أحكام غير المسلمين في نظام الوقف الإسلامي (*)
الدكتور آدم نوح معابدة القضاة / كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة اليرموك
ملخص
يتناول هذا البحث المسائل الفقهية التي تتعلق بغير المسلمين في باب الوقف، حيث قام الباحث بجمع أقوال الفقهاء في هذه المسائل من المصادر الفقهية المعتمدة، ثم قام بدراستها وفق ما تقتضيه منهجية الدراسات الفقهية المقارنة.
انتهى الباحث إلى أن نظام الوقف الإسلامي عالج وبوضوح الأحكام التي تتعلق بغير المسلمين من ذميين ومستأمنين ومرتدين وحربيين، سواءٌ كانوا واقفين أو موقوفاً عليهم، حيث يلاحظ اتفاق الفقهاء على إفساح المجال أمام المسلمين ليشملوا بأوقافهم غير المسلمين من أهل الذمة، كما يلاحظ أيضاً اتفاقهم على تصحيح الأوقاف الصادرة من أهل الذمة في الدولة الإسلامية، شريطة ألا تتعارض هذه الأوقاف مع النظام الإسلامي العام.
يرى الباحث أن إحياء ثقافة الوقف وتعميمها بين المسلمين وغير المسلمين محلياً ودولياً يسهم في تعزيز روابط التعاون الإنساني المشترك، شريطة انضباطها بالأحكام الشرعية التي تحفظ لهذا التعاون توازنه واستمراره.
مقدمة البحث
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الإسلام دين الله الذي ارتضى لعباده، فيه الهدى والرحمة للناس جميعاً، وفي مبادئه وقواعده وأحكامه التشريعية ما يحفظ المصالح الحقيقية للإنسان أياً كان موقعه في هذه الدنيا، بل أياً كان موقفه من هذا الدين من حيث الأصل، وهذه ميزة لا تنحصر في جانب من جوانبه أو باب من أبوابه، بل هي صفة لازمة وسمة بارزة يدركها كل باحث منصف، ومطلع بصير.
وهذا الجانب يحتاج -خاصةً في أيامنا هذه- إلى أن يُبرز كما هو، من غير تحريف ولا تزييف، ومن غير جحود أو إنكار، فنحن نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه القيم الإنسانية الخيرة محل مراجعة وتشكيك، بعد أن صارت هذه القيم مطية من قبل أصحاب القوة والنفوذ لتحقيق أهداف مادية بعيدة كل البعد عن الأخلاق النبيلة.
وفي هذا الإطار تأتي هذه الدراسة لأحكام غير المسلمين في نظام الوقف الإسلامي، فنظام الوقف يعد معلماً بارزاً من معالم التشريع الإسلامي الخالد، ودليلاً قائماً على حيويته وسعته، يُثبت -شأنه شأن أنظمة الإسلام الأخرى- اهتمام هذا الدين بالمصالح المشتركة للبشر، وسعيه إلى تحقيق هذه المصالح عن طريق أحكام عملية واقعية، يسعد بها الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم بل وأديانهم.
وقد جاءت الدراسة في تمهيد، وثلاثة مباحث تنتظم المسائل الفقهية محل البحث، وهي:
المبحث الأول: حكم الوقف من غير المسلم.
المبحث الثاني: حكم الوقف على غير المسلم.
المبحث الثالث: مسائل متفرقة تتعلق بغير المسلمين في الوقف.
أما منهج البحث فيقوم على تتبع أقوال الفقهاء من المذاهب الفقهية الأربعة في كل مسألة من المسائل، مع نقل نصوصهم في ذلك عند الحاجة، ثم تحليلها تحليلاً فقهياً بحسب ما انتهى إليه فهم الباحث، والموازنة بينها ثم الترجيح في المسائل التي بان لي فيها ترجيح أحد الأقوال على غيره.
وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا مقبولاً عنده، ومرضياً عند عباده، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين. فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
تمهيد
قبل الخوض في مباحث هذه الدراسة ومسائلها، لا بد لي من بيان بعض المصطلحات الأساسية التي تقوم عليها هذه الدراسة، ولا بد لي أيضاً من الحديث الموجز عن مشروعية الوقف عموماً، وعن أهمية البحث في أحكام غير المسلمين في نظام الوقف غير الإسلامي.
أولاً: تعريف الوقف لغةً واصطلاحاً:
الوقف لغة: يطلق على الحبس والمنع، يقال: وقَفَت الدابة تقف وقفاً ووقوفاً، بمعنى: سكنت. والفعل الثلاثي وقف يتعدى ولا يتعدى، ووقفت الدار وقفاً: حبستها في سبيل الله. وشيء موقوف ووَقْف أيضاً تسمية بالمصدر، والجمع أوقاف مثل ثوب وأثواب. ووقفت الرجل عن الشيء وقفاً: منعته عنه، وأوقفت الدار والدابة بالألف لغة تميم وإن عابها بعض أهل اللغة([1]).
أما الوقف اصطلاحاً: فقد اختلف الفقهاء في تعريفه تبعاً لاختلافهم في بعض مسائله كمسألة لزوم الوقف، ومسألة ملك العين الموقوفة، وشرط الموقوف عليه، ومن التعريفات التي تكشف عن هذا ما يلي:
عرفه الحنفية أخذاً من كلام الإمام أبي حنيفة بأنه: "حبس العين على حكم ملك الواقف والتصدق بالمنفعة ولو في الجملة"([2])، وأخذاً من كلام الصاحبين بأنه: "حبس العين على حكم ملك الله تعالى وصرف منفعتها على من أحب"([3]).
وعرفه المالكية بأنه: "إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازماً بقاؤه في ملك معطيه ولو تقديراً"([4]).
وعرفه الشافعية بأنه: "حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود"([5]).
وعرفه الحنابلة بأنه: "تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته، وصرف ريعه إلى جهة بر تقرباً إلى الله تعالى"([6]). وجاء عندهم أيضاً: "حد كثيرٌ من الأصحاب الوقف بأنه: تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة"([7]).
والواقع أن مجموع هذه التعريفات لا تخرج عن المفهوم اللغوي، الذي يفيد احتباس العين ومنع التصرف فيه من قبل الواقف ومن قبل الموقوف عليه، مع إعطاء الحق للموقوف عليه في الاستفادة من منفعتها وثمرتها، أما الاختلافات التي نراها في هذه التعريفات، فإنما مردها إلى التكييف الفقهي الذي اعتمده الفقهاء للوقف، وما يتبعه من بيان الشروط والأركان فيه([8]).
ثانياً: بيان المقصود بغير المسلمين في هذا البحث:
من خلال تتبعي للمسائل التي ذكرها الفقهاء في باب الوقف، وما ذكر فيها من أحكام غير المسلمين، وجدتهم يتحدثون عن أصناف متعددة منهم، فهناك الذمي، والمستأمن، والحربي، والمرتد، ولكل صنف من هؤلاء أحكام خاصة به إن كان واقفاً أو موقوفاً عليه.
ثالثاً: مشروعية الوقف عموماً:
ثبتت مشروعية الوقف عموماً عند جمهور أهل العلم من المسلمين بالكتاب والسنة، وفي هذا نصوص عديدة، وآثار ونقولات كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77].
2. قوله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: 92].
3. قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ) [البقرة: 267].
4. قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له)([9]).
5. ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله! إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها. قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب. قال: فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم غير متمول"([10]).
6. ما رواه أبو عبد الرحمن السلمي قال: لما حُصر عثمان أشرف عليهم فوق داره ثم قال: أذكركم بالله! هل تعلمون أن حراء حين أنتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. قالوا: نعم. قال أذكركم بالله! هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جيش العسرة: من ينفق نفقة متقبلة؟ والناس مجهدون معسرون، فجهزت ذلك الجيش. قالوا: نعم. ثم قال: أذكركم بالله! هل تعلمون أن بئر رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن، فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل. قالوا: اللهم نعم. وأشياء عددها..."([11]).
7. ما روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف"([12]).
لهذه الأدلة وغيرها ذهب جمهور العلماء سلفاً وخلفاً إلى القول بمشروعية الوقف، حتى قال الإمام أحمد: "من يرد الوقف إنما يرد السنة التي أجازها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه"([13]). وقال الإمام الشوكاني: "اعلم أن ثبوت الوقف في هذه الشريعة وثبوت كونه قربة أظهر من شمس النهار"([14]).
رابعاً: أهمية البحث في أحكام غير المسلمين في الوقف:
شهدت أعمال الوقف ومشاريعه ومؤسساته في العالم العربي والإسلامي توسعاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، وجرت عدة محاولات للانتقال بالوقف من الإطار المحلي إلى الإطار الدولي والعالمي، فظهرت مؤسسات للوقف أنشأتها الجاليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية([15])، ونشأت مشاريع وقفية في بلاد المسلمين تعنى بمصارف عالمية لا تقتصر على المسلمين أو المقيمين في الدول الإسلامية([16])، ومثل هذه المشاريع تحتاج إلى ضبط من الناحية الشرعية، لتكون متوافقة مع الاجتهادات الفقهية المعتبرة في هذا الباب، فكثر التساؤل عن موقع غير المسلمين في الوقف، ومدى إمكانية شمولهم بهذه المشاريع الوقفية وإشراكهم فيها.
إضافة إلى هذا الأمـر فإن الساحة الفكرية اليوم تشهد جدلاً واسعاً حول مكانة غير المسلمين في الدولة الإسلامية، وحول الحريات الدينية والمدنية التي يتمتعون بها، وهو جدل يُظهر في كثير من الأحيان الجهل بالأحكام الشرعية الصحيحة في هذا الباب، وهذا الجهل سببٌ لإفراط الجاهلين وتفريط الغافلين، فكان من الضروري إظهار الأحكام الشرعية المتعلقة بغير المسلمين وتجليتها في سائر المجالات، ومن ضمنها الوقف. وذلك أن "ثقافة الوقف في الإسلام ثقافة واسعة ومستوعبة، منبئة بحق عن قيم الإسلام الرفيعة في الرعاية والمواساة والرحمة والتسامح، ومن صور اتساع الوقف عند المسلمين شموله لغير المسلمين واتساع أحكامه وأطره التشريعية للوقف عليهم بل وقبوله لأوقافهم ومشاركاتهم في فعل الخير.
ولعلنا اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى إبراز دور الوقف في تعزيز وتوطيد الروابط الاجتماعية والعلمية والمعرفية بين المسلمين وغيرهم ممن يعيشون داخل الدولة الإسلامية أو في نطاق وكنف الجوار امتداداً إلى المجتمع الدولي بأسره..." ([17]).
