دراسات وبحوث

أضيف بتاريخ : 13-08-2014
هذا البحث يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي دائرة الإفتاء العام


ضمان الطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون(*)

وليد هويمل عوجان، كلية الدراسات القانونية العليا، جامعة عمان العربية للدراسات العليا.

ملخص

 تهدف هذه الدراسة إلى بيان الأحكام الشرعية المترتبة على خطأ الطبيب وضمانه في الشريعة الإسلامية ومدى الضمان عن الأخطاء الطبية التي تحصل من الطبيب أثناء المعالجة أو التدخل الجراحي، والآثار السلبية التي تترتب على عمل الطبيب أثناء الجراحة أو المعالجة، مقارنا بالمسؤولية المدنية في القانون الوضعي.

وإن في نظرية الضمان في الفقه الإسلامي، والتي تبحث في ضمان الأنفس والأموال بسبب الاعتداء عليها عمدا أو خطأ، إجابة شافية على كل التساؤلات التي تدور أو تقع حول الضمان والتضمين في الشريعة الإسلامية.

ومن بين التساؤلات: الأخطاء التي تقع من الأطباء في معالجتهم للمرضى، وهل يتحملون نتائجها ويضمنون الضرر أو التلف الذي أصاب المريض، أم أنهم يعفون عن ذلك؟

المقدمة

الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لقد كان لمقتضيات الحياة في هذا العصر، والتقدم العلمي والتقني، أثر كبير على التقدم في مجال العلوم والأبحاث الطبية، وزيادة المخاطر المترتبة على ذلك، والتي تعود بالدرجة الأولى على الإنسان، مما قضى بضرورة حمايته من تلك الآثار الضارة، ومواجهة الأخطاء التي تنتج عن أفعال الأطباء أثناء ممارستهم لمهنتهم، وتحملهم مسؤولية أخطائهم وما جنته أيديهم.

لقد لحق بمهنة الطب تقدم كبير، خصوصا في العقود الأخيرة. ويعود ذلك إلى الابتكارات الطبية التي أوجدت وسائل طبية لا غنى عنها في ممارسة الأطباء لمهنتهم الطبية. وانعكس التطور في مجال الطب على الفكر القانوني، حيث تطلب الأمر وضع قواعد قانونية، وأحكاما تنظم الأوضاع الطبية الجديدة، وتحمي المريض من مخاطر ممارسة مهنة الطب، ولا تعيق التقدم العلمي في هذا المجال.

والجهد القانوني في صوره التشريعية والفقهية والقضائية، كان قاصرا عن إدراك أبعاد التطور العلمي على مستقبل مهنة الطب. لذلك كان متتبعا وجود الظواهر الطبية، مجهدا نفسه في تصور الحلول القانونية، التي تنتج عن ممارسة مهنة الطب. واضعا في اعتباره الابتعاد عن الحلول التي تعيق التطور في مجال الطب، أو تؤثر على مصلحة المريض، دون أن يتمكن من تصور حلول لما سيجد من مشاكل في المستقبل، تتعلق بمهنة الطب نتيجة الابتكارات في هذا المجال. لذلك فإن الملاحظ على الجهد القانوني، أنه اجتهد في معالجة ما هو كائن في مجال مهنة الطب، وقصر تصوره على إدراك ما ينبغي أن يكون في الغالب. لذلك مست الحاجة إلى بذل الجهد القانوني لإيجاد الحلول الملائمة، لكل ما يواكب التقدم الطبي من مشاكل.

وبما أن ميدان الطب هو بدن الإنسان وتوازنه الجسمي والنفسي حماية وحفظا ودفعا لما يرد عليه من اختلال، فإنه مما يترتب على ذلك أن تكون مسؤولية الطبيب معقدة كتعقد عمله خاصة وأن طبيعة عمله صعبة لأنها تتعلق بالإنسان وجسمه.

من هنا فإن الموازنة بين الإباحة في ممارسة مهنة التطبيب والمسؤولية عن الأخطاء الطبية في غاية التعقيد. فالطبيب لا يمكنه معالجة مرضاه ما لم تكن أعمال التطبيب مباحة، والطبيب حر في ممارستها حتى يكون مطمئنا، فلا تكون المسؤولية سيفا مسلطا عليه، لكن منح هذه الإباحة والحرية على إطلاقهما للطبيب في أعمال التطبيب دون حساب أو رقيب أو عقاب سيؤدي حتما إلى الاستهانة بحياة الناس والإهمال واللامبالاة في علاجهم لا سيما من قبل المتطفلين على مهنة الطب مما يقلب نعمة التطبيب إلى نقمة على حياة الناس وسلامة أجسامهم من الألم أو المرض.

فلا يزال الخلاف قائما حتى الآن حول حدود الإباحة في أعمال التطبيب، وأساس مسؤولية الطبيب عن الأضرار التي يحدثها لمرضاه، ونوع أو طبيعة المسؤولية واجبة التطبيق، لا سيما في نطاق المسؤولية المدنية.

وعلى أية حال لا نستطيع في هذا البحث المتواضع معالجة المسؤولية الطبية في جميع جوانبها، لذا يقتصر بحثي هذا على معالجة فكرة الخطأ والضمان باعتبارها أساس المسؤولية المدنية للطبيب.

والتطبيب ليس مجرد علاقة لتبادل المصالح  بين طرفين، كما هو الحال في كثير من علاقات الإنسان مع بعضه، بل هو في مفهوم الشرائع السماوية والنظم الإنسانية والقانونية "أمانة" يلتزم بها الطبيب في داخله، ويعبر عن احترامه لها وفق الطريقة أو الملة التي يؤمن بها([1]). ولقد نظرت الشريعة الإسلامية إلى التطبيب على أنه مسؤولية جسيمة، فأوجبت على الطبيب معرفة الطب قبل ممارسته، وفي حال الخطأ جعلت عقاب الجاهل بالطب أشد من عقاب العارف به.

والشريعة الإسلامية وهي تؤسس قواعد ضمان الطبيب، تنظر إلى حق الإنسان في الحياة، وسلامته البدنية، وتأخذ بعين الاعتبار أن الطبيب، كأي إنسان يمارس مهنته، يتعرض للخطأ في عمله، لكن خصوصية وحساسية مهنته كطبيب جعلت من احتمالية هذا الخطأ قضية خطيرة لعلاقته بصحة وحياة الإنسان.

ومن هذا المنطلق فقد اعتبرت الشريعة الإسلامية مزاولة مهنة الطب واجباً، على حين اعتبرتها القوانين الوضعية الحديثة وبعض الشراح حقاً، مثلها مثل سائر المهن الأخرى، ولا شك أن نظرية الشريعة الإسلامية أفضل، وقد سبقت بها أحدث التشريعات الوضعية، لأنها تلزم الطبيب بأن يضع مواهبه في خدمة الجماعة، كما أنها أكثر انسجاماً مع حياتنا الاجتماعية القائمة على التعاون والتكاتف، وتسخير كل القوى لخدمة المجتمع([2]).

وقد شغل موضوع المسؤولية القانونية عن الممارسات الطبية، اهتمام القانون في الغرب، وثار حوله جدل كبير من تعريف ووضع قوانين تنظم حق الطبيب في ممارسة مهنته، وطبيعة هذا الحق، وحدود مسؤوليته، ولو أنصفوا لرجعوا للشريعة الإسلامية التي كان لها السبق والتميُّز في هذا المجال، حيث حدَّدت المسؤولية الطبية بما يكفل حماية الطبيب لحقوق المريض ويشجِّع على تطوير الممارسة الطبية.

مشكلة الدراسة:

إن خطأ الطبيب يثيـر العديـد من المشكـلات النظرية العملية التي اجتهد الفقه والقضاء في البحث عن الحلول المناسبة لكثير منها، ومع ذلك فما زالت توجد الكثير من الصعوبات التي تحيط بجوانب عديدة بهذا الخطأ، والتي سوف نحاول من خلال البحث المساهمة في إيجاد الحلول لها.

ولعل من أهم ما يثار في هذا الشأن هو مدى ما يتميز به خطأ الطبيب من خصوصية عن المفهوم العام للخطأ، طبقا للقواعد العامة في مجال المسؤولية المدنية، ثم معيار هذا الخطأ وإثبات وتأثير تكييف التزامات الطبيب على هذا وذاك.

فالغرض من الدراسة هو بيان نوع الضمان والمسؤولية المدنية المترتب على خطأ الطبيب في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.

مبررات البحث:

إن الزيادة المطردة في المشاكل القانونية التي أصبحت تثيرها مهنة الطب إثر أخطاء بعض الأطباء في إجراء العمليات الجراحية أو العلاج، انعكس آثارها السلبية على علاقة الأطباء بالمرضى. فالمسؤولية الطبية، وإن كانت صورة من صور المسؤولية بوجه عام إلا أنها قد اكتسبت مع ذلك أهمية خاصة، وذلك لسببين:

الأول: أن مهنة الطب تعد من أنبل المهن الإنسانية، ويحتاج الطبيب الذي تنهض بها إلى قدر كبير من الحرية والثقة والاطمئنان، وبالمقابل، فإن حياة المريض أو سلامته الجسدية تعد من أثمن القيم التي يحرص المجتمع على حمايتها والتي تعتبر من الأمور المتعلقة بالنظام العام.

الثاني: هذا التزايد المطرد في دعاوى المسؤولية الطبية من خلال الدعاوى الكثيرة أمام المحاكم النظامية.

من هنا فإننا نلاحظ أن المسؤولية المدنية للطبيب لها أهمية كبرى، باعتبارها تتصل بالقانون والطب معا. فالمسؤولية الطبية وليدة الضرورة، ولا يمكن تصور وجود المهنة الطبية، مع ما تبيحه للطبيب من التصرف في أجسام الناس وعقولهم وأرواحهم، دون تقييدها بمسؤولية يخشاها الطبيب المخطئ، ويرتاح لها من أحسن في عمله. ومن هنا فإن المشكلات النظرية والعملية التي يثيرها خطأ الطبيب تواجه الكثير من الصعوبات والتي يحتاج إلى المساهمة في إيجاد الحلول لها.

منهج الدراسة:

لقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على جمع الحقائق والمعلومات، ومن ثم تعمل على مقارنتها حتى يتم استخلاص المبادئ والأحكام الخاصة بموضوع الدراسة.

ولقد حرص الباحث في هذه الدراسة على تتبع الآراء الفقهية من مصادرها، والتي ساهمت بشكل كبير في توضيح الحقائق في مسائل البحث ومقارنتاه بالأحكام القضائية والقانونية التي ساهمت في توضيح الرؤى والتي على إثرها تم تحليل العلاقة بين القانون والفقه الإسلامي ومدى توافق أو اختلاف الرؤى بين القانونيين والفقهاء المسلمين.

الدراسات السابقة:

حظيت الدراسات والأبحاث التي تعرضت للمسؤولية المدنية باهتمام كبير، ونالت المسؤولية المدنية للطبيب خاصة، في الآونة الأخيرة حظاً وفيراً.

فمهنة الطب من أنبل المهن الإنسانية، ويتطلب الأمر فيها الموازنة بين مصلحتين هامتين؛ مصلحة الطبيب في منحه قدرا كبيرا من الثقة والاطمئنان في ممارسته لعمله، ومصلحة المريض في المحافظة على حياته وسلامته الجسدية.

 ورغم تعدد الدراسات والأبحاث التي تعرضت للمسؤولية المدنية الطبية، إلا أنها جاءت نادرة في مجال التعرض للمقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون، فيما يخص موضوع ما يتميز به خطأ الطبيب من خصوصية عن المفهوم العام للخطأ طبقا للقواعد العامة في مجال المسؤولية المدنية.

ونستطيع أن نحدد الدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع، بشكله الرئيس أو المعالجة الخاصة في ثلاث مجموعات عامة.

المجموعة الأولى:

 كتب القانون؛ وقد عالجت تطور المسؤولية المدنية، والنظام القانوني لمسؤولية الطبيب، والقواعد المهنية من حيث حالات التزام الطبيب ومسؤولية الطبيب التقصيرية والمسؤولية العقدية، والخطأ الطبي من حيث مفهومه وتدرج الخطأ الطبي ومدى مسؤولية الطبيب ومعيار الخطأ الطبي وإثباته والضرر وعلاقة السببية.

 يمثل هذا الاتجاه وهذه المجموعة:

  1. قائد، أسامة عبد الله، المسؤولية الجنائية للأطباء (1997م)، دار النهضة العربية.
  2. القاسم، محمد هشام، المسؤولية الطبية من الوجهة المدنية، مجلة الحقوق والشريعة، يونيو (1981م)، السنة الخامسة، العدد الثاني، الكويت.
  3. القاسم، محمد هشام، الخطأ الطبي، مارس (1979م)، مجلة الحقوق والشريعة، الكويت، السنة الثالثة، العدد الأول.
  4. القاسم، محمد هشام، الخطأ الطبي في نطاق المسؤولية المدنية، مجلة الحقوق والشريعة، السنة الثالثة، العدد الأول، مارس (1979م)، الكويت.
  5. ألبيه، محسن عبد الحميد، خطأ الطبيب الواجب للمسؤولية المدنية (1993م)، جامعة الكويت، الكويت.
  6. جمعة، رضوان محمد، العلاقة بين الطبيب والمريض وآثارها، رسالة دكتوراه (1413م)، جامعة الأزهر.
  7. داود، عبد المنعم محمد، المسؤولية القانونية للطبيب (1988م)، مكتبة نشر الثقافة، الإسكندرية.
  8. التونجي، عبد السلام، مسؤولية الطبيب المدنية، دراسة مقارنة، ط1 (1967م)، دار المعارف، لبنان.
  9. الحسيني، عبد اللطيف، المسؤولية المدنية عن الأخطاء المهنية، (1987م)، الشركة العلمية للكتاب، دار الكتاب اللبناني، بيروت.
  10. منصور، محمد حسين، الخطأ الطبي في العلاج، بحث ضمن كتاب "المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين، عنوان البحث "المسؤولية الطبية" (2000)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.

المجموعة الثانية:

  1. الكتب التي عالجت موضوع الضمان في الفقه الإسلامي كمبحث عام ومستقل، من حيث معناه وتعريفه ومشروعيته وأسباب الضمان وأقوال العلماء في هذه الأسباب وأدلتهم وشروط وجوب الضمان والرابطة بين التعدي والضرر وأركان التضمين ومسؤولية المباشر والمتسبب إلى غير ذلك.    فمن المؤلفات التي عالجت هذه المجموعة:
  2. الزحيلي، وهبه، نظرية الضمان في الفقه الإسلامي، ط2 (1982)، دار الفكر، دمشق.
  3. سراج، محمد أحمد، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، ط1 (1409)، دار الثقافة والتوزيع والنشر، القاهرة.
  4. الخفيف، علي، الضمان في الفقه الإسلامي (2000)، دار الفكر، بيروت.

المجموعة الثالثة:

الكتب والأبحاث التي عالجت موضوع الطب والطبيب في الفقه الإسلامي، من حيث اهتمام الإسلام بكرامة الإنسان والترغيب بالتداوي. أضف إلى ذلك واجبات الطبيب في الفقه الإسلامي وتخصص الطبيب في الإسلام، ثم المسؤولية الطبية في الإسلام. 

  ومن المؤلفات التي تمثل هذا الاتجاه:

  1. شرف الدين، أحمد، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية (1403)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
  2. آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ط1 (1991)، مكتبة الفارابي، دمشق.
  3. العلي، محمد عقله الحسن، مدى مسؤولية الطبيب عن الأخطاء التي تقع أثناء المعالجة أو المعالجية أو الجراحة والآثار السلبية التي تترتب على ذلك، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الأول، جامعة جرش الأهلية، الأردن (1999).
  4. الشريف، عبد السلام، مسؤولية الطبيب في الفقه الإسلامي، بحث مقدم لندوة: "المسؤولية الطبية"، جامعة قار يونس، بنغازي، ليبيا (1991).
  5. السماحي، المرسي، الجناية على الأبدان وموجبها في الفقه الإسلامي، ط1 (1985)، مكتبة عالم الفكر، دمشق.
  6. عياد، مصطفى عبد الحميد، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الأول، جامعة جرش الأهلية، الأردن (1999).

وبالرغم من هذه المعالجات القيمة والواسعة، إلا أنه لا يزال الخلاف قائما حول حدود الإباحة في أعمال التطبيب، بالإضافة إلى أساس مسؤولية الطبيب عن الأضرار التي تحدث للمريض، ونوع وطبيعة المسؤولية واجبة التطبيق، لا سيما في نطاق المسؤولية المدنية.

وتتركز الدراسة في هذا البحث على إعطاء صورة واضحة عن الضمان، وبيان معالجة الفقه الإسلامي     لخطأ الطبيب، من حيث تقسيم الأطباء إلى طبيب حاذق وطبيب جاهل وطبيب مخطئ، وبيان حكم كل قسم. ثم بيان نوع الضمان والمسؤولية المدنية المترتب على خطأ الطبيب في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي. ولذلك سيقتصر بحثي هذا على معالجة فكرة الخطأ والضمان باعتبارها أساس المسؤولية المدنية للطبيب.

وبناء على ما سبق عرضه، فقد تم تقسيم البحث إلى مقدمة وفصل تمهيدي وفصلين، حيث خصص الفصل التمهيدي للحديث عن الضمان من حيث معنى الضمان ومشروعيته وأسبابه وشروط وجوبه.

أما الفصل الأول فقد تناول أقسام الأطباء في مبحث وموجبات ضمانهم في الفقه الإسلامي في مبحث آخر. أما الفصل الثاني فقد خصص لعرض الخطأ الطبي في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي. وهذا يشمل شروط إباحة العمل الطبي، وأساس المسؤولية والخطأ الجسيم والخطأ اليسير والمعيار العام في تقدير الخطأ الطبي. ثم انتهي هذا البحث بخاتمة للدراسة.

ولا بد من الاعتراف بقصور العمل مهما بلغت المحاولات، وذلك لقناعة مؤداها، أنه عمل إنسان حكم عليه دائما بالقصور.

