يد الضمان ويد الأمانة بين النظرية والتطبيق في الفقه الإسلامي(*)
فضيلة الدكتور حارث محمد العيسى/ جامعة آل البيت
فضيلة الدكتور أحمد غالب الخطيب/ مفتي محافظة المفرق
الملخص
يبحث هذا الموضوع بالمسائل التي تتعلق بوضع اليد من حيث الأمانة والضمان والأحكام المترتبة على ذلك، فيد الضمان هي كل يد لا تستند إلى إذن شرعي من الشارع أو من المالك، يد الأمانة هي اليد التي خلفت يد المالك في حيازة ملكه، وتصرفت فيه عن ولاية شرعية في تلك الحيازة، ولم يدل دليل على ضمان صاحبها، وقد تتحول يد الأمانة إلى يد ضمان في حالات منها: التعدي التقصير، و قد تتحول يد الضمان إلى يد الأمانة في حالات منها: إذا أجاز المالك والإبراء و الشرط و سقوط الدين و تغير صفة اليد، ويتعلق بكلى الحالتين آثار فقهية متعلقة بها أحكام شرعية مختلفة.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. وبعد:
فإن الشرع الحنيف قد رتب أحكاما فقهية علي اليد بنوعيها يد الضمان ويد الأمانة، والتي لها آثار كثيرة ومهمة في الفقه الإسلامي. فإن أسباب الضمان أربعة: عقد ويد وإتلاف وحيلولة، وهذا البحث يختص بأحد أبواب الضمان وهو اليد بقسميها، يد الأمانة ويد الضمان. فإنه لا تكاد تخلو مسألة من مسائل الضمان من تأثير لليد فيها، ولأجل ذلك حاولت اختصار الموضوع دون إخلال والله الموفق على كل حال.
إشكالية الموضوع:
وتتضح إشكالية الموضوع من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية:
-
ما المقصود بيد الضمان ويد الأمانة؟
-
ما هي أقسام يد الضمان ويد الأمانة؟
-
هل تثبت يد الضمان مع ثبوت يد المالك؟
-
بيان يد الضمان ويد الأمانة في الإتلاف والتلف.
-
ما الفرق بين ضمان العقد وضمان اليد؟
-
هل تتحول يد الضمان إلى يد أمانة؟
-
هل تتحول يد الأمانة إلى يد ضمان؟
أهمية الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى إظهار ما المقصود بيد الضمان ويد الأمانة، والتعريف بأقسامهما؛ و تتحول يد الضمان إلى يد أمانة، ومتى تتحول يد الأمانة إلى يد ضمان، ومتى تتحول يد الضمان إلى يد أمانة، وتهدف أيضاً لبيان الأحكام الفقهية المتعلقة بيد الضمان ويد الأمانة.
الدراسات السابقة:
تناول بعض الفقهاء المعاصرين الموضوع في كتبهم و إن كانوا لم يفردوه بكتاب مستقل أو ببحث مستقل. ومن هذه الدراسات:
-
إبراهيم فاضل الدبو، ضمان المنافع، دار البيارق بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1997م.
-
وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، دار الفكر دمشق سوريا، الطبعة الثانية، 1998م.
-
علي السيد عبد الحكيم الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، مطبعة الآداب النجف، من مطبوعات جامعة بغداد، سنة 1974م، رسالة دكتوراه.
-
سليمان محمد أحمد، ضمان المتلفات في الفقه الإسلامي، الطبعة الأولى، 1985م، مطبعة السعادة.
منهجية البحث:
تعالج هذه الدراسة يد الضمان ويد الأمانة في الفقه الإسلامي؛ لذا فإن الباحث اعتمد المناهج الآتية:
-
منهج الاستقراء: عنيت بتحرير واستقراء أقوال الفقهاء من كتبهم المختلفة.
-
منهج المقارنة: قمت بمقارنة بين أراء المذاهب التي تحتاج إلى تحرير، لأن الأمور لا تتميز إلا بأضدادها، ولما في المقارنة من بعد عن التعصب و إثراء للفكر.
خطة البحث:
المبحث الأول: معنى يد الضمان ويد الأمانة لغة واصطلاحا
المطلب الأول: يد الضمان ويد الأمانة لغة.
المطلب الثاني: يد الضمان ويد الأمانة اصطلاحا.
المطلب الثالث: دلالة اليد.
المبحث الثاني: أقسام يد الضمان ويد الأمانة.
المطلب الأول: أقسام يد الضمان.
المطلب الثاني: أقسام يد الأمانة.
المبحث الثالث: حكم يد الضمان وحكم يد الأمانة.
المطلب الأول: حكم يد الضمان مع الاستدلال.
المطلب الثاني: حكم يد الأمانة مع الاستدلال.
المطلب الثالث: توضيح بعض المسائل المتعلقة بيد الضمان ويد الأمانة.
الخاتمة.
المبحث الأول
معنى يد الضمان ويد الأمانة لغة واصطلاحا
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: يد الضمان ويد الأمانة لغة:
1- اليد لغة: الكف، وهي من أطراف الأصابع إلى الكف، ويد الريح سلطانها، فلما ملكت الريح تصريف السحاب جعل لها سلطان عليه، ويقال: هذه الصنعة بيد فلان أي في ملكه، ويد الله كناية عن الحفظ والدفاع كما في الحديث: (يد الله على الجماعة)([1]) أي أنهم في كنف الله ووقايته فوقهم.
واليد: الغنى والقدرة والنعمة والقوة والملك والسلطان والطاعة والجماعة والندم، ومنه يقال: سقط في يده إذا ندم. واليد: الاستسلام، وتأتي بمعنى الكفالة، وقولهم: يدي لك رهن بكذا أي ضمنت ذلك وكفلت به([2]).
والملاحظ مما تقدم أن اليد في أصل الوضع تدور حول معنيين:
الأول: المعنى الحقيقي: (الجارحة) وهي الكف وما اتصل بها إلى العضد. قال تعالى: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) المائدة/6، ذكرَ اسم اليد، ثم زاد على الاسم إلى المرافق، وفي حد السرقة تحمل اليد عليها من الكوع([3]).
والثاني: المعنى المجازي وهو ما دل على غير المعنى الحقيقي كالسلطان والحفظ والضمان. والمراد بها الاستيلاء على الشيء بالحياة، وهي كناية عما قبلها لأن باليد يكون التصرف([4]).
قال ابن منظور: "والأفعال تنسب إلى الجوارح، وسميت جوارح لأنها تكتسب، كما يقال للرجل إذا وبخ: ذلك بما كسبت يداك، وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئا لأنه يقال لكل من عمل عملا كسبت يداه لأن اليدين الأصل في التصرف"([5]).