المبحث الأول
حكم الوقف من غير المسلم
في هذا المبحث استعراض للأحكام الفقهية المتعلقة بالوقف الصادر من غير المسلم من حيث أصل الوقف ومن حيث كيفيته، ولاستبانة هذا الأمر جعلت البحث يدور حول المطلبين التاليين.
المطلب الأول: حكم وقف غير المسلم من حيث الأصل:
معلوم أن الواقف يعتبر مقوماً أساسياً من مقومات الوقف، إذ لا يتصور شرعاً وجود وقفٍ من غير واقف، فهو من جملة التصرفات الانفرادية التي تبنى على إرادة الإنسان المتصف بالأهلية الكاملة والولاية الصحيحة على محل التصرف، فهل يتصف غير المسلم -ذمياً كان أو غير ذمي- بهذين الوصفين بحيث يُحكم بصحة وقفه؟ أو أن للوقف خصوصية تقتضي خلاف ذلك؟ هذا ما سأناقشه في مسائل هذا المطلب.
المسألة الأولى: حكم وقف الذمي:
الذمي في اصطلاح الفقهاء هو: المعاهد، أي من أُعطي العهد من الإمام -أو ممن ينوب عنه- بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام([18]). وقد جاء في حكم وقفه عند فقهاء المذاهب الأربعـة الحنفيـة([19]) والمالكيـة([20]) والشافعية([21]) والحنابلة([22]) نصوص عديدة أكثر من أن تحصى، تدل جميعها على صحة الوقف من الذمي من حيث الأصل، وذلك لأمرين:
1. لاشتراكه مع المسلم في أهلية التبرع التي هي محل النظر عند البحث في شروط الواقف([23])، وأهلية التبرع هذه تتحقق بثلاثة أمور هي: العقل والبلوغ وعدم الحجر.
2. القاعدة العامة أن أهل الذمة في المعاملات والتصرفات المالية تجري عليهم أحكام الإسلام، إلا ما استثني من ذلك كالتعامل بالخمر والخنزير عند بعض الفقهاء، وذلك لأن الذمي ملتزم بموجب عقد الذمة بأحكام الإسلام فيما يرجع إلى هذا الباب من المسائل([24]).
وهذه القاعدة وما يعود إليها تُلاحَظ من كلام الفقهاء إجمالاً في أبواب المعاملات من الفقه الإسلامي، بل هو ما نص عليه بعضهم صراحة، فقد قال الإمام الجصاص الحنفي: "وقال أصحابنا: أهل الذمة محمولون في البيوع والمواريث وسائر العقود على أحكام الإسلام، كالمسلمين إلا في بيع الخمر والخنزير..."([25]). وقال الإمام السرخسي الحنفي: "وإذا دفع المسلم إلى النصراني مالاً مضاربة بالنصف فهو جائز، لأن المضاربة من المعاملات، وأهل الذمة في ذلك كالمسلمين"([26]). وقال الإمام القرافي المالكي: "... وإذا ظهر هذا الجواب ظهر أن الحق الأبلج القضاء على عقودهم (أي أهل الذمة) بالصحة حتى يعلم فسادها"([27]).
ومما يؤيد هذا المعنى من جهة الرواية ما رواه الواقدي في مغازيه من أن أول صدقة موقوفة كانت في الإسلام أراضي مخيريق، التي أوصى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم([28])، ومخيريق([29]) هذا يهودي قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد، وكان قد أوصى إن أصيب فأمواله إلى محمد صلى الله عليه وسلم يضعها حيث أراه الله([30]).
والذي يظهر من كلام الفقهاء في هذه المسألة أن وقف أهل الذمة من حيث آثاره لا يختلف عن وقف المسلمين، إلا ما نقله المالكية([31]) عن القاضي عياض من قوله بعدم لزوم وقف أهل الذمة وصحة رجوعهم فيه، مع أن المعتمد في مذهبهم([32]) لزوم الوقف من حيث الأصل، ومثلهم في هذا الشافعية([33]) والحنابلة([34]) وصاحبا أبي حنيفة([35]).
أما مستنده في ذلك فهو القول بأن الوقف قربة وأن القربة لا تصح منهم، وعقودهم فيها غير لازمة([36])، وتخريجه هذا للوقف لا يتوافق مع تخريج المذاهب الأخرى له، فضلاً عن أنه لا يتوافق مع تخريج غيره من أهل المذهب.
فقد جاء عند الحنفية: "وأما الوقف فليس بعبادة وضعاً بدليل صحته من الكافر"([37]). وجاء عند المالكية أنفسهم: "الوقف يصح وإن لم تظهر فيه قربة; لأن الوقف من باب العطايات والهبات لا من باب الصدقات ولهذا يصح الوقف على الغني والفقير..."([38]). وجاء عند الشافعية: "وإنما صح وقفه ووصيته (أي غير المسلم) وصدقته من حيث إنها عقود مالية لا قربة"([39]). وجاء عند الحنابلة: "الوقف تبرع يمنع البيع والهبة, فلزم بمجرد اللفظ كالعتق"([40]).
وهذه النصوص دلت على أن جمهور الفقهاء يرون أن الوقف تصرف من جملة التصرفات المالية، وليس عبادةً محضة، وعليه فلا وجه للتفريق بين آثاره من المسلم ومن غير المسلم.
المسألة الثانية: حكم وقف المرتد:
المرتد في اصطلاح الفقهاء: "هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر, قال الله تعالى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[البقرة: 217] " ([41]).
والذي يظهر هنا أن الفقهاء من المذاهب الأربعة([42]) متفقون على الحكم بعدم صحة وقف المرتد إن مات أو قتل على ردته، وما ذهبوا إليه هنا مبني على أن المعتمد في هذه المذاهب أن ملك المرتد إن مات أو قتل يزول ويصير فيئاً([43]), فالأمر متعلق بولايته على ماله لا بأهليته للتصرف من حيث الأصل كما هو ظاهر.
غير أن الفقهاء اختلفوا في حكم الوقف إن عاد المرتد للإسلام، ولهم في ذلك قولان:
الأول: ما صرح به الحنفية([44]) ويؤخذ من عموم القول المعتمد عند الحنابلة([45]) في تصرفات المرتد أن وقفه يصير صحيحاً نافذاً، لأن وقفه حال ردته كان موقوفاً على رجوعه إلى الإسلام، وقد عاد إلى الإسلام فيحكم بنفاذه.
الثاني: ما صرح به الشافعية([46]) ويؤخذ من عموم قول المالكية([47]) وبعض الحنابلة([48]) في تصرفات المرتد، أن وقف المرتد غير صحيح ابتداءً، ولو عاد للإسلام فلن يقبل منه.
ومبنى الخلاف بين القولين أن أصحاب القول الأول نظروا إلى محل التصرف، فبما أن ملكيته موقوفة فكذا كل تصرف يقع عليه، وأما أصحاب الفريق الثاني كالشافعية فنظروا إلى طبيعة التصرف، فبما أنه لا يقبل التعليق ابتداءً فلا يصح تعليقه على الرجوع إلى الإسلام، وهذا برأيي هو الأرجح فإن أصحاب القول الأول([49]) يقولون بعدم صحة التعليق في الوقف ابتداءً فكيف يقولون بصحته هنا؟
المسألة الثالثة: وقف المستأمن:
المستأمَن: هو الحربي المقيم إقامة مؤقتة في ديار الإسلام, فيعود حربياً لأصله بانتهاء مدة إقامته المقررة له في بلادنا, لكن يبلغ مأمنه([50]). وحكم وقفه حال إقامته في بلاد المسلمين لم ينص عليه صراحةً - فيما اطلعت- إلا الحنفية فقد جاء عندهم: "وأما الحربي المستأمن فيجوز له من الوقف ما يجوز للذمي، ثم لا يبطل برجوعه إلى داره، ولا بموته عندنا، ولا بإبطاله إياه قبل عوده إلى داره، ولا برجوعه إلينا ثانياً بأمان"([51]).
وأما غيرهم من أهل المذاهب فإن الشافعية([52]) يجيزون وقف الكافر عموماً، ويدخل في هذا المستأمن([53]) وإن لم يصرحوا به، وأما المالكية والحنابلة فالذي يظهر من عموم أقوالهم صحة وقف المستأمن، وذلك لأنهم يصححون من حيث الأصل المعاملات المالية التي تقع من المستأمن في دار الإسلام([54]).
المطلب الثاني: حكم وقف غير المسلم باعتبار الجهة الموقوف عليها:
مما لاشك فيه أن الحكم بصحة وقف من الأوقاف مرتبط بموافقته للشرع من جميع الوجوه، فأهلية الواقف، وولايته على محل الوقف لا تعني ضرورةً صحة وقفه، بل لابد من النظر إلى اعتبارات أخرى، من ضمنها الجهة التي صرف إليها الوقف، وهذا الأمر يشمل المسلم وغير المسلم، ولذا فإن فقهاءنا -جزاهم الله خيراً- بحثوا طويلاً في الجهات التي يجوز الوقف عليها عموماً والتي لا يجوز، ولست هنا بصدد ذكر أقوالهم، أو الوقوف عليها؛ فمقصود البحث بيان الأحكام التي اختص بها غير المسلمين في نظام الوقف، ومن ذلك الجهات التي يصح وقفهم عليها، كما يظهر من خلال المسائل التالية:
المسألة الأولى: حكم وقف غير المسلم على ما يعتبر معصية في ديننا ودينه:
وذلك كالوقف على قُطّاع الطرق والفَسَقة، وغير ذلك مما لا يُقَرّ في ديننا ولا في دينه من المعاصي والآثام. وهذا النوع من الوقف لا يصح باتفاق الفقهاء([55])؛ وذلك لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان الذي نهينا عنه صراحة، وأهل الذمة في ذلك كالمسلمين، لا يقرون عليه.
المسألة الثانية: حكم وقف غير المسلم على ما يعتبر قربةً في ديننا ودينه:
وذلك كالوقف على الفقراء والمساكين، والوقف على المارة وعابري السبيل، والوقف على الذرية والأقرباء والجيران، والوقف على بيت المقدس.
والذي يظهر من كلام الفقهاء([56]) في هذه المسألة اتفاقهم على صحة الوقف من الذمي على كل جهات البر المتفق عليها بين الإسلام وملته، وتوجيه هذا كما يظهر من كلامهم أن الوقف تصرف مالي شرع لأجل البر ابتداءً، ومتى ظهر هذا في الجهة الموقوف عليها فلا يمنع، سواء كان الواقف مسلماً أو غير مسلم، مع مراعاة الشروط الأخرى وانتفاء الموانع.
المسألة الثالثة: وقف غير المسلم على ما يعتبر قربة في دينه وهو معصية في ديننا:
وذلك كالوقف على الكنائس، والأديرة، والبيوت التي يعبد فيها غير الله تعالى، أو الوقف على ما فيها من المعبودات الباطلة وخدمها، وعلى كل ما فيه إظهار للعقائد المنافية لعقيدة المسلمين.