الفصل التمهيدي:

 معنى الضمان، ومشروعيته وأسبابه وشروط وجوبه

المبحث الأول: الضمان، لغة واصطلاحا

الضمان لغة: يأتي الضمان على عدة معاني، هي على النحو التالي([3]):

أ-  ضمن الشيء ضمانا وضمنا، فهو ضامن وضمين، بمعنى كفله، فهو كافل وكفيل. ويقال: ضمنت الشيء أضمنه ضمانا، فأنا ضامن وهو مضمون.

ب-الضمان: الالتزام، ويتعدى بالتضعيف، فيقال: ضمنه المال، ألزمه إياه. وضمن الرجل: التزم أن يؤدي عنه ما يقصر في أدائه.

ج- وضمنته الشيء تضمينا، فتضمنه عني: أي غرمته فالتزمه.

د- وضمنت الشيء كذا جعلته محتويا عليه، فتضمنه بمعنى أودعته إياه.

    فالضمان في اللغة: يأتي بمعنى الكفالة والالتزام والتغريم. والضامن بمعنى الكفيل والملتزم والغارم.

الضمان اصطلاحا:

يطلق الضمان في اصطلاح الفقهاء على عدة معانٍ: يطلق على كفالة النفس، وكفالة المال عند الجمهور([4])، ويطلق على ضمان المال والتزامه بعقد وغير عقد. ويطلق على وضع اليد على المال بحق أو بغير حق على العموم، ويطلق على الضمان على غرامة المتلفات والغصوب والتعييبات والتغييرات الطارئة، كما يطلق على ما يجب بإلزام الشارع بسبب الاعتداءات كالديات والأروش والكفارات وغيرها([5]).

والذي يعنينا من هذه الاطلاقات هي إطلاقه على غرامة المتلفات والغصوب والتعييبات، وكذا إطلاقه على ما يجب بإلزام الشارع، لأن الضمان فيها يعني مسؤولية المتسبب في التلف، أو العيب، أو الضرر، وهذا ما يتفق مع ما نحن بصدده.

فقد عرفه المالكية بأنه: "شغل ذمة أخرى بالحق"([6]).

وعرفه الشافعية بأنه: "التزام حق ثابت في ذمة الغير "([7])، أو: "إحضار عين مضمونة أو بدن من يستحق الحضور"([8]).

والمقصود بإحضار بدن من يستحق الحضور: أي إحضار الشخص الذي كفله.

وقال الحنابلة: "ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحقِ"([9]).

نلاحظ من تعاريف المالكية والشافعية والحنابلة السالفة الذكر، أنهم استعملوا الضمان بمعنى الكفالة، وليس بمعنى التزام التعويض بدل التلف الحاصل الذي نقصده في هذا البحث. فأقرب التعريفات السابقة لموضوعنا هو تعريف الحنفية.

ومن العلماء المحدثين عرفه مصطفى الزرقا، بأنه: "التزام بتعويض مالي عن ضرر الغير"([10]). يقول عنه وهبه الزحيلي: "وهو أوجز وأوضح التعاريف المذكورة، وأقرب تعريف في الدقة إلى هذا المعنى، تعريف الغزالي المذكور"([11]).

وعرفه فوزي فيض الله، بأنه: "شغل الذمة بحق أو بتعويض عن الضرر"([12]).

وعرفه وهبي الزحيلي، أنه: "الالتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف المال، أو ضياع المنافع، أو عن الضرر الجزئي أو الكلي، الحادث بالنفس الإنسانية"([13]).

وفي القانون المدني: "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض"([14]).

وتنص مجلة الأحكام العدلية على أن الضمان هو: "إعطاء مثل الشيء إن كان من المثليات وقيمته إن كان من القيمات"([15]).

المبحث الثاني: أسباب الضمان

 أ- ذهب الحنفية([16])، إلى أن أسباب الضمان هي: الغصب([17])، العدوان([18])، الإتلاف([19])، التسبب      بالإتلاف.

ب- المالكية([20])، قالوا إن أسباب الضمان هي: العدوان، وضع اليد([21])، الإتلاف، التسبب للإتلاف.

ج- وقال الشافعية([22]) أن أسباب الضمان: العقد([23])، إثبات اليد، الإتلاف، الحيلولة([24]).

 د- أما الحنابلة([25]) فقد ذهبوا إلا أن أسباب الضمان: العقد، الإتلاف، وضع اليد.

المبحث الثالث: شروط وجوب الضمان

لا يجب الضمان إلا إذا توفر فيه معنى التضمين. والتضمين لا يتحقق إلا بوجود ركنين هما: التعدي (الخطأ) والضرر([26])، وذلك يمكن أن يفهم من كلام الفقهاء عن الغصب والإتلاف والجنايات([27]). ولو حدث التعدي دون ضرر فلا ضمان، لأن الحكم به لجبر الضرر ورفعه، ولم يوجد.

أما الرابطة بين التعدي (الخطأ) والضرر، فهي مباشرة أو تسببا، وهي الأساس الثالث للضمان([28])، إلا أنه لا ينطبق عليه معنى الركن المقصود هنا، وهو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وإنما هو بمعنى اشتراط عدم وجود المانع للسبب([29]).

وقد حدد العلماء هذه الصلة أو الرابطة، بأن تكون إما على سبيل المباشرة أو السببية، فلا ضمان في غيرهما([30]).

فالمباشرة: هي إيجاد علة التلف كالقتل والأكل والإحراق([31]). أو هي: ما أحدث الجريمة بذاته دون واسطة، وكان علة الجريمة([32])، كذبح شخص بسكين، فالذبح يحدث الموت بذاته وهي في نفس الوقت علة الموت([33]).

والتسبب هو إيجاد ما يحصل الهلاك عنده، ولكن بعلة أخرى([34])، أو هو ما أحدث الجريمة لا بذاته، ولكن بواسطة، وكان علة للجريمة([35])، كحفر البئر بطريق المجني عليه وتغطيتها، بحيث إذا مر عليها سقط فيها وجرح أو مات([36]).

وعرفت المجلة كلا من الإتلاف مباشرة وتسببا كما يلي:

الإتلاف مباشرة، وهو إتلاف الشيء بالذات، ويقال لمن فعله: فاعل مباشر([37]).

والإتلاف تسببا، هو التسبب لتلف شيء، يعني إحداث أمر يفضي إلى تلف شيء آخر على جري العادة، ويقال لفاعله: متسبب، كما أن من قطع حبل قنديل معلق يكون سببا مفضيا لسقوطه في الأرض وانكساره، ويكون حينئذ قد أتلف الحبل مباشرة وكسر القنديل تسببا([38]).

يقول الزحيلي: "ولا فرق بين أن يقع الإتلاف مباشرة، وهو إلحاق الضرر من غير واسطة بمحل المتلف، أو تسببا، وهو ارتكاب فعل في محل يفضي إلى تلف غيره"([39]).

مسؤولية المباشر والمتسبب:

نص الفقهاء على تضمين المباشر، وكذا المتسبب إذا كان متعديا([40]).

يقول ابن عابدين: "إن الأصل أن المتسبب ضامن إذا كان متعديا، وإلا فلا يضمن، والمباشر يضمن مطلقا، كما يظهر في الفروع"([41]).

أما بالنسبة لجرائم القصاص، فإنها على رأي الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) تقع على المباشر والمتسبب معا. أما الحنفية ففرقوا بين المباشر للقتل عمدا، والمتسبب بالقتل العمد، بحيث يخصص عقوبة القصاص للقاتل المباشر، ويدرأها عن القاتل، وتدرأ عن القاتل المتسبب.

وحجتهم في ذلك: أن عقوبة القتل العمد هي القصاص، والقصاص يقتضي المماثلة، وهو في ذاته قتل بطريق المباشرة، ولا مماثلة بين التسبب والمباشرة.

والراجح هو قول الجمهور، لأن هذه الجرائم تقع غالبا بطريق التسبب أكثر مما تقع عن طريق المباشرة. ولو قصرنا عقوبة القصاص على المباشر دون المتسبب لترتب على ذلك تعطيل نصوص القصاص([42]). هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الجناة سيتخذون هذه الوسيلة للهروب من القصاص، فيعدلون عن طريق مباشرتهم إلى تسببهم فيه، والنتيجة واحدة، وهي إزهاق الروح أو قطع طرف، وهذا لا يتفق مع مقاصد الشريعة في المحافظة على الأنفس وصيانة الدماء([43]).

والطبيب إما أن يكون مباشرا أو متسببا، فإذا باشر العلاج بيده، أو أجرى عملية جراحية بيده، فيكون هذا الفعل منسوبا إليه عن طريق المباشرة، وأما إذا لم يباشر بيده، كوصف الدواء للمريض ويقوم المريض بشراء الدواء وعلاج نفسه بيده، فإن الطبيب في هذه الحالة يعد متسببا. ويعبر عنها فقهيا ب" الضمان بالمباشرة، والضمان بالتسبب"([44]).

فعندما يقوم الطبيب ببتر الساق السليمة أو خلع السن السليمة، بدلا من الساق أو السن المريضة، ففعله هذا يكون مباشرا([45]). أما إذا رفض الطبيب إسعاف مصاب وبإمكانه مواساته وإسعافه، فمات فإنه يسأل عن جريمة امتناعه، وتكون جريمته هنا بطريق التسبب([46]).

أما في القانون الوضعي، فقد وردت المسؤولية التقصيرية في القانون الأردني تحت عنوان "الفعل الضار" في الفصل الثالث منه، وجاء في أول نصوصها: "كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز لضمان الضرر"([47]).

وجعل المشرع الأردني هذا النص مطلقا بغض النظر عن ما إذا كان الفعل صدر عن ذي أهلية أو عديمها أو ناقصها([48]). وهذه المسؤولية تترتب لضمان الأضرار التي تلحق بالمضرور. ومصدر هذه المادة والمواد التي تليها الشريعة الإسلامية.

والمشرع الأردني أورد كذلك مبدأ المباشر ومبدأ المتسبب، حيث نصت المادة (257) منه على: 1- يكون الإضرار بالمباشرة والتسبب. 2- فإن كان بالمباشرة لزم الضمان، ولا شرط له، وإذا وقع بالتسبب فيشترط التعدي أو التعمد أو أن يكون الفعل مفضيا إلى الضرر.

نلاحظ هنا أن المشرع الأردني قد جارى الفقه الإسلامي والمواد (887) و (888) من مجلة الأحكام العدلية، في التمييز بين الإضرار بالتسبب والإضرار بالمباشرة، حيث يشترط التعمد في الأول دون الثاني. وبذلك يخالف القانون المدني السوري الذي لا يقيم وزنا للتفرقة بين الخطأ العمد والخطأ غير العمد([49]).

والقانون المدني الأردني جارى أيضا الفقه الإسلام، فلم يشترط التعدي لقيام مسؤولية "الإضرار بالمباشرة"، حسب النص (257/2)، بخلاف القانون المدني العراقي في المادة (186/1) الذي اشترط ضرورة التعدي لقيام المسؤولية في حالة الإضرار بالمباشرة، والفقه الإسلامي لا يتطلب التعدي لتضمين المباشر، وبهذا يكون القانون القانون المدني العراقي أقرب إلى القانون المدني السوري منه إلى الفقه الإسلامي([50]). والإجحاف واضح في القانون المدني السوري والقانون المدني العراقي بحق المباشر الذي يسأل عن تعويض الأضرار الناتجة عن فعل دون شروط([51]).

الفصل الأول

أقسام الأطباء وموجبات ضمانهم في الفقه الإسلامي

المبحث الأول: أقسام الأطباء في الفقه الإسلامي

المطلب الأول: الطبيب الحاذق  

إن الواجب في كل صنعة أن يتصدى لها من هو أهل لها للقيام بها، على أكمل وجه ليكون عمله خاليا من أن تشوبه شائبة تقصير أو إهمال.

وكلما كانت الصنعة دقيقة وخطرة، فإن هذا المعنى يتأكد، لأن نتيجة الخطأ في الصناعات المخطرة أشد منها في الصناعات البسيطة التي لا مخاطرة فيها.

يقول العلماء: "إن الضابط في الولايات كلها، أنه لا يجوز أن يتقدم فيها ويتصدى لها إلا أقدر الناس على جلب مصالحها ودرء مفاسدها. فيقدم أقدر الناس على أداء أركانها وشروطها على أقدرهم بأداء سننها وآدابها... وذلك لأن أداء أركان المصالح وشروطها أهم من أداء سننها وآدابها، فكان الحفاظ عليها أولى وآكد من الحفاظ على آدابها وسننها"([52]).

ويعد عمل الطبيب من أخطر الأعمال وأجلها، إذ أنه يتعلق ببدن الإنسان، فكان من الواجب على الطبيب أن يراعي في عمله الوفور والتقصير([53]). فيجب أن يكون عمله شاملا لمحله، لا تشوبه شائبة تفريط أو تقصير، لأن التقصير فيه قد يكون سببا لسراية الجرح المفضي إلى الهلاك، فيكون هو المتسبب في الهلاك بتفريطه وإهماله([54]).

ولهذا لا يصح أن يتصدى الطبيب لمعالجة الناس والنظر في أحوال أجسامهم، إلا إذا كان ماهرا في تخصصه متقنا له، عارفا للأمراض وأسبابها وأعراضها وعلاماتها، والأدوية النافعة لها.

وقد اشترط الفقهاء هذا الشرط وقرروا أن الخروج عليه يعد سببا موجبا للضمان، بل أوجب المالكية([55]الأدب مع الضمان، بأن يضرب ظهره ويطال سجنه.

 ففي حاشية الحاج إبراهيم على الأنوار: "والمراد بالماهر ما كان خطؤه نادرا، وإن لم يكن ماهرا في العمل فيما يظهر. لأننا نجد بعض الأطباء استفادوا من التجربة والعلاج ما قل بهم خطؤهم جدا، وبعضهم لعدم ذلك كثر خطؤهم، فتعين الضبط بما ذكرته"([56]). فهذا في المعالجات العامة، التي يخشى من الإقدام عليها هلاك في الأنفس، أو تلف الأطراف. فالذي يظهر أن مباشرتها لا ينبغي أن تقع إلا من ماهر خبير.

وقد قال ابن أبي زيد: "وليتقدم إليهم الإمام في قطع العروق وشبه ذلك، ألا يتقدم واحد منهم على مثل هذا إلا بإذنه، وينهون عن الأشياء المخوفة التي يتقي منها الهلاك ولا يتقدموا فيها إلا بإذن الإمام، وأما المعروف بالعلاج فلا شيء عليه"([57]).

المراد بالطبيب الحاذق: أي الماهر الذي بلغ درجة من العلم والمعرفة بالطب تؤهله للنظر في أبدان الآدميين ومداواتها، وليس المراد حقيقته، أي ذلك الذي يفوق أقرانه ويتميز عليهم، ذلك أننا إذا اشترطنا هذا الشرط يتعذر على كثير من الأطباء الوصول إليه، ولأصبح الأطباء ندرة في المجتمع، ولوقع الناس بسبب ذلك في حرج شديد من أمرهم.

قال ابن قدامة الحنبلي عن الأطباء:" أن يكونوا ذوي خبرة في صناعتهم ولهم بصارة ومعرفة، لأنه إذا لم يكن (أي الطبيب) كذلك لم يحل له مباشرة القطع، وإذا أقدم مع هذا، كان فعلا محرما، فيضمن سرايته كالقطع ابتداء"([58]).

فالطبيب الحاذق هو الذي يعطي مهنته حقها بسبب إحاطته بالأصول الفنية لممارسة الطب، وعدم خروجه على هذه الأصول.

والطبيب الحاذق متى قام بواجبه وأتقن عمله ومارسه بأمانة وإخلاص تجاه مريضه ولم يتعد أو يقصر أو يتهاون، فإنه لا يضمن، شريطة أن يكون مأذونا بالعلاج من المريض أو من وليه([59]).

وعلى ذلك، فإنه لا ضمان على الطبيب الحاذق ولو وقع الضرر على المريض من جراء المعالجة ما دام الطبيب مأذونا له بالعلاج، ولم يقع من تعدي أثناء العلاج والجراحة بل حصل الضرر أو الموت نتيجة أمر لا يمكن توقعه أو تفاديه.

يقول الزحيلي: "فإن كان الاستعمال معتادا مألوفا، وقع الضرر، فلا يعد تعسفا، ولا يترتب على ذلك ضمان، كالطبيب الجراح الذي يجري عملية جراحية معتادة، ويموت المريض فلا ضمان عليه"([60]).

ومن هنا، فإن الفقهاء متفقون على أن الموت إذا حصل نتيجة لفعل واجب مع أخذ الحيطة وعدم التقصير، فلا يترتب أي ضمان على الطبيب، وفضلا عما تقدم فإن من القواعد الشرعية ما يقضي بأن عمل الطبيب، المأذون بالمعالجة أو عند طلبه لها هو من قبيل الواجب، والواجب لا يتقيد بشرط السلامة([61]).

يقول ابن الأخوة القرشي عن الطبيب الحاذق: " هو العارف بتركيب البدن ومزاج الأعضاء، والأمراض الحادثة فيها وأسبابها وأعراضها وعلاماتها والأدوية النافعة فيها، والعتياض عما لم يوجد منها، والوجه في استخراجها وطريق مداواتها، ليساوي بين الأمراض والأدوية في كمياتها، ويخالف بينها وبين كيفياتها. فمن لم يكن كذلك فلا يجعل له مداواة المرضى، ولا يجوز له الإقدام على علاج يخاطر فيه، ولا يتعرض لما لا علم له فيه..." ([62]).

ومن هنا يجب على الطبيب الحاذق العناية والرعاية بمريضه، والتبصر والتحوط في علاجه، وأن يبذل ما يجب عليه وفقا لأصول مهنته الطبية.

المطلب الثاني: الطبيب الجاهل

دلت نصوص الكتاب الكريم والسنة المطهرة، على حرمة جسد الآدمي، وعلى إكرام الله تعالى للإنسان. وتوعد سبحانه وتعالى كل من أقدم على إتلاف نفس، فما دونها بالعذاب الشديد في آيات كثيرة من كتابه، منها قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام/151

وأرشدت السنة النبوية الشريفة إلى هذا المعنى في الحديث الصحيح: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا)([63]).