2- الضمان لغة: من ضَمِنَ، والضمين الكفيل، ضَمِنَ الشيء ضمانا كفل به، وضمنته الشيء تضمينا غرّمته. وأنشد ابن الأَعرابي:
ضوامنُ ما جار الدليل ضحى غدٍ من البُعد ما يضمنَّ فهو أداءُ
ومعناه: إن جار الدليل فأخطأ الطريق ضمنت أن تلحق ذلك في غدها وتبلغه، ثم قال: ما يضمنَّ
فهو أداء: أي ما ضمِنَّه من ذلك لركبها وفين به وأدينه([6]).
والملاحظ أن هذه المعاني تدور حول: الكفالة والغرامة والوفاء والأداء.
3- الأمانة لغة: ضد الخيانة أو نقيض الخيانة لأن الأمين يؤمَن أذاه، ومؤتمَن القوم الذي يثـقون به، ويتخذونه أمينا حافظا، والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان، وفي الحديث: (الزرع أمانة والتاجر فاجر)([7]) جعل الزرع أمانة لسلامته من الآفات التي تقع في التجارة من التزيُّد في القول والحلف وغير ذلك. وفي الحديث: (استودع الله دينك وأمانتك)([8]) أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم، ومالك الذي تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك([9]).
والملاحظ: أن هذه المعاني تدور حول: الثقة والحفظ والطاعة والوديعة والأمان والسلامة. وهذه المعاني تشتملها يد الأمانة - كما سيأتي - فإنه ينبغي عدم الخيانة وملازمة الحفظ، وهو بذلك يسلم من الضمان.
المطلب الثاني: يد الضمان ويد الأمانة اصطلاحا:
يد الضمان اصطلاحاً: تعددت الأقوال في معنى يد الضمان؛ أذكر منها:
هي اليد التي تخلف يد المالك عدوانا وظلما([10]). أو هي يد الحائز الذي حاز الشيء ظلما بقصد تملكه أو لمصلحة نفسه([11]). أو استيلاء الشخص على مال الغير بدون إذن من مالكه([12]). أو هي ما وضعت على مال الغير عدوانا كيد الغاصب ([13]). أو اليد المستولية على مال الغير بغير إذنه([14]).
التعريف المختار: هي كل يد لا تستند إلى إذن شرعي من الشارع أو من المالك، وكذلك كل يد تستند إلى ولاية شرعية ودل دليل على ضمان صاحبها، وكل يد ترتبت على يد معتدية من غير استناد إلى ولاية شرعية، أو استندت إلى ذلك ولكن كان وضعها لمصلحة صاحبها خاصة([15]).
وفائدة هذا التعريف زيادته على ما تقدم أن ما دل الدليل على ضمان صاحبها يكون مضمونا كالعارية فقد روى أبو داود عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استعار منه أدراعا يوم حنين فقال أغصب يا محمد؟ فقال" لا بل عارية مضمونة "([16])
أما يد الأمانة اصطلاحا: ففيها أقوال:
أ: هي اليد التي تخلف يد المالك، ألا أن تتعدى([17]).
ب: سيطرة الشخص على مال الغير بإذن من مالكه أو الشارع على نحو الائتمان([18]).
ج: هي اليد التي تكون عن ولاية شرعية، لم تكن لمصلحة صاحبها خاصة([19]). أو هي ما كانت عن ولاية شرعية ولم يدل دليل على ضمان صاحبها([20]).
قال ابن العربي في تعريف الأمانات: "اختلف الناس في الأمانات، فقال قوم: هي كل ما أخذته بإذن صاحبه. وقال آخرون: هي ما أخذته بإذن صاحبه لمنفعته. قال: والصحيح أن كليهما أمانة. ومعنى الأمانة: أنها أمنت من الإفساد"([21]).
ويمكن تلخيص ما تقدم بأن نقول إن يد الأمانة هي: اليد التي خلفت يد المالك في حيازة ملكه، وتصرفت فيه عن ولاية شرعية في تلك الحيازة، ولم يدل دليل على ضمان صاحبها.
المطلب الثالث: دلالة اليد:
وتدل اليد بقسميها على أمرين:
الأول: التملك. وقد اعتبروها في جواز الشراء منه وإن لم يثبت أنها ملكه، ورجحوا بها عند تعارض البينتين([22]).
قال الماوردي: "ولو قامت بينة على أنه باعه هذه العين ولم يقولوا هي ملكه حكم بصحة العقد، ولا يحكم له بالملك لأنه قد يبع ما لا يملك ويكون له فيها يد"([23]).
معنى هذا: أن اليد دلالة ظاهرية على التملك لا حقيقية. وبها يحكم بصحة العقد ولا يحكم بالتملك لأنه قد يتبين له فيما بعد أنه اشترى منه ما لا يملكه.
وعند الحنفية: أن اليد والتصرف لا يدلان على الملك إلا عند ثبوت أصل الملك في تلك العين، فيكونان دالين على تعيين صاحب اليد، والتصرف رخصة. ومثاله: لا يشهد لمن في يده صغير يتصرف فيه تصرف الملاك أنه عبده لأن الأصل الحرية ([24]).
والثاني: القبض أي قبض المبيع قال الكاساني الحنفي: "الأصل في القبض هو الأخذ بالبراجم([25]) لأنه القبض حقيقة إلا أنه فيما لا يحتمل الأخذ بالبراجم أقيم النقل مقامه فيما يحتمل النقل، وفيما لا يحتمل النقل أقيمت التخلية مقامه"([26]).
فاليد دليل على القبض حقيقة، وقد تكون مجازا فيما لا يحتمل الأخذ باليد"([27]). لذا فإن مسمى اليد يطلق ويراد به ([28]):
1- يد ملك: وهي اليد المستولية على الشيء بسبب من أسباب كسب الملكية، وهي العقد، والخلافة بالإرث، وإحراز الشيء المباح([29]).
2- يد ضمان. و يد أمانة. والنوعان الأخيران من أنواع اليد، هما مدار هذا البحث.
المبحث الثاني
أقسام يد الضمان ويد الأمانة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أقسام يد الضمان:
1- اليد غير المأذونة: ويراد بها اليد العادِيَة، وهي ما وضعت على مال الغير عدوانا كيد الغاصب الآثم([30]). والغصب هو أخذ مال متقوم محترم مملوك للغير بطريق التعدي([31]). وتقدير الغاصب بكونه آثما في غصبه لبيان أن الغصب على ضربين: أحدهما: لا يتعلق به إثم، هو ما وقع عن جهل كمن اتلف مال غيره وهو يظن أنه ملكه. والثاني: يتعلق به الإثم، وهو ما يأخذه على وجه التعدي فإنه يأثم بأخذه وإمساكه ([32]).
