاملي البطاقة، مقابل مبلغ مالي يُدفع للشركة؛ باعتبارها جعالة، بشرط أن تكون الخدمات والخصومات المقدمة حقيقية وليست وهمية. (فتوى منشورة برقم: 2850)
8. يعتبر التعويض الذي تدفعه شركة التأمين لورثة المقتول مجزئا عن الدية، فإذا لم يبلغ التقدير الشرعي جاز لأوليائه المطالبة بالفارق؛ لأنها أموال دفعت بسبب ما استقر في ذمة المتسبب من دية، والتأمين هنا اشتراط لمصلحة الغير. (قرار مجلس الإفتاء رقم 177)
9. التأمين الإلزامي الذي تفرضه الدولة على الأفراد عند شركات التأمين التجاري مثل التأمين ضد الحوادث، لا يأثم فيه المستأمن. (فتوى منشورة برقم: 242)
10. يجوز التأمين الشامل إذا كان تعاونيا، ويحرم إذا كان تجاريا (فتوى منشورة برقم: 459)
11. يجوز الاستفادة من التأمين على الحياة إذا كان تعاونيا، ويحرم إذا كان تجاريا (فتوى منشورة برقم: 2054)
12. يجوز للأشخاص المحددين في عقد التأمين على الحياة الاستفادة منها عند وفاة المستأمن، باعتبار أن ما دفعه المشترك كان هبة مشروطة، وقد خرجت عن ملكه، فلا تخضع لأحكام الوصية والميراث. (فتوى مصدرة بتاريخ 4/ 2/ 2018م)
ضوابط الاستثمار بالأسهم
- شروط الاستثمار بالأسهم:
1. يجوز الاستثمار والمضاربة بأسهم الشركات المباحة، وهي الشركات التي تشتغل بالاستثمار المباح، كالصناعة والزراعة والتجارة، ولا تتعامل بالحرام، فلا تقرض ولا تقترض بالربا، ولا تودع أموالها في البنوك الربوية لتجني منها الفوائد الربوية. (فتوى منشورة برقم: 263)
2. لا يجوز الاستثمار والمضاربة بأسهم بالشركات المحرمة، وهي الشركات التي تشتغل بالأعمال المحرمة كالبنوك الربوية، وشركات التأمين التجاري، وشركات بيع المحرمات من خمر وخنزير ودخان ونحوها. (فتوى منشورة برقم: 263)
3. الشركات المختلطة: وهي الشركات التي أصل عملها في المباح، كالصناعة والتجارة المباحتين، ولكنها تتعامل بالحرام في بعض أنشطتها: كأن تقترض بالربا من البنوك الربوية، أو تودع أموالها فيها لتحصل على الفوائد الربوية: فهذا النوع من الشركات اختلف في حكمها الفقهاء المعاصرون، والذي نفتي به ونراه راجحا هو التفصيل الآتي:
أ- إذا كان التعامل بالربا مقررا في نظام الشركة الأساسي: فهذه الشركات يحرم المساهمة بها؛ لأن السهم عبارة عن صك قابل للتداول يمثل حصة المساهم في رأس مال الشركة، فإذا كان رأس مال الشركة مشتملا على الحرام فالمساهم فيها مشارك في الحرام أيضا، وبهذا الحكم صدرت قرارات المجامع الفقهية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ولرابطة العالم الإسلامي.
ب- أما إذا كان التعامل بالربا بسبب سوء تصرف المدير، أو أحد الموظفين، أو لأن بعض الأنظمة والقوانين تفرض على الشركة وضع مالها في البنوك الربوية: فهذه لا يحرم تداول أسهمها، لكن يخرج من أرباحها ما يعادل قيمة الربا، ويتصدق به.
(فتوى منشورة برقم: 263)
- أحكام متعلقة بالاستثمار بالأسهم:
1. يجوز شراء وبيع الأسهم بالتقسيط بشرط ألا يوكل المشتري البنك الذي اشترى عن طريقه ببيع أسهمه؛ حذرا من الوقوع في محذور التورق المنظم. (فتوى مصدرة بتاريخ 9/ 6/ 2016)
2. تجب الزكاة في الأسهم بحسب التفصيل الآتي:
أ- إذا كان قد اشترى الأسهم بنية المضاربة بها، فيزكى أسهمه في نهاية الحول بقيمتها السوقية بمقدار (2,5%). (فتوى مصدرة بتاريخ 2/ 2/ 2017)
ب- إذا كان قد اشترى الأسهم بنية الحصول على عائد سنوي -أو ما يسمى بالاستثمار طويل الأجل-فحينئذ يزكي أرباحه السنوية، ولكن ذلك لا يعفيه عما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية، فكما هو معلوم أن السهم حصة شائعة من الملكية، والشركة قد تتضمن أصولاً ثابتة، وقد تتضمن نقوداً وديوناً، وبالتالي يجب عليه التحري بحسب الإمكان ما يقابل أسهمه من موجودات زكوية كالنقود والديون وعروض التجارة إن وجدت، ويضم ذلك إلى الأرباح التي حصلها، ثم يزكي ذلك كله بمقدار ربع العشر (2,5%). (فتوى مصدرة بتاريخ 2/ 2/ 2017)
ت- إذا كانت الشركة في حالة عجز كبير بحيث تستغرق ديونُها موجوداتها، ولم يكن قد قصد المضاربة بالأسهم، فلا تجب حينئذ زكاة؛ لعدم وجود موجودات زكوية، وعدم تحقق أرباح. (فتوى مصدرة بتاريخ 2/ 2/ 2017)
[1] تم اقتباس منهج الدائرة من موقعها الرسمي على الانترنت وزاد عليها من واقع تجربته وعمله في دائرة الإفتاء.
[2] من الأمثلة على ذلك عقد الإجارة المنتهي بالتمليك، فهو عقد جديد لم ينص عليه الفقهاء، وقد أجازته دائرة الإفتاء وضبطته بالضوابط الشرعية (فتوى منشورة على الموقع برقم: 2867).
[3] من الأمثلة على ذلك التورق المنظم فأثره يتعلق بالاقتصاد الوطني (قرار مجلس الإفتاء رقم: 171).