وقد دل الكتاب العزيز على الضمان والمسؤولية الطبية، وهذا واضح في الآيات الكثيرة الدالة على الردع من العدوان على الأنفس والأرواح، وأن أثر الإساءة والعدوان يكون بالمثل. ومن هذه الآيات قوله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) الشورى/50 ، (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) النحل/126 (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) البقرة/149. فهذه الآيات ومثلها دلت على مشروعية مجازاة المسيء ما اقترفت يداه، دون آخر([64]).

والطبيب الجاهل قد ارتكب خطأ فادحا، يعد من أشنع موجبات المسؤولية بعد العمد، لأنه أقدم على نفوس المرضى وأرواحهم بما فيه من تغرير ومخاطرة، مرتكبا بذلك أمرا محرما شرعا. وعندما أباحت الشريعة الإسلامية العمل الطبي، إنما تبيحه إذا كان الطبيب حاذقا بفنه، وقادرا على معالجة المرض، أما حين ينتفي هذا القيد فإن حكم المعالجة يبقى في أصله، وهو التحريم([65])، لما في المعالجة من إقدام على النفوس وتعريضها للمخاطر.

قال الإمام ابن عقيل الحنبلي: "جهال الأطباء هم الوباء في العالم، وتسليم المرضى إلى الطبيعة أحب إلي من تسليمهم إلى جهال الأطباء"([66]).

فشبه الجهال من الأطباء بالوباء الخطير الذي ينزل على المجتمع فيهلكه. ومن أجل الحفاظ على حرمة الإنسان وعدم تعريضه للهلاك، جاءت تلك النصيحة الأبوية من ربيعة الرأي لتلميذه الإمام مالك بأن لا يعرض نفسه على طبيب جاهل:

ففي الجامع لابن زيد عن الإمام مالك قال: "لقد قال لي ربيعة: لا تشرب من دوائهم ولا شيئا تعرفه، وإني بذلك لمستوص"([67]).

وفي تنبيه الحكام: "فيجب على كل حاكم تفقد هؤلاء، وقمعهم، ومنع من يتعاطى علم الطب أو نحوه من الجلوس للناس، حتى يحضره مع من يوثق به من الأطباء والعلماء، ويختبرونه بحضرته، ويصح عنده أنه أهل للجلوس في ذلك الشأن"([68]).

إن الطبيب هو العارف بتركيب البدن ومزاج الأعضاء، والأمراض الحادثة فيها، وأسبابها وأعراضها وعلاماتها والأدوية النافعة فيها، والوجه في استخراجها وطريق مداواتها، فمن لم يكن كذلك، فلا يجعل له مداواة المرض، ولا يجوز له الإقدام على علاج يخاطر فيه، ولا يتعرض لما لا علم له فيه.

وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن"([69]).

قال الشوكاني: "فيه دليل على أن متعاطي الطب يضمن ما حصل من الجناية بسبب علاجه، وأما من علم منه أنه طبيب فلا ضمان عليه، وهو من يعرف العلة ودواءها وله مشايخ في هذه الصناعة، وشهدوا له بالحذق فيها وأجازوا له المباشرة"([70]).

فهذا الحديث يدل بلفظه وفحواه على أنه لا يحل لأحد أن يتعاطى صناعة من الصناعات وهو لا يحسنها، سواء كان طبا أو غيره، وإن تجرأ على ذلك فهو آثم. وأن ما يترتب على عمله من تلف نفس أو عضو أو نحوهما، فهو ضامن له. وما أخذه من المال في مقابلة تلك الصناعة التي لا يحسنها، فهو مردود على باذله، لأنه لم يبذله إلا بتغريره وإيهامه أنه يحسن وهو لا يحسن، فيدخل في دائرة الغش والخداع.

ومفهوم الحديث السابق، أن الطبيب الحاذق ونحوه، إذا باشر ولم تجن يده وترتب على ذلك تلف، فليس بضامن، لأنه مأذون فيه، من المكلف أو وليه. فكل ما ترتب على المأذون فيه فهو غير مضمون، إذا أدى الطبيب الصنعة حقها، ولم يهمل أو يقصر في أمر من الأمور التي تسبب ضررا للمريض ولم يخطئ، كذلك في أي واجب من الواجبات([71]).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطبب)، ولم يقل (من طب)، لأن فعل "تطبب" يدل على التفعل وتكلف الشيء والدخول فيه بعسر ومشقة ممن لا يحسن، كالتحكم والتشجع([72]).

والحديث وإن كان نصا في إيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإن الفقهاء اعتبروه أصلا في تضمين الطبيب ، حيث يرتكب موجبا من موجبات الضمـان، كالعمد والخطأ والجهل وغير ذلك.

وقد أجمع أهل العلم على تضمين الطبيب الجاهل، وما تسبب في إتلافه بجهله وتغريره المريض. وممن نقل الإجماع على ذلك القاضي ابن رشد الحفيد حيث قال: "ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن، لأنه متعد، وقد ورد في ذلك الإجماع..."([73]). فقوله: "ولا خلاف"، إشارة إلى الإجماع في المسألة.

ومما يؤكد الإجماع على تضمينه الطبيب الجاهل، نصوص الفقهاء الواضحة والصريحة في ذلك.

قال ابن قاضي سماوة: "يدعي علم الطب ضمن بخطئه وزيادته"([74]).

وقال الإمام علاء الدين الطرابلسي: "مسألة حجام، قال لآخر، في عينك لحما إن لم تزله عميت عينك، فقال: أنا أزيله عنك، فقطع الحجام لحما من عينه وهو ليس بحاذق في هذه الصنعة، فعميت عين الرجل، يلزمه نصف الدية"([75]).

وبهذا يكون الحنفية قد نصوا على تضمين الطبيب الجاهل بخلاف ما ذكر الشيخ ظفر أحمد التهانوي من أنه لم ير نصا صريحا في ذلك([76]).

وقال الشيخ خليل: "وضمن ما سرى كطبيب جهل أو قصر"([77]).

وقال برهان الدين بن فرحون: "وإن كان الخاتن غير معروف بالختن والإصابة فيه، وغر من نفسه فهو ضامن"([78]).

وسئل الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن رجل مريض العين جاء إلى امرأة بالبادية تدعي الطب لتداوي عينه، فكحلته فتلفت عينه فهل يلزمها الضمان؟ فأجابه: "إذا ثبت ذهاب عينه بسبب مداواتها فعلى عاقلتها ضمان العين"([79]).

وقال ابن غنيم النفراوي في الفواكه والدواني: "إن عالجه بالطب والمريض مات من مرضه فلا شيء عليه، بخلاف الجاهل أو المقصر، فأنه يضمن ما نشـأ من فعله"([80]).

وقال ابن حجر الهيثمي: "إن كان غير عارف بالطب، وتولد الهلاك من ذلك بقول عدلين ضمن"([81]).

وقال الإمام ابن مفلح: "وظاهر كلام الأصحاب وهو ظاهر الخبر، أن من لم يعلم منه طب يضمن"([82]).

وفي الروض المربع: " فإن لم يكن لهم حذق في الصفة ضمنوا، لأنه لا يحل لهم مباشرة القطع إذا"([83]).

وفي المغني: "أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم، ولهم بها بصارة ومعرفة، لأنه إذا لم يكن كذلك، لم يحل له مباشرة القطع، وإذا قطع مع هذا كان فعلا محرما، فيضمن سرايته كالقطع ابتداء"([84]). وبذلك تتفق كلمة الفقهاء جميعهم على تضمين المتطبب الجاهل بعلم الطب.

يتضح مما سبق، أن الطبيب يجب أن تتوافر فيه الصفات التي تؤهله للقيام بمهنة الطب، وبعكس ذلك، فإنه لا يصح أن يكون طبيبا يعالج المرضى، ويصف لهم الدواء.

وقد رتب علماء الشريعة الإسلامية على الطبيب الجاهل، دية النفس([85]أو تعويض التلف الذي أصاب المريض، ولا يوجد خلاف في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض يكون ضامنا([86]).

وهناك رأي يقول بأن مسؤولية الطبيب الجاهل مسؤولية مطلقة، ويترتب على ذلك أنه لا يلزم إثبات خطأه، بل يكفي إثبات أنه تصدى للعلاج سواء بالجراحة أو وصف الدواء، علم المريض جهله أم لم يعلم([87]).

ولا بد من القول بأن هناك إجماع واتفاق من أهل العلم على تضمين الطبيب الجاهل عما تسبب في إتلافه، نتيجة جهله وإيهامه وتغريره بالمريض.

وفي ذلك يقول ابن رشد: "ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب، أنه يضمن لأنه متعد"([88]).

ويقول الخطابي: "لا أعلم خلافا، في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض، كان ضامنا، والمتعاطي علما أو عملا لا يعرفه متعد"([89]).

وهناك رأي لبعض العلماء ينفون الضمان عن الطبيب الجاهل، إذا كان المريض يعلم جهله في العلوم الطبية. وإذا كنا قد عالجنا هذا الموضوع من خلال النصوص التي أوردناها وآراء العلماء والفقهاء في مسؤولية الطبيب الجاهل وأنه يضمن ما سرى من فعله في حالة جهل المريض بعدم مهارة الطبيب واتفاقهم على ذلك.

والسؤال الذي يطرح هنا هو: هل معرفة المريض بجهل الطبيب يعد سببا لإسقاط الضمان أم لا ؟

ويجيب على هذا السؤال ابن مفلح بقوله: "ولو علم من استطبه جهله وأذن له في طبه، لأنه لا تحل له المباشرة مع جهله ولو أذن له، وقال بعض أصحابنا في زماننا: لا يضمن هذا، وما قاله متوجه"([90]). فبين هنا أن الطبيب الجاهل يضمن، وإن علم المريض بأنه جاهل وأذن له في طبه.

ولكن ابن القيم نص على إسقاط الضمان عن الطبيب إن علم المريض جهل الطبيب. يقول ابن القيم:

"متطبب جاهل باشرت يده في بطنه فتلف به، فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لا علم له، وأذن له في طبه لم يضمن. ولا يخالف هذه الصورة ظاهر الحديث، فإن السياق وقوة الكلام يدل على أنه غر العليل وأوهمه أنه طبيب، وليس كذلك وإن ظن المريض أنه طبيب وأذن له في طبه لأجل معرفته ضمن الطبيب ما جنت يداه"([91]). وكلامه ظاهر في إسقاط الضمان عن المريض إذا علم جهل الطبيب وأذن له.

المطلب الثالث: الطبيب المخطىْ

الخطأ لغة: ضد الصواب([92]).

قال في اللسان: "الخطأ والخطاء ضد الصواب، وفي التنزيل: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به"، وعداه بالباء، لأنه في معنى عثرتم أو غلطتم"([93]).

وأخطأ الطريق عدل عنه، وأخطأ الرامي الغرض: لم يصبه. وخطأه تخطئة نسبه إلى الخطأ وقال له أخطأت"([94]).

في الاصطلاح الشرعي: الخطأ غير العمد في نطاق الشريعة الإسلامية يقصد به: "كل ما وقع من فاعله من غير قصد، ولا إرادة في إتيان الفعل المحرم"([95]).

وعرفه الجرجاني بقوله: "هو ما ليس للإنسان فيه قصد"([96]).

وعرفه كمال الدين بن الهمام بقوله: "هو أن يقصد بالفعل غير المحل الذي يقصد به الجناية، كالرمي إلى صيد فأصاب آدميا، فإن محل الجناية هو الآدمي، ولم يقصده بالرمي بل قصد غيره وهو الصيد"([97]).

وعرفه الإمام الخضري: "هو أن يقصد بالفعل غير المحل الذي قصد به الجناية"([98])، وأعطى مثالا لذلك الصائم تمضمض فسرى الماء إلى حلقه، ورامي صيد أصاب إنسانا. فالصائم قصد إدخال الماء إلى فيه، وليس إلى جوفه الذي هو محل الجناية، والرامي قصد الطير، وليس الإنسان"([99]).

وعرف الإمام أبي زهرة الخطأ، بقوله:"هو وقوع الفعل أو القول على خلاف ما يريد الفاعل، كما يتمضمض في الوضوء، فيسبق الماء إلى حلقه وهو صائم"([100]).

ومن هنا، فإن الخطأ عذر من الأعذار الشرعية، التي ترفع الإثم عن صاحب الخطأ، وفي ذلك رحمة من الله عز وجل وإجابة لدعوة الأتقياء، في قوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286.

والخطأ لا ينافي الأهلية، لأن الفعل قائم مع الخطأ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)([101]). فالخطأ عارض من عوارض الأهلية، وهو عذر من الأعذار الشرعية التي ترفع الإثم عن صاحبه.

ولقد اعتبر الشارع الخطأ في حقوق الله تعالى عذرا إذا اجتهد، لأنه تثبت على قدر ما يستطيع، ولذلك يصح الخطأ عذرا إذا اجتهد المفتي فأخطـأ، أو المصلي في جهة القبلة فأخطأها([102]).

أما في حقوق العباد، فتجب الدية بالقتل الخطأ، لأن الدية بدل عن المتلف، وهي تعويض مالي عما أصاب المقتول من الضرر([103]). ويجب الضمان عند إتلاف أموال الآخرين بطريق الخطأ، ولا يعتبر الخطأ عذرا لدفع الضمان، لأنه بدل مال جزاء فعل([104]).

يقول الزحيلي: "لا فرق في ضمان الإتلاف بين العمد والخطأ، ولا بين وجود البلوغ أو التمييز أو عدمه. فالمتلف عمدا أو خطأ ضامن باتفاق الأئمة الأربعة..." ([105]).

وجمهور العلماء على أن الخطأ يعد عذرا في إسقاط بعض حقوق الله تعالى وليس فيها كلها. فاعتبره الشارع عذرا في سقوط الإثم عن المجتهد لقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب/5 ، ولما ثبت في الصحيحين (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)([106]).

وجعله شبهة دارئة في العقوبات، فلا يؤاخذ بحد فيما لو زفت إليه غير امرأته فوطئها على ظن أنها امرأته. وكذلك لا قصاص فيما لو رمى إنسانا ظنا منه أنه صيد فقتله.

أما حقوق العباد، فلا تسقط بالخطأ، فيجب ضمان المتلفات خطأ، كما لو رمى شاة وإنسانا ظانا أنه صيد، أو أكل ماله على ظن أنه ملك نفسه، لأنه ضمان مال لا جزاء فعل، فيعتمد عصمة المحل، وكونه خاطئا لا ينافيها"([107]).

والذي عليه جمهور الفقهاء أن ضمان المتلفات واليات وكل ما يتعلق بحقوق العباد لا يسقط بحال حتى إنهم أطبقوا على أن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء، لأنه من قبيل خطاب الوضع، وقد تقرر في علم المكلف وقدرته... فلذلك وجب الضمان على المجانين والغافلين بسبب الإتلاف([108]).

ولم يأخذ الفقه الإسلامي بقاعـدة الخطأ كأسـاس عام للمسؤولية المدنية الناشئة عن الفعل الضار، لكنه أخذ بقاعدة " المباشر ضامن وإن لم يتعد"([109])، بمعنى: أن الذي يباشر الفعل ضامن لما أتلفه بفعله، إذا كان متعديا فيه، وإن لم يتعمد الإفساد، لأن الخطأ يرفع عنه إثم مباشرة الفعل، ولا يرفع عنه ضمان التلف، لأنه متعد بفعله. فكل من يسبب ضررا للغير فهو ضامن, سواء كان مخطئا أو غير مخطيء، مميزا أو غير مميز([110]).

أما في القانون الوضعي، فقد اتخذ المشرع من قاعدة الخطأ الشخصي أساسا عاما للمسؤولية المدنية والتعويض وفقا لقاعدة: كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض([111])، وقاعدة يكون الشخص مسؤولاً عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز([112]).

فكل من يسبب ضررا للغير فهو ضامن، سواء كان مخطئا أو غير مخطئ، مميزا كان أو غير مميز. لأن وجوب التعويض لجبر الضرر عبارة عن خطاب وضع وليس خطاب تكليف، لذلك لا يشترط عنصر الإدراك أو التمييز في مرتكب الفعل الضار إذا كان مباشرا([113]).وجاء في مجلة الأحكام العدلية, في القاعدة رقم (92): "المباشر ضامن وإن لم يتعمد...".

هذا من حيث الخطأ في المسؤولية المدنية بوجه عام، أما من حيث الخطأ والمسؤولية المدنية للطبيب، فإن الفقه الإسلامي، قد خرج على حكم القاعدة العامة السابقة، وهي قاعدة "المباشر ضامن وإن لم يتعد"، في نطاق المسؤولية المدنية، حيث اتخذ من قاعدة الخطأ أساسا إلى جانب ركني الضرر وعلاقة السببية، وفقا لقاعدة: "كل من يزاول عملا أو علما لا يعرفه يكون مسؤولا عن الضرر الذي يصيب الغير نتيجة هذه المزاولة"([114]).

والمسؤولية الطبية ليست في الواقع سوى صورة من صور المسؤولية بوجه عام، فكل خطأ سبب ضرر للغير يلزم مرتكبه بتعويض هذا الضـرر، أيا كانـت مهنته أو مركزه([115]).

فالطبيب الذي يباشر بنفسه علاج المريض ونتج عن ذلك ضرر له في جسمه أو تسبب في هلاكه، فلا يكون ضامنا لهذا الضرر ما لم ينسب إليه خطأ يكون هو السبب في حدوث الضرر، كما لو قام شخص بالتطبيب وهو جاهل بعلوم الطب، فلم يتعلمها أو لم يحصل على إجازة تفيد أنه اجتاز دراسته العلوم الطبية في مؤسسة معترف بها، وقد عبر الفقه الإسلامي عن ذلك: مزاولة مهنة التطبيب دون إذن من الشرع([116]).

وكذلك إذا قام الطبيب بعلاج المريض دون إذنه أو إذن وليه، ولم تكن هناك ضرورة لعدم الحصول على هذا الإذن، أو قام الطبيب باستئصال عضو سليم غير العضو التالف من جسم المريض، أو نسي بعض أدوات الجراحة في جسمه، مما تسبب في بتر عضو من جسمه، أو تسبب في وفاته، وما إلى ذلك، مما يجب اعتباره خطأ، لأنه يشكل إخلالا بالأصول الثابتة أو المتعارف عليه، أو خروجا عن العلوم الطبية وفنونها أيضا.

