من أقوال سماحة الشيخ نوح القضاة رحمه الله:
المفتي من أفتاك بما ينجيك لا بما يرضيك
يقول الله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [البقرة:269].
وقد ذَكَرَ العلماء أن من معاني (الحكمة) الواردة في هذه الآية: الإصابة في القول. وقال أنس: "هي المعرفة بدين الله والفقه والاتباع له". وقال الحسن: "هي الورع، وهي كذلك طاعة الله والفقه في الدين والعمل". وقال إبراهيم النخعي: "هي الفهم في القرآن" [انظر: تفسير القرطبي ج3 /330].
وبعد هذا البيان لمفهوم الحكمة التي لا تؤتى إلا لمن أراد الله تعالى به الخير، أقول: إن من عاصر سماحة الشيخ نوح -رحمه الله رحمة واسعة- وتعايش معه لا شك ولا ريب أنه يدرك أن سماحته ممن أوتي الحكمة بكل معانيها، فإذا تكلم أصاب، وإذا أفتى أفتى عن معرفة بدين الله تعالى، وإذا فسّر أَفْهم، وإذا وعظ عمل بما وعظ.
لذا فإني أقول -ولا نزكي على الله أحداً-: إن سماحته من الذين أعطاهم الله تعالى الحكمة، وإليكم الشعار الذي رفعه لنا في دائرة الإفتاء العام، وفيه الدلالة الواضحة على حِكَمِته رحمه الله تعالى:
"المفتي من أفتاك بما ينجيك لا بما يرضيك"
إن من يقرأ هذا الشعار ويتأمل فيه؛ يلحظ أن فيه توجيهاً للمفتي إلى ما يلي:
- عدم اتباع الهوى في الفتوى.
- التأني في إعطاء الفتوى.
- أن لا يخاف في الله لومة لائم بفتواه.
- أن تكون الفتوى موافقة للكتاب والسنة وما اتفق عليه الفقهاء.
أما المستفتي فلا بد أن يقرأ فيه:
- أن يثق بالمفتي ويعلم أن المفتي يريد له النجاة لا الهلاك.
- أن يَقبلَ حكم الله تعالى في مسألته.
- أن لا يعترض على الفتوى إذا لم تتوافق مع هواه, فيسعى لتغييرها.
- أن لا يُلجئ المفتي إلى إعطائه الفتوى التي تتوافق مع هواه.
هذا بعض ما يُلحظ في هذا الشعار الذي رفعه سماحته.
وختاماً: أسأل الله تعالى أن يتغمده بالرحمة والمغفرة, وأن ينفعنا والأمة بعلمه، وأن يحشرنا وإياه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً, إنه ولي ذلك والقادر عليه.