والذي يظهر من كلام الفقهاء هنا: أن الأقوال المعتمدة في المذاهب الفقهية الأربعة([57]) ذهبت إلى عدم صحة الوقف من الذمي على هذه الأمور، ومحل هذا كما صرح به بعض الفقهاء([58]) إذا وقع الوقف منهم بعد الإسلام، ورفعوا أمرهم إلينا. وتعليل ما ذهبوا إليه من عدم صحة الوقف هنا([59]) هو:
1. إن الوقف وإن كان تصرفاً مالياً في أصله إلا أنه يشترط فيه أن ألا يكون على معصية؛ ليتحقق المقصد الشرعي من الوقف وهو التقرب إلى الله تعالى، والوقف على مثل هذا لا يحصل به المقصود.
2. إننا قد نهينا عن الإعانة على المعاصي، ولا معصية أكبر من الشرك وعبادة ما دون الله تعالى, وتصحيح وقفهم في مثل هذا إعانة لهم عليه.
3. إن حكم المسلمين بصحة هذا الوقف يناقض مبدأ من مبادئ التشريع الإسلامي الثابتة، وهو أن الحكم لله تعالى، وقد قضى رب العزة ببطلان عبادتهم ومعتقداتهم، ولذا نحكم ببطلان ما بني عليها من تصرفات.
هذا ما عليه جمهور الفقهاء، لكن بعضهم كالقاضي عياض من المالكية([60])، وصاحب الواضح من الحنابلة([61])، أجازا وقف أهل الذمة على الكنائس وبيوت العبادة عندهم، واحتُج لهما([62]) بأن شرط الوقف أن يكون في قربةً بحسب اعتقاد الواقف، وإن خالف في ذلك اعتقاد المسلمين. غير أن هذا لا يستقيم لسببين:
1. إن أهل الذمة نزلوا في عقد ذمتهم على أحكام المسلمين فيما يتعلق بالمعاملات، ومن أحكام المسلمين أنه لا يجوز عندهم الوقف على ما يتنافى مع العقيدة الإسلامية، وهذا - كما يقال اليوم- من أحكام النظام العام في الدولة، لارتباطه بعقيدة الدولة ووظيفتها، وكل ما يتنافى معه لا يصح بصرف النظر عن اعتقاد صاحبه.
2. إن نظام الوقف هذا نظام إسلامي ابتداءً، فقد نقل عن الإمام الشافعي([63]) أن أهل الجاهلية لم يكونوا يعرفون الوقف، ولذا فهو حقيقة شرعية يرجع إلى شرعنا في تحقيق شروطها وأحكامها، ولا يتجاوز بها إلى غير ذلك.
المسألة الرابعة: وقف غير المسلم على ما يعتبر قربة في ديننا ولا يعتبر قربة في دينه:
وذلك كالوقف على المساجد وعلى الحجاج والمعتمرين، وغيرها من سبل العبادة والطاعة المشروعة في ديننا دون دينهم، والذي يظهر لي أن الفقهاء اختلفوا في حكم هذا النوع من الوقف إلى قولين:
الأول: وإليه ذهب الحنفية([64]) والمالكية([65]) وبعض الشافعية([66]) من أن وقفه لا يصح. وعلل بعضهم قوله هذا بأن أموال غير المسلمين أبعد ما تكون عن الكسب الطيب الحلال، وما كان كذلك فلا ينبغي صرفه إلى قربات المسلمين([67])، ويمكن أن يحتج لهم أيضاً بأن من شروط الوقف عند بعض الفقهاء أن يكون في قربة ولا يمكن أن تتحقق القربة من غير المسلم لأنه ليس من أهل النية.
الثاني: وذهب إليه الشافعية([68]) والحنابلة([69]) من أن وقفه صحيح؛ وحجتهم في ذلك أن الوقف من الذمي صحيح ابتداءً، لصحة عبارته وولايته على ماله، وصرف الوقف إلى مصالح المسلمين الخاصة من مساجد وغيرها يتفق مع أحكام الشرع ظاهراً.
والذي أميل إلى ترجيحه هو القول الثاني، لأن ما احتج به الفريق الأول من عدم طيب كسب غير المسلم غير متحقق، فقد اتفق الفقهاء على صحة التعامل المالي معه وعلى قبول هبته.
ثم إنه لا وجه للتفريق بين القربة الصحيحة في اعتقادنا واعتقاده -وهي التي اتفق الفقهاء على صحة الوقف عليها- والقربة التي هي صحيحة في اعتقادنا فقط، لأن اعتقادهم ليس حجة في ديننا عموماً، وليس حجة في الوقف أيضاً، ولذا ذهب جمهور الفقهاء([70]) إلى عدم صحة وقفهم على ما كان قربة في دينهم فقط، وفي هذا دليل على عدم اعتبار هذا الاعتقاد.
وأما ما يمكن أن يقال من أن: غير المسلم ليس أهلاً للنية، ولا تقبل منه القرب الدينية المشروعة في ديننا. فهذا صحيح، لكن الوقف كما يستفاد من أقوال الفقهاء ليس عبادة محضة، بل هو تصرف مالي يشترط فيه ألا يكون في معصية، وهو متحقق هنا.
على أن الباحث يرى أنه لا بد من تقييد هذا القول بقيود، تستفاد من عموم الأدلة الشرعية، ولا تأباها قواعد المذاهب التي أخذت بهذا القول، وهي:
1. أن تسلم هذه الأوقاف إلى المسلمين للنظر في شؤونها وإدارتها وتوزيعها على مستحقيها، كي لا يكون لأهل الذمة مدخل في التحكم بأمر يخص المسلمين دون غيرهم، وهو أمر العبادة. قال الله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء:141].
2. ألا يظهر لأهل الذمة ذكرٌ أو شعارٌ في الأماكن التي وقفوا عليها، كي لا يكون هذا سبباً للتلبيس على المسلمين في أمر دينهم. قال الله تعالى: (وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)[الجن: 18].
المبحث الثاني
حكم الوقف على غير المسلم
يعتبر الموقوف عليه مقوماً أساسياً من مقومات الوقف في نظام الوقف الإسلامي، ويشترط الفقهاء إجمالاً في الموقوف عليه شروطاً عديدة من أهمها-على اختلاف- بينهم:
- أن يكون الموقوف عليه جهةً من جهات البر.
- أن يكون الموقوف عليه معلوماً.
- أن يكون الموقوف عليه ممن يصح تملكه.
- أن يكون الموقوف عليه جهةً لا تنقطع.
فهل تنطبق هذه الشروط على غير المسلمين إذا كان الوقف عليهم أو على صنف من أصنافهم؟ وهل يختلف الحكم إن كان الوقف من غير المسلم أو من المسلم؟ هذا ما سأناقشه في المطلبين التاليين إن شاء الله تعالى.
المطلب الأول: حكم وقف المسلم على غير المسلم:
يبحث الفقهاء مسائل عديدة مما يدخل تحت هذا العنوان، وفيما يلي أهم هذه المسائل وما انتهى إليه اجتهادهم في كل منها:
المسألة الأولى: حكم وقف المسلم على أهل الذمة:
الذمي في اصطلاح الفقهاء كما سبق تعريفه هو: المعاهد، أي من أعطي العهد من الإمام -أو ممن ينوب عنه- بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام([71]).
والذي يظهر من كلام أهل العلم هنا، أن الأقوال المعتمدة في المذاهب الأربعة الحنفية([72]) المالكية([73]) والشافعية([74]) والحنابلة([75]) اتفقت على صحة وقف المسلم على الذمي من حيث الأصل، لا يعارضهم في ذلك إلا قولٌ في مذهب الشافعية([76]).
أما مستند الأقوال المعتمدة([77]) فهو:
1. إن الشروط العامة لصحة الوقف تنطبق على أهل الذمة من حيث الأصل، فهم أهل للتملك، وملكهم محترم، فلزم الحكم بصحة الوقف عليهم.
2. إن الصدقة على أهل الذمة وصلتهم وجه من وجوه البر المقررة في شرعنا، ولا يمنع من ذلك عدهم من جملة الكفار المنكرين، دل على ذلك أدلة كثيرة منها:
أ- قول الله تعالى: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8].
ب- قوله سبحانه وتعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)[الإنسان: 8]، ووجه الدلالة هنا أن الأسير لا يكون إلا كافراً([78])، ومع ذلك عد التصدق عليه من البر المستوجب للمدح من الله تعالى.
ج- ما روي أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقفت على أخ لها يهودي([79]).
د- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في كل كبد رطبة أجر"([80]). قال الحافظ ابن حجر: "قوله: في كل كبد رطبة أجر. أي: كل كبد حية، والمراد رطوبة الحياة أو لأن الرطوبة لازمة للحياة فهو كناية ومعنى الظرفية هنا أن يقدر محذوف، أي: الأجر ثابت في إرواء كل كبد حية... واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين"([81]).
أما ما قاله بعض الشافعية([82]) من عدم صحة الوقف على أهل الذمة نظراً لعدم ظهور القربة في مثل هذا الوقف فمردود بصريح الأدلة التي ساقها أصحاب الفريق الأول.
هذا ما قاله الفقهاء في حكم الوقف من حيث الأصل، غير أن من الفقهاء من أضاف قيوداً الظاهر منها أنها سيقت لمراعاة شروط الوقـف الأخرى، فمن ذلك:
1. ذهب الشافعية([83]) وبعض المالكية([84]) إلى عدم صحة وقف المصحف وما شابهه على الذمي، وفي هذا مراعاة لأحد شروط الموقوف عليه التي وهو كونه ممن يصح تملكه.
2. ذهب الشافعية([85]) وهذا ما يؤخذ من كلام الحنفية([86]) إلى أن الوقف على بعض أهل الذمة لا يصح إن ظهر في تعيينهم قصد معصية، ومثلوا لهذا برهبان الكنائس وخدم الأديرة.
3. يرى بعض المالكية([87]) كراهة الوقف على أهل الذمة ما لم يكونوا أقرباء للواقف أو فقراء؛ تأكيداً لتحقق معنى القربة في الموقوف عليه.
وهذه قيود صحيحة لا بد من مراعاتها والله أعلم.
المسألة الثانية: حكم وقف المسلم على الحربي والمرتد:
الحربي: هو غير المسلم الذي لم يدخل في عقد الذمة, ولا يتمتع بأمان المسلمين ولا عهدهم([88]). أما المرتد فهو كما سبق: الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر([89]).
أما حكم الوقف على الحربي فالذي يظهر للباحث اتفاق الأقوال المعتمدة في المذاهب الأربعة([90]) على عدم صحة الوقف على الحربي مطلقاً، وذلك لأسباب عديدة([91]) أهمها ما يأتي:
1. إن من شروط صحة الوقف ألا يكون في معصية، والوقف على الحربي ليس كذلك، فقد نهى الشارع عن برهم والإحسان إليهم، بل نحن مأمورون بالتضييق عليهم.