وسواء كانت اليد غير المأذونة عادية آثمة أو مخطئة غير آثمة فإنها تضمن لأن الضمان تعويض عما حصل من الضرر بسبب تفويت يد المالك عن ملكه، فلا يراعى القصد في ذلك ما دامت اليد غير مأذونة.
2- اليد المأذونة، ولكنها تضمن وإن كان بغير تفريط، وذلك كيد البائع، فإنه إذا تلف المبيع قبل قبضه من قبل المشتري ضمن البائع، وإن كانت يده مأذونة في الحيازة لحين القبض([33]).
قال الكاساني: "إذ المبيع في يد البائع مضمون بأحد الضمانين، وهو الثمن، ألا ترى لو هلك في يده سقط الثمن عن المشتري؟"([34]). لأن اجتماع اليدين في محل واحد في زمان واحد محال([35]).
3- اليد المأذونة بالانتفاع فقط، وحصل منها تلف للعين، أي اليد المأذونة بالانتفاع بمنفعة العين كالعارية.
قال الزركشي: "أما القروض والعواري فإنما صارت مضمونة وإن سمح بها صاحبها وأذن فيها لأن الآخذ أخذه لمنفعة نفسه بغير عوض، والشيء الذي أبيح له هو المنفعة، فلم يرتفع ضمان العين من أجل إباحة المنفعة. " وهذا مذهب الشافعية([36]).
قال ابن قدامة: "إذا انتفع بها وردها على صفتها فلا شيء عليه لأن المنافع مأذون في إتلافها فلا يجب عوضها، وإن تلف شيء من أجزائها التي لا تذهب بالاستعمال فعليه ضمانها لأن ما ضمنت جملته ضمنت أجزاؤه كالمغصوب". وهذا مذهب الحنابلة([37]).
ومذهب الشافعية والحنابلة هذا يبين أن اليد المؤتمنة وإن كانت مأذونة بالانتفاع كالعارية إلا أنها تضمن إذا حصل تلف لغير ما هو مأذون بإتلافه سواء تعدى أو لا.
وذهب الحنفية: أن الوديعة أمانة لا يضمنها من غير تعد([38]). وأما المالكية: فيروى عنهم الوجهان المذكوران، قال ابن العربي: وأما مالك: فعسر الأمر في الضبط وأفلت في الربط([39]).
4- اليد المؤتمنة إذا تعدت، كيد الوديع والشريك والوكيل والمقارض([40]). إذا تعدت أو جحدت أو قصرت في الحفظ. . الخ فيما يعد إخلالا بالأمانة([41]).
ومن خلال ما تقدم يتبين أن سبب ضمان اليد هو الحيلولة بين المالك وملكه بغير سبب مشروع. وأن اليد الضامنة هي يد مبطلة مفوتة([42]). أي فوتت المنفعة على المالك. قال أبو حنيفة رحمه الله: "إن سبب الضمان إخراج المحل من أن يكون منتفعا به في حق المالك"([43]).
وضمان اليد في مقابلة فوات يد المالك، والملك باق على حاله لأنه لم يجر ناقل عن ملكه، والفائت هو اليد والتصرف، فيكون الضمان في مقابلة ما فات، ومتى كانت تخلف يد المالك فلا شيء عليه إلا أن يتعدى، فالمستأجر مثلا: لا سبيل له إلى الانتفاع بالعين إلا بأن يخلف المالك في اليد، فلا يضمن إلا بالتعدي([44]).
المطلب الثاني: أقسام يد الأمانة:
القسم الأول: اليد المأذونة من قبل المالك، وهي ما أذن المالك أو من قام مقامه في الاستيلاء عليها على نحو الائتمان، أو هي المال المأذون في الاستيلاء عليه من قبل المالك أو من قام مقامه مع الاحتفاظ بملكه له ([45]). كالوديعة والشركة والوكالة والمضاربة([46]). وعبّر عنها المالكية بالأمانة وهي اليد التي تخلف يد المالك في الاستيلاء والتصرف([47]).
ومثل إذن المالك إذن من له حق الإذن من ولي أو وصي أو وكيل أو متول([48]).
وصاحب الرهن - الذي يضع يده على الشيء المرهون - يده يد أمانة، وذلك لأن الوثيقة في العقد بأن يكون أحق من الغرماء، والمنافع للمالك، فلا ضمان عليه إذا هلك المرهون([49]).
والعلة في ذلك: أنه لم يخلف يد المالك في الانتفاع لأن الهدف من الرهن أن يحافظ على ماله، وأن يكون أحق من الغرماء، في حال تعذر الأداء، وليس الانتفاع والاستيلاء.
ومتى كانت اليد تخلف يد المالك فلا شيء عليه إلا أن يتعدى، ومثاله المستأجر في عدم ضمان العين المستأجرة إذا لم يتعد لأن المالك يأخذ العوض على المنفعة، ولا سبيل للمستأجر إلى الانتفاع إلا بأن يخلف المالك في اليد، فلا يضمن إلا بالتعدي([50]).
من خلال ما تقدم يتبين أن اليد التي تخلف يد المالك، بإذن منه في التصرف والاستيلاء هي اليد المؤتمنة التي لا ضمان عليها.
وينقسم الإذن إلى قسمين:
الأول: الإذن الصريح. وهذا معروف بأن يصرح له بتصرف معين.
والثاني: الإذن دلالة. وذلك كما لو مرضت الشاة مع الراعي المستأجر في المرعى، مرضا لا ترجى حياتها معه، فذبحها فإنه لا يضمنها، لأن ذلك مأذون فيه دلالة([51]). ومن قول مالك: في الراعي يأتي بالشاة مذبوحة، ويزعم أنها وقعت للموت فذبحها، أن القول قوله، لأنه مؤتمن عليها([52])، وكل شيء يصنعه الراعي مما يجوز له فعله فلا ضمان عليه([53])، لأنه مأذون بذلك دلالة.
ونصت المادة (772) من مجلة الأحكام العدلية على الآتي: الإذن دلالة كالإذن صراحة([54]).
القسم الثاني: اليد المأذونة من قبل الشارع، وعبّر عنها بعضهم بالأمانة الشرعية، وهي ما أذن الشارع لا المالك في الاستيلاء عليها على نحو الائتمان([55]). وذلك كأيدي الأوصياء على أموال اليتامى والحكام على ذلك، وأموال الغائبين والمجانين، فجميع ذلك لا ضمان فيه لأن الأيدي مؤتمنة([56]).
المبحث الثالث
حكم يد الضمان وحكم يد الأمانة
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: حكم يد الضمان مع الاستدلال:
1- ديانة: الأصل في يد الضمان أنها يد ٌ آثمة عادية ولكن قد تكون مخطئة غير متعمدة، فلا إثم عليها لأن الإثم مرفوع بالخطأ والنسيان([57]).
2- قضاء: أن واضع اليد على الشيء يضمنه إذا عجز عن رده لصاحبه بفعله أو بفعل غيره أو بآفة سماوية، أي أنه يجب عليه ضمان المثل أو القيمة بالتلف والإتلاف في كل الأحوال، وقابض المضمون يكون مسئولا عن المقبوض تجاه الغير إذا هلك عنده ولو لم يتعد([58]).
والأدلة على ضمان اليد الآتي:
1- من الكتاب قول الله تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/188.
وجه الاستدلال: أن عدم تضمين اليد العادية أكل لأموال الناس بالباطل.
2- ومن السنة ما رواه الترمذي من طريق الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) ([59]).
والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه، لقوله: (حتى تؤديه)، ولا تتحقق التأدية إلا بذلك، وهو عام في الغصب والوديعة والعارية([60]). قال الصنعاني: "كثيرا ما يستدلون بقوله (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) على التضمين، ولا دلالة فيه صريحا، فإن اليد الأمينة أيضا عليها ما أخذت حتى تؤدي". ([61]).
ونوقش قول الصنعاني بما يلي: بأنه ليس على اليد الأمينة أن تؤدي ما أخذت ما دامت
أمينة - لا كما قال الصنعاني- نعم إذا طولب بالأمانة فعليها أن تؤدي، فإن لم تؤد أو تلفت الأمانة بتعد أن تفريط لم تعد آنذاك يد أمانة، فينطبق عليها (على اليد ما أخذت) وتكون عندئذ ضامنة([62]).
وأجيب على ذلك: بأن الحديث عام - فهو كما قال الصنعاني - يشمل من كانت يده يد أمانة، ومن كانت يده يد ضمان، والفقهاء يستدلون به في باب الغصب كما يستدلون به في باب الوديعة، وتقدير الحديث أن ما أخذ الإنسان فهو في ذمته حتى يؤديه سواء كان غصبا أو وديعة إلا أنه في الغصب آثم بالحيازة، وفي الوديعة غير آثم في الحيازة مع تعلقها في ذمته. فالأمانة مصدر سمي به الشيء الذي في الذمة([63]).
والحديث يفيد أمرين:
أ- الضمان لمن كانت يده يد ضمان، ووجوب أداء الشيء أو مثله أو قيمته إذا تعذر أداء الشيء نفسه.
ب- الاحتياط فيمن كانت يده يد أمانة، وأنها لا تبرأ أمام الله عز وجل، وأمام القضاء إلا بالتأدية ببراءة الذمة.
والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) النساء/58.
وجه الاستدلال: قال ابن العربي: "لو فرضناها نزلت في سبب فهي عامة بقولها، شاملة بنظمها لكل أمانة وهي أعداد كثيرة أمهاتها في الأحكام: الوديعة واللقطة والرهن والإجارة والعارية"([64]).
وقال القرطبي: "والآية عامة في جميع الناس، تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات، وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع. قال: وهذا إجماع، قال: وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار"([65]).
وذهب الحنفية والمالكية([66]) إلى القول بأن الأمانة إذا تلفت لم يلزم المؤتمن غرمها لأنه مصدق، وكذلك العارية إذا تلفت من غير تعد لأنه لم يأخذها على الضمان، فإذا تلفت بتعديه عليها لزمه قيمتها لجنايته عليها([67]).
وأما الشافعية والحنابلة([68]) فهم على أن العارية مضمونة على كل حال لأن المباح هو المنافع كما تقدم.
ومن الأدلة على عموم الحديث أيضا قوله تعالى: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة/283.
ووجه الدلالة كما قال القرطبي: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً) شرط ٌ ربط به وصية الذي عليه الحق بالأداء، وترك المطل، يعني: إن كان الذي عليه الحق أمينا عند صاحب الحق وثقة فليؤد له ما عليه ائتمن". وقوله (فليؤد): أمر معناه الوجوب بقرينة الإجماع على وجوب أداء الديون، وثبوت حكم الحاكم به، وجبره الغرماء عليه، بقرينة الأحاديث الصحاح في تحريم مال الغير([69]).
قال ابن العربي: "وأما الوديعة فلا يلزم أداؤها حتى تطلب، وأما اللقطة فحكمها التعريف سنة في مظان الاجتماعات، وحيث ترجى الإجابة لها، وأما الرهن فلا يلزم فيه أداء حتى يؤدي إليه دينه، وأما الإجارة والعارية إذا انقضى عمله فيها يلزمه ردها إلى صاحبها قبل أن يطلبها"([70]).
ومن هنا يتبين أن الحديث يدل على ضمان كل ما دخل تحت اليد من المقبوضات، لا فرق بين قبضه بالعدوان كالغصب والسرقة، أو بالسوم ِ والعقد الفاسد أو بالائتمان، إلا إذا ورد دليل مقيد لذلك الإطلاق أو مخصص للعموم مثل عدم ضمان الأمانة بلا تعد أو تفريط فحينئذ يخرج عن العموم ويبقى ما عداه مشمولا بالقاعدة([71]).
3- الإجماع على ضمان الغاصب، والمقبوض بالعقد الفاسد، وهما من أظهر أفراد ضمان اليد([72]).
قال السيوطي في ضمان اليد: "منها ما هو ضمان يد قطعا كالعواري والمغصوب"([73]).
4- ومن المعقول: أن من أخذ مال غيره بغير حق أو أخذه بعنوان البدلية والمعاوضة ثم ظهرت المعاملة باطلة، أنه ملزم برده، وعند تعذره لا يذهب المأخوذ هدرا([74]).
المطلب الثاني: حكم يد الأمانة مع الاستدلال:
1- ديانة: الأصل فيها أنها يد مؤتمنة مأذونة خالية عن الإثم والعدوان ولكنها إذا تعدت أو قصرت في الحفظ فهي آثمة([75]). لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون/8.
وجه الاستدلال: قال القرطبي: "وغاية ذلك حفظها والقيام بها"([76]). وقد تقدمت الأدلة على وجوب حفظ الأمانة في بيان عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي).
2- قضاء: لا ضمان عليها إلا بالتعدي والتقصير وقد نصت المادة (768) من مجلة الأحكام العدلية أن: الأمانة غير مضمونة، فإذا هلكت أو ضاعت بلا صنع الأمين ولا تقصير منه لا يلزمه الضمان([77]).
والتعدي: هو أمر وجودي يتجاوز به الأمين عن الحد المأذون فيه مثل أن يتصرف في الوديعة أو يعيرها.
والتفريط: هو التقصير في الحفظ بأن يترك أمرا يوجب تلف المال أو نقصا فيه، كمن يهمل حفظ الأمانة في المكان المناسب للحفظ([78]). والتعدي والتفريط مستفادان من الأدلة والموارد التي حكم الشارع فيها بالضمان([79]).
فقد نصت المادة (604) من المجلة: لو تلف المأجور بتقصير المستأجر في أمر المحافظة أو طرأ نقصان، يلزم الضمان([80]).
والعلة: "لأنه لما كان المأجور أمانة في يد المستأجر كان قبضه إياه بحكم الإجارة دليلا على تعهده، والتزامه بالمحافظة عليه، فتقصيره بأمر المحافظة، يوجب الضمان عليه"([81]).
والأدلة على عدم ضمان من كانت يده يد أمانة ما يأتي:
1- قوله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التوبة/91. فقوله: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ) قال ابن العربي: هذا عموم ممهد في الشريعة، أصل في رفع العقاب والعتاب عن كل محسن، فإذا صال فحل على رجل فقتله الرجل في دفعه عن نفسه فلا ضمان عليه عندنا، لأنه محسن في عمله فلا سبيل عليه، وكذلك القول غي مسائل الشريعة كلها([82]).
ووجه الاستدلال بهذه الآية في عدم ضمان اليد الأمينة: أن كلمة سبيل نكرة في سياق النفي، فهي تعم، فجعل الضمان في عهدة الأمين وهو محسن سبيل منفي بالآية، فإن الأمين من غير تعد أو تفريط محسن إلى المالك، فإذا هلك المال وهو على هذه الحال من الإحسان فلا سبيل إلى تضمينه([83]).
2- روى البخاري من طريق نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَسْأَلُهُ. وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَيُعْجِبُنِى أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ([84])
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت، أو شيئا يفسد ذبح أو أصلح ما يخاف عليه الفساد([85]).
قال ابن المُنَيّر([86]): "ليس غرض البخاري بحديث الباب الكلام في تحليل الذبيحة أو تحريمها، إنما غرضه إسقاط الضمان عن الراعي أو الوكيل"([87]).
ونقل ابن حجر: بأن التي ذبحت كانت ملكًا لصاحب الشاة([88])، وقال: ليس في الخبر أنه أراد تضمينها، والذي يطهر أنه أراد رفع الحرج عمن فعل ذلك، وهو أعم من التضمين؛ واستدل به -أي الحديث- على تصديق المؤتمن على ما اؤتمن عليه ما لم يظهر دليل الخيانة، وعلى أن الوكيل إذا أنزى على إناث الماشية فحلاً بغير إذن المالك؛ حيث يحتاج إلى ذلك فهلكت؛ أنه لا ضمان عليه([89]).
3- روى البخاري من طريق أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به طيبة نفسه أحد المتصدقين) ([90]).
والبخاري رحمه الله وضع هذا الحديث في باب الإجارة للدلالة على أن من استؤجر على شيء فهو أمين فيه، وليس عليه في ذمته شيء من ضمان إن فسد أو تلف إلا إن كان ذلك بتفريط منه([91]).
4- روى الدارقطني من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضمان على مؤتمن) ([92]). وهذا الحديث نص قاعدة فقهية ([93]).
5- القواعد الفقهية التي ترفع الضمان عن الأمين مثل:
أ- (لا ضمان على مؤتمن).
ب- (الجواز الشرعي ينافي الضمان) ([94]).
الجواز الشرعي هو كون الأمر مباحا فعلا كان أو تركا ينافي الضمان لما حصل بذلك الأمر الجائز من التلف، لكن بشرط أن لا يكون ذلك الأمر الجائز مقيداً بشرط السلامة، وأن لا يكون عبارة عن إتلاف مال الغير لأجل نفسه، وذلك لأن الضمان يستدعي سبق التعدي والجواز الشرعي يأبى وجوده فتنافيا([95]).
ج- (لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير إلا بإذنه) فإنه إذا تصرف بإذنه جاز، ولا يضمن ما لم يتعد حدود الإذن، مثل الراعي، فإنه مأذون([96]).
6- عدم وجود سبب لضمان الأمين([97])، لأن يده تخلف يد المالك وتشبهها، فإذا تلف ما في يده بعد إذن المالك بغير تعديه فكأنما تلف بيد المالك، فلا ضمان عليه.
المطلب الثالث: توضيح بعض المسائل المتعلقة بيد الضمان ويد الأمانة:
1- هل تثبت يد الضمان مع ثبوت يد المالك؟ فيها وجهان:
الأول: ثبوت يد الضمان، ومثاله: لو أتلف مالا في يد مالكه ضمنه إلا العبد المرتد والمقاتل حرابة... إلخ. الثاني: عدم ثبوت يد الضمان مع ثبوت يد المالك، ومثاله: لو سخر دابة ومعها مالكها فتلفت لا يضمنها([98]). وكذلك لو عمل الصانع الشيء للمالك في وجوده فتلف بغير تعد من الصانع، لا يضمن لأن الأصل فيه أنه أمين، ضمّن من باب السياسة الشرعية خوفا من الخيانة، ولا خيانة([99]).
2- يد الضمان ويد الأمانة في الإتلاف والتلف:
يد الأمانة تضمن بالإتلاف لأن الإتلاف تعد. ويد الضمان تضمن على كل حال لأنها متعدية بمجرد الحيازة([100]). وعليه ينظر إلى السبب الأجنبي من هذه الزاوية، فإذا هلك الشيء بسبب أجنبي لا يد للحائز فيه، يضمن إذا كانت يده يد ضمان، ولا يضمن إذا كانت يده يد أمانة، لأن السبب أجنبي تلف لا إتلاف([101]).
3- الفرق بين ضمان العقد وضمان اليد:
ضمان العقد هو المضمون بما يقابله من العوض الذي اتفقا عليه إذ جعل مقابله شرعا كالمبيع في يد البائع، فإنه مضمون بالثمن لو تلف لا بالبدل من المثل أو القيمة. وأما ضمان اليد فهو ما يضمن عند التلف بالبدل من مثل أو قيمة([102]).
4- تغير صفة اليد من الضمان إلى الأمانة أو العكس:
أولاً: تتغير اليد من الضمان إلى الأمانة في الحالات الآتية([103]):
1. إذا أجاز المالك. ومثاله: في الغصب، فإنه إذا لحقته إجازة المالك وكانت العين المغصوبة قائمة، فإنها بالإجازة تنقلب أمانة. ([104]). فإن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة([105]).
2. الإبراء: إذا أبرأ المالك صاحب اليد الضامنة أصبحت بد الضامن يد أمانة([106]). : ومثاله: كما لو غصب من داره شيئا ثم رده إلى الدار فإن قال المودع أبراتك من الضمان أو أذنت لك في حفظها ففيه وجهان: أحدهما يبرأ من الضمان وهو ظاهر النص لأن الضمان يجب لحقه فسقط بإسقاطه([107]).
