صفات يحبها الله تعالى
يبين لنا ربنا بعض الصفات التي تستبقي الحب الإلهي للإنسان مثل: التوبة، والتقوى، والإحسان، والطهارة، والجهاد في سبيل الله صفاً واحداً.
فإن قيل: ما السر في هذه الصفات حتى استبقت محبة الإله سبحانه؟
فالجواب: التوبة رجوع إلى الله سبحانه، وترك للذنب والمعصية، وندم على فعلهما، وعزم على عدم العودة إليهما؛ لأنهما يبعدان عن الله تعالى، فالذي يترك ما يبعد عن الله ويختار الرجوع إلى الله لا شك أن في قلبه محبة لله، والله يبادله المحبة، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) البقرة/222.
والتقوى أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية، فلا يقرب الذنوب ولا المعاصي؛ لأنها سبيل سخط الله تعالى، ومن كان حريصاً على البعد عن الذنوب، وملتزماً للطاعات، فلا ريب أن في قلبه محبة لله، والله يبادله هذه المحبة، قال الله تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) آل عمران/76.
أما الإحسان فأن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ومن كانت هذه حاله ومرتبته، فهو من الذين تمكن في قلبه حب الله تعالى، وبالتالي يبادله الله الحب، قال الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195.
والطهارة حسية ومعنوية، ظاهرة وباطنة، فالحسية الظاهرة كالوسخ والنجاسات والقاذورات، والمعنوية الباطنة كالحسد والغل والكبر، فالذي يحرص على الطهارة من هذه النجاسات الظاهرة والباطنة فلحبه لله تعالى، والله يبادله الحب، قال الله تعالى: (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222.
أما الجهاد في سبيل الله صفاً واحداً؛ فلأن المجاهد يقدم روحه رخيصة في سبيل الله تعالى، وهي أغلى ما يملك الإنسان، ثم في الحفاظ على وحدة الصف والكلمة هضم للنفس وشهواتها، وتقديم للمصلحة العامة على الخاصة، ولا يكون كل ذلك إلا بعد المحبة الخالصة لله تعالى، والله يبادل صاحبها بمثلها، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) الصف/4.
فالتحلي بهذه الصفات مما يستبقي محبة الله تعالى للإنسان، ويبقيه في دائرة المحبوبين عند الله تعالى. وليس سهلاً الوصول لهذه المقامات والصفات، بل يحتاج الأمر إلى مجاهدة للنفس وصبر حتى يتمكن الإنسان منها. ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق صحبة أهل هذه الصفات، فيسرق الطبعُ الطبعَ، والصاحبُ ساحب، ومن هنا نفهم الأمر الإلهي: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) الكهف/28.
اللهم يسر لنا طريق معرفتك ومحبتك، مع اللطف والعافية التامتين في الدارين يا رب العالمين.