2. إن الوقف على الحربي فيه إعانة له على كفره وعناده ومحاربته للإسلام ومنابذته للمسلمين، وما كان كذلك فلا يصح من المسلم فعله في الوقف ولا في غيره.
3. الوقف صدقة جارية، ولذا يشترط في الموقوف عليه أن يكون على جهة لا تنقطع، ومثل هذا غير متحقق حكماً في الحربي.
4. من شروط الموقوف عليه أن يكون ممن يصـح تملكه والحربي ملكه إلى زوال في حكم الشرع، ولذا فلا يصح الوقف عليه.
هذا هو القول المعتمد في المذاهب الفقهية الأربعة غير أن بعض الفقهاء من الشافعية([92]) والحنابلة([93]) ذهبوا إلى جواز الوقف على الحربي المعين، أي أن يقف الواقف على شخص يقصده لذاته مع أنه حربي، وقيده بعضهم بشرط أن لا يكون هذا الحربي مقاتلاً, ولا مخرجاً للمسلمين من ديارهم, ولا مظاهراً للأعداء على الإخراج.
ومستند كلام هذا الفريق([94]) أنه داخل في عموم قوله تعالى: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الممتحنة: 7-8].
وهذا الاستدلال في الحقيقة موضع نظر، فقد جاء في سبب نزول هذه الآية عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: "نعم صلي أمك" قال ابن عيينة فأنزل الله تعالى فيها (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ...) الآية([95]). فالذي يظهر من سبب نزول هذه الآية أنها في صلة المحارب إذا كان مستأمناً، والمستأمن تجري عليه أحكام أهل الذمة كما هو معلوم.
وأما الوقف على المرتد فقد صرح الشافعية([96]) والحنابلة([97]) بعدم صحة الوقف عليه معيناً كان أو غير معين، ولم أجد للحنفية والمالكية نصاً في المسألة، لكن الذي يظهر من كلامهم([98]) عدم صحة ذلك، لأن العلة التي من أجلها منع الوقف في الحربي متحققة ولا شك في المرتد، فهو مهدر الدم، زائل الملك، وليس جهةً يتقرب إلى الله تعالى بصلتها أو الوقف عليها.
المسألة الثالثة: حكم وقف المسلم على المستأمن:
المقصود بالمستأمن هنا: "هو الحربي المقيم إقامة مؤقتة في ديار الإسلام, فيعود حربياً لأصله بانتهاء مدة إقامته المقررة له في بلاد المسلمين, لكن يبلغ مأمنه"([99]).
وقد اختلف الفقهاء في صحة وقفه على قولين:
الأول: ذهب إليه الشافعية في المعتمد([100])، ويؤخذ من كلام الحنفية على الأظهر([101]) والحنابلة([102])، أن الوقف على المستأمن صحيح، ويصرف إليه ما دام في بلاد المسلمين، فإذا رجع إلى بلاده صرف إلى من بعده؛ وذلك إلحاقاً له بالذمي المتفق على صحة الوقف عليه.
والقول بالجواز نُقل عن المالكية([103]) أيضاً، لكنهم قالوا بأن الوقف على المسلم أولى.
الثاني: ذهب إليه بعض الشافعية([104]) من أن الوقف على المستأمن لا يصح؛ إلحاقاً له بالحربي الذي لا يصح الوقف عليه.
والراجح فيما أرى هو الأول، لأن المستأمن أشبه بالذمي منه بالحربي، وذلك من حيث حرمة ماله ودمه وصحة تصرفاته ومعاملاته، والله أعلم.
المطلب الثاني: حكم وقف غير المسلم على غير المسلم:
هذا المطلب يدخل فيه من ناحية نظرية عدة مسائل هي:
1. حكم وقف الذمي على الذمي (ويدخل فيه المستأمن كما ظهر في المسألة السابقة).
2. حكم وقف الذمي على المرتد.
3. حكم وقف الذمي على الحربي.
4. حكم وقف المرتد على الذمي (ويدخل فيه المستأمن كما ظهر في المسألة السابقة).
5. حكم وقف المرتد على المرتد.
6. حكم وقف المرتد على الحربي.
هذا من ناحية نظرية، غير أن الفقهاء لم يتعرضوا لجميع هذه المسائل صراحة، بل نصوا على بعضها وسكتوا عن البعض الآخر اكتفاءً منهم بما ذكروه من قواعد عامة في هذا الباب، وفيما يلي بيان حكم هذه المسائل:
المسألة الأولى: وقف الذمي على الذمي:
هذه المسألة مما نص عليه الفقهاء([105]) صراحة، حيث بينوا صحة الوقف من الذمي على الذمي، وهذا مستند إلى ما سبق([106]) من صحة وقفهم من حيث الأصل وصحة الوقف عليهم، مما يعني صحة الوقف في الجملة حال توفر الشروط والأركان الأخرى المطلوبة في هذا التصرف، وارتفاع أي مانع شرعي معتبر في هذا الباب.
المسألة الثانية: وقف الذمي على المرتد:
هذه المسألة لم أرها صراحة عند الفقهاء، غير أن الظاهر من كلامهم عدم صحة هذا الوقف، فقد صرح الشافعية([107]) والحنابلة([108]) بعدم صحة الوقف على المرتد، والظاهر أن المسلم والذمي فيه سواء، ونص الحنفية([109]) على أن من شروط صحة الوقف من الذمي أن يكون قربة عندنا وعنده، وهذا ليس قربةً عندنا قطعاً، وظاهر كلام المالكية([110]) أنهم يشترطون مثل هذا الشرط في وقف الذمي.
المسألة الثالثة: وقف الذمي على الحربي:
هذه المسألة لم أرها صراحة إلا عند الحنفية فقد جاء عندهم: "ولا يصح وقف مسلم أو ذمي على بيعة أو حربي"([111]). ومثل هذا يؤخذ من كلام المذاهب الأخرى، فقد سبق لي([112]) أن بينت أن القول المعتمد في المذاهب كلها عدم صحة الوقف على الحربي.
المسألة الرابعة: وقف المرتد على الذمي:
هذه المسألة أيضاً لم أعثر على نص صريح فيها عند الفقهاء من المذاهب الأربعة، غير أن الظاهر جريان حكم وقف المرتد الذي سبق بيانه([113]) فيها، فإن مات هذا المرتد أو قتل بطل وقفه بلا خلاف، وإن رجع إلى الإسلام ففي وقفه خلاف، فقد ذهب جمهور الحنفية والحنابلة إلى صحة وقفه لأنه كان موقوفاً على رجوعه، وذهب الشافعية والمالكية إلى عدم صحته لوقوعه باطلاً، وهو الراجح كما سبق لي أن بينت.
المسألة الخامسة: وقف المرتد على المرتد:
لا شك أن الفقهاء متفقون على بطلان هذا الوقف، فقد سبق([114]) أن بينت اتفاقهم على عدم صحة الوقف على المرتد، أضف إلى ذلك أن منهم من يرى عدم صحة وقفه ابتداءً([115]).
المسألة السادسة: وقف المرتد على الحربي:
الظاهر من كلام الفقهاء اتفاقهم على عدم صحة هذا الوقف، بناءً على أن المعتمد في المذاهب الأربعة([116]) عدم صحة الوقف على الحربي، أضف إلى ذلك أن منهم([117]) من يرى عدم صحة الوقف من المرتد من حيث الأصل.
المبحث الثالث
مسائل متفرقة في الوقف تتعلق بغير المسلمين
تبين للباحث فيما مضى مدى شمول غير المسلمين بأحكام الوقف الإسلامي، وأذكر في هذا المبحث مجموعةً من المسائل ذات الصلة بغير المسلمين في نظام الوقف الإسلامي، مما لا يدخل في المبحثين السابقين، حيث يمكن التمييز بين نوعين من هذه المسائل، كما يظهر في المطلبين التاليين.
المطلب الأول: مسائل تتعلق بغير المسلمين في مصارف الوقف:
من المقرر فقهاً في نظام الوقف الإسلامي مراعاة ألفاظ الواقف وشروطه في تحديد مصارف الوقف، أي تحديد الجهة التي تستحق الاستفادة من ريع هذا الوقف، حيث يجري تفسير هذه الألفاظ بحسب ما تقتضيه القواعد الشرعية المرعية في هذا الباب، بشرط أن تكون هذه الألفاظ والشروط مقبولة شرعاً([118])، ومما له علاقة بهذا الباب مما يخص غير المسلمين مسألتان:
المسألة الأولى: دخول الذمي في وقف المسلم المطلق:
يقصد من هذه المسألة معرفـة مدى إمكانيـة أن يستفيد الذمي من وقف المسلم إذا وقف على جهة عامة تشمله بوجه من الوجوه دون أن ينص عليه صراحةً، كأن يقف المسلم على أقاربه أو على المساكين والفقراء مطلقاً فهل يدخل فيهم مساكين أهل الذمة وفقراؤهم؟ الذي يظهر من تتبع كلام فقهاء المذاهب في هذه المسألة أن فيها خلافاً على قولين هما:
الأول: ما ذهب إليه الحنفية([119]) والمالكية([120])، ويؤخذ من كلام بعض الشافعية([121]) من أن الذمي يدخل في عموم وقف المسلم بلا تنصيص، وحجتهم في ذلك أنه متى صدق عليه اسم الجهة التي عليها الوقف فلا موجب لإخراجه، يساعدهم في ذلك أنهم كبقية الفقهاء يرون جواز وقف المسلم على الذمي، وأن بره وصلته قربة من القربات، فلا موجب من جهة الشرع لإخراجه.
الثاني: ما ذهب إليه الحنابلة([122]) من أن الذمي لا يدخل في عموم وقف المسلم إلا بقرينة دالة على ذلك، وحجتهم في هذا أن الظاهر من حال الواقف أنه لم يرد من يخالف دينه، غير أنهم لم يذكروا مستند هذا الظاهر إلا أن يكون عرفاً جرى بين المسلمين وغيرهم في وقت من الأوقات.
المسألة الثانية: دخول المسلم في وقف الذمي المطلق:
يقصد بهذه المسألة معرفة مدى إمكانية أن يستفيد المسلم من وقف الذمي إذا وقف على جهة عامة تشمله بوجه من الوجوه، دون أن يذكر في المستحقين صراحةً، كأن يقف الذمي على المساكين والفقراء مطلقاً فهل يدخل فيهم مساكين المسلمين وفقراؤهم؟ في المسألة قولان:
القول الأول: وهو ما ذهب إليه الحنفية([123]) والشافعية([124]) ويؤخذ من كلام المالكية قياساً([125]) أن المسلم يدخل في وقف الذمي على جهة عامة تشمله، وذلك إعمالاً للفظ الواقف في كل من يصدق عليه، غير أن ما يفهم من كلام الحنفية([126]) هنا أن الأمر مرهون بقيام شرط آخر وهو أن يكون الإنفاق على المسلم مما يعتبر قربة في دين الواقف، وهذا جرياً على أصلهم في الباب من أن وقف الذمي لا يصح إلا فيما يعتبـر قربة في ديننا ودينه، كما سبقت الإشارة إليه([127]).