3. الشرط: (مختلف فيه): ومثالها أن يشرط عدم الضمان في العارية: قال أبو الخطاب أومأ إليه أحمد وهو قول قتادة والعنبري: لأنه لو أذن في إتلافها (العارية) لم يجب ضمانها، فكذلك إذا أسقط عنه ضمانها([108]).
4. سقوط الدين: إذا سقط الدين عن المرتهن تصبح يد المرتهن يد أمانة عند الحنفية، ومثاله: قال الكاساني: "حتى لو سقط الدين من غير عوض، ثم هلك الرهن في يد المرتهن هلك أمانة وعلى هذا يخرج ما إذا أبرأ المرتهن الراهن عن الدين، ثم هلك الرهن في يد المرتهن أنه يهلك بغير شيء، ولا ضمان على المرتهن فيه إذا لم يوجد منه منع الرهن من الراهن عند طلبه استحسانا"([109]).
5. تغير صفة اليد: كما لو جعل المالك سلعته المغصوبة رهناً عند المالك، أو أجره إياها انقلبت يده من يد ضمان إلى يد أمانة.
ثانياً: تغير اليد من الأمانة إلى الضمان في حالات كثيرة نذكر بعضها على سبيل المثال:
1. التعدي: تتحول يد الأمانة إلى يد ضامنة إذا تعدت على الأمانة؛ ومن ذلك: استعمال الوديعة أو إنكارها([110]).
2. التقصير (التفريط): إذا قصر الأمين في حفظ الأمانة أصبحت مضمونة في حقه، ومثالها: عدم حفظ الوديعة في حرز مثله، إعادة اللقطة إلى مكانها الذي وجدها فيه ([111]).
الخاتمة
وبينت فيها أهم النتائج التي توصل إليها البحث:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
1. إن اليد تطلق ويراد بها الحسية: وهي من الأصابع إلى الكوع، والمعنوية: والمراد بها الاستيلاء على الشيء بالحياة، وهي كناية عما قبلها لأن باليد يكون التصرف.
2. يد الضمان هي كل يد لا تستند إلى إذن شرعي من الشارع أو من المالك، وكذلك كل يد تستند إلى ولاية شرعية ودل دليل على ضمان صاحبها، وكل يد ترتبت على يد معتدية من غير استناد إلى ولاية شرعية، أو استندت إلى ذلك ولكن كان وضعها لمصلحة صاحبها خاصة.
3. يد الأمانة هي اليد التي خلفت يد المالك في حيازة ملكه، وتصرفت فيه عن ولاية شرعية في تلك الحيازة، ولم يدل دليل على ضمان صاحبها.
4. اليد الغير مأذونة: وهي اليد العادِيَة، وهي ما وضعت على مال الغير عدوانا كيد الغاصب الآثم وسواء كانت اليد غير المأذونة عادية آثمة أو مخطئة غير آثمة فإنها تضمن لأن الضمان تعويض عما حصل من الضرر بسبب تفويت يد المالك عن مالكه، فلا يراعى القصد في ذلك ما دامت اليد غير مأذونة.
5. اليد المأذونة، ولكنها تضمن وإن كان بغير تفريط، وذلك كيد البائع، فإنه إذا تلف المبيع قبل قبضه من قبل المشتري ضمن البائع، وإن كانت يده مأذونة في الحيازة لحين القبض.
6. اليد المأذونة بالانتفاع فقط، وحصل منها تلف للعين، أي اليد المأذونة بالانتفاع بمنفعة العين كالعارية.
7. اليد المؤتمنة إذا تعدت، كيد الوديع والشريك والوكيل والمقارض إذا تعدت أو جحدت أو قصرت في الحفظ.. إلخ فيما يعد إخلالا بالأمانة.
8. تثبت يد الضمان مع ثبوت يد المالك كما لو أتلف مالا في يد مالكه ضمنه إلا العبد المرتد والمقاتل حرابة. وقد لا تثبت يد الضمان مع ثبوت يد المالك، كما لو سخر دابة ومعها مالكها فتلفت لا يضمنها.
9. يد الأمانة تضمن بالإتلاف لأن الإتلاف تعد. ويد الضمان تضمن على كل حال لأنها متعدية بمجرد الحيازة.
10. ضمان العقد هو المضمون بما يقابله من العوض الذي اتفقا عليه إذ جعل مقابله شرعا كالمبيع في يد البائع، فإنه مضمون بالثمن لو تلف لا بالبدل من المثل أو القيمة. وأما ضمان اليد فهو ما يضمن عند التلف بالبدل من مثل أو القيمة.
11. تتغير اليد من الضمان إلى الأمانة إذا أجاز المالك. ومثاله: في الغصب، فإنه إذا لحقته إجازة المالك وكانت العين المغصوبة قائمة، فإنها بالإجازة تنقلب أمانة. فإن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.
12. تتغير اليد من الأمانة إلى الضمان إذا قصّر الأمين في الحفظ أو تعدى على الأمانة، وأحكام هذه تقدم طرف منها وهي في كل من كانت يده يد أمانة، وديع أو مستعير أو وكيل... إلخ.
(*) منشور في مجلة الجامعة الإسلامية/ غزة (سلسلة الدراسات الإنسانية)، المجلد (18)، العدد (2)، رجب 1431هـ/ يونيو 2010م.
الهوامش:
([1]) رواه الحاكم في مستدركه من حديث عرفجة بن شريح الأشجعي. الحاكم النيسابوري (405هـ-1404م)، المستدرك على الصحيحين وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، بيروت، لبنان، ج1 ص378.
([2]) محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1994م، ج 15، ص (419-424)، انظر نحوه: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، دار البراعم للإنتاج الثقافي، تحت (ي د ي)، ص 696.
([3]) محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي (ت 794هـ)، المنثور في القواعد، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، ج 2ص 419، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2000 م.
([4]) المرجع السابق.
([5]) ابن منظور، لسان العرب، ج 15ص 419-424، الرازي، مختار الصحاح، تحت (ي د ي)، ص 696.
([6]) المراجع السابقة.
(7) الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن الهمام الصنعاني (126هـ-211هـ)، المصنف، تحقيق، حبيب الرحمن الأعظمي، المجلس العلمي، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، (1392-1972م)، باب التجار، ومن أكل ولبس بأخيه، ج11ص458، حديث رقم (20998).
(8) الحاكم، المستدرك، ج4ص161، حديث رقم (2431).
([9]) ابن منظور، لسان العرب، ج: 13، ص: 21-25. والرازي، مختار الصحاح، ص: 36
([10]) محمد بن بهادر الزركشي (794ه-1391م)، المنثور في القواعد، حققه د. تيسير فائق أحمد محمود، الطبعة الثانية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت (1405ه- 1985م)، ج2ص74.
([11]) وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، دار الفكر، دمشق سوريا، الطبعة الثانية، 1998م، ص175.
([12]) إبراهيم فاضل الدبو، ضمان المنافع، دار البيارق بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1997م، ص99.
([13]) علي السيد عبد الحكيم الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، مطبعة الآداب النجف، من مطبوعات جامعة بغداد سنة 1974، رسالة دكتوراه، ص 70.
([14]) المرجع ذاته، ص: 70
([15]) سليمان محمد أحمد، ضمان المتلفات في الفقه الإسلامي، الطبعة الأولى، مطبعة السعادة، 1985هـ، ص 66.
([16]) أبو داود: سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني (275ه-985م)، سنن أبي داود، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بإشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، السعودية-الرياض، (1440هـ-1999م)، كتاب البيوع، باب(88) في تضمين العارية، ص1487، حديث رقم 3562، قال الشيخ الألباني: صحيح، محمد ناصر الدين الألباني، صحيح وضعيف سنن أبي داود، مكتب الإسلامي، ج8ص62.
([17]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص74.
([18]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص7، إبراهيم الدبو، ضمان المنافع، ص 99.
([19]) سليمان محمد، ضمان المتلفات، ص 56.
([20]) إبراهيم الدبو، ضمان المنافع، ص99.
([21]) محمد بن عبد الله، ابن العربي (ت 543هـ)، أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار المعرفة بيروت لبنان، بدون سنة طبع، ج 1ص 449.
([22]) المرجع ذاته، ج 1 ص 419، محمد الخطيب الشربيني (ت 977هـ)، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1997م، ج2ص28، محمد بن عبد الواحد السيواسي، ابن الهمام (ت 861هـ)، شرح فتح القدير، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1995م، ج7 ص367،
([23]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج: 2، ص: 419
([24]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج: 2، ص: 419
([25]) البراجم وهي: مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع، ابن منظور، لسان العرب، ج12ص45، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي(817هـ-1414م)، القاموس المحيط، المؤسسة العربية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ج1ص66، محب الله أبو الفيض محمد مرتضي الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي(1205هـ-1790م)، تاج العروس، دار ليبيا للنشر والتوزيع، بنغازي، دار صادر بيروت، لبنان، (1386هـ-1966م)، ج 1ص7619.
([26]) علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (587ه-1191 م)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1986م، ج 5، ص 244.
([27]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج: 2، ص: 419
([28]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج: 7، ص: 367
([29]) إبراهيم فاضل الدّبو، ضمان المنافع، ص98.
([30]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص 69.
([31]) عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، الاختيار لتعليل المختار، دار المعرفة بيروت، ج 3ص 59.
([32]) المرجع ذاته، ج3 ص 59.
([33]) أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المعروف بالقرافي (684هـ-1285م)، الفروق وبهامشه تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية، لابن الشاط المسمى، إدرار الشروق على أنواء الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج1ص107، الفرق الحادي عشر والمائة بين قاعدة ما يضمن وبين قاعدة ما لا يضمن، الموصلي الحنفي، الاختيار، ج 3 ص60.
([34]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج5ص 238. الموصلي الحنفي، الاختيار، ج 3 ص 60.
([35]) الموصلي الحنفي، الاختيار، ج 3ص 60.
([36]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص 74، جلال الدين السيوطي (ت 911هـ)، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية، تحقيق: محمد محمد تامر، دار السلام مصر، الطبعة الأولى، 1998م، ج 2ص650.
([37]) عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، (620هـ-1222م)، المغني على مختصر الامام الخرقي ويليه الشرح الكبير على متن المقنع، دار الكتاب العربي بيروت لبنان، وبهامشه الشرح الكبير لشمس الدين بن قدامة، ج5ص 354.
([38]) الموصلي الحنفي، الاختيار، ج3ص56
([39]) محمد بن عبد الله، ابن العربي (ت 543هـ)، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1997م، ج 6ص 19، محمد بن محمد الحطاب، مواهب الجليل، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1995م، ج 7ص 299.
([40]) السيوطي، الأشباه والنظائر، ج 2ص 651 المقارض: المضارب.
([41]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص 74.
([42]) المرجع ذاته، ج 3ص59.
([43]) الموصلي الحنفي، الاختيار، ج 3ص 64.
([44]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص 73 و 74.
([45]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص69.
([46]) السيوطي، الأشباه والنظائر، ج 2ص 650.
([47]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص75.
([48]) أحمد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، دار القلم، دمشق، سوريا، الطبعة الثالثة، 1993م، ص463، شرح القاعدة رقم 95.
([49]) المرجع ذاته، ج2ص 74.
([50]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج2ص74.
([51]) الزرقا، شرح القواعد الفقهية، ص462، تحت قاعدة رقم (95).
([52]) إبراهيم بن شمس الدين أبي عبد الله محمد بن فرحون اليعمري المالكي، (799هـ-1397م)، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام وبهامشه كتاب العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، لعبد الله بن عبد الله بن سلمون الكناني، الطبعة الأولى، المطبعة العامرة الشرقية، مصر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، (1301هـ).ج 2ص 235.
([53]) المرجع ذاته، ج: 2، ص: 236.
([54]) سليم رستم باز اللبناني، شرح مجلة الأحكام العدلية، الطبعة الثالثة، بيروت، لبنان، المطبعة الأدبية، 1923م، ص428.
([55]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص 69.
([56]) القرافي، الفروق، ج 1ص 208، الفرق رقم (111)
([57]) الموصلي الحنفي، الاختيار، ج 3ص 59.
([58]) مجلة الأحكام العدلية، ص 489، المواد (891) وما بعدها، وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص 176.
([59]) الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة (279هـ)، جامع الترمذي، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، السعودية-الرياض، (1440هـ-1999م)، بإشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، ص1779، ابن العربي، عارضة الأحوذي، ج 6ص 18، كتاب البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة، حديث رقم: (1266). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. قال ابن حجر: والحسن مختلف في سماعه عن سمرة وزاد فيه أكثرهم: ثم نسي الحسن، فقال: هو أمينك لا ضمان عليه. انظر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 582هـ)، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي عوض، ج 3ص 128، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1998م، أبو داود: سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني (275ه-985م)، سنن أبي داود، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بإشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، السعودية-الرياض، (1440هـ-1999م)، كتاب البيوع باب في تضمين العارية، ص1487، ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (207هـ-285هـ)، سنن ابن ماجه، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، السعودية-الرياض، (1440هـ-1999م)، بإشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، كتاب الصدقات، باب العارية، ص2620 حديث رقم (2400)، قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، الحاكم، المستدرك، ج 2ص 47.