والذي نريد أن نؤكده هنا، هو أن الخطأ وإن كان موجبا للضمان في الدنيا، غير أنه لا يوجب تأثيم صاحبه عند الله تعالى، لانتفاء نية العدوان عنه، فأسقط الشارع الحكيم عنه الإثم والعقوبة الأخروية، كما أسقط عنه أثر العمد وهو القصاص، لأن عدالة الله تأبى إنزال العقوبة بمن لم يقصد الفساد في الأرض، ولم يسع إليه.

ويشترك العمد والخطأ في كونهما علة للضمان([117])، ففي هذا يقول ابن القيم: "فالخطأ والعمد اشتركا في الإتلاف، الذي هو علة الضمان، وافترقا في علة الإثم وهو مقتضى العدل الذي لا تتم المصلحة إلا به"([118]).

وقال ابن قدامة: "فأما إذا كان حاذقا وجنت يده، مثل أن يتجاوز القطع، أو يقطع في غير المحل، أو يقطع في آلة يكثر إيلامها، أو يقطع في وقت لا يصلح فيه القطع ضمن، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ، فأشبه إتلاف المال، ولأنه فعل محرم فيضمن سرايته...." ([119]).

وهذا ما تشير إليه القاعدة الفقهية: "العمد والخطأ في ضمان المتلفات سواء"([120]). وما أوجبته الشريعة الإسلامية من تضمين المخطئ ليس عقوبة عليه([121])، لأن الضمان ليس تابعا للمخالفة وكسب العبد، بل شرع لتدارك المصلحة الفائتة أو جبرها، ومنه الناس من إتلاف بعضهم منافع بعض بدعوى الخطأ. يقول محمد سعيد رمضان البوطي: "...هو استدراك المصلحة المفوتة أو جبرها بمثلها، إذ لو توقفت ضرورة جبرها على توفير شروط التكليف، لفاتت بذلك مصالح كثيرة على العباد، وتعرضوا لمفاسد كثيرة دون أن يعوضوا عنها شيئا، وهذا أكبر دليل على أن مدار الأحكام الشرعية في الجملة، إنما هو تحقيق مصالح العباد"([122]).

وهذا هو الأصل في حقوق العباد، لأن القاعدة الفقهية تقول: "الأصل أن وجوب حقوق العباد جبرانا لنقصهم، فيجب في كل موضع دخله النقص"([123]).

ولا خلاف في الفقه الإسلامي حول مسؤولية الطبيب المدنية، وإلزامه بالضمان إذا خالف أصول مهنة الطب، أو أخطأ في التطبيب خطأ يالف ما يقول به أهل العلم بصناعة الطب، مما أدى إلى إيذاء المريض أو إلى وفاته([124]).

وخروج الفقه الإسلامي على قاعدة الضمان في الفعل الضار باشتراط الخطأ لقيام المسؤولية المدنية للطبيب يرجع لأسباب كثيرة منها:

نظرة الإسلام إلى مهنة الطب بصفتها ضرورة اجتماعية، لحاجة الناس لماسة إليها، حتى لا يحجم الناس عن تعلم ومزاولة مهنة الطب وفنونها([125]). أضف إلى ذلك، إذن الشارع بحصول الطبيب على إجازة الطب من جهة أو مؤسسة علمية متخصصة، مما يؤهله لممارسة هذه المهنة والقيام بالتطبيب.

قال البابرتي: "ووجـه عـدم تضميـن الحجـام والفصاد إذا هلك المريض بالسراية مع عدم تجاوز الموضع لئلا يتقاعد الناس عن الفصد، أو الحجامة، مع مسيس الحاجة لها"([126]).

ثم إذن المريض أو وليه إذا كان قاصرا أو غائبا عن الوعي وقت المعالجة، فالمريض يبيح للطبيب إجراء الجراحة اللازمة في جسمه، لأجل علاجه وأمل شفائه، وإلا يعد فعله تعديا يعرضه للمسؤولية المدنية والجزائية. وكذلك قصد العلاج، بكون الطبيب حسن النية يقصد بالأعمال التي يقوم بها في جسم المريض، تشخيص المرض وعلاجه على أمل شفائه، فلا يقصد الإضرار به، وإلا كان سيء النية، فيعاقب على ذلك جنائيا، فضلا عن المسؤولية المدنية([127]).

فالأعمال التي يقوم بها الطبيب في علاج المريض هي مباحة، لأنه مأذون بها شرعا طالما التزم بالأصول الثابتة أو المتعارف عليها في مهنة الطب، فلا مسؤولية ولا ضمان عليه. فإن خرج عليها وثبت خروجه على وجه اليقين أو التحقيق، يعدُ مخطئا فيتعرض للمساءلة والضمان([128]).

المبحث الثاني: موجبات ضمان الأطباء فقها

المطلب الأول: موجبات ضمان الطبيب الحاذق فقهاً

اتفقت كلمة الفقهاء، من الحنفية([129]والمالكية([130]والشافعية([131]الحنابلة([132]والظاهرية([133]على عدم تضمين الأطباء ومن شابههم، إذا عرف منهم حذق الصنعة، ولم تجن أيديهم أو يتعدوا أو يفرطوا.

قال ابن عابدين: "ولا يضمن الفصد([134])، ونحوه لأنه ينبني على قوة الطبع وضعفه، ولا يعرف ذلك بنفسه، ولا يتحمل من الجرح، فلا يمكن تقييده بالسلامة، فسقط الضمان "([135]).

وقال السمرقندي: "ولو استأجر البزاغ والفصاد والختان، فعملوا عملهم ثم سرى إلى النفس ومات، فلا ضمان عليهم، لأن ليس في وسعهـم الاحتـراز مـن ذلك"([136]).

وقال الدردير: "الختان، وقلع الضرس، والطب لا ضمان إلا بالتفريط"([137]).

وقال النووي:"الحجام والختان لا ضمان عليهما إذا لم يفرطا، وكذا البيطار، إذا بزغ الدابة فتلفت"([138]).

وأكد ذلك الخرقي بقوله:" ولا ضمان على حجام ولا ختان، ولا متطبب إذا عرف منهم حذق الصنعة ولم تجن أيديهم"([139]).

ولهذا قال الزحيلي: "إذا كان استعمال الحق معتادا مألوفا ووقع الضرر، فلا يعد تعسفا ولا يترتب على ذلك ضمان، كالطبيب الجراح الذي يجري عملية جراحية معتادة ويموت المريض فلا يضمن"([140]).

العلة في إسقاط الضمان عن الطبيب الحاذق

يرى الفقهاء، أن العلة في إسقاط الضمان عن الطبيب، هو أن العمل الطبي عمل مأذون فيه، وما دام كذلك، فقد خرج عن أصل الضمان، لأنه لا يجمع بين الضمان والإذن. وبما أن الفعل في أصله مأذون فيه، وقام به صاحبه على الوجه الأكمل، ولم يترك طريقا فيه إلا وقد سلكه، واتخذ كل أسباب العناية والحيطة، فلا ضمان عليه([141]).

أضف إلى ذلك الحاجة إلى العلاج، يقول البابرتي: "ووجه عدم تضمين الحجام والفصد إذا هلك المريض بالسراية مع عدم تجاوز الموضع لئلا يتقاعد الناس عن الفصد، أو الحجامة، مع مسيس الحاجة لها"([142]).

وكذلك فإن السراية لا يمكن التحرز منها، وذلك لأنها تبنى على قوة الطبائع وضعفها في تحمل الألم، فلا يمكن التقيد بالمصلح من العمل، بخلاف دق الثوب وغيره من الصنائع التي تعرف بالإجتهاد([143]).

يقول الصنعاني: "وأما إعنات الطبيب الحاذق، فإن كان بالسراية، لم يضمن اتفاقا، لأنها سراية فعل مأذون فيه من جهة الشارع، ومن جهة المعالج، وهكذا سراية كل مأذون فيه، لم يتعد الفاعل بسببه ، كسرايـة الحـد والقصاص عند الجمهور"([144]).

وقال الاردبيلي: "ولاضمان على الحجام إذا فصد أو حجم، بإذن من يعتبر إذنه من الولي أو غيره"([145]).

فالعلة عند هؤلاء الفقهاء، أن العمل الطبي مباح ومأذون فيه، وطالما اجتمعت الإباحة والاذن فلا ضمان، لأن القاعدة الشرعية تقول "الجواز الشرعي ينافي الضمان"([146]).

مما تقدم نرى أن الفقهاء قد اتفقوا على عدم ضمان الطبيب عن النتائج الضارة المترتبة على فعله. ولكنهم قد اختلفوا في العلة التي أدت إلى رفع الضمان عن عاتقه.

أما أقوال المذاهب في العلة في إسقاط الضمان فهي كما يلي:

الضمان يرتفع عن الطبيب عند الحنفية لسببين:

الأول: الضرورة الاجتماعية، لأن الحاجة ماسة إلى عمل الطبيب، وهذا يقتضي عدم الضمان حتى لا يحمله الخوف منه على الامتناع عن مباشرة الطب.

الثاني: إذن المجني عليه أو وليه، فاجتماع الإذن مع الضرورة، أدى إلى رفع الضمان([147]). فالنتيجة الضارة حدثت بفعل مأذون فيه، فلا يكون مضمونا.

أما الشافعية فيرون أن العلة في إسقاط الضمان ومنعه عن الطبيب الحاذق، هو أن فعله يأتي بإذن المجني عليه، وأنه يقصد صلاح المريض ولا يقصد الإضرار به، فإذا اجتمع هذان الشرطان كان عمل الطبيب مباحا ولا ضمان عليه، إذا توفرت فيه صفات الطبيب([148]).

بينما يرى المالكية أن العلة في عدم ضمان الطبيب هي إذن الحاكم وإذن المريض معا، فإذن الحاكم يبيح للطبيب الاشتغال بالتطبيب، وإذن المريض يبيح أن يفعل بالمريض ما يرى فيه صلاحه، فإذا اجتمع هذان الإذنان، فلا ضمان على الطبيب، ما لم يخالف أصول الفن أو يخطئ في فعله([149]).

فالمالكية يشترطون إذنا عاما من الحاكم  للطبيب بأداء عمله الطبي، وإذنا خاصا من المريض بأن يفعل به ما فيه صلاحه.

أما الحنابلة، وإن اتفقوا مع الشافعية في اشتراط الإذن، إلا أنهم قاسوا عدم تضمين الأطباء ومن شابههم على الحد([150]).

أي أن الحنابلة قاسوا عمل الطبيب على إقامة الحد، فكما أن القاطع لا يضمن سراية قطع يد السارق فكذلك الحال بالنسبة للأطباء لا يضمنون سراية علاجهم مرضاهم.

أما الظاهرية فيرون أن الطبيب ما هو إلا معالج ومقو للطبيعة بما يقابل البراء، والبرء لا يقدر عليه إلا الله تعالى، ولا ضمان على الطبيب إلا ما ثبت أنه تصرف فيه([151]).

وبناء على ما تقدم فإنه لا ضمان على عمل الطبيب، لأن من واجبه أن يؤديه ولا يسأل عن نتائج عمله، وله الحق والحرية في اختيار الطريقة التي يؤدي بها هذا العمل([152]).

من هنا نلاحظ أن شروط الفقهاء لعدم تضمين الأطباء ومن في حكمهم، تتلخص فيما يلي:

أولا: أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم، ولهم بصارة ومعرفة، لأن الطبيب إذا لم يكن كذلك، لا يحل له مباشرة القطع، وإذا قطع كان فعلا محرما، فيضمن سرايته كالقطع ابتداء.

ثانيا: أن لا تجني أيديهم فيتجاوزوا ما ينبغي أن يقطع.

ثالثا: أخذ الإذن من المريض أو وليه إذا كان صغيرا([153]).

المطلب الثاني: موجبات ضمان الطبيب الجاهل فقها

تعد دعوى المتطبب المعرفة بالطب من أشد الموجبات وأشنعها، لأن الطبيب بعمله هذا يكون قد اتخذ الكذب مطية له، ليباشر علاج المريض. ولذلك نجد الفقهاء قد جعلوا الضمان مناسبا مع جسامة خطره([154])، فرتبوا عليه أربعة أمور:

الأمر الأول: تضمين الطبيب الدية.

واختلفوا فيها على قولين:

القول الأول: أن الدية في مال الطبيب الجاهل. وبهذا قالت المالكية على المعتمد من مذهبهم. فقد قال الإمام مالك: "وإني أرى للإمام أن لو نهى هؤلاء الأطباء عن الدواء إلا طبيبا معروفا، وأرى أن يقول لهم: من داوى إنسانا فمات فعليه ديته وأرى ذلك عليهم إذا أنذروا"([155]).

وبهذا أفتى الإمام أبو محمد بن أبي زيد، ورجحه الشيخ محمد بن عرفه الدسوقي، فقال: "فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب، وفي كون الدية على عاقلته أو ماله قولان: الأول لابن القاسم والثاني لمالك وهو الراجح"([156]). فمعنى قوله: "والثاني لمالك" أن الرأي الثاني هو كون الدية في مال الطبيب وهذا الراجح في المذهب عندهم.

وقال عبد الباقي الزرقاني: "وإنما لم يقتص من الجاهل، حيث لم يقصد الضرر، بل ما نشأ من فعله في ماله ولو بلغ ثلث الدية أو أكثر، لأنه إنما قصد نفع العليل أمر رجا ذلك"([157]).

وقال محمد بن أحمد العقباني: "ومن زعم معرفة الطب وهو جاهل به، فتكرر الضرر عن علاجه، غايته أن تلزمه الدية، لأن فعله من باب الخطأ لا من باب العمد، إذ تظهر عنده آثار لقصد القتل العمد العدواني. وإنما قيل الدية في ماله على أحد القولين، لأن ذلك وإن لم يكن عمدا فهو شبه العمد"([158]).

القول الثاني: أن الدية على عاقلة الطبيب. وإلى هذا ذهب الشافعية([159])، والمالكية([160]على القول المرجوح عندهم.

أما الحنفية([161]) والحنابلة([162]) فأوجبوا الضمان، ولكن لم يفصلوا فيه([163]).

الأمر الثاني: عقوبة التعزير.

وقد انفرد بذلك المالكية من الفقهاء، يقول الإمام برهان الدين بن فرحون: "وإن كان الخاتن غير معروف بالختن والإصابة فيه، وعرض نفسه فهو ضامن لجميع ما وصفنا في ماله. ولا تحمل العاقلة من ذلك شيئا، وعليه من الإمام العدل العقوبة الموجعة، يضرب ظهره وإطالة سجنه. والطبيب والحجام والبيطار فيما أتى على أيديهم، بسبيل ما وصفنا في الخاتن"([164]).

فواضح من قوله: "وعليه من الإمام العدل والعقوبة..."أن المتطبب الجاهل يستحق من الإمام عقوبة التعزير.

فإذا قام شخص بممارسة مهنة الطب من غير إذن الحاكم، وبدون ترخيص، كان للحاكم تعزيره وفق ما تقرره مبادئ الشريعة الإسلامية في التعزير([165]).

الأمر الثالث: المنع من التطبيب بالحجر عليه.

ذكر الفقهاء([166]) أنه يجب على الحاكم منع الطبيب الجاهل من مزاولة مهنة الطب. وعند الإمام أبو حنيفة لا يحجر على البالغ العاقل الحر إلا في ثلاث: المفتي الماجن، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس([167]). والحجر على الطبيب الجاهل، مستفاد من القاعدة الفقهية المشهورة: "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام"([168]).

"فمصلحة الجماعة مصونة في الشريعة الإسلامية، من أن يعتدي عليها أو أن تهتك، بحيث إنه لو خيف على مصلحة الجماعة، وكانت حماية مصلحتهم تقتضي أن يتضرر فرد أو أفراد من الجماعة، فلا مانع من ذلك، لأن المصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة"([169]).

وتطبب الجاهل يعد إفسادا للمجتمع، وهدما لبنيته الاجتماعية([170]). ولذلك فإن منع الطبيب الجاهل من ممارسة مهنة الطب، يدخل تحت باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليست من باب الحجر([171]).

فهذا يدل على "أن للحاكم حق النظر في قدرة من يزاول هذه المهنة، فإن كان عالما بأصولها أجازه، وإن كان جاهلا منعه، لأن المحافظة على سلامة الأمة من الخطر والضرر من صلاحيات الحاكم، ولأن في ذلك دفعا لضرر يلحق بالمسلمين"([172]).

الأمر الرابع: عدم استحقاقه للأجر.

إن دعوى المتطبب معرفة الطب، فيه تغرير المريض وخداع له بحيث "جعل المريض يتعاقد معه، ضانا أنه طبيب، وهذا بلا شك تغرير بالمريض، ولذلك فالعقد باطل"([173]).

ففي فتح المعين من الشافعية: "أما غير الماهر فلا يستحق أجره، ويرجع عليه بثمن الأدوية لتقصيره بمباشرته بما ليس هو له بأهل"([174]). فأسقط عنه حق الأجر وألزمه ما أخذه من أجر على الأدوية.

المطلب الثالث: موجبات ضمان المخطيء فقها

يعد الخطأ موجبا من موجبات الضمان, لما فيه من تسبب في الإتلاف لنفس الإنسان أو لمنافعه. والذي يحكم بخطأ الطبيب في تقديره للمرض، هم الأطباء المتخصصون([175]).

فقد قال الإمام الشافعي: "يسأل أهل العلم، فإن قالوا: قد يخطئ بمثل هذا، سأل فإن قال: أخطأت، حلف ولا قصاص عليه، وعقل ذلك عنه عاقلته، فإن قالوا: لا يخطئ بمثل هذا،  فللمستقاد منه القصاص بقدر الزيادة"([176]).

فبين أن ما يقع من خطأ من مستوفي الحدود، يجب عرضهم على المختصين من أهل المعرفة والخبرة به، ليبدوا رأيهم فيه، فإن قالوا: إن الخطأ فيه ممكن، فلا يجوز حمله فيه على التعدي المتعمد، لوجود احتمال الخطأ في فعله. وإن قالوا: إنه مما لا يتصور أن يكون خطأ الطبيب، ولا يمكن حمله على الخطأ، فينبغي اعتباره فعلا متعمدا من الطبيب، يوجب القصاص من فاعله.

وقد نص المالكية على هذا المعنى في حق الفران، ففي المعيار المعرب: "يرجع ذلك إلى الثقاة من أهل المعرفة بتلك الصنعة، فإن قالوا: مثل ذلك، يكون من غير تفريط لم يضمن، وإن قالوا: عن تفريط، لأنه زاد في الوقيد، أو فرط في التأخير، ضمن"([177]).

فدل هذا النص، على أن الذي يتولى تحديد الخطأ من عدمه، هم أهل المعرفة والخبرة. وفي حكم الفران، كل صاحب صنعة يتعدى فيها، والطبيب واحد منهم.

مذاهب الفقهاء في الخطأ الطبي:

الرأي الأول: إن خطأ الطبيب يعدُ موجبا للضمان.

وإلى هذا الرأي ذهب الحنفية([178]) والمالكية([179])، في المعتمد من مذهبهم، والشافعية([180]) والحنابلة([181]).

الرأي الثاني: إن خطأ الطبيب مستثنى من الخطأ، فلا مسؤولية ولا ضمان على الطبيب حين تزل يده أو تتحرك بدون قصد.

وهذا الرأي هو قول في المذهب المالكي، حيث عزاه للمذهب شيخان من شيوخ المذهب المالكي:

الأول: هو القاضي عبد الوهاب: "قال القاضي أبو محمد: ما أتى على يد الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان: أحدهما: أنه يضمن لأنه قتل خطأ، والآخر: أنه لا يضمن لأنه تؤبد عن فعل مباح مأذون له فيه، كالإمام إذا قد إنسانا فمات"([182]).

الثاني: هو الإمام المازري، حيث ذكر أن في المذهب طريقتين في خطأ الإمام ومن أذن له في شيء فأتلفه غلطا، كالأجير والخاتن"([183]).

يقول ابن رشد: "وأجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ، لزمته الدية، مثل أن يقطع الحشفة في الختان، وما أشبه ذلك، لأنه في معنى الجاني خطأ. وعن مالك رواية، أنه ليس عليه شيء، وذلك عنده إذا كان من أهل الطب"([184]).

ما يجب في خطأ الطبيب:

1- الدية على العاقلة.

2- تكاليف العلاج.

ذكر الفقهاء أنه يجب على الطبيب المخطيء إذا أدى خطؤه إلى تلف وضرر، الدية فقط، لأن الخطأ الطبي، يعد من قبيل جناية الخطأ، يدل على ذلك قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ)[ 92: النساء] حيث دلت الآية الكريمة على إيجاب الدية على من أتلف نفسا مؤمنة على وجه الخطأ، والآية عامة وشاملة للخطأ الناتج من الأطباء أو غيرهم([185]).

وعند الفقهاء، أنه لا يصح تعزيره، لأن خطأه لم يكن مقصودا، وليس له فيه اختيار، حتى يلزمه الأدب، وإنما يكتفي فيه بالدية على عاقلته، بل نصوا على عدم تأديبه([186]).

قال ابن فرحون: "قال ابن عبد السلام: وينفرد الجاهل بالأدب (التعزير) ولا يؤدب المخطيء"([187]).

واتفق الجمهور من الفقهاء، على أن الطبيب إذا أخطأ فتلف بخطئه نفس فما دونه، فعليه دية، تحملها العاقلة([188]) عنه.

قال ابن المنذر: "وأجمعوا أن من قطع الخاتن إذا أخطأ، فقطع الذكر أو الحشفة أو بعضها، فعليه ما أخطأ به، يعقله عنه العاقلة"([189]).

يقول الإمام مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل، وإن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى، إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل"([190]).

وجاء في نهاية المحتاج للرملي: "ولو أخطأ الطبيب في المعالجة، وحصل منه التلف، وجبت الدية على العاقلة"([191]).

وفي المبدع لابن مفلح: "فلو كان فيهم حذق الصنعة، وجنت أيديهم، بأن تجاوز الختان إلى بعض الحشفة، أو تجاوز الطبيب فقطع السلعة موضعها، أو بآلة كآلة يكثر ألمها، وجبت. وحكى ابن أبي موسى: إذا ماتت طفلة من الختان، فديتها على عاقلة خاتنتها"([192]).

قال الخطابي: "لا أعلم خلافا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض، كان ضامنا، والمتعاطي علما أو عملا لا يعرفه متعد, فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض، وجناية في قول عامة الفقهاء على عاقلته"([193]).

تكاليف العلاج:

إذا أخطأ الطبيب أثناء ممارسة ومزاولة مهنته، وأدى خطؤه إلى إضرار بالمريض، فإنه لا يستحق الأجرة الناتجة عن العقد الطبي، بل يستعاد منه ما أخذه من المريض، لأن ما قام به لم يحقق النفع للمريض([194]). إضافة إلى ذلك، فإنه يتحمل النفقات الطبية الأخرى الناتجة عن محاولة إزالة الأضرار التي يعرض لها المريض. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ضرر ولا ضرار"([195]). وهذه قاعدة من قواعد الشريعة العامة، لأن من أحدث ضررا، يتعين عليه تحمل تبعاته ونتائجه. فالنبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مقابلة الضرر بمثله، وبالتالي فإن التدبير السديد يكون بالتضمين عن الضرر([196]).

جاء في الدر المختار: "للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه من ثمن الدواء وأجرة الأطباء"([197]).

وفي فتح المعين: "أما غير الماهر، فلا يستحق أجره، ويرجع عليه بثمن الأدوية لتقصيره بمباشرته بما ليس هو له بأهل"([198]). فأسقط عنه حق الأجر، وألزمه ما أخذه من أجر على الأدوية.

وثم قضية هامة لا بد من التنويه إليها وهي، قلع السن خطأ هل يضمن الطبيب أم لا؟

اختلف فيها الفقهاء:

أ- ذهب الحنفية([199]) والحنابلة([200]) إلى أن القول قول المريض، ويضمن القالع أرش السن.

قال ابن عابدين: "ولو أمر حجاماً ليقلع سنه ففعل، فقال أمرتك أن تقلع غير هذا فالقول قوله. والحجام ضامن، لأن الإذن يستفاد من جهته، ولو أنكره كان القول قوله. فكذلك إذا أنكر الإذن في السن"([201]).

وقال ابن قدامة: "فإن أخطأ فقلع غير ما أمر بقلعه ضمن، لأنه من جنايته"([202]).

ب- ذهب المالكية([203]) إلى القول: أن لا شيء على الحجام، لأن المقلوع ضرسه يعلم ما يقلع منه، وللحجام أجره كاملا، إلا أن يصدق الحجام على ما قاله فلا أجر له، وعليه القصاص في العمد والعقل في الخطأ.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يعلم المريض ما يقلع منه وهو واقع تحت تأثير البنج أو الألم. لذلك يبدو أن الميل للرأي الأول هو الذي تطمئن له النفس في هذه القضية.

الفصل الثاني

 خطأ الطبيب بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي

قبل الدخول بالموضوع لا بد أن نشير هنا إلى أن كلمة المسؤولية، اصطلاح قانوني يقابل كلمة الضمان في الفقه الإسلامي. وكلمة المسؤولية، كلمة مستحدثة([204]) لم يستعملها الفقهاء الأقدمون، وإنما جاءت في استعمالات بعض الفقهاء المعاصرين ورجال القانون، وإن كان أساسه الأحكام الشرعية التي جاءت بهذا المبدأ([205]). وقد ورد التعبير على لسان فقهاء الشريعة بلفظ الضمان([206]) للدلالة على مسؤولية الشخص تجاه غيره، وما يلتزم به في ذمته من مال أو عمل([207]).

المبحث الأول: شروط إباحة العمل الطبي في الفقه الإسلامي والقانون

إن ممارسة الأعمال الطبية تنتفي عنها عدم الشرعية، إذا توافرت شروط معينة، ولا تترتب على الممارسة أية مسؤولية جنائية أو مدنية أو تأديبية.

وقد أجمع الفقه الإسلامي والقانون الوضعي على إباحة العمل الطبي، متى توفرت الشروط الآتية:

الأول: وجود ترخيص قانوني بممارسة العمل الطبي([208])، أو بمنظور إسلامي أن يكون المعالج مرخصا له من صاحب الرعية المختص([209]). فيحضر مزاولة أي عمل من أعمال المهن الطبية بدون ترخيص 

هذا الشرط يعبر عنه في الفقه الإسلامي بإذن الشارع([210])، وذلك بحصول الطبيب على إجازة الطب من جهة أو مؤسسة علمية متخصصة في تدريس العلوم الطبية.

الثاني: رضاء المريض بالعلاج: نظراً لأن سلامة الجسم هي حق من الحقوق الشخصية، وجب الحصول على رضائه بالتدخل الطبي. فيحضر ممارسة العمل الطبي دون رضاء المريض أو رضاء المسؤول عنه قانونا إذا لم يكن راشدا.

فيشترط أن يكون تدخل الطبيب بناء على إذن المريض، إذا كان عاقلا بالغا، أو وليه أن كان قاصرا أو فاقدا للوعي أو مجنونا أو من في حكمه([211]).

ومن هنا، وكقاعدة عامة، فإن الطبيب ملزم لكي يقوم بالعلاج والعمليات الجراحية أن يحصل على رضاء المريض، وفي حال تخلف هذا الرضاء، فإن الطبيب يكون مخطئا، حتى لو لم يرتكب أية أخطاء أثناء مزاولته للعلاج أو الجراحة([212]).

إلا أنه وإن كان رضاء المريض هو شرط الحماية الشرعية، ألا أنه لا يعد سببا من أسباب الإباحة في حالة خطأ الطبيب. فالرضاء ليس صكا على بياض يمنح للطبيب لكي يفعل به ما يشاء. وإن كان الاتجاه الفقهي بدأ يترفق مع الطبيب، ومن ذلك التوسع في شكل الرضاء، فكما يصح أن يكون صريحا فيقبل ضمنا، وكما يصح أن يكون مكتوبا يقبل شفاهة. وكذلك إن كان قاصرا أو معتلا نفسيا أو عقليا فأولياؤه([213]), وفي حالات الضرورة أيضا([214])

إن من حق المريض على الطبيب المعالج، أن يأخذ إذنه عن العلاج أو أي مداخلة طبية له. وإن الأصل أن الطبيب لا يعالج المريض، إلا إذا حصل على الموافقة المبدئية، قبل القيام بالفحوصات أو إعطائه الأدوية، أو إجراء العمليات الجراحية. "ذلك أن الإذن من قبل المريض للطبيب بمباشرة العلاج، أمر تقتضيه حرية الأفراد في أبدانهم، فلا يحق لأي إنسان أن يتصرف في جسم إنسان آخر بغير إذنه"([215]).

وفي الحقيقة، إن ما متع الله به الإنسان من أعضاء وأطراف ومنافع، يعد حقا للإنسان، ولا يجوز أن يتصرف بها غيره إلا برضاه، أو الحصول على إذن من وليه، إن لم يكن أهلا للإذن. فإذا أذن المريض أو وليه بالمعالجة، فقد أسقط عنه المسؤولية، لو ترتب على ذلك ضرر المريض([216]).

ثالثا: لكي يكون العمل الطبي مباحا للطبيب يجب أن يكون العمل وفقا للقواعد العلمية المسلم بها طبيا([217]). فيجب على الطبيب أن يتوخى في القيام بعمله الدقة والالتزام بالأصول العلمية المعترف بها. فإذا أهمل الطبيب الالتزام بالأصول العلمية الثابتة، وترتب على ذلك ضرر للشخص المعالج اعتبر القائم بالعمل الطبي مسؤولاً عن خطئه، ويعتبر ذلك خطأ تترتب عليه مسؤولية الطبيب عن الإخلال بالتزام تفرضه الأصول العلمية الثابتة للمهنة.

ومن هنا لا يعتبر الطبيب مخطئا إذا ما تقيد أثناء مزاولته لعمله بالعادات والقواعد الطبية المستقرة.

أما موقف الفقه الإسلامي، فإنه يجب على الطبيب الالتزام بالأصول العلمية الثابتة في ممارسة العمل الطبي، فإذا أدى عمله بهذه الصورة، فلا يسأل عنه لا جنائيا ولا مدنيا ولا تأديبيا. هذا إذا لم يخطئ في فعله. فإذا أخطأ في فعله فقد اختلف العلماء في حكم هذا الخطأ على النحو التالي:

1- ذهب المالكية إلى التفرقة بين حالتين([218]):

    الحالة الأولى: إذا أخطأ الطبيب في فعله وكان من أهل المعرفة، فإن الدية تكون على عاقلته.

الحالة الثانية: إذا أخطأ الطبيب في فعله ولم يكن من أهل المعرفة، فإنه يعاقب بالضرب والسجن  والدية.

2- أما المذهب الحنفي فقد ذهب بأن الطبيب إذا جاوز المعتاد ضمن، بشرط ألا يترتب على هذا التجاوز هلاك المجني عليه، فإن ترتب عليه الهلاك ضمن نصف الدية، لأن هذه النفس تلفت بمأذون فيه([219]).

3- أما المذهب الشافعي، فيرى أن الطبيب ضامن لخطئه، لأنه ضامن لما جنت يده([220]).

4- أما المذهب الحنبلي، فيرى أن الطبيب لا ضمان عليه إذا عرف منه حذق الصنعة، أما إذا لم يعرف عنه حذق الصنعة ضمن، لأنه لا يجوز له ممارسة الطب في هذه الحالة، لأنه فعل فعلا محرما، ولذا فإنه ضامن([221]).

5- أما المذهب الظاهري، فيرى أنه لاضمان على الطبيب إلا ما ثبت أنه تعدى، والقول في هذه الحالة قوله مع يمينه، ما لم تقم عليه بينة، فإن قامت عليه بينة بالتعدي ضمن([222]).

فالمطلوب من الطبيب أن يكون حسب تعبير الفقهاء، حاذقا عارفا يعطي المهنة حقها، فيحتاط في عمله ويبذل العناية المعتادة من أمثاله في التشخيص والعلاج([223]).

الرابع: أن يكون الهدف من العمل الطبي هو العلاج، فإذا قام الطبيب باستئصال إصبع لأحد الناس بهدف التهرب من الخدمة العسكرية، فإنه يسال عن إحداث عاهة مستديمة عمدا([224]). أو قام بعملية تفريغ لامرأة حامل من زنا بهدف التخلص من العار والفضيحة([225]).

من هنا نلاحظ أنه يجب أن يكون الباعث على عمل الطبيب هو علاج المريض، أو بصفة عامة رعاية مصلحة شرعية. وهذا هو السبب الذي من أجله رخص له الشارع بممارسة عمله، ويسأل الطبيب إذا استهدف بعمله غرضا آخر غير علاج المريض([226]).

إن نقص أي شرط من تلك الشروط ينزع عن العمل الطبي طابع الشرعية لتعلقها بالنظام العام، ومن ثم لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.

أما إذا اكتملت تلك الشروط، فلا يسأل الطبيب حتى ولو ترتب على عمله موت المريض، حيث أن الطبيب يلتزم باتباع وسيلة، أو بتعبير أخر بذل جهد لا بتحقيق نتيجة، وهذا ما يساير الطبيعة الاحتمالية للعمل الطبي.

المبحث الثاني: أساس المسؤولية في الفقه الإسلامي والقانون

وقد رتب الفقه الإسلامي على ذلك، أن الطبيب باعتباره يباشر العلاج للمريض لا يخضع فيما يقوم به من أعمال إلى قاعدة: المباشرة في الضمان، حتى وإن سبب له ضررا أو أذى، طالما لم يقع منه خطأ حسب أصول مهنة التطبيب، وفقا لقاعدة: الجواز الشرعي ينافي الضمان، وقاعدة: أن أداء الواجب لا يتقيد بشرط السلامة، ولأن ما يمكن الاحتراز منه فلا ضمان فيه. من هنا نلاحظ أن الشريعة الإسلامية تشترط لقيام مسؤولية الطبيب المدنية: وقوع خطأ منه في معالجته للمريض، وأن يترتب على هذا الخطأ ضرر، وأن يكون الخطأ هو لسبب في الضرر أي علاقة السببية بين الخطأ والضرر.

أما في القانون الوضعي فهو يتفق مع الفقه الإسلامي في اعتبار الخطأ أساس المسؤولية المدنية للطبيب، ولكن يختلف معه من جهة أن القانون الوضعي، يأخذ بقاعدة الخطأ باعتبارها أساسا عاما للمسؤولية المدنية أيا كان نوعها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

فالخطأ الطبي في القانون الوضعي يستمد أساسه ومعناه من المفاهيم العامة للخطأ في المسؤولية المدنية عن العمل الشخصي وفقا لقاعدة: كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض، ولم يلاحظ أي تشريع خاص نظم الخطأ الطبي على وجه الانفراد بمعزل عن قواعد المسؤولية، سواء في التشريعات العربية أو في التشريعات الأجنبية([227]).

ويتفق القانون الوضعي مع الفقه الإسلامي من حيث عدم مسؤولية الطبيب عن أي ضرر يلحق بالمريض إذا التزم الطبيب في علاجه بالأصول الثابتة أو المتعارف عليها في مهنة الطب، وكان مأذونا من الدولة ومن المريض أو وليه، أو بغير إذنهما في حالات الضرورة أو الخطورة المستعجلة.

المبحث الثالث: الخطأ الجسيم والخطأ اليسير في الفقه الإسلامي والقانون:

لقد أخذ بمعيار التفرقة بين أنواع هذا الخطأ وفكرة الخطأ الجسيم والخطأ اليسير، بعض القانون الوضعي([228]). ويرى أصحاب هذا الفريق أن الخطأ الجسيم يتوافر إذا كان في استطاعة كل شخص توقع النتيجة، والخطأ اليسير يتحقق إذا كان في استطاعة الشخص المعتاد توقعها([229]).

وأصحاب هذا الرأي يرون مسؤولية الطبيب عن الخطأ الجسيم دون الخطأ اليسير، وحجة هذا الرأي مفادها أن الخطأ المهني جائز على كل طبيب لأن الطب من العلوم الأكثر دورانا على الاحتمال واعتمادا على الظروف.