القول الثاني: وهو ما ذهب إليه الحنابلة([128]) من أن المسلم لا يدخل في وقف الذمي إلا بقرينة، لأن الظاهر أنه لم يقصده، كما هو الشأن في المسألة السابقة.
والذي أميل إلى ترجيحه في هذه المسألة وسابقتها هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من عدم دخول الذمي في عموم وقف المسلم وعدم دخول المسلم في عموم وقف الذمي، ما لم تكن هناك قرينة دالة على أن الواقف قد قصد إدخال من يخالفه في الدين في وقفه هذا، ومن القرائن التي يمكن قبولها هنا: القرائن اللفظية وجريان العرف والعادة والنية... إلى غير هذا مما يقبل فقهاً في تفسير ألفاظ الواقفين([129])، وفي هذا القول محافظة على أوقاف المسلمين وأوقاف أهل الذمة من أن يختلط بعضها ببعض على نحو يذهب بالمقاصد الشرعية للوقف.
وأما ما تمسك به الجمهور من أن اللفظ عام ويشمل الموافق في الدين والمخالف فغير مسلم، لأن العام قد يطلق ويراد به الخصوص والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: اشتراط الذمي أن من أسلم من الموقوف عليهم يخرج من الوقف:
صورة هذه المسألة أن يقف الذمي أرضه أو داره على أبنائه ثم يشترط أن من أسلم منهم فليس له شيء من ريع هذا الوقف. فهل يؤخذ بشرطه هذا أو أنه ملغى؟ أو أن الوقف كله يلغى؟ هذه أقوال ثلاثة للفقهاء، وتفصيلها فيما يأتي:
الأول: ما ذهب إليه الحنفية في المعتمد عندهم([130])، وقال به بعض الحنابلة([131])، من أن الوقف صحيح وكذا الشرط، فيُعمل به، بمعنى أن من أسلم من الموقوف عليهم فإنه لا يستحق شيئاً من الوقف بعد إسلامه.
الثاني: ما ذهب إليه الحنابلة في المعتمد عندهم([132]) والسبكي من الشافعية([133])، والطرسوسي([134]) من الحنفية([135])، من أن الوقف صحيح والشرط لاغٍ، بمعنى أن من أسلم من الموقوف عليهم هؤلاء يبقى مستحقاً للوقف كما كان.
الثالث: ما ذهب إليه الشافعية([136]) من أن الوقف باطل من أصله، فلا يستحق أحد من الموقوف عليهم شيئاً ولا من أسلم منهم، بل هو ميراث عن مالكه ويصرف إلى مستحقيه.
والذي يظهر لي أن سبب الخلاف هو مشروعية الشرط الذي وضعه هذا الواقف، فالكل متفق من حيث الأصل على أن شرط الواقف لا يُعمل به إن كان مخالفاً للشرع، فمن رأى أن مثل هذا الشرط لا مخالفة فيه، أجازه وأجاز الوقف من أصله، ومن رأى أنه غير صحيح أبطله ومنع العمل به، غير أن منهم من رأى أن البطلان يسري إلى الوقف من أصله، ومنهم من رأى أنه مقتصر على الشرط دون الوقف.
وحجة من رأى مشروعية هذا الشرط أن تخصيص أهل الذمة بالوقف ابتداءً جائز شرعاً، بل هو مما اتفق الفقهاء على صحته([137]) وهذا الشرط فيه معنى تخصيصهم أيضاً فلا وجه لإبطاله.
أما حجة من رأى عدم مشروعيته فهي تقوم على أمور ثلاثة:
1. لم يُعهد في الشرع أن يكون الإسلام سبباً للحرمان والكفر سبباً للاستحقاق.
2. إن الحكم بإمضاء هذا الشرط قد يكون سبباً حاملاً للموقوف عليهم على البقاء على الكفر.
3. إن صيغة الوقف بهذه الصورة مشعرة بقصد الواقف حمل ذريته على البقاء على غير الإسلام، مما يصرف الوقف من أصله إلى أن يكون في غير معصية الله تعالى.
وخير من عبّر عن هذه المعاني وغيرها هو الإمام ابن القيم إذ يقول: "إن شرطَه (أي: الذمي) في استحقاق الأولاد والأقارب بقاؤهم على الكفر فإن أسلموا لم يستحقوا شيئاً لم يصح هذا الشرط، ولم يجز للحاكم أن يحكم بموجبه باتفاق الأمة؛ فإنه مناقض لدين الإسلام، مضاد لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو أبلغ في ذلك من أن يقف على أولاده ما داموا ساعين في الأرض بالفساد، مرتكبين لمعاصي الله، فمن تاب منهم أخرج من الوقف ولم يستحق منه شيئاً وهذا لا يجيزه مسلم.
فإن قيل فما تقولون لو وقفوا على مساكين أهل الذمة هل يستحقونه دون مساكين المسلمين أو يستحقه مساكين المسلمين دونهم، أو يشتركون فيه؟ قيل: لا ريب أن الصدقة جائزة على مساكين أهل الذمة، والوقف صدقة. فها هنا وصفان: وصف يعتبر وهو المسكنة، ووصف ملغى في الصدقة والوقف وهو الكفر، فيجوز الدفع إليهم من الوقف بوصف المسكنة لا بوصف الكفر، فوصف الكفر ليس بمانع من الدفع إليهم ولا هو شرط في الدفع -كما يظنه الغالط أقبح الغلط وأفحشه- وحينئذ فيجوز الدفع إليه بمسكنته، وإن أسلم فهو أولى بالاستحقاق، فالفرق بين أن يكون الكفر جهة وموجباً، وبين ألا يكون مانعاً، فجعل الكفر جهة وموجباً للاستحقاق مضاد لدين الله تعالى، وحكمه مانعٌ موافق لقوله تعالى:(لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الممتحنة: 7-8].
فإن الله سبحانه لما نهى في أول السورة عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء وقطع المودة بينهم وبينهم، توهم بعضهم أن برهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة، فبين الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها، وأنه لم ينه عن ذلك بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه وكتبه على كل شيء، وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة، ولا ريب أن جعل الكفر بالله وتكذيب رسوله موجباً وشرطاً في الاستحقاق من أعظم موالاة الكفار المنهي عنها، فلا يصح من المسلم ولا يجوز للحاكم تنفيذه من أوقاف الكفار"([138]).
وهذا الذي ذهب إليه الإمام ابن القيم ومن معه هو الراجح والله تعالى أعلم، فهو فقه دقيق وجيد، وموافق لمقاصد الشارع وسننه في التشريع، فحفظ الدين مقدم على حفظ ما سواه، ومراعاة شأنه من أهم المعاني التي تُفَرَّعُ عليها الأحكام.
المطلب الثاني: مسائل متفرقة تتعلق بغير المسلمين في الوقف عموماً:
المسألة الأولى: تولي غير المسلم نظارة الوقف:
من الأمور المقررة في نظام الوقف الإسلامي ضرورة وجود شخص أو أكثر يرعى شؤون الوقف: ينظر في ريع الوقف وفي صرفه إلى مستحقيه، ويقوم على عمارته وصيانته، وغير ذلك مما لا بد منه لضمان استمراريته، وقد وضع الفقهاء لمتولي الوقف هذا شروطاً لا بد من تحققها فيه، ليصح نظره في هذا الأمر ويتحقق المقصد من تعيينه فيه، فهل يشترط أن يكون مسلماً؟ أو أن الأمر يختلف من وقف إلى آخر؟ للفقهاء في المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: ما ذهب إليه الحنفية([139]) من صحة أن يكون ناظر الوقف ذمياً، وظاهر قولهم صحته هكذا مطلقاً بلا تقييد، وتعليل ما ذهبوا إليه أن الأمر منوط بالأهلية وهو كذلك في نفسه.
القول الثاني: ما ذهب إليه الشافعية([140]) وبعض الحنابلة([141]) ويؤخذ من ظاهر كلام المالكية([142]) من عدم جواز أن يكون ناظر الوقف ذمياً أو غير مسلم، وظاهر قولهم -بل نص عليه بعضهم- أن هذا الحكم يستوي فيه أن يكون الواقف ذمياً أو مسلماً، أو أن يكون على ذمي أو مسلم؛ وذلك لانعدام عدالته التي هي شرط من حيث الجملة في أنواع الولايات المختلفة.
القول الثالث: ما ذهب إليه الحنابلة في المعتمد([143]) ومال إليه بعض الشافعية([144]) من التفريق بين أن يكون الموقوف عليهم من أهل الذمة -وعندها يصح أن يكون الناظر واحداً منهم- وبين أن يكون المستحقون من المسلمين، وعندها لا يصح، ووجه التفريق: أن ولاية ناظر الوقف لا تقتصر على الوقف بذاته، بل تتعداه إلى المستحقين ولو بوجه من الوجوه، ومثل هذا لا يكون للذمي على المسلم، أما إذا كان المستحقون من أهل الذمة فلا يوجد مانع حينئذٍ؛ إذ المعهود في الشرع صحة نظرهم فيما يتعلق بهم من الولايات الخاصة كما في الزواج والإيصاء.
وهذا القول هو ما أميل إلى ترجيحه، فإضافة إلى ما قاله أصحاب هذا القول، فإنه لا يخفى أن تصحيح الولاية على الوقف لغير المسلم هكذا بإطلاق قد يترتب عليه مفاسد عديدة، كإظهار شعارهم في مواطن ينبغي أن تصان عن ذلك، وقد يكون فيه إذلال لبعض المسلمين حين يجعل أمر التصدق عليهم-مثلاً- موكولاً لذمي لا يؤتمن.
