تتابع دائرة الإفتاء العام في بلدنا المبارك الفعاليات الثقافية والعلمية التي تنعقد في مختلف المجالات، خصوصاً الشرعية منها باهتمام بالغ؛ لأن الفكر والثقافة والعلم هي من صلب ثقافتنا العربية الإسلامية التي أنارت طريق الهداية بمشاعل العقول، وأمرت الناس بالتدبر والتفكر، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9]، كما أن أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، وإنْ دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على اهتمام الإسلام بالعلم والفكر وتنوير العقول والقلوب.
وقد أصدرت دائرة الإفتاء فتاوى كثيرة تحث على الاهتمام بالعلوم العقلية والارتقاء بالمستوى العلمي لأبناء وطننا المبارك، وشجعت على تبادل الفكر واحترام الآراء مهما كانت، وبينت أن الإسلام يحترم الحوار الحضاري المبني على العلم والحكمة والموعظة الحسنة، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وأتاح مساحة واسعة للحوار والنقد البناء، إلا أنّ ذلك كله مشروط بأدب الخلاف واحترام المشاعر الدينية عند الآخرين، وعدم المساس بالمقدسات التي تحظى بالاحترام الديني عند الناس، فالتجديد الفكري لا يعني الطعن في العقائد وازدراء الأديان والتشكيك فيها.
وتؤكد دائرة الإفتاء العام أننا في هذا البلد المبارك بقيادته الهاشمية التي حملت على عاتقها إظهار صورة الإسلام السمحة من خلال "رسالة عمان"، واحترام حريات الأديان من خلال "كلمة سواء"؛ نتميز بالثقافة الأصيلة والقيم الدستورية المستمدة من الإسلام والتي تعبر عن الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتطرف، ولا نقبل بأية حال الإساءة إلى الأديان، ولا التعرض للقيم والثوابت الدينية، ونرى أن عقد المؤتمرات والندوات التي تسيء إلى المقدسات وتخلّ بالأمن الفكري والمجتمعي، لا يعبر عن حرية الرأي المقبولة، بل يصب في الاعتداء على الآخرين وقيمهم.
وتحذر دائرة الإفتاء العام من الفتنة وإثارة النعرات، ومن الفعاليات التي تتناول الثوابت الدينية بطريقة إشكالية قد تفسّر أو تفهم بشكل يسيء للنسيج الديني في المجتمع.
حفظ الله الأردن بقيادته الهاشمية وأدام عليه نعمة الأمن والأمان.