هذا بالإضافة إلى أن مسائلة الطبيب عن الأخطاء اليسيرة، يعد بمثابة تهديد دائم بما يترتب عليه من هدم لملكاته العقلية، فلا يجتهد ولا يبتكر. فلا يسأل الطبيب في هذا الصدد إلا عن خطئه الجسيم.

أما الرأي الثاني، فيرى أنصاره مسؤولية الطبيب عن جميع أخطائه، جسيما كان أم يسيرا، إلا أن أنصار هذا الرأي أخرجوا من نطاق الخطأ اليسير اختلاف الرأي بين الأطباء أو الخطأ المشكوك فيه، قائلين بوجوب ثبوت الخطأ على وجه اليقين والقطع دون الترجيح أو الشك([230]).

أما الفقه الإسلامي، فإنه يرى أن الطبيب لا يضمن إذا قام بشق المريض بإذن وكان معتادا، ولكن بعض الفقهاء اشترط أن لا يكون فاحشا، بمعنى أن الخطأ الذي يؤدي إلى قيام المسؤولية المدنية للطبيب يجب أن يكون فاحشا.

ولقد حاول فقهاء الشريعة المعاصرين توضيح المراد بخطأ الطبيب الفاحش وخطئه غير الفاحش. فالخطأ الفاحش هو الخطأ الجسيم، وهو الخطأ الذي لا يمكن أن يقع فيه طبيب آخر. أما الخطأ اليسير فهو الخطأ الذي يمكن أن يقع فيه طبيب مماثل، والأول يؤدي إلى قيام مسؤولية الطبيب دون الثاني.

إن ما ذهب إليه فقهاء الشريعة المعاصرين من التفرقة بين الخطأ الفاحش "الجسيم", والخطأ غير الفاحش "اليسير"، في المسؤولية الطبية، فيسأل الطبيب عن الأول دون الثاني، هو قول لا أساس له في الشرع، لأن نص الحديث بمسؤولية الطبيب إذا قام بالتطبيب ولم يكن معروفا بالطب، جاء عاما ومطلقا.

أضف إلى ذلك أن بعض الفقهاء القدامى في إشارتهم إلى لفظ "فاحشا" لم يقصدوا به ما ذهب إليه الفقهاء المعاصرون بالتمييز بين النوعين من الخطأ والمسؤولية، وإنما قصدوا به أن الأعمال التي يقوم بها الطبيب لعلاج المريض لا تشكل خطأ يوجب مساءلته إلا إذا كانت مخالفة للأصول الفنية أو العملية لمهنة الطب.

إن من التناقض إطلاق وصف الخطأ اليسير أو غير الفاحش على الأعمال التي يقوم بها الطبيب في معالجة المريض، طالما أنه التزم بالأصول المتعارف عليها في مهنة الطب أثناء معالجته، لأنها من الأعمال المباحة المأذون بها من الشرع ومن المريض أو وليه، فلا يكون مسؤولاً عن آثارها الضارة.

نخلص مما تقدم، بأنه لا حاجة للتمييز بين خطأ جسيم وخطأ يسير لقيام المسؤولية الطبية عن الأول دون الثاني، لأن عمل الطبيب في معالجة المريض لا يخرج عن أحد أمرين:

الأول: التزام الطبيب بالأصول المتعارف عليها والثابتة في مهنة الطب، وفي هذه الحالة تعتبر أعمالا مباحة لأنه مأذون بها من الشرع ومن المريض ولم لم يشف المريض أو مات.

الثاني: خروج الطبيب عن الأصول المتعارف عليها والثابتة في مهنة الطب، وهذا يعتبر خطأ منه يعرضه للمساءلة والتعويض، سواء كان الخطأ يسيـراً أو كان جسيما "فاحشا".

أما في القانون الوضعي، فقد تعرض الرأي السابق للانتقاد الشديد لأن التفرقة بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير وعدم مسؤولية الطبيب عن خطئه إلا إذا كان جسيما لا سند لها في القانون([231])، وليس لها من يبررها أيضا. ثم إن مصلحة الطبيب بتوفير القدر الكافي من الحرية والطمأنينة في مزاولة مهنة الطب تقابلها مصلحة المريض نفسه بعدم تعرضه لخطأ الطبيب أو تركه تحت رحمته بلا حساب أو عقاب.

أضف إلى ذلك، صعوبة التمييز بين ما يعد خطأ يسيرا أو خطأ جسيما، لأن ذلك يتطلب تصنيف الأخطاء وحصرها، وهذا ليس عملا سهلا أو بسيطا والفصل بينهما عسيرا لوجود بعض الأعمال ينطبق عليها كلا الوصفين([232]).

نستطيع أن نخلص هنا إلى أن الاتجاه السائد في الفقه والقضاء، بأنه يجب النظر إلى وحدة الخطأ الطبي، لاتفاقه مع حكم القانون الذي لم يفرق بين نوع وآخر من الأخطاء، بحيث يسأل الطبيب عن أخطائه الضارة بالغير أو بمرضاه دون تفرقة بين خطأ جسيم أو غير جسيم. فالحقيقة الواضحة أن الخطأ المهني لا يتحقق جسيما كان أم يسيرا إلا إذا انحرف الطبيب المعالج عن الأصول المستقرة في علم الطب، والتي لم تعد محل خلاف أو جدال لدى الأطباء أو الفقه الإسلامي أو القانون الوضعي.

وبذلك يتفق حكم القانون الوضعي مع حكم الشريعة الإسلامية حول وحدة مفهوم الخطأ أو وصفه في نطاق المسؤولية المدنية للطبيب.

فالأعمال التي يقوم بها الطبيب في علاج المريض هي أعمال مباحة لأنه مأذون بها شرعا وقانونا، طالما التزم بالأصول الثابتة أو المتعارف عليها في مهنة الطب، فلا مسؤولية عليه ولا ضمان. فإن خرج عليها وثبت خروجه على وجه اليقين أو التحقيق عندئذ يعتبر مخطئا فيتعرض للمساءلة والضمان.

المبحث الرابع: المعيار العام في تقدير الخطأ الطبي في الفقه الإسلامي والقانون

يعد التزام الطبيب بالأصول الثابتة أو المتعارف عليها في مهنة الطب "من الالتزامات غير المحددة، لأن واجب الطبيب بعلاج المريض من الأعمال المظنونة الشفاء، لذلك فهي معرضة للنجاح أو الفشل، حتى وإن التزم الطبيب في علاج المريض بأصول المهنة"([233]).

والمبدأ العام في المجال الطبي، يقضي بالتزام الطبيب ببذل عناية، أي بذل الجهود الصادقة واليقظة، التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة، بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية، وأي إخلال بهذا الالتزام يعد خطأ يترتب عليه مسؤولية الطبيب([234]).

ومعيار الخطأ في هذا الصدد، هو المعيار الموضوعي الذي يقيس الفعل على أساس سلوك معين لا يختلف من حالة إلى أخرى وهو سلوك الشخص المعتاد. أي أن القاضي في سبيل تقدير خطأ طبيب في علاج مريض، يقيس سلوكه على سلوك طبيب آخر من نفس المستوى سواء كان طبيبا عاما، أم طبيبا متخصصا، أم أستاذاً في الطب([235]).

ويتفق الفقه الإسلامي مع القانون الوضعي في أن الأصل أن الطبيب في مواجهة المريض ببذل عناية وحرص، فلا يمكن للطبيب أن يتعهد للمريض بالشفاء وذلك لأن المعطيات الحالية لا يمكن من العناية والحرص الفنيين والتي يمكنه معها الوصول إلى نتيجة وهي الشفاء([236]).

إثبات الخطأ الطبي بين الشريعة والقانون:

إن الأصل في التزام الطبيب تجاه مريضه هو التزام ببذل عناية، وبذلك فإنه على الأخير عبء أثبات خطأ الطبيب، بحيث يجب على المريض أن يقدم الأدلة التي تبرهن على انحراف الطبيب وإهماله وتهاونه في بذل العناية المطلوبة، أو أنه خالف القواعد الفنية المستقرة([237]).

ففي الفقه الإسلامي تطبق القواعد العامة في الإثبات، وهي قاعدة البينة على المدعي وفقا للمادة 76 من المجلة العدلية. فالمضرور، وهو المريض أو ذويه، المكلف بإثبات خطأ الطبيب إلى جانب إثباته للضرر وعلاقة السببية، لقيام مسؤولية الطبيب وإلزامه بالضمان([238]).

أما في القانون الوضعي، فالاتجاه السائد في الفقه والقضاء المقارن يتفق مع الفقه الإسلامي بتطبيق قاعدة: البينة على المدعي، لإثبات الخطأ الطبي، ويقع عبء إثباته على المريض باعتباره هو الذي يدعي خطأ الطبيب مما سبب له ضرر ما، ولأن المسؤولية عن الأعمال الشخصية تقوم على خطأ واجب الإثبات على المضرور لا سيما في التزام الطبيب ببذل العناية المطلوبة لعلاج المريض([239]).

الخاتمة

إن الواجب في كل صنعة، أن يتصدى لها من هو أهل للقيام بها على أكمل وجه، ليكون عمله خاليا من أن تشوبه أية شائبة، من تقصير أو إهمال. وكل ما كانت الصنعة دقيقة ومخطرة، فإن هذا المعنى يتأكد.

وعمل الطبيب يعد من أخطر الأعمال وأجلها، لأنه يتعلق ببدن الإنسان، ولأنه في إقدام على النفوس قد يفضي إلى إتلافها أو جزء منها، فكان الواجب الإسلامي استنادا لنصوص من الكتاب والسنة وقواعد الشريعة العامة، التي تقرر أن من يباشر عملا لا يعرفه أو لا يحسنه أو أخطأ فيه، يكون مسؤولا عن الضرر الذي يصيب الغير، نتيجة هذه المباشرة.

وإذا كان موضوع المسؤولية القانونية عن أعمال التطبيب قد حظي باهتمام الفقه والقانون في العصر الحديث، وثار حوله جدل كبير وصولا إلى الأساس القانوني لحق الطبيب في ممارسة مهنته، وطبيعة هذا الحق، وحدود مسؤوليته، فإنه حري بنا أن نسجل هنا، إحقاق للحق، أن الشريعة الإسلامية قد سبقت التشريعات الوضعية الحديثة في إرساء قواعد المسؤولية الطبية بما يكفل حماية الطبيب ويحفظ حقوق المريض ويشجع على تطوير المنهج العلمي للمهنة.

هذا وحفظا لحق المريض والطبيب معا، بينت الشريعة حكم الضمان وشروطه، لأن المتطبب الذي يتعاطى طبا لا يعرفه أشد مسؤولية من الطبيب العالم الذي يجتهد بعلمه ومهارته فيخطئ في العلاج.

إن الأصل أن يمارس الطبيب عمله بنية علاج المريض ونفعه، وفقا لمعرفته بعلم الطب وأساليبه، ولكنه كأي شخص فهو معرض في مهنته للخطأ والصواب، فالطبيب إذا كان معروفا بحذق الصنعة، أو محيطا بعلم الطب، فيعطى الصنعة حقها بحيث يشهد له سجله الطبي عند الناس بنجاح عمله الطبي، هو كالفقيه الذي أعمل فكره وعقله، وبذل غاية جهده، فلا مسؤولية عليه، وهو مأجور مثاب. ويشفع له في حال الخطأ نيته وقصده الحسن.

ولابد أن نتذكر أن الطبيب إذا أريد مساءلته يجب إثبات أنه كان متعديا حتى لا يقوم بواجبه تحت هاجس الخوف والرعب والقلق، فيؤدي ذلك إلى ترك الأطباء لأعمالهم، وعدم إقدام الآخرين على الانخراط والدخول في القطاع الطبي، وبذلك سيكون المجتمع هو الخاسر الأكبر.

والطبيب يؤدي مهمة إنسانية نبيلة، يقصد بعمله خدمة المريض لا الإضرار به، وهو في كل الأحوال إنسان محسن وليس على المحسنين من سبيل.

ومن هنا فإن الطبيب يكون ملزما ببذل عناية، لا بتحقيق غاية. فليس للمريض أن يشترط على الطبيب تحقيق الشفاء. وليس على الطبيب ضمان في الفقه الإسلامي إذا كانت المعالجة أو الجراحة بإذن من المريض، والطبيب يمارس الطب بإذن عام وبذل جهدا في المعالجة ولم يخالف قواعد المهنة. فإذا جاوز الموضع المرخص له بالعمل، أو ارتكب تعديا أو خطا، فالتجاوز إلى موضع آخر هو خطأ متفق عليه، وارتكاب التعدي هو الآخر فعل متفق عليه، على أنه خطأ يستدعي ضمان الطبيب.

والذي نلاحظه هنا هو أن القانون الوضعي يتفق مع الفقه الإسلامي في مجمل هذه الخلاصة، حيث أنهما يتفقان حول اتخاذ الخطأ أساسا للمسؤولية المدنية للطبيب، وأن التزام الطبيب للمريض هو التزام عناية.

ويتفقان في أن الخطأ الطبي هو إخلال الطبيب بواجب مهنته وخروجه على القواعد الثابتة والأصول المتعارف عليها في مهنة الطب. وأن الخطأ الطبي له مفهوم واحد لا يتجزأ، ولا يصح تقسيمه بالخطأ الجسيم أو اليسير، لأن أعمال الطبيب مباحة طالما التزم الطبيب بقواعد وأصول المهنة.

وأخيرا يتفق القانون الوضعي مع الفقه الإسلامي بأن عبء إثبات الخطأ الطبي هو على المريض بتطبيق قاعدة: البينة على المدعي، لإثبات الخطأ الطبي، ويقع إثباته على المريض باعتباره هو الذي يدعي خطأ الطبيب مما سبب له الضرر.

(*) منشور في "المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية"، العدد (2)، 1427ه‍/ 2006م.

الهوامش:

 


([1]) النفيسة، عبد الرحمن حسن، مسؤولية الأطباء، بحث في مجلة البحوث الفقهية، السعودية، العدد 3، السنة الأولى، ربيع (1410ﻫ)، ص196.

([2]) د. أحمد شرف الدين، مسؤولية الطبيب وإدارة المرفق الصحي العام، ص36، ط 1983م.

([3]) ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ط 1، (1368ﻫ)، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، كتاب الضاد، باب الضاد والميم وما يماثلهما، ج3، ص372. ابن منظور، محمد بن مكرم (ت 711ه‍/ 1311م)، لسان العرب، ط 1، (1990م)، دار صادر، بيروت، باب النون، فصل الضاد، ج3، ص257. الجوهري، إسماعيل بن حماد (ت 392ه‍/ 1002م)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ط 2، (1979م)، دار العلم للملايين، باب النون، فصل الضاد، ج6، ص2155. الفيروزأبادي، محمد بن يعقوب (ت 817ه‍/ 1414م)، القاموس المحيط، ط 3، (1993م)، مؤسسة الرسالة، بيروت، باب النون، فصل الضاد، ص 1564. الزبيدي، محمد مرتضى (ت 1205ه‍/ 1791م)، تاج العروس من جواهر القاموس (د. ت)، دار مكتبة الحياة، بيروت، باب النون فصل الضاد، ج9، ص265. الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، تهذيب اللغة (د. ت)، الدار المصرية للتأليف والترجمة، باب الضاد والنون، ج12، ص49. الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر (ت 538ه‍/ 1143م)، أساس البلاغة، ط 2، (1965م)، دار صادر، بيروت، باب الضاد، ص 378. البستاني، الشيخ عبد الله، فاكهة البستان (1930م)، المطبعة الأميركانية، بيروت، باب الضاد، ج2، ص846. إبراهيم أنيس وزملاؤه، المعجم الوسيط، ط 2، (د. ت)، باب الضاد، ج1، ص544.

([4]) الحموي، أحمد بن محمد (ت 854ه‍/ 1450م)، غمز العيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر، ط 1، (1985م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج4، ص6. النووي، أبو زكريا يحي بن شرف الدين الدمشقي الشافعي (ت 676ه‍/ 1277م)، روضة الطالبين، ومعه المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي، ومنتقى الينبوع فيما زاد على الروضة من الفروع، للإمام السيوطي (ت911ه‍/ 1505م)، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض (د. ت)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص437. ابن قدامة المقدسي، موفق الدين أبو محمد بن عبد الله بن أحمد (ت 620)، المغني والشرح الكبير، ط 1، (1996م)، عالم الكتب، بيروت، ج4، ص590.

([5]الموسوعة الفقهية الكويتية، صادرة عن وزارة الشؤون الإسلامية، ط 2، (1404ﻫ)، ذات السلال، الكويت، ج28، ص219-220.

([6]) المغربي، محمد بن عبد الرحمن، كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، ط 2، (1398ﻫ)، دار الفكر، بيروت، ج5، ص96. الدردير، أبو البركات أحمد بن محمد (ت 1201ه‍/1787م)، الشرح الكبير(د. ت)، دار الفكر، بيروت، ج3، ص329 الخرشي، محمد بن عبد الله بن علي (ت 1102ه‍/1691م)، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل مع حاشية الشيخ علي العدوي (1977م)، مطبعة بولاق، مصر، ج6، ص21.

([7]) الشربيني، محمد بن أحمد الخطيب (ت 977ه‍/ 1569م)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (د. ت)، دار الفكر، بيروت، ج2، ص37.

([8]) الكهوجي، عبد الله بن الشيخ حسن، زاد المحتاج بشرح المنهاج، ط1، (1982م)، الشؤون الدينية بدولة قطر، الدوحة، ج2، ص223.

([9]) ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد بن عبد الله بن أحمد (ت 620ه‍ ) المغني والشرح الكبير، ط1، (1996م)، عالم الكتب، بيروت، ج6، ص350.

([10]) الزرقا، مصطفى أحمد، المدخل الفقهي العام، ط10، (1968م) مطبعة طربين، دمشق، ج2، ص1032، ف 648.

([11]) الزحيلي، وهبة، نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، ط2، (1982)، دار الفكر، دمشق، ص 14-15.

([12]) فيض الله، محمد فوزي، نظرية الضمان في الفقه الإسلامي، ط1، (1983م)، دار التراث، الكويت، ص 15.

([13]) الزحيلي، وهبة، نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي، ص 15.

([14]) السنهوري, عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (1998م)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ص 655، 755.

([15]) المادة 416.

([16]) السرخسي، أبو بكر محمد بن أبي سهل (ت 349ﻫ)، المبسوط (1989م)، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص54. الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط1، (1997م)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج6، ص131.

([17]) الغصب: إزالة يد الملك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة بفعل بالمال. أو: هو استيلاء المرء على حق غيره غلبة واقتدارا. انظر: سانو، قطب مصطفى، معجم مصطلحات أصول الفقه, ط1، (2000م)، دار الفكر، دمشق، ص307.

([18]) العدوان: الاعتداء في قول أو فعل أو حال. انظر: المناوي، محمد عبد الرؤوف بن علي زين الدين (ت 1031ﻫ)، التوقيف على مهمات التعاريف، ط1، (1410ﻫ)، دار الفكر، بيروت، ج1، ص508.

([19]) الإتلاف: إخراج الشيء من أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة. انظر: قلعجي، محمد رواس، معجم لغة الفقهاء، ط1، (1996م)، دار النفائس، بيروت، ص19.

([20]) ابن رشد (الحفيد)، محمد بن أحمد القرطبي (ت 604ﻫ)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ط1، (1997م)، مكتبة الإيمان، المنصورة، ج2، ص237. القرافي، أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي (ت 684)، الفروق، أو أنوار البروق في أنواء الفروق (1998م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج2، ص335. إلا أن القرافي عدل في كتابه "الذخيرة" عن كلمة العدوان، فقال: "أسباب الضمان: الإتلاف والتسبب للإتلاف ووضع اليد غير المؤتمنة". انظر: القرافي، أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي، الذخيرة، ط1، (1994م)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ج5، ص347.

([21]) معني وضع اليد: حيازة الشيء والاستيلاء عليه مع حرية التصرف فيه. انظر: أبو حبيب، سعدي، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ط1، (1982م)، دار الفكر، دمشق، ص104.

([22]) السبكي، علي بن عبد الكافي (ت 756ﻫ)، الإبهاج في شرح المنهاج، ط1، (1404ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص124. الزركشي، محمد بن بهادر (ت 794ﻫ)، المنثور في القواعد، ط2، (1405ﻫ)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ج2، ص322. السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر الشافعي (ت 911ﻫ)، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، ط1، (1998م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج2، ص221.

([23]) العقد: ربط أجزاء التصرف بالإيجاب والقبول شرعا. انظر: الجرجاني، علي بن محمد، كتاب التعريفات، ط1، (1405)، دار الكتاب العربي، بيروت، ص196.

([24]) الحيلولة: المنع من التصرف في الشيء. السيوطي: الأشباه والنظائر، ج2، ص105.

([25]) ابن رجب، أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب (ت 795ﻫ)، القواعد في الفقه الإسلامي (د. ت)، دار الكتب العلمية، بيروت، ص196. قاعدة رقم 89.

([26]) الجزازي، إبراهيم، الضرر المعنوي وتعويضه في المسؤولية التقصيرية وفق أحكام القانون المدني الأردني (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير (1993م)، الجامعة الأردنية، ص57.

([27]) الزحيلي، نظرية الضمان، ص18-26.

([28]) مرقس، سليمان، محاضرات في المسؤولية المدنية في تقنيات البلاد العربية (1958م)، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة، ص137. الزيني، محمد محمد عبد العزيز، مسؤولية الأطباء عن العمليات التعويضية والتجميلية والرتق العذري في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي (1993م)، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، ص108-109.

([29]) مرقس، سليمان، محاضرات في المسؤولية المدنية في تقنيات البلاد العربية، ص26.

([30]) فيض الله، نظرية الضمان في الفقه الإسلامي، ص88. الزحيلي، نظرية الضمان، ص 26. المحمصاني، صبحي، النظرية العامة للموجبات والعقود (1367ﻫ)، مكتبة الكشاف، بيروت، ج1، ص180. الغامدي، عبد الله بن سالم، مسؤولية الطبيب المهنية، دراسة تأصيلية مقارنة بالشريعة الإسلامية والقوانين المعاصرة، ط1، (1418ﻫ)، دار الأندلس الخضراء، جدة، ص197.

([31]) الغزالي، الوجيز، ج1، ص205. ج2، ص48.

([32]) عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي، دار الكتاب العربي، بيروت، ج1، ص451.

([33]) السماحي، المرسي، الجناية على الأبدان وموجبها في الفقه الإسلامي، ط1، (1985م)، مكتبة عالم الفكر، ص105.

([34]) الغزالي، الوجيز، ج1، ص205. ج2، ص48. جمعة، رضوان محمد، العلاقة بين الطبيب والمريض وآثارها، رسالة دكتوراه (1413ﻫ)، جامعة الأزهر، ص373 وما بعدها.

([35]) السماحي، الجناية على الأبدان، ص155.

([36]) عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي، ج1، ص455 وما بعدها.

([37]المجلة، 887.

([38]المجلة، 888.

([39]) الزحيلي، وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، ج6، ص4825.

([40]) الدردير، أبو بركات بن أحمد بن محمد (ت 1201ﻫ)، الشرح الكبير (1377ﻫ)، مطبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، ج5، ص152 وما بعدها. سراج، محمد أحمد، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، ط1، (1409 ﻫ)، دار الثقافة والتوزيع والنشر، القاهرة، ص316. الغامدي، مسؤولية الطبيب المهنية (مرجع سابق)، ص198.

([41]) ابن عابدين، محمد أحمد بن عمر بن عبد العزيز (ت 1252ﻫ)، حاشية ابن عابدين، المسماة: (رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار)، (1966م)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ج5، ص592.

([42]) الزعبي، محمد يوسف، المسؤولية المباشر والمتسبب في القانون المدني الأردني (1987م)، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد الثاني، العدد الأول، ص159.

([43]) ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج9، ص331. عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي، ج1، ص455 وما بعدها. ابن نجيم، زين العابدين بن إبراهيم (ت 970ﻫ)، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان (1980م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ص81.

([44]) الغامدي، مسؤولية الطبيب المهنية، ص104-105.

([45]) المحمصاني، صبحي، النظرية العامة للموجبات، ج1، ص180.

([46]) الغامدي، مسؤولية الطبيب المهنية، ص105.

([47]) نص هذه المادة أخذ عن أصله في مجلة الأحكام العدلية بالمادة (916)، والمادة (960) منها.

([48]) الحياري، أحمد حسن عباس، المسؤولية المدنية للطبيب (2005م)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ص141.

([49]) سوار، محمد وحيد الدين، النظرية العامة للالتزام، ط8، (1995-1996م)، مطبعة جامعة دمشق، ج2، ص417.

([50]) الحياري، أحمد حسن عباس، المسؤولية المدنية، ص142.

([51]) الزعبي، محمد يوسف، المسؤولية المباشر والمتسبب في القانون المدني الأردني (1987م)، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد الثاني، العدد الأول، ص888.

([52]) العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج1، ص56 وما بعدها.

([53]) الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب (ت 450ﻫ)، الأحكام السلطانية، (1982م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ص255-256.

([54]) إبراهيم، أحمد، مسؤولية الأطباء الشريعة الإسلامية والقانون، مجلة الأزهر، مجلد، 20، عدد، 3 (1368ﻫ)، ص23.

([55]) ابن فرحون، إبراهيم بن علي بن محمد اليعمري (ت 799ﻫ)، تبصرة الحكام في الأقضية ومناهج الحكام، ط1، (1301)، المطبعة العمرة الشرقية، مصر، ج2، ص166.

([56]) الدسوقي، محمد بن عرفة (ت 1230ﻫ)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (د.ت)، مطبعة البابي الحلبي، مصر، ج4، ص228.

([57]) الزرقاني، عبد الباقي بن يوسف (ت 1099ﻫ)، شرح الزرقاني على مختصر خليل، بهامشه حاشية البناني (د.ت)، مطبعة محمد أفندي مصطفى، مصر، ج7، ص29.

([58]) ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج6، ص120.

([59]) البار، محمد علي، المسؤولية الطبية لأخلاقيات الطبيب، ط1، (1416ﻫ)، دار المنارة للنشر والتوزيع، جدة، ص18-24.

([60]) الزحيلي، وهبه، الفقه لإسلامي وأدلته، ج4، ص2871.

([61]) عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي في الإسلام، ج1، ص520. محمد مخلوف، فتاوى شرعية (1993م)، دار التوزيع الإسلامية، القاهرة، ص108. النجار، محمد علي، حول مسؤولية الأطباء، مجلة الأزهر، مجلد 2، عدد 58، ص 52. مجلة الأحكام العدلية، ص91.

([62]) ابن الأخوة القرشي، محمد بن محمد بن أحمد (ت 729ﻫ)، معلم القربة في أحكام الحسبة (1937م)، نقل وتصحيح روبن ليوي، مطبعة دار الفنون، كمبرج، ص158.

([63]) سبق تخريجه. صحيح البخاري، بشرح فتح الباري، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، ج3، ص573.

([64]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج2، ص356. ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله الإشبيلي (ت 543ﻫ)، أحكام القرآن (د.ت) تحقيق علي محمد البجاوي، نشر دار المعرفة، القاهرة، ج1، ص112.

([65]) الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الطوسي (ت 505ﻫ)، إحياء علوم الدين (1939م)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ج2، ص261. وانظر:المقري، أبو عبد الله أحمد التلمساني (ت 758ﻫ)، قواعد المقري (د. ت)، تحقيق ودراسة أحمد بن عبد الله بن حميد، شركة مكة للطباعة والنشر، ج2، ص600.

([66]) ابن مفلح، أبو عبد الله محمد المقدسي (ت 884ﻫ)، الآداب الشرعية والمنح الرعية (1391ﻫ)، نشر مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ج3، ص473.

([67]) ابن أبي زيد، محمد عبد الله بن عبد الرحمن القيرواني (ت 386ﻫ)، الجامع في السنن والآداب والتاريخ والمغازي، ط3، (د.ت)، تحقيق محمد أبو الأجفان وعثمان بطيخ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص236. الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف (ت 474)، المنتقى شرح الموطأ، ط1، (1966م)، مطبعة السلطان عبد الحفيظ، مصر ج7، ص77.

([68]) ابن المناصف، محمد بن عيسى (ت 620ﻫ)، تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام (1988م)، أعده للنشر عبد الحفيظ منصور، دار التركي للطباعة والنشر، تونس، ص354.

([69]) أبو داود، السنن، كتاب الديات، ج18، ص107. النسائي، سنن النسائي، كتاب القسامة باب صفة شبه العمد، حديث رقم 4845، ج8، ص52-53. ابن ماجه، سنن، كتاب الطب، باب من تطبب، حديث رقم 3466، ج2، ص118. الدارقطني، سنن، كتاب الحدود والديات، ج3، ص195-196. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك، ج4، ص212، وقال حديث صحيح. الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة، ط4، (1985م)، نشر المكتب الإسلامي، بيروت، ص635.

([70]) الشوكاني، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار، ج5، ص316.

([71]) الزيني، محمد محمد عبد العزيز، مسؤولية الأطباء عن العمليات التعويضية والتجميلية والرتق العزري في الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي (1993م)، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية، ص108-109.

([72]) ابن القيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي (ت 761ﻫ)، زاد المعاد في هدى خير الأنام، ط8، (د.ت)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج4، ص138.

([73]) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص313. وانظر: ابن حجر الهيثمي، أبي العباس أحمد بن شهاب الدين (ت 974ﻫ)، الفتاوى الكبرى، وبهامشه فتاوى شمس الدين الرملي (د. ت)، مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني، مصر ج4، ص220.

([74]) ابن قاضي سماوة، بدر الدين محمود بن إسرائيل (ت 822ﻫ), جامع الفصولين، ط1، (1300ﻫ)، المطبعة الأزهرية، القاهرة، ج2، ص186.

([75]) الطرابلسي، علاء الدين أبو الحسين، علي بن خليل الحنفي (ت 844ﻫ)، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من أحكام، ط2، (1973)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر،ص204. وانظر: ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص290.

([76]) التهانوي، ظفر الدين أحمد العثماني (ت 1394ﻫ)، إعلان السنن (د.ت)، إدارة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، كرا تشي، ج18، ص232.

([77]) خليل بن إسحاق الجندي (ت 776ﻫ)، مختصر خليل على شرح الزرقاني (د.ت)، مطبعة محمد أفندي مصطفى، مصر، ص332.

([78]) ابن فرحون، تبصرة الحكام في الأقضية ومناهج الحكام، ج2، ص166.

([79]) ابن الصلاح، تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى (ت643ﻫ)، فتاوي ابن الصلاح، ط1 (1986م)، دار المعرفة، بيروت، ج2، ص464.

([80]) النفراوي، ابن غنيم، الفواكه والدواني شرح رسالة أبي زيد القيرواني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ج2، ص440.

([81]) ابن حجر، الفتاوى، ج4، ص220.

([82]) ابن مفلح، الآداب الشرعية، ج2، ص474.

([83]) البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح الدين (ت 1051ﻫ)، الروض المربع زاد المستنفع، بهامش حاشية ابن قاسم (1983)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج5، ص338.

([84]المغني والشرح الكبير، ج5، ص538.

([85]) البهنسي، أحمد، الدية في الشريعة الإسلامية، ط4 (1988م)، دار الشروق، ص56-67.

([86]) عبد السلام التونجي، المسؤولية المدنية، مسؤولية الطبيب، ص47.

([87]) عبد السلام التونجي، المسؤولية المدنية، مسؤولية الطبيب، ص47.

([88]) ابن القيم الجوزية، زاد المعاد، ج4، ص19.

([89]) الخطابي، أبو سليمان حمد بن محمد ألبستي (ت 388ﻫ)، معالم السنن بذيل مختصر أبي داود المنذري (1948م)، مطبعة أنصار السنة، ج6، ص378.

([90]) ابن مفلح، الآداب الشرعية، ج2، ص453.

([91]) ابن القيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي (ت 761ﻫ)، الطب النبوي (د.ت)، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ص130.

([92]المنجد في اللغة والإعلام، ط20، (1996م)، توزيع دار المشرق، بيروت، ص186. الفيروز أبادي، القاموس المحيط، ص49. المعجم الوسيط، ص242.

([93]) ابن منظور، لسان العرب، مادة: خطأ، باب الألف، فصل الخاء، ج1، ص54.

([94]) المرجع نفسه.

([95]) أبو هيف، علي صادق، الدية في الشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، (1932م)، جامعة الأزهر، القاهرة.

([96]) الجر جاني، التعريفات، ص68.

([97]) ابن الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد الحنفي (ت 861ﻫ)، شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدىء (1356ﻫ)، مطابع مصطفى محمد، مصر، ج10، ص203.

([98]) الخضري، محمد، أصول الفقه، ط 6، (1969م)، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ص105.

([99]المرجع نفسه.

([100]) أبو زهرة، محمد، أصول الفقه (1993م)، دار الفكر، بيروت، ص352 وما بعدها.

([101]) الألباني، محمد ناصر الدين، الجامع الصغير وزياداته (الفتح الكبير)، المكتب الإسلامي، بيروت، ج1، ص659. رقم 3515.

([102]) زيدان، عبد الكريم، الوجيز في أصول الفقه، ط7، (1997م)، مؤسسة الرسالة، بيروت. ص 115. الخضري، أصول الفقه، ص105.

([103]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص305. ابن عابدين، رد المحتار، ج6، ص567-568. الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص321. الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج8، ص35. ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج10، ص349-350. الخضري، أصول الفقه  ص105. زيدان، عبد الكريم، الوجيز في أصول الفقه، ص115. أبو زهرة، أصول الفقه، 353.

([104]) الخضري، أصول الفقه، ص105. زيدان، عبد الكريم، ص115. أبو زهرة، محمد، أصول الفقه، ص353.

([105]) الزحيلي، وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، ج6، ص4825.

([106]) البخاري، محمد بن إسماعيل (ت 256ﻫ) صحيح البخاري، مطبعة بيت الأفكار الدولية، كتاب الإعتصام، رقم 7352. ص1400. مسلم، صحيح مسلم، حديث رقم 1716.

([107]) ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ﻫ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ط1، (1997م)، دار الفيحاء، دمشق، ج13، ص318.

([108]) القرافي، الذخيرة، ج5، ص348. وانظر: الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص115-117. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج14، ص356-357.

([109]) الندوي، علي أحمد، القواعد الفقهية، ط4، (1998م)، دار القلم، دمشق، ص351. الزرقا، أحمد بن محمد، شرح القواعد الفقهية، ص431. وانظر: السيوطي، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، ج1، ص178. ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص85.

([110]) الخفيف، علي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص6 وما بعدها، 73 وما بعدها.

([111]) المادة: 163 مدني مصري: المادة 164 مدني سوري.

([112]) المادة 164 مدني مصري.

([113]) الخفيف، علي، الضمان في الفقه الإسلامي (1971م)، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، ص6 وما بعدها. ص73. وما بعدها.

([114]) الشريف، عبد السلام، مسؤولية الطبيب في الفقه الإسلامي، بحث مقدم لندوة: "المسؤولية الطبية"، جامعة قار يونس، بنغازي، ليبيا (1991م)، ص16-18.

([115]) شرف الدين، أحمد، الضوابط القانونية لمشروعية زرع الأعضاء البشرية (1979م)، الكويت، العددان، 6-7، السنة الرابعة، ص37.

([116]) قيل أن أول من نظم كيفية حصول الشخص على إذن الشارع لمزاولة مهنة الطبيب كان في عهد الخليفة المقتدر بالله، سنة 319. انظر: ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أبو العباس، عيون الأنباء في طبقات الأطباء (1965م)، دار الحياة، بيروت، ص550.

([117]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص156.

([118]) ابن القيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي (ت 761ﻫ)، إعلام الموقعين عن رب العلمين (1397ﻫ)، دار الفكر، بيروت، ج2، ص152.

([119]) ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج7، ص468.

([120]) المقري، قواعد المقري، ج2، ص603.

([121]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج3، ص19. ابن القيم، إعلام الموقعين، ج2، ص152.

([122]) البوطي، محمد سعيد رمضان، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ط2، (1992م)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص81.

([123]) المقري، قواعد المقري، ج2، ص597.

([124]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص305. ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج6، ص567-568. الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص321. الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج8، ص35. ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج10، ص349-350.

([125]) انظر: الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص305.

([126]) البابرتي، شرح العناية على الهداية، ج9، ص128.

([127]) عياد، مصطفى عبد الحميد، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، بحث مقارن بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مؤتمر جامعة جرش (1999م)، ص5-7.

([128]) الحسيني، عبد اللطيف، المسؤولية المدنية عن الأخطاء المهنية، (1987م)، الشركة العلمية للكتاب، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ص49.

([129]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج9، ص94. المبسوط، ج16، ص11. البغدادي، غياث الدين أبو محمد بن غانم بن محمد (ت 1027ﻫ)، مجمع الضمانات في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، ط1، (1999م) دار السلام، مصر، ج1، ص125

([130]) ابن رشد (الحفيد)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص9. الدردير، أبو البركات أحمد بن محمد (ت 1201ﻫ)، الشرح الكبير (د.ت)، دار الفكر، بيروت، لبنان، ج9، ص258.

([131]) النووي، روضة الطالبين، ج4، ص300. الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب (ت 450ﻫ)، الحاوي الكبير (1994م)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج7، ص472.

([132]) ابن مفلح، أبو عبد الله محمد المقدسي (ت 884ﻫ)، كتاب الفروع، ط4، (1985م)، عالم الكتب، بيروت، ج4، ص451. المغني والشرح الكبير، ج7، ص468.

([133]) ابن حزم، علي بن أحمد بن سعيد (ت 456ﻫ)، المحلى بالآثار، ط2، (1356ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج7، ص28.

([134]) فصد المريض: شق وريده وإخراج مقدارا من دمه بقصد التداوي، والفصاد: الذي يمارس هذه المهنة. معجم لغة الفقهاء، ص315. القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ص286.

([135]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج9، ص91.

([136]) السمرقندي، محمد بن أحمد (ت 743ﻫ)، تحفة الفقهاء (1405ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ج2، ص353.

([137]) الدردير، الشرح الكبير، ج2، ص258.

([138]) النووي، روضة الطالبين، ج4، ص300.

([139]المغني والشرح الكبير، ج7، ص468.

([140]) وهبه الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج4، ص2870-2871.

([141]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص305. المغني مع الشرح الكبير، ج6، ص120. ابن القيم الجوزية، زاد المعاد، ج3، ص109. ابن مفلح، كتاب الفروع، ج4، ص451. الشرح الصغير على أقرب المسالك، ج4، ص47. الصنعاني، سبل السلام، ج3، ص250. أبو زهرة، محمد، الجريمة والعقوبة (1979م)، دار الفكر، بيروت، لبنان، ص426.

([142]) البابرتي، محمد بن محمد بن محمود (ت 786ﻫ)، شرح العناية على الهداية (د. ت)، دار الفكر بيروت، ج9، ص128.

([143]) البغدادي، مجمع الضمانات في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، ج1، ص145.

([144]) الصنعاني، سبل السلام، ج3، ص250.

([145]) الأردبيلي، يوسف بن إبراهيم (ت 779ﻫ)، الأنوار لأعمال الأبرار، مطبعة المدني، القاهرة، ج2، ص524.

([146]) الزرقا، أحمد بن محمد (ت 1357ﻫ)، شرح القواعد الفقهية (1998م)، دار القلم، دمشق، ص 449. الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج4، ص28.

([147]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص305. التشريع الجنائي الإسلامي, ج1، ص 253.

([148]) البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح الدين (ت 1051ﻫ)، كشاف الاقناع عن متن الإقناع (1319ﻫ)، المطبعة الشرقية، القاهرة، ص216. الرملي، شمس الدين محمد بن أحمد بن شهاب (ت 1004ﻫ)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ومعه حاشية الشبراملسي والرشيدي (1386ﻫ)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ج8، ص2. المغني مع الشرح الكبير، ج6، ص20.

([149]) المغربي، محمد بن عبد الرحمن، كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، ط2، (1398ﻫ)، دار الفكر، بيروت، ج6، ص321.

([150]) ابن مفلح، كتاب الفروع، ج4، ص451.

([151]) ابن حزم، المحلى بالآثار، ج11، ص145.

([152]) التشريع الجنائي الإسلامي، ج1، ص522.

([153]) السرطاوي، محمود، المسؤولية المدنية للطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية (1982م)، المجلد التاسع، العدد 1، حزيران، ص144.

([154]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ط1، (1991م)، مكتبة الفارابي، دمشق، ص306.

([155]) الباجي، المنتقى شرح الموطأ، ج7، ص77. ابن رشد الجد، أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي (ت 520ﻫ)، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في المسائل المستخرجة (1984/ م1986) دار الغرب الإسلامي، بيروت/ إدارة إحياء التراث الإسلامي، قطر ج9، ص368. ابن رشد الجد، أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي (ت 520ﻫ)، الجامع من المقدمات، ط1، (1985م)، تحقيق المختار التلبي، دار الفرقان، عمان، الأردن، ج2، ص251.

([156]) الونشريسي، أبو العباس أحمد بن يحي (ت 914ﻫ)، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والمغرب (1981م)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ج2، ص295.

([157]) الزرقاني، شرح الزرقاني على مختصر خليل، ج8، ص117.

([158]) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص431. عبد الوهاب القاضي، أبو محمد بن علي بن نصر البغدادي (ت 422ﻫ)، الإشراف على مسائل الخلاف (د.ت)، مطبعة الإرادة، تونس, ج2، ص186.

([159]) الرصاع، أبو عبد الله محمد الأنصاري (ت 849ﻫ)، شرح حدود ابن عرفة، ط1، (1350ﻫ)، المطبعة التونسية، سوق البلاط، تونس، ص479.

([160]) الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج8، ص35. البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود (ت 516ﻫ)، شرح السنة (د.ت)، تحقيق شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، مطبعة المكتب الإسلامي، بيروت، ج10، ص341.

([161]) ابن رشد الجد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في المسائل المستخرجة، ج16، ص69. الباجي، المنتقى شرح الموطأ، ج7، ص77. الخرشي، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل مع حاشية الشيخ علي العدوي، ج8، ص111.

([162]) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص313.

([163]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص306-308.

([164]) ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية، ج2، ص231. ابن جزي، أبو القاسم محمد بن أحمد (ت 741ﻫ)، قوانين الأحكام الشرعية (1966م)، دار العلم للملايين، بيروت، ج2، ص474. ابن رشد الجد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في المسائل المستخرجة، ج9، ص348. ابن رشد الجد، الجامع من المقدمات، ج2، ص251.

([165]) السرطاوي، محمود، المسؤولية المدنية للطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ص139.

([166]) الطحطاوي، أحمد بن محمد بن إسماعيل (ت 1231ﻫ)، حاشية الطحطاوي على الدر المختار (1238ﻫ)، المطبعة العامرة، القاهرة، ج4، ص84. الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (د.ت)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ص193.

([167]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص169.

([168]) الزرقا، أحمد بن محمد، شرح القواعد الفقهية، ص144.

([169]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص309.

([170]) شرف الدين، أحمد، مسؤولية الطبيب وإدارة المرفق الصحي العام، مجلة إدارة الفتوى والتشريع (1982م)، الكويت، سنة2، عدد2، ص1443.

([171]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص169.

([172]) السرطاوي، محمود، المسؤولية المدنية للطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ص139.

([173]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص310

([174]) المليباري، فتح المعين شرح قرة العين بمبهمات الدين، ص254. وانظر: حاشية الحاج إبراهيم على الأنوار, ج1، ص599.

([175]) علي، جابر محجوب، دور الإدارة في العمل الطبي (دراسة مقارنة) (2000م)، لجنة التأليف والتعريب والنشر، جامعة الكويت، الكويت، ص49-53.

([176]) الشافعي، الأم، ج6، ص52.

([177]) الونشريسي، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والمغرب، ج8، ص30.

([178]) السرخسي، المبسوط، ج16، ص14. الحصكفي، الدر المحتار، بهامش رد المختار، ج6، ص69. الفتاوى الهندية، ج6، ص34.

([179]الموطأ، كتاب العقوب، باب عقل الجراح في الخطأ، ص614. ابن رشد، بداية المجتهد، ج2، ص418. الدردير، الشرح الكبير، ج2، ص258. شرح الزرقاني على مختصر الخليل، ج7، ص29.

([180]) الأردبيلي، الأنوار لأعمال الأبرار، ج2، ص523. الأخوة، محمد بن محمد، معالم القربة في أحكام الحسبة، ص164.

([181]) ابن مفلح، الآداب الشرعية، ج2، ص474. البعلي، أحمد بن عبد الله بن أحمد (ت 1189ﻫ)، الروض الندي شرح كافي المبتدي (د.ت)، المطبعة السلفية، القاهرة، ص 217.

([182]) الضاوي، أحمد (ت 965ﻫ)، بلغة السالك لأقرب المسالك (1995م)، دار الفكر، بيروت، ج2، ص46.

([183]) المازري، أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي (ت 536ﻫ)، المعلم بفوائد مسلم (1987م) تحقيق الشيخ الشاذلي النيفر، الدار التونسية للنشر، تونس، ج1، ص305.

([184]) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد , ج2، ص313.

([185]) الشنقيطي، محمد المختار بن أحمد، أحكام الجراحة الطبية وآثارها الترتبة عليها (1993م)، طباعة مكتبة الصديق، الطائف، ص 508.

([186]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص301-302.

([187]) ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية، ج2، ص243.

([188]) العاقلة: في اللغة: هم العصبة، وهم القرابة من قبل الأب، ابن منظور، لسان العرب، مادة: "عقل"، ج11، ص458-462.

([189]) ابن المنذر، أبو بكر محمد بن إبراهيم (ت 318ﻫ)، الإجماع (1401ﻫ)، مطابع الدوحة، قطر، ص151. ف 701.

([190]) مالك، الموطأ، كتاب العقول، باب عقل الجراح في الخطأ، ج2، ص853.

([191]) الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج8، ص35.

([192]) ابن مفلح الحنبلي، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد (ت 884ﻫ)، المبدع شرح المقنع (1980م)، المكتب الإسلامي، بيروت، ج5، ص110-111.

([193]) الخطابي، معالم السنن، ج6، ص38-379.

([194]) القاسم، محمد هشام، المسؤولية الطبية من الوجهة المدنية، مجلة الحقوق والشريعة، يونيو (1981م)، السنة الخامسة، العدد الثاني، الكويت، ص79.

([195]) الحاكم، المستدرك على الصحيحين، كتاب البيوع، ج2، ص58. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. ابن ماجه، سنن، أبواب الأحكام، ص335. وأخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء بالمرافق، ج2، ص745. رقم 1234.

([196]) انظر شرح هذه القاعدة، في: الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج6، ص165. ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص 85. السيوطي، الأشباه والنظائر، ج1، ص178. الزرقا، أحمد بن محمد، شرح القواعد الفقهية، ص165.

([197]) الحصكفي، الدر المختار، ج5، ص415.

([198]) المليباري، زين الدين شهيد العزيز بن زين الدين (ت 987ﻫ)، فتح المعين شرح قرة العين بمبهمات الدين، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر، ص254.

([199]) البزاز، محمد بن محمد بن شهاب الدين (ت 827ﻫ)، الفتاوى البزازية، أو الجامع الوجيز (1973م)، المطبعة الأميرية، مصر، ج5، ص90.

([200]) ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج7، ص476.

([201]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج9، ص98.

([202]) ابن قدامة، المغني والشرح الكبير، ج7، ص476.

([203]) الخرشي، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل مع حاشية الشيخ علي العدوي، ج7، ص29. القرافي، الذخيرة، ج5، ص448.

([204]) مجموعة من أهل العلم، المعجم الوسيط (1400ﻫ)، نشر معجم اللغة العربية، مصر، ج1، ص411 مادة سأل.

([205]) قائد، أسامة عبد الله، المسؤولية الجنائية للأطباء (1997م)، دار النهضة العربية، ص289. التونجي، عبد السلام، مسؤولية الطبيب المدنية، دراسة مقارنة، ط1، (1967م)، دار المعارف، لبنان، ص46-47.

([206]) الدردير، الشرح الكبير، ج3، ص329.

([207]) الزحيلي، وهبه، نظرية الضمان في الفقه الإسلامي، ص6.

([208]) راجع المادة التاسعة من قانون نقابة الأطباء الأردني. المادة الثالثة من قانون الأطباء العراقي 81 لعام 1984م، والمادة الثانية من قانون نقابة الأطباء المصري، 45 لعام 1969م.

([209]المغني والشرح الكبير، ج6، ص120

([210]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج6، ص567-568.

([211]) ابن حزم، المحلى، ج10، ص444، ابن قدامة، المغني، ج6، ص121. شرف الدين، أحمد، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية (1403ﻫ)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ص50.

([212]) منصور، محمد حسين، الخطأ الطبي في العلاج، بحث ضمن كتاب "المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين، عنوان البحث "المسؤولية الطبية" (2000م)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ج1، ص23.

([213]) الجوهري، محمد فائق، أطباء ومرضى، القاهرة (1952م)، ص245. الباز، محمد علي، المسؤولية الطبية لأخلاقيات الطبيب، ط1، (1416ﻫ)، دار المنارة للنشر والتوزيع، جدة، ص58-59.

([214]) كحالات الإغماء وحوادث الطرق.. الخ.

([215]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص197.

([216]) آل الشيخ مبارك، قيس بن محمد، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، ص197.

([217]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج4، ص375. قايد أسامة، ص97.

([218]) ابن رشد، بداية المجتهد، ص379.

([219]) الحصكفي، الدر المختار، ص43.

([220]) النووي، المجموع شرح المهذب، ص100.

([221]) البهوتي، كشاف القناع، ص35.

([222]) ابن حزم الظاهري، المحلى، ص201.

([223]) شرف الدين، أحمد، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية، ص49.

([224]) عكوش، حسن، المسؤولية المدنية، القاهرة (1956م)، ص252.

([225]) البطراوي، محمد، جريمة الزنا "دراسة مقارنة"، القاهرة (1992م)، ص200.

([226]) شرف الدين، أحمد، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية، ص48.

([227]) عبد السلام التونجي، المسؤولية المدنية، مسؤولية الطبيب، ص133. وللمزيد انظر: عياد، مصطفى عبد الحميد، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، مؤتمر الأخطاء الطبية في ميزان الشريعة والقانون، المؤتمر العلمي لكلية الشريعة، جامعة جرش الأهلية، الأردن، ص1-3 تشرين الثاني، نوفمبر (1999م)، ص8-9.

([228]) الغامدي، عبد الله سالم، مسؤولية الطبيب المهنية، ص205. عويس، أحمد زكي، مسؤولية الأطباء المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي (1990م)، مكتبة جامعة طنطا، ص71. حسنى، محمود نجيب، شرح قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، ص21.

([229]) عويس، أحمد زكي، مسؤولية الأطباء المدنية والجنائية، ص72.

([230]) عبيد، رؤوف، جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال (1965م)، دار الفكر العربي، ص183 ما بعدها. داود، عبد المنعم محمد، المسؤولية القانونية للطبيب (1988م)، مكتبة نشر الثقافة، الإسكندرية، ص18.

([231]) عياد، مصطفى، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، ص13.

([232]) عياد، مصطفى، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، ص12-13.

([233]) عياد، مصطفى، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، ص16.

([234]) مرقس، سليمان، محاضرات في المسؤولية المدنية في تقنيات البلاد العربية، ص397. قاضي، طلال عجاج، المسؤولية المدنية للكبيب، دراسة مقارنة، ص217.

([235]) شرف الدين، أحمد، مسؤولية الطبيب، مشكلات المسؤولية المدنية في المستشفيات العامة (1986م)، جامعة الكويت، الكويت، ص43. زكي، محمود جمال، مشكلات المسؤولية المدنية، ط1، (1978م)، مطبعة جامعة القاهرة، ص370.

([236]المغني، ج5، ص542. الموسوعة الفقهية، ج1، ص300. حاشية ابن عابدين، ج5، ص50. المحلى، ابن حزم، ج8، ص196. المهذب، للشيرازي، ج1، ص406. كشاف القناع، ج2، ص302. الهداية، ج2، ص194. مجمع الضمانات، ص47-48. وقارن ب: زكي، محمود جمال الدين، مشكلات المسؤولية المدنية، ط1، مطبعة جامعة القاهرة (1978م)، ص32، رقم 9. مرقس، سليمان، مسؤولية الطبيب ومسؤولية إدارة المستشفى، ص164. سلامه، أحمد، مصادر الالتزام، مؤسسة دار التعاون والنشر (1975م)، رقم 176، ص264.

([237]) منصور، محمد حسين، المسؤولية الطبية، ص132.

([238]) شرف الدين، أحمد، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية، ص54.

([239]) السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج1، ص661. عياد، مصطفى، الخطأ الطبي في المسؤولية المدنية للطبيب، ص27. القاسم، محمد هشام، الخطأ الطبي، مارس (1979م)، مجلة الحقوق والشريعة، الكويت، السنة الثالثة، العدد الأول، ص13-14. 

رقم البحث [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب



اقرأ أيضا

دراسات وبحوث

   ضمان ودائع المصارف الإسلامية

   يد الضمان ويد الأمانة بين النظرية والتطبيق في الفقه الإسلامي

الفتاوى

   سُرِقت الأمانة ثم توفيت صاحبتها

   مخصص استهلاك الأصول الثابتة يتحمله صاحب رأس المال

   ذمة الميت تبرأ من الدين فور تحمل وليه عنه

   حرمة صرف مواد طبية دون وصفة طبية حقيقية

   الخسارة يتحملها جميع الشركاء كلٌ حسب رأس ماله


التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا