الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن زكاة الفطر فريضة من فرائض الإسلام؛ لما روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنْ الْمُسْلِمِينَ".
وهي مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي الذي تميزت به شريعتنا الإسلامية السمحة خاصة في شهر رمضان، شهر البر والخير والإحسان؛ لذلك اختصت زكاة الفطر عن زكاة الفرض بأنها تجب على المسلم الذي يملك قوته وقوت عياله يوم العيد ولديه فائض عن حوائجه الأصلية يدفعها عن نفسه، وعمن تجب عليه نفقته من المسلمين من زوجة وولد صغير وأب وأم فقيرين، وتجب عن الطفل الذي يولد قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان.
ومقدارها صاع من طعام، والصاع يساوي: (2.5) كغم تقريباً، يخرجها المسلم من القوت الغالب في بلده، ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية القوت الغالب عندنا هو القمح؛ لأن الخبز هو المادة الرئيسة في غذائنا، ولهذا فإن زكاة الفطر هي: (2.5) كغم من القمح عن كل شخص، ويجوز إخراج الرز، بل هو أنفع للفقراء وأيسر على من يدفع الزكاة، كما يجوز إخراج قيمة الـ(2.5) كغم من الرز أو القمح نقداً.
وبعد السؤال عن سعر القمح تبين لنا أن متوسط سعر كيلو القمح ستون قرشاً، فيكون الواجب عن كل شخص (150) قرشاً كحد أدنى، ومن أراد الزيادة فله الأجر والثواب. والأفضل أن تُخرج ما بين غروب شمس آخر يوم من رمضان ووقت صلاة العيد، ويجوز إخراجها خلال شهر رمضان المبارك.
ويجب الاهتمام بها فإنها زكاة النفس المسلمة؛ ولذا تجب عن الطفل الذي لا يجب عليه الصيام، وعلى المريض المعذور في الإفطار في رمضان، وهي زيادة على ذلك (طهرة للصائم من اللغو والرفث) روى ذلك أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما. وبهذه الزكاة يستغني الفقراء عن الحاجة إلى الناس يوم العيد، فيجب على المسلم أن يخرجها بنفس طيبة، ويعطيها للفقير بلطف ومحبة.
ندعو الله تعالى أن يتقبل منا الطاعات، ويتجاوز عن السيئات، والله تعالى أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.