([60]) محمد بن إسماعيل الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير (ت 1182هـ)، سبل السلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام، تحقيق: محمد عبد العزيز الخولي، طبعة رابعة، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، (1379ه-1960م)، ج 3ص67.
([61]) الصنعاني، سبل السلام، ج 3ص 67 و 68.
([62]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص: 84
([63]) محمد بن أحمد القرطبي (671ه- 1272م)، الجامع لأحكام القرآن، الطبعة التي صححها أبو إسحاق إبراهيم أطفيش، وهي مصورة عن طبعة دار التراث العربي، طبعة دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى، 1987م، ج 3ص 415.
([64]) ابن العربي، أحكام القرآن، ج 1ص450.
([65]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج: 5، ص: 256، الحسين بن مسعود البغوي (516هـ)، تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل، تحقيق: خالد العك ومروان سوار، دار المعرفة بيروت لبنان، الطبعة الثالثة، 1992م، ج 1ص 444.
([66]) المرجع نفسه، ج 5ص 257، الموصلي، الاختيار، ج 3ص55، ابن العربي، أحكام القرآن، ج 1ص 450. الكاساني، بدائع الصنائع، ج 6ص 214.
([67]) القرطبي، الجامع، ج 5ص 257، الموصلي، الاختيار، ج 3ص 55.
([68]) الخطيب الشربيني، مغني المحتاج، ج 2ص 348، ابن قدامة، المغني، ج 5ص 354.
([69]) القرطبي، الجامع، ج 3ص 414 و 415.
([70]) ابن العربي، أحكام القرآن، ج 1ص 450.
([71]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص91.
([72]) الموصلي، الاختيار، ج 3ص59، القرافي، الفروق، ج 1ص 207، القرطبي، الجامع، ج 3 ص 414. الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص 91.
([73]) السيوطي، الأشباه والنظائر، ج 2ص 649.
([74]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص92.
([75]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 5ص 256.
([76]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 12ص 107.
([77]) سليم رستم باز، شرح المجلة، ص 426.
([78]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص 216.
([79]) المرجع ذاته، ص 217.
([80]) سليم رستم باز، شرح المجلة، ص 324.
([81]) رستم باز، شرح المجلة، ص 324.
([82]) ابن العربي، أحكام القرآن، ج 2ص995، القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 8ص 227.
([83]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص212.
([84]) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري(256هـ)، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، السعودية-الرياض، (1440هـ-1999م)، بإشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، كتاب الوكالة، باب باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 ه - 1448م)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، المطبعة السلفية ومكتبتها، ج4ص 563، حديث رقم (2304)، طبعة دار الريان، 1986م.
([85]) ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص 563.
([86]) هو أحمد بن محمد بن منصور الإسكندري، ناصر الدين بن المُنَيِّر، وله حاشية على البخاري هي (المتواري على أبواب البخاري)، ولد سنة 620هـ في الإسكندرية، ونشأ في أسرة علمية، وله مؤلفات أشهرها حاشية على البخاري، توفي سنة 683هـ، أنظر: ابن العماد الحنبلي أبو الفلاح عبد الحي(1089هـ)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، مكتبة القدسي، مصر، 1350هـ، ج 5ص 381. عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين، مطبعة الترقي، دمشق. ج 2ص.161.
([87]) ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص 563.
([88]) ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص563.
([89]) ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص563.
([90]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإجارة باب استئجار الرجل الصالح، ص175، أنظر: ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص514، حديث رقم 2260.
([91]) ابن حجر، فتح الباري، ج 4ص515.
([92]) رواه الدارقطني، علي بن عمر (ت 385هـ)، سنن الدارقطني، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1996م، كتاب البيوع، ج 3ص 36، حديث رقم (2938)، والحديث فيه يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل بن الحارث الهاشمي النوفلي، ضعيف، من السادسة، أنظر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 ه - 1448م) تقريب التقريب، ص 699، ترجمة رقم (7751)، دار ابن حزم، 1999م، وعمرو بن شعيب صدوق؛ أنظر: ابن حجر، تقريب التقريب ترجمة رقم (5050) ص 492، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، وضعفه ابن قدامة، أنظر: المغني، ج 5ص 356. وقال الشيخ الألباني: (حسن) انظر حديث رقم: 7518 في صحيح الجامع الصغير.
([93]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص212.
([94]) أحمد الرزقا، شرح القواعد الفقهية، ص 449.
([95]) أحمد الرزقا، شرح القواعد الفقهية، ص449.
([96]) المرجع ذاته، ص 461، قاعدة رقم 95.
([97]) الصافي، الضمان في الفقه الإسلامي، ص216.
([98]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص 75.
([99]) ابن فرحون، تبصرة الحكام، ج 2ص227.
([100]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج 2ص76.
([101]) الزحيلي، نظرية الضمان، ص: 176
([102]) الزركشي، المنثور في القواعد، ج: 2، ص: 79
([103]) هذه الحالات ليست كلها محل اتفاق، فبعضها مختلف فيه، يراجع كتب الفقه المختلفة لمزيد فائدة.
([104]) الزرقا، شرح القاعد الفقهية، ص461، قاعدة رقم95، الباز، شرح المجلة، ص 771.
([105]) المادة (1453)، المجلة، ص: 771
([106]) البابرتي: محمد بن محمود، (786هـ) العناية على الهداية، دار الفكر، ج12ص213، زكريا الأنصاري(926هـ-1505م)، أسنى المطالب شرح الروض الطالب، ج6ص191، تعليق محمد محمد تامر، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية بيروت، ومعه الرملي أبو العباس بن أحمد، حاشية الرملي، ج6 ص191.
([107]) الشيرازي: أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (476هـ)، المهذب في فقه الإمام الشافعي، الطبعة الثانية، دار المعرفة، بيروت، لبنان (1379هـ- 1959م)، ج2ص180.
([108]) ابن قدامة، المغني، ج7ص342.
([109]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6ص155.
([110]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج4ص211، علي بن محمد الماوردي (450هـ-1058م)، الحاوي الكبير، تحقيق محمد معوض وعادل عبد الموجود، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، (1414هـ-1994م)، ج8ص362، علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب المحامي فهمي الحسيني، الطبعة الأولى، دار الجيل، بيروت، لبنان، (1411هـ-1991م)، ، ج2ص289.
([111]) أبو البركات أحمد بن محمد الدردير (1201هـ-1786م)، الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك و معه حاشية الصاوي، دار المعارف، مصر.ج3ص551، علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، ج2ص271.