أما القول بعدم صحته مطلقاً ففيه إبطال لصحة نظرهم بالجملة في هذا الباب، ولا يخفى أن تصحيح وقفهم والوقف عليهم لا يتحقق المقصود منه مع هذا، وخاصة إن استلزم أمر الوقف النظر في مسائل تفصيلية تخصهم، مما قد لا يدركه بعض المسلمين، والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية: مآل وقف الذمي إذا حُكم ببطلانه:
هذه المسألة تعرض لها فقهاء الحنفية والحنابلة، وذهبوا فيها إلى أن الذمي إذا مات وقد حكم ببطلان وقفه فإنه يكون ميراثاً يقسم بين ورثته، وإن كان حياً بطل وقفه من أصله، وأن الوقف إذا كان باطلاً باعتبار بعض الموقوف عليهم دون بعض فيصرف إلى من جاز صرفه إليهم دون غيرهم، وفيما يلي نصوصهم في ذلك:
جاء عند الحنفية: "وشرط صحة وقفه (أي: الذمي) أن يكون قربةً عندنا وعندهم، فلو وقف على بيعة -مثلاً- فإذا خربت يكون للفقراء كان للفقراء ابتداءً، ولو لم يجعل آخره للفقراء كان ميراثاً عنه"([145]). وجاء عندهم : "قال رحمه الله: ذمي جعل داره بيعة أو كنيسة في صحته فمات فهي ميراث; لأنه بمنزلة الوقف عند أبي حنيفة رحمه الله، والوقف عنده لا يلزم فيورث فكذا هذا. وأما عندهما فلأن هذا معصية فلا يصح وإن كان قربة في معتقدهم. بقي إشكال على قول أبي حنيفة رحمه الله وهو: أن هذا عندهم كالمسجد عند المسلمين، والمسلم ليس له أن يبيع المسجد، فوجب أن يكون الذمي فيها كذلك; لأنهم عنده يتركون وما يعتقدون. وجوابه أن المسجد محرر عن حقوق الناس وصار خالصا لله تعالى، ولا كذلك البيعة في معتقدهم فإنها لمنافع الناس; لأنهم يسكنون فيها ويدفنون فيها موتاهم فلم تصر محررة عن حقوقهم فكان ملكه فيها ثابتاً وفي هذه الصورة يورث المسجد أيضاً"([146]).
جاء عند الحنابلة: "قال أحمد في نصارى وقفوا على البيعة, وماتوا ولهم أبناء نصارى فأسلموا, والضياع بيد النصارى فلهم أخذها, وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أيديهم. لا يقال: ما عقده أهل الكتاب وتقابضوه ثم أسلموا أو ترافعوا إلينا لا ينقض; لأن الوقف ليس بعقد معاوضة, وإنما هو إزالة ملك عن الموقوف على وجه القربة. فإذا لم يقع صحيحاً لم يزل الملك فيبقى بحاله كالعتق"([147]).
نتائج البحث والتوصيات
أولاً: نتائج البحث الفقهي وخلاصة المسائل:
1. اتفق الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة على صحة الوقف من الذمي من حيث الأصل، لاشتراكه مع المسلم في أهلية التبرع التي هي محل النظر عند البحث في شروط الواقف، وأهلية التبرع هذه تتحقق بثلاثة أمور هي: العقل والبلوغ وعدم الحجر.
2. اتفق الفقهاء على عدم صحة وقف المرتد إن مات أو قتل على ردته، وما ذهب إليه الفقهاء هنا مبني على ما ذهب إليه جمهورهم في حكم ملك المرتد. لكنهم اختلفوا في حكم وقفه إن عاد للإسلام، ولهم في ذلك قولان:
الأول: أن وقفه صحيح، لأنه وقع ابتداءً موقوفاً على رجوعه إلى الإسلام، وقد عاد إلى الإسلام فيحكم بصحته.
الثاني وهو ما يرجحه الباحث: أن وقفه غير صحيح ابتداءً، ولو عاد للإسلام فلن يقبل منه.
3. الذي يظهر من عموم أقوال الفقهاء الحكم بصحة وقف المستأمن في دار الإسلام؛ وذلك لأنهم يصححون من حيث الأصل المعاملات المالية التي تقع من المستأمن في دار الإسلام. ومثل هذا يفتح أبواباً لاستفادة غير المسلمين من خارج الدولة الإسلامية من هذا النظام، ومشاركتهم فيه، بشرط الالتزام بأحكام الدولة الإسلامية، واحترام سيادتها الشرعية والسياسية على أراضيها وموجوداتها المختلفة.
4. لا يصح باتفاق الفقهاء وقف غير المسلم على ما يعتبر معصية في ديننا ودينه؛ وذلك لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان الذي نهينا عنه صراحة، وأهل الذمة في ذلك كالمسلمين، فلا يقرون عليه. ونظام الوقف فيه هو أحد أنظمة الدولة الإسلامية فلا يصح أن يطغى على غيره أو يتصادم معه.
5. اتفق فقهاء المذاهب على صحة الوقف من الذمي على كل جهات البر المتفق عليها بين الإسلام وملته، وتوجيه هذا كما يظهر من كلامهم أن الوقف تصرف مالي شرع لأجل البر ابتداءً، ومتى ظهر هذا في الجهة الموقوف عليها فلا يمنع سواء كان الواقف مسلماً أو غير مسلم مع مراعاة الشروط الأخرى وانتفاء الموانع.
6. الأقوال المعتمدة في المذاهب الفقهية الأربعة ذهبت إلى عدم صحة الوقف من الذمي على ما يعتبر قربة في دينه وهو معصية في ديننا، ومحل هذا إذا وقع الوقف منهم بعد الإسلام ورفعوا أمرهم إلينا. ولا شك أن ثمة أقوالاً فقهية ترى جواز هذا الأمر لكنها لا تصمد أمام النقاش الفقهي، وبخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأصل في تطبيق نظام الوقف الإسلامي أن يكون داخل نطاق الدولة الإسلامية، وهي دولة ذات عقيدة تشكل أساس النظام العام الذي تعتبر صيانته أمراً ضرورياً لبقائها واستمرارها.
7. اختلف الفقهاء في حكم وقف الذمي على ما هو قربة في ديننا دون دينه إلى قولين:
الأول: يرى أن وقفه لا يصح . وعلل بعضهم قوله هذا بأن أموال غير المسلمين أبعد ما تكون عن الكسب الطيب الحلال، وما كان كذلك فلا ينبغي صرفه إلى قربات المسلمين.
الثاني: يرى أن وقفه صحيح؛ وحجتهم في ذلك أن الوقف من الذمي صحيح ابتداءً لصحة عبارته وولايته على ماله، وصرف الوقف إلى مصالح المسلمين الخاصة من مساجد وغيرها يتفق مع أحكام الشرع ظاهراً.
والذي يراه الباحث هنا ألا يُمنع أهل الذمة من هذا الأمر شريطة الالتزام بشروط ذكرها في محلها من هذا البحث، وبخاصة أن هذا يعزز انتماءهم إلى الدولة الإسلامية التي يعيشون في ظلها.
8. ذهبت الأقوال المعتمدة في المذاهب الأربعة إلى صحة وقف المسلم على الذمي من حيث الأصل، وما أضافه بعض الفقهاء من قيود على الحكم بالصحة هنا إنما سيق لمراعاة شروط الوقف الأخرى.
9. الأقوال المعتمدة في المذاهب الأربعة ذهبت إلى عدم صحة الوقف على الحربي مطلقاً، وذلك لأسباب عديدة منها ما يعود إلى طبيعة الوقف كمعاملة مالية لها شروط خاصة، ومنها ما يعود إلى القواعد العامة في الشريعة الإسلامية. إلا أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى جواز الوقف على الحربي المعين، أي أن يقف الواقف على شخص حربي يقصده لذاته لا لأنه حربي.
10. صرح بعض الفقهاء وأشار بعضهم الآخر إلى عدم صحة الوقف على المرتد، لأن العلة التي من أجلها منع الوقف في الحربي متحققة ولا شك في المرتد.
11. اتفق الفقهاء على صحة الوقف من الذمي على الذمي، وهذا مستند إلى ما سبق من صحة وقفهم من حيث الأصل وصحة الوقف عليهم.
12. اختلف الفقهاء في دخول الذمي في عموم وقف المسلم على قولين:
الأول: يرى أن الذمي يدخل في عموم وقف المسلم بلا تنصيص إذا صدق عليه اسم الجهة التي عليها الوقف ولا موجب لإخراجه.
الثاني وهو الراجح لدى الباحث: يرى أن الذمي لا يدخل في عموم وقف المسلم إلا بقرينة دالة على ذلك، لأن الظاهر من حال الواقف أنه لم يرد من يخالف دينه.
13. اختلف الفقهاء في دخول المسلم في عموم وقف الذمي على قولين:
الأول: يرى أن المسلم يدخل في وقف الذمي على جهة عامة تشمله، وذلك إعمالاً للفظ الواقف في كل من يصدق عليه.
الثاني: وهو الراجح لدى الباحث: يرى أن المسلم لا يدخل في وقف الذمي إلا بقرينة، لأن الظاهر أنه لم يقصده، كما هو الشأن في المسألة السابقة.
14. اختلف الفقهاء في حكم ما إذا وقف الذمي على أولاده أو على المساكين من أهل ملته واشترط أن من أسلم منهم لا يستحق شيئاً على ثلاثة أقوال:
الأول: الوقف صحيح وكذا الشرط، فيُعمل به، بمعنى أن من أسلم من الموقوف عليهم فإنه لا يستحق شيئاً من الوقف بعد إسلامه.
الثاني: وهو ما رجحه الباحث تبعاً لبعض أهل العلم: الوقف صحيح والشرط ملغى، بمعنى أن من أسلم من الموقوف عليهم هؤلاء يبقى مستحقاً للوقف كما كان.
الثالث: الوقف باطل من أصله، فلا يستحق أحد من الموقوف عليهم شيئاً ولا من أسلم منهم، بل هو ميراث عن مالكه ويصرف إلى مستحقيه.
15. اختلف الفقهاء في حكم تولي الذمي نظارة الوقف على أقوال ثلاثة:
الأول: صحة أن يكون ناظر الوقف ذمياً، وظاهر قولهم صحته هكذا مطلقاً بلا تقييد.
الثاني: عدم جواز أن يكون ناظر الوقف ذمياً أو غير مسلم، وهذا يستوي فيه أن يكون الواقف ذمياً أو مسلماً، أو أن يكون على ذمي أو مسلم.
الثالث: وهو ما يميل إليه الباحث: يرى التفريق بين أن يكون الموقوف عليهم من أهل الذمة وعندها يصح أن يكون الناظر واحداً منهم وبين أن يكون المستحقون من المسلمين وعندها لا يصح.
16. ذهب بعض الفقهاء إلى أن الذمي إذا مات وقد حكم ببطلان وقفه فإنه يكون ميراثاً يقسم بين ورثته، وإن كان الوقف باطلاً باعتبار بعض الموقوف عليهم دون بعض فيصرف إلى من جاز صرفه إليهم دون غيرهم.
ثانياً: التوصيات:
1. يوصي الباحث بتعميم ثقافة الوقف بين المسلمين وتفعيل دورها بينهم، وإبراز الآثار الثقافية والإنسانية لهذا النظام بصورة واضحة ومتوازنة.
2. يوصي الباحث باعتماد اجتهادات الفقهاء المعتبرة والمعتمدة عند الحديث عن عالمية الوقف وإنسانيته، لأن تجاوزها يفقد هذا الحديث شرعيته ويحول دون رسوخه بين عموم المسلمين فضلاً عن علمائهم.
