الطعن بالأحكام القضائية بالنقض أو التمييز
دراسة مقارنة بين عمل محكمة الاستئناف الشرعية ومحكمة التمييز النظامية(*)
فضيلة المفتي الدكتور محمد يونس الزعبي
ملخص
لما كان القضاء عملاً بشرياً يعتريه الخطأ أو النسيان؛ الأمر الذي قد يترتب عليه ضياع الحقوق ومخالفة الحق والعدل الذي جاءت الشريعة الإسلامية آمرة بهما، وداعية إلى إعطاء كل ذي حق حقه؛ فالقوي عندها ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف عندها قوي حتى يؤخذ الحق له.
فقد جاء هذا البحث "الطعن بالأحكام القضائية بالنقض أو التمييز دراسة مقارنة بين عمل محكمة الاستئناف الشرعية ومحكمة التمييز النظامية"؛ لبيان طريقة من الطرق التي يمكن من خلالها الطعن بالأحكام الصادرة عن القضاء؛ بهدف إعادة الحق إلى صاحبه.
المقدمة
الحمد لله الذي لا معقب لحكمة، ولا راد لقضائه، أحمده تعالى على فضله وأشكره على آلائه، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلقد جاءت الشريعة الإسلامية لإرساء مبدأ العدل بين الناس، وإعطاء كل ذي حق حقه؛ فالقوي عندها ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف عندها قوي حتى يؤخذ الحق له.
ولذلك شرعت لأتباعها نظام القضاء حتى يحقق هذه الغاية المرجوة؛ فيعطي الحقوق إلى أصحابها وفق كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوجبت على من يتولى منصب القضاء أن يراقب الله سبحانه وتعالى في عمله، وأن يبذل غاية جهده للوصول إلى الحقيقة، وأن يحكم وفق كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما كان القضاء عمل بشري يعتريه الخطأ والنسيان، فلربما يقضي القاضي بما يخالف الحق والعدل، فكان لا بد من إيجاد وسيلة تكفل إعادة الحقوق إلى أصحابها، ونقض الحكم المخالف للحق ليتحقق العدل.
فكان هذا البحث بياناً لطريقة من الطرق التي يمكن من خلالها الطعن في الأحكام الصادرة عن القضاء، بهدف إعادة الحقوق إلى أصحابها، ألا وهي طريقة الطعن بالنقض أو التمييز.
هذا وقد اشتمل البحث على مقدمة ومبحثين وخاتمة، فجاء كما يلي:
المبحث الأول: الطعن بالأحكام. وقد قسمته إلى المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف الطعن بالأحكام.
المطلب الثاني: مشروعية الطعن بالأحكام القضائية.
المطلب الثالث: طرق الطعن في الأحكام.
المبحث الثاني: الطعن بالنقض أو التمييز. وقد قسمته إلى المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف الطعن بالنقض أو التمييز لغة واصطلاحاً.
المطلب الثاني: ماهية الطعن بالتمييز.
المطلب الثالث: أهمية تمييز الأحكام.
المطلب الرابع: شروط قبول الطعن بالتمييز.
المطلب الخامس: أسباب الطعن بالتمييز.
المطلب السادس: إجراءات محكمة التمييز.
المطلب السابع: شروط قرار محكمة التمييز.
المطلب الثامن: حجّية قرار محكمة التمييز.
المطلب التاسع: التوافق بين محكمة الاستئناف الشرعية ومحكمة التمييز النظامية.
خاتمة: تضمنت أهم ما توصلت إليه من نتائج.
فإن وفقت إلى ذلك فذلك فضل من الله سبحانه وتعالى والحمد لله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
المبحث الأول
الطعن بالأحكام: تعريفه، مشروعيته، أسبابه، طرقه
المطلب الأول: تعريف الطعن بالأحكام:
أولاً: تعريف الطعن لغة واصطلاحا:
أ. تعريف الطعن لغة: الطعن في اللغة له عدة معانٍ أهمها[1]:
1. طعن فيه وعليه بلسانه أو بقوله: أي ثلبه وعابه واعترض عليه.
2. طعن في الشيء: أي دخل فيه، يقال: "طعنت المرأة في الحيضة: دخلت في أيامها".
3. طعن غصن الشجرة في الدار: أي مال فيها.
4. وطعن في السن: أي شاخ وهرم.
5. وