أحكام في الحيض والنفاس لا بد للمرأة المسلمة من معرفتها
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على هديه إلى يوم الدين. وبعد:
نظراً لأهمية موضوع الحيض والاستحاضة والنفاس، وارتباط بعض العبادات والأحكام به صحة وبطلاناً، وحِلاً وحرمة، ونظراً لكثرة الأسئلة الواردة إلى دائرة الإفتاء، والمتعلقة به، فقد رأيت أن أجمع وأوضح أهم الأحكام المتعلقة به، والتي تعالج غالب حالاته، وتضع قواعد عامة تسهل على النساء تعلم وتطبيق تلك القواعد، راجياً من الله تعالى النفع والقبول.
أولاً: المقصود بالحيض والاستحاضة والنفاس والطهر
الحيض: دَمُ جِبِلَّةٍ (طبيعي)، يخرج في وقت مخصوص من أقصى رحم المرأة.
النفاس: الدم الخارج عَقِب الولادة بعد فراغ الرحم من جميع الولد.
الاستحاضة: دَمُ عِلَّةٍ (مرض)، يخرج في غير أوقات الحيض والنفاس.
الطهر: نقاء رحم المرأة وخُلوه من الحيض والنفاس.
ثانياً: ما يعرف به الحيض والطهر
الحُمْرَة، والصُفْرَة، والكُدْرَة، والإفرازات الملونة في فترة الحيض حيض، وفي فترة النفاس نفاس، فلا تطهر الحائض والنفساء، ولا يصح اغتسالهما إلا بعد رؤية القصة البيضاء (الطهر) أو بانقطاع كل علامات الحيض السابقة.
ثالثاً: سن الحيض
1. أقل سن تحيض فيه المرأة استكمال تسع سنين قمرية، فإذا رأت الدم قبل ذلك فهو استحاضة.
2. لا حد لأقصى سن تحيض فيه المرأة، فربما ينقطع حيض المرأة سنين، وربما تحيض العجوز، وربما ينقطع دمها حتى آخر عمرها.
رابعاً: أقل مدة الحيض، وغالبه، وأكثره
1. أقل مدة الحيض يوم وليلة، فلو رأت المرأة الدم لمدة أقل من ذلك ثم انقطع، فلا يكون حيضاً، بل استحاضة.
2. غالب مدة الحيض 6-7 أيام.
3. أكثر مدة الحيض 15 يوماً، فإذا زادت المدة عن ذلك فهو استحاضة.
4. لو رأت المرأة الدم لساعات، ثم انقطع لساعات أخرى ثم عاد وهكذا، فإذا وصل مجموع ساعات الدم المتفرقة 24 ساعة، وذلك خلال أكثر فترة الحيض (15 يوماً)، فكل ذلك حيض.
خامساً: أقل مدة النفاس، وغالبه، وأكثره
1. أقل النفاس لحظة.
2. غالب النفاس 40 يوماً.
3. أكثر النفاس 60 يوماً، فما زاد عن ذلك فهو استحاضة.
سادساً: حكم النقاء المتخلل في فترة الحيض والنفاس
1. النقاء (انقطاع علامات الحيض والنفاس) المتخلل في أثناء فترة الحيض حيض، فمن حاضت 3 أيام مثلاً، ثم انقطع دمها يوماً أو يومين ثم عاد الدم لمدة ثلاثة أيام، فمجموع ذلك كله حيض.
2. النقاء المتخلل في أثناء فترة النفاس نفاس، ما لم تزد مدته عن 15 يوماً، فإذا زاد عن ذلك كان الدم الجديد حيضة جديدة.
فمن نفست 25يوماً مثلاً، ثم انقطع دمها 4 أيام مثلاً، ثم رأت الدم 10 أيام أخرى فمجموع ذلك كله نفاس.
أما من نفست 25 يوماً مثلاً، ثم طهرت 15 يوماً ثم رأت دماً، فهو حيضة جديدة.
3. إذا بلغ مجموع أيام الحيض، والطهر الذي بعده 15 يوماً فأكثر، ثم عاد الدم فهو استحاضة؛ وذلك لانتهاء أكثر مدة الحيض.
فمن حاضت ثمانية أيام مثلاً، ثم طهرت ثمانية أيام أخرى، ثم رأت الدم، فهو استحاضة؛ لأن أكثر مدة الحيض (15يوماً) قد مرت.
سابعاً: أقل مدة الطهر وأكثره
1. أقل الطهر بين الحيضة الجديدة والحيضة التي قبلها 15 يوماً، فلو عاد الدم قبل مرور 15 يوماً، فهو استحاضة.
فمن حاضت 6 أيام مثلاً، ثم طهرت 11 يوماً، ثم عاد الدم فهو دم استحاضة، لأن مجموع أيام الحيض والطهر الذي أعقبها قد تجاوز مدة أكثر الحيض (15يوماً)، ولأن مدة الطهر لم تبلغ 15 يوماً.
2. لا حد لأكثر الطهر، فقد ينقطع الحيض سنين ثم يعود، وقد ينقطع فلا يعود حتى الموت.
3. إذا بلغ مجموع أيام الطهر بعد الحيضة 15 يوماً فأكثر ثم رأت المرأة الدم، فهو حيضة جديدة. فمن حاضت 4 أيام مثلاً، ثم طهرت 15 يوماً، ثم رأت الدم فهو حيضة جديدة.
4. إذا بلغ مجموع أيام نفاس المرأة وما أعقبه من طهر 60 يوماً ثم رأت الدم بعد تلك المدة، فهو حيضة جديدة، فمن نفست 55 مثلاً، ثم طهرت 7 أيام، ثم رأت دماً فهو حيضة جديدة.
5. إذا بلغ مجموع أيام نفاس المرأة 60 يوماً، ثم طهرت أياماً، ثم رأت الدم فهو حيضة جديدة، وإن لم تبلغ مدة الطهر 15 يوماً، فمن نفست 60 يوماً، ثم طهرت 3 أيام مثلاً، ثم رأت الدم، فهو حيضة جديدة.
ثامناً: حكم ما يطرأ من زيادة على أيام الحيض المعتادة
1. المرأة التي لها عادة منتظمة، 7 أيام مثلاً، إذا زادت حيضتها في أحد الأشهر عن 7 أيام، ولم تتجاوز 15 يوماً فكل ذلك حيض.
2. المرأة التي لها عادة منتظمة، 7 أيام مثلاً، إذا زادت مدة حيضتها في شهر ما، وتجاوزت 15 يوماً، فهي مستحاضة، وفي هذا الحالة إذا ميزت، يكون الدم القوي الأسود أو الأحمر حيض، ويكون الدم الضعيف كالمشحات والزهري استحاضة، سواء كانت تلك المشحات قبل الدم القوي أم بعده، فإن لم تميز فترد لعادتها، فيُحكم بأنها مستحاضة من أول يوم زادت مدة الدم عن مدة حيضها المعتاد (ما فوق 7 أيام استحاضة)، ويطلب منها قضاء صلوات تلك الأيام.
3. إذا زادت مدة الحيض عند المرأة بسبب ما، كتركيب مانع للحمل، أو تناول دواء، ولم تتجاوز 15 يوماً، تصبح تلك المدة هي عادتها الجديدة.
تاسعاً: ما يحرم على الحائض والنفساء فعله
يحرم على كل من الحائض والنفساء الأمور التالية:
- الصلاة.
- حمل المصحف ومسه.
- قراءة القرآن ولو غيباً.
- الطواف.
- المكث في المسجد.
- الصوم.
- وطء زوجها لها، ومباشرته لها فيما بين السرة والركبة( لمس ما بين السرة والركبة) بدون حائل.
عاشراً: متى يحل للمرأة ما حرم عليها بسبب الحيض
لا يحل للمرأة شيء مما حرم عليها بسبب الحيض والنفاس إلا بعد الطهر والاغتسال، إلا الصوم، فإنه يحل لها بمجرد الطهر، ولا يشترط لصحته الاغتسال، فمن طهرت قبل الفجر جاز لها أن تنوي الصيام، ويجوز لها تأخير الاغتسال إلى ما بعد طلوع الفجر.
الحادية عشر: ما يجب على الحائض والنفساء قضاؤه من العبادات
1. يجب على الحائض قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان بسبب الحيض أو النفاس.
2. لا تقضي المرأة ما فاتها من صلاة بسبب الحيض والنفاس.
3. إذا حاضت المرأة أو نفست بعد دخول وقت صلاة ما، بمقدار ما يمكن أن تتوضأ وتصلي قبل نزول الدم وجب عليها قضاء تلك الصلاة بعد أن تطهر من تلك الحيضة. فمن حاضت بعد دخول وقت الظهر بربع ساعة مثلاً، وجب عليها قضاء ذلك الظهر بعد أن تطهر وتغتسل من تلك الحيضة.
4. إذا طهرت المرأة من حيضها أو نفاسها قبل خروج وقت صلاة ما، ولو بقدر تكبيرة الإحرام، وجب عليها قضاؤها. فمن طهرت قبل أذان العشاء، وجب عليها قضاء صلاة المغرب.
5. إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل خروج وقت صلاة العصر، قضت العصر والظهر، وكذلك إذا طهرت قبل الفجر، تقضي المغرب والعشاء.
الثانية عشر: ما يجب على المستحاضة فعله
1. المستحاضة تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها: فتستنجي، وتتحفظ، وتتوضأ، وتصلي على الفور فلا تؤخر صلاتها إلا لعذر شرعي، كستر عورة، وانتظار جماعة، وسنة قبلية، وتفعل ذلك لكل صلاة، مع وجوب تغيير الحفاظة مع كل وضوء، ولا تصلي أكثر من فرض بذلك الوضوء، ويجوز لها أن تصلي ما شاءت من النوافل وتقرأ القرآن، ما لم ينتقض وضوءها بناقض آخر.
2. المستحاضة يجب عليها الصيام، فليس لها أن تفطر إلا لعذر يبيح الفطر، كالمرض، أو السفر.
3. لا تحرم معاشرة الزوجة في فترة الاستحاضة.
الثالثة عشر: حكم من ظنت الطهر فتبين لها خطؤها
1. من ظنت نفسها قد طهرت، قبل مضي أقصى مدة الحيض أو النفاس، فصامت، ثم عاد دم حيضها أو نفاسها، وتبين لها أنها أخطأت، بطل صيام تلك الأيام التي أخطأت بها، ووجب عليها قضاؤها كباقي أيام الحيض أو النفاس.
2. كل من ظنت أنها طهرت، فاغتسلت، ثم عاد لها أثر دم، من حمرة أو صفرة أو كدرة وهي ما زالت في فترة الحيض أو النفاس، بطل غسلها، ووجب عليها إعادته (الغسل) بعد أن تتأكد من طهرها.
الرابعة عشر: حكم من استأصل جزء من رحمها فرأت الدم
من استأصل جزء من رحمها، ورأت الدم في وقت الحيض فهو حيض.
الخامسة عشر: حكم الدم النازل قبل الولادة
الدم الذي يسبق الولادة والنازل قبل فراغ الرحم استحاضة، فتفعل الحامل في فترة المخاض ما تفعله المستحاضة بالنسبة للصلاة - إن استطاعت -، وإلا قضت تلك الصلوات بعد الطهر من نفاسها.
السادسة عشر: حكم الدم النازل بعد عمليات الإجهاض
الدم النازل من المرأة بعد الإجهاض، كالدم النازل بعد الولادة (دم نفاس) ويأخذ أحكامه كاملة.
السابعة عشر: حكم الدم الناتج عن العمليات الجراحية
الدم الناتج عن العمليات الجراحية، كعمليات التنظيف، وإزالة الألياف، في غير وقت الحيض والنفاس، استحاضة.
ملاحظة: روعي في هذه المطوية تناول مسائل الحيض والنفاس الغالبة، وبصورة مبسطة، وبما يتوافق مع المذهب الشافعي، أما المسائل النادرة والدقيقة، وتفاصيل بعض المسائل وتعليلاتها، لا بد من الرجوع فيها إلى الكتب الموسعة، أو طلب الفتوى بخصوصها.