3. يوصي الباحث بفتح قنوات اتصال مع غير المسلمين خارج الدولة الإسلامية وداخلها؛ ليتعرفوا على مدى استفادتهم من أحكام هذا النظام، ومجالات مشاركتهم فيه.
تم بحمده تعالى وفضله ومَـنِّه
(*) منشور في "المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية"، المجلد (2)، العدد (4)، 1427ه/ 2006م.
الهوامش:
([1]) انظر: أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير، بيروت، المكتبة العصرية، 1418ﻫ (ط2) ، مادة وقف. جمال الدين محمد ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، مادة وقف.
([2]) محمد أمين بن عمر ابن عابدين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، القاهرة، مكتبة البابي الحلبي، 1386ﻫ ( ط2)، ج4، ص337. وانظر: كمال الدين محمد بن عبد الواحد ابن الهمام، فتح القدير، بيروت، دار الفكر، (ط2)، ج6، ص204.
([3]) ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص338-339.
([4]) انظر: أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، بيروت، دار الفكر، 1415ﻫ، ج2، ص150.
([5]) انظر: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ج2 ص457. محمد بن أحمد الشربيني، مغني المحتاج، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415ﻫ (ط1)، ج3، ص522.
([6]) منصور بن يونس البهوتي، دقائق أولي النهى، بيروت، عالم الكتب، 1416ﻫ (ط2)، ج2،ص379. منصور بن يونس البهوتي، كشاف القناع، بيروت، دار الكتب العلمية، 1402ﻫ، ج4، ص240.
([7]) البهوتي، دقائق أولي النهى، ج2ص398.
([8]) انظر: منى السالوس وسحر الصديقي، الوقف ودوره في الحياة العلمية والتعليمية، مجلة الثقافة والتنمية، العدد الثالث، يوليو 2001م.
([9]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان بعد وفاته حديث رقم 1631. والترمذي في سننه، كتاب الأحكام باب الوقف، حديث رقم 1376 وهذا لفظه.
([10]) متفق عليه. رواه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، حديث رقم 2737. ورواه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الوصية، باب الوقف، حديث رقم 1632.
([11]) رواه الترمذي في السنن، كتاب المناقب، باب مناقب عثمان رضي الله عنه، حديث رقم 3699. وقال حديث حسن صحيح غريب.ورواه ابن حبان في صحيحه برقم6916.
([12]) هذا الأثر نقله: موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي، المغني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج5، ص348، ولم أجد من خرجه.
([13]) برهان الدين إبراهيم بن محمد ابن مفلح، المبدع، بيروت، المكتب الإسلامي، 1400ﻫ، ج5، ص312.
([14]) محمد بن علي الشوكاني، السيل الجرار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1405ﻫ (ط1)، ج3، ص313.
([15]) من هذه المؤسسات مؤسسة الوقف الأوروبي المسجلة في بريطانيا عام 1996م. انظر موقع هذه المؤسسة على الشبكة الدولية بعنوان: www. Europeanwaqf.org
([16]) انظر: الأمانة العامة للأوقاف بالشارقة، الوقـف في
الشارقة، الشارقة، الأمانة العامة للأوقاف، 2005م, ص10-11.
([17]) صالح بن غانم السدلان، أبعاد الوقف الإسلامي على غير المسلمين وإسهاماته في التواصل معهم عبر العصور الإسلامية المختلفة. ورقة مقدمة في مؤتمر الشارقة والمجتمع الدولي، الأمانة العامة للأوقاف/ الشارقة 1426ﻫ، ص4.
([18]) الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1990م (ط2)، ج7، ص121.
([19]) انظر: عثمان بن علي الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، بيروت، دار المعرفة، (ط2)، ج3ص324، ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص198.
([20]) انظر: أحمد بن محمد بن أحمد الدردير، الشرح الصغير، القاهرة، دار المعارف، 1392ﻫ (ط1)، ج4، ص118. محمد بن عرفة الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، ج4، ص79.
([21]) انظر: الأنصاري، أسنى المطالب، ج1، ص575.
([22]) انظر: علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، الإنصاف، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1400ﻫ (ط2)، ج7، ص12-13. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص245.
([23]) يقول الأستاذ الزرقا: "فحقيقة الوقف إسقاط للملكية أو تبرع كما تقدم، وعلى كلا الاعتبارين يجب أن يكون الواقف ذا أهلية لإزالة ملكه بلا عوض. وعن هذا كان من المتفق عليه انه يشترط في الواقف إجمالاً لأجل صحة وقفه أن يكون أهلاً للتبرع". مصطفى أحمد الزرقا، أحكام الأوقاف، دمشق، مطبعة الجامعة، 1366ﻫ (ط2)، ص43.
([24]) الموسوعة الفقهية، ج7، ص130.
([25]) أبو بكر بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن، بيروت، دار الفكر، ج2، ص611.
([26]) محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، المبسوط، بيروت، دار المعرفة، ج22، ص60.
([27]) شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، بيروت، عالم الكتب، ج3، ص135.
([28]) انظر: أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب. بيروت، دار المعرفة، 1379ﻫ، ج5، ص402.
([29]) جاء في البحر الزخار عن مخيريق هذا: "قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مخيريق خير يهود"... وظاهره عدم التصريح بإسلامه، وحكى في الشفاء: أنه من يهود بني قريظة وأنه أسلم وخرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أحد". انظر: أحمد بن يحيى بن المرتضى، البحر الزخار، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، ج5، ص148.
([30]) العسقلاني، فتح الباري، ج6، ص203.
([31]) انظر: محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب، مواهب الجليل، بيروت، دار الفكر، 1398ﻫ (ط2)، ج6، ص24.
([32]) المرجع السابق، ج6، ص18.
([33]) شمس الدين محمد بن أحمد الرملي، نهاية المحتاج، بيروت، دار الكتب العلمية، 1414ﻫ، ج5، ص359.
([34]) البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص240.
([35]) أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتاب العربي، 1402ﻫ (ط2)، ج6، ص218.
([36]) الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص24.
([37]) زين الدين بن إبراهيم بن نجيم، الأشباه والنظائر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419ﻫ، (ط1)، ج1، ص77.
([38]) محمد بن عبد الله الخرشي، شرح مختصر خليل، بيروت، دار الفكر، ج7ص80، وقال العدوي في الحاشية: "الصواب هو الأول أن الوقف من باب التبرعات لا من باب الصدقات كما نص عليه في التوضيح وارتضاه بعض شيوخنا وبعض المحققين".
([39]) الأنصاري، أسنى المطالب، ج1، ص575.
([40]) منصور بن يونس البهوتي، دقائق أولي النهى، بيروت، عالم الكتب، 1416ﻫ (ط2)، ج2ص، 406.
([41]) ابن قدامة، المغني، ج6، ص19.
([42]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص201. الحطاب،
مواهب الجليل، ج6، ص328. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج5، ص308. أحمد بن قاسم العبادي، حاشية على تحفة المحتاج للهيتمي، بيروت، دار صادر، ج6، ص244. ابن قدامة، المغني، ج9، ص200. عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، القواعد، بيروت، دار الكتب العلمية، ص408.
([43]) لمزيد من الإيضاح انظر: الموسوعة الفقهية، ج22، ص196-197، حيث جاء فيها: "ذهب المالكية والحنابلة - غير أبي بكر- والشافعية في الأظهر, وأبو حنيفة إلى أن ملك المرتد لا يزول عن ماله بمجرد ردته, وإنما هو موقوف على ماله فإن مات أو قتل على الردة زال ملكه وصار فيئاً, وإن عاد إلى الإسلام عاد إليه ماله... وقال أبو يوسف ومحمد وهو قول عند الشافعية: لا يزول ملكه بردته... وعند بعض الشافعية -وصححه أبو إسحاق الشيرازي- وهو قول أبي بكر من الحنابلة أن ملكه يزول بردته لزوال العصمة بردته فما له أولى"
([44]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص201.
([45]) انظر: ابن قدامة، المغني، ج9، ص200، ابن رجب، القواعد، ص408.
([46]) انظر: العبادي، حاشية على تحفة المحتاج، ج6، ص244.
([47]) انظر: الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص328. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج5، ص308.
([48]) انظر: انظر: ابن قدامة، المغني، ج9، ص200.
([49]) انظر: زين الدين بن إبراهيم بن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي ، ج5، ص202. موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، الكافي، بيروت، المكتب الإسلامي، 1408ﻫ (ط5)، ج2، ص450.
([50]) انظر: الموسوعة الفقهية، ج7، ص106.
([51]) برهان الدين إبراهيم بن موسى الطرابلسي، الإسعاف في أحكام الأوقاف، مكة المكرمة، مكتبة الطالب الجامعي (تصوير)، 1406ﻫ (ط1)، ص143.
([52]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3،ص523. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص237.
([53]) انظر: عبد الكريم زيدان، أحكام الذميين والمستأمنين
في دار الإسلام، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1402ﻫ (ط2)، ص 492.
([54]) انظر على سبيل المثال: الحطاب، مواهب الجليل، ج3، ص363. البهوتي، كشاف القناع، ج3، ص108.
([55]) عبارات الفقهاء في هذا كثيرة، انظر على سبيل المثال: ابن عابدين، الدر المختار، ج4، ص341. الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص23. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص530. ابن قدامة، المغني، ج5، ص377.
([56]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص204. نظام الدين البلخي ولجنة العلماء، الفتاوى الهندية، بيروت، دار الفكر، ج2، ص353. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص82. الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، ج4، ص78. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص528. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص245. ابن قدامة، المغني، ج5، ص377.
([57]) انظر: الفتاوى الهندية، ج2، ص353. ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص204-205. الدردير، الشرح الكبير، ج4، ص78. الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، ج4، ص78. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص531. الرملي، نهاية المحتاج، ج5، ص368. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص246. ابن قدامة، المغني، ج5، ص376. شمس الدين محمد بن مفلح المقدسي، الفروع، بيروت، عالم الكتب، 1379ﻫ (ط3)، ج4، ص587-588. المرداوي، الإنصاف، ج7، ص15. مصطفى بن سعد الرحيباني، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، دمشق، المكتب الإسلامي، 1380ﻫ (ط1) ، ج4، ص283.
([58]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص204-205. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص531. ابن مفلح، الفروع، ج4، ص587.
([59]) انظر المراجع السابقة.
([60]) انظر: الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، ج4، ص78.
([61]) انظر: المرداوي، الإنصاف، ج7، ص15. ابن مفلح،
الفروع، ج4، ص587.
([62]) انظر: محمد عثمان شبير، فقه المعاملات (2)، عمان، جامعة القدس المفتوحة، 1997م (ط1)، ج2، ص151.
([63]) انظر: الرملي، نهاية المحتاج، ج5، ص359.
([64]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص201. ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص204. محمد أمين بن عمر بن عابدين، تنقيح الفتاوى الحامدية، بيروت، دار المعرفة، ج1، ص117.
([65]) انظر: الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص82. الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، ج4، ص78. سليمان بن خلف الباجي، المنتقى شرح الموطأ، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ج6، ص123.
([66]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص523. ونسبه إلى الواحدي من فقهاء الشافعية. وهو: علي بن أحمد بن محمد الواحدي، من فقهاء الشافعية وعلماء النحو واللغة والتفسير، له مؤلفات عديدة في الفقه الشافعي وعلوم القرآن وعلوم اللغة ولد بنيسابور، وتوفي بها سنة 468ﻫ . انظر: أبو بكر بن أحمد ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية، بيروت، دار الكتب، 1407ﻫ(ط1)، ج2، ص257.
([67]) انظر: الباجي، المنتقى شرح الموطأ، ج6، ص123.
([68]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص523. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص236.
([69]) انظر: ابن مفلح، الفروع، ج6، ص278. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص246.
([70]) انظر التفصيل في المسألة السابقة.
([71]) الموسوعة الفقهية، ج7 ، ص121.
([72]) انظر: الزيلعي، تبيين الحقائق، ج3، ص325. ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص201. الطرابلسي، الإسعاف، ص142. أبو بكر محمد بن علي الحدادي العبادي، الجوهرة النيرة، القاهرة، المطبعة الخيرية، ج1، ص335.
([73]) انظر: الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص80. العدوي، حاشية على شرح الخرشي، ج7، ص80. محمد بن أحمد بن محمد (عليش)، منح الجليل شرح مختصر خليل، بيروت، دار الفكر، 1404ﻫ ( ط1)،
ج8، ص113-114.
([74]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص531. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص528. أحمد بن سلامة القليوبي، حاشية على شرح المحلي للمنهاج، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، ج3، ص101.
([75]) انظر: ابن قدامة، المغني، ج5، ص377.
([76]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص531.
([77]) انظر المراجع السابقة.
([78]) المواق، التاج والإكليل، ج7، ص634.
([79]) هذا الأثر ذكره ابن قدامة في المغني، ج5، ص377، وقد أخرج ابن أبي شيبة والدارمي والبيهقي بألفاظ متقاربة أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لأخ لها يهودي: أسلم ترثني. فسمع بذلك قومه، فقالوا: أتبيع دينك بالدنيا؟! فأبى أن يسلم، فأوصت له بالثلث. انظر: مصنف ابن أبي شيبة ج6، ص212، سنن الدارمي، ج2، ص517، السنن الكبرى للبيهقي، ج6، ص281. وقد أورده الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ج3 ، ص95 ولم يحكم عليه، وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ج1، ص607: "تصح الوصية للذمي المعين وكذلك يصح الوقف عليه وفعلت صفية بنت حيي أم المؤمنين هذا وهذا".
([80]) رواه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء، حديث رقم 2234.
([81]) ابن حجر، فتح الباري، ج5، ص42.
([82]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص531.
([83]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص528.
([84]) انظر: عليش، منح الجليل، ج8، ص13.
([85]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص528.
([86]) انظر: الطرابلسي، الإسعاف، ص142.
([87]) انظر: العدوي، حاشية على شرح الخرشي، ج7، ص80.
([88]) الموسوعة الفقهية، ج7، ص104.
([89]) ابن قدامة، المغني، ج6، ص19.
([90]) انظر: الطرابلسي، الإسعاف، ص15. ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص342. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص81. عليش، منح الجليل، ج8، ص117. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص529. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص247. المرداوي، الإنصاف، ج7، ص16.
([91]) انظر المراجع السابقة.
([92]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص529.
([93]) انظر: المرداوي، الإنصاف، ج7، ص16.
([94]) انظر المرجع السابق الجزء والصفحة نفسيهما.
([95]) رواه الإمام البخاري في صحيحه: كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين. وكتاب الجزية والموادعة، باب إثم من صالح ثم غدر. وكتاب الأدب، باب صلة الوالد المشرك، وباب صلة المرأة أمها ولها زوج.
([96]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص529.
([97]) انظر: البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص247. المرداوي، الإنصاف، ج7، ص16.
([98]) انظر: الطرابلسي، الإسعاف، ص15. ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص342. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص81. عليش، منح الجليل، ج8، ص117.
([99]) الموسوعة الفقهية، ج7، ص106.
([100]) الرملي، نهاية المحتاج، ج5، ص367. القليوبي، حاشية على شرح المحلي، ج3، ص101.
([101]) جاء عند الحنفية: "إذا أوصى له (أي: المستأمن) مسلمٌ أو ذميٌ بوصية جاز، لأنه ما دام في دار الإسلام فهو كالذمي في المعاملات، ولهذا تصح عقود التمليكات منه وتبرعاته في حال حياته وكذا عند مماته". الزيلعي، تبيين الحقائق، ج6، ص206. ابن نجيم، البحر الرائق، ج8، ص502.
([102]) وذلك أنهم يجيزون الوصية من المسلم لكل من يصح تمليكه من مسلم أو كافر معين ولو مرتداً أو حربياً، ثم هم يجعلون الوقف كالوصية في أكثر أحكامهما. انظر: الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص365، 467.
([103]) انظر: هامش حاشية ابن عابدين، ج6، ص526.
([104]) انظر: الأنصاري، أسنى المطالب، ج،2ص459. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244.
([105]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص200. أبو العباس أحمد الصاوي، حاشية على الشرح الصغير للدردير، القاهرة، دار المعارف، 1392ﻫ (ط1) ، ج4، ص116. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص528.
ابن قدامة، المغني، ج5، ص377. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص246.
([106]) انظر تفصيل المسألتين في المبحث الأول من هذه الدراسة.
([107]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244.
([108]) انظر: البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص247.
([109]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص204.
([110]) انظر: الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص82، الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، ج4، ص78.
([111]) الحصكفي، الدر المختار، ج4، ص343.
([112]) انظر ص 14 من هذا البحث.
([113]) انظر ص 7 من هذا البحث.
([114]) انظر ص 14 من هذا البحث.
([115]) انظر: الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص328. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج5، ص308. العبادي، حاشية على تحفة المحتاج، 6، ص244.
([116]) انظر: الطرابلسي، الإسعاف، ص15. ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص342. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص81. عليش، منح الجليل، ج8، ص117. الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص244. الشربيني، مغني المحتاج، ج3، ص529. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص247. المرداوي، الإنصاف، ج7، ص16.
([117]) انظر: الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص328. الخرشي، شرح مختصر خليل، ج5، ص308. العبادي، حاشية على تحفة المحتاج، ج6، ص244.
([118]) لمزيد من التفصيل انظر: محمد طلافحة، تفسير ألفاظ المكلفين في العقود والتصرفات الانفرادية، رسالة دكتوراه غير منشورة، عمان، الجامعة الأردنية، 1425ﻫ.
([119]) الطرابلسي، الإسعاف، ص109.
([120]) انظر: الخرشي، شرح مختصر خليل، ج7، ص97.
([121]) انظر: العسقلاني، فتح الباري، ج5 ، ص308. سليمان بن منصور العجيلي (الجمل)، حاشية على شرح المنهج للأنصاري، بيروت، دار الفكر، ج5، ص142. والمسألة وردت عنده عرضاً في باب السرقة وفيها يقول: "لا يقطع بسرقة موقوف على جهة عامة كبكرة بئر مسبلة، وإن كان السارق ذمياً كما قاله الروياني لأن له فيها حقاً... لأن شمول لفظ الواقف له صيره من جملة الموقوف عليهم وإن سلمنا أنه بطريق التبعية...".
([122]) انظر: الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص364، وقريباً منه ما جاء عند البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص287.
([123]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص.204. الفتاوى الهندية، ج2، ص353.
([124]) انظر: أبو العباس شهاب الدين أحمد الرملي، حاشية على أسنى المطالب، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ج2، ص470. قوله: "لو وقف ذمي مقبرة فهل يختص بها أهل ملته; لأن الظاهر أنه قصدهم أم لا؟ فيه نظر والظاهر هو المنع".
([125]) أي على قولهم في المسألة السابقة.
([126]) وذلك من قول الطرابلسي في الإسعاف، ص141: "فلو قال ذمي يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً: أرضي هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبداً على ولدي، وولد ولدي، ونسلي وعقبي أبداً ما تناسلوا، ثم من بعدهم على المساكين. صح الوقف، وتكون الغلة لولده ونسله، ومن بعدهم تكون لمن سمى من المساكين وإن سمى مساكين المسلمين؛ لأن هذا مما يتقرب به أهل الذمة في دينهم إلى الله تعالى. وإن لم يعين مساكين المسلمين يجوز صرف الغلة لمساكين أهل دينه ولمساكين المسلمين وغيرهم".
([127]) انظر ص 10 من هذا البحث.
([128]) انظر: الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص364، البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص287.
([129]) جاء عند الحنفية هنا مثلاً قولهم :"ألفاظ الواقفين تبتنى على عرفهم". انظر: ابن نجيم، الأشباه، ص80.
([130]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص198.
([131]) انظر: المرداوي، الإنصاف، ج4، ص588.
([132]) انظر المرجع السابق: الجزء والصفحة نفسيهما.
([133]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6 ، ص256.
([134]) الطرسوسي: برهان الدين إبراهيم بن علي الطرسوسي، نسبة إلى طرسوس من مدن الشام، فقيه حنفي له العديد من المؤلفات منها في الفروع: أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل، توفي سنة 758ﻫ. انظر: مصطفى بن عبدالله الرومي، كشف الظنون، بيروت، دار الكتب العلمية، 1413ﻫ، ج1، ص183.
([135]) انظر : ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص198.
([136]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص256. أبو الضياء علي الشبراملسي، حاشية على نهاية المحتاج للرملي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1414ﻫ، ج5، ص359.
([137]) انظر ص13 من هذا البحث.
([138]) ابن القيم، أحكام أهل الذمة، ج1، ص601-602.
([139]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص245، الطرابلسي، الإسعاف، ص52.
([140]) انظر:الرملي، نهاية المحتاج، ج5، ص399. القليوبي، حاشية على شرح المحلي، ج3، ص110.
([141]) انظر: ابن مفلح، الفروع، ج4، ص594.
([142]) انظر: الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص37
([143]) انظر: البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص270. الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص327.
([144]) انظر: الهيتمي، تحفة المحتاج، ج6، ص288.
([145]) ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص201.
([146]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج6، ص204.
([147]) البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص245.