قال الله عز وجل:(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) فاطر/ 29-30.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران) متفق عليه.
هذه مجموعة يسيرة من الآداب والأحكام المتعلقة بتلاوة القرآن، نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها، إنه سميع مجيب:
- قراءة القرآن عبادة يُثاب عليها القارئ وإن لم يتم السورة، فالقارئ يؤجر على كل حرف يقرؤه.
- قراءة القرآن أكثر ثواباً من الاستماع إليه، وفي كلٍّ خير.
- ينبغي لمن أراد قراءة القرآن أن ينظف فاه بالسواك أو غيره.
- يحرم على المحدث (الجنب ومن فسد وضوؤه) مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاّقته أو بغيرها، وسواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد.
-يُستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثاً حدثاً أصغر جاز بإجماع المسلمين (دون مس للمصحف)، وأما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، إلَّا أنْ لا يقصدا بِما دُونَ الآية القِراءَة، مِثْلُ أنْ يقولَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ" -يُريدُ الشُّكْرَ- أو "بِسْمِ اللَّهِ" -عِنْدَ الأكْلِ-، أو غيره مثل أن ينوي الذكر، نحو قوله: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" فإنَّهُ لا بأْسَ بِهِ.
-إذا أرادَ المُتَوَضِّئ قِراءَةَ القُرْآنِ أو حُضُورَ دَرْسِ عِلْمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؛ فلا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْديدُهُ.
-يُندب للقارئ التعوذ للقراءة، واستقبال القبلة، والتدبر، والترتيل، والجهر إن أمن الرياء ولم يشوش على نحو مصلٍّ أو نائم، والبكاء عند القراءة، فإن لم يقدر على البكاء فليتباك.
-الاستعاذة المأمور بها في قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) النحل/98، إنما هي عند قراءة القرآن للتلاوة، أما إيراد آية منه للاحتجاج والاستدلال على حكم فلا.
-يُندب أنْ يَتَعَوَّذَ للقراءة جَهْرًا إنْ جَهَرَ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلاةِ، أما في الصلاة فيُسِرُّ مطلقاً.
-تُسن البسملة وإن ابتدأ القارئ من أثناء السورة، أما إن ابتدأ في أثناء سورة (براءة) فالأوجه عدم مشروعية التسمية في أثنائها كما في أولها.
-يُستحب ترتيل القرآن، أي:التمهل في النطق بحروف القرآن حتى تخرج من الفم واضحةً مع إشباع الحركات التي تستحق الإِشباع، قال الله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل/4.
- يُستحب ترديد الآية للتدبر، روى النسائي وابن ماجه عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح، وهذه الآية هي:(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) المائدة/118.
- يُستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول:اللهم إني أسألك العافية. وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى.
- تجوز قراءة القرآن للماشي، والقائم، والمضطجع.
- إذا كان القارئ يقرأ ماشياً فمرَّ على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم، ثم يرجع إلى القراءة ولو أعاد التعوذ كان حسناً.
- إذا تثاءب من يقرأ؛ أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب، ثم يقرأ.
- إذا قرأ قول الله عز وجل:(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) البقرة/116، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) المائدة/64، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ) التوبة/30، ونحو ذلك من الآيات ينبغي أن يخفض بها صوته.
- إذا قرأ القارئ:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الأحزاب/56؛ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
- أفضل القراءة ما كان في الصلاة، وتطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود وغيره.
- لا بأس بالجمع بين سورتين في ركعة واحدة.
- إن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى؛ يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) رواه أبو داود وابن ماجه.
- يجوز الاجتماع بقصد قراءة القرآن وإهداء ثواب التلاوة لأرواح الأموات أو الشهداء.
- الإدارة بالقرآن -وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم جزءاً أو غير ذلك ثم يسكت ويقرأ الآخر من حيث انتهى الأول ثم يقرأ الآخر- هذا جائز حسن.
- قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب؛ لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر. إلا إن زاد خشوع القارئ في القراءة عن ظهر قلب؛ فتكون أفضل في حقه.
- يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحباباً متأكداً، وكذلك يستحب الدعاء عقيب الختم استحباباً متأكداً. وما أحلى أن يجتمع رب الأسرة بزوجته وأولاده عند ختم القرآن ويدعو لهم وهم يؤمِّنون على دعائه.
- يسن القيام للمصحف وتقبيله، وهو مظهر من مظاهر تكريم المصحف.
- يستحب لمن يستمع لقراءة القرآن على المذياع أن يلقي إليه سمعه ويسكت ولا يتكلم؛ لقوله تعالى:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف/204.
- يَحْرُمُ وَضعُ شَيْءٍ على المُصحَفِ كَخُبزٍ وكتاب علم ونحوها؛ لأنَّ فِيهِ امتِهَاناً.
- يحرم مس المصحف بإصبع عليه ريق؛ إذ يحرم إيصال شيء من البصاق إلى شيء من أجزاء المصحف.
- لا يجب على المرأة أن تستر شعرها عند قراءة القرآن، ولكن من الأدب فعل ذلك.
- من رأى ورقة فيها شيء من القرآن مطروحة على الأرض حرم عليه تركها.
- يحرم مد الرِّجل إلى جهة المصحف.
- ختم القرآن في الصلاة لمنفرد أفضل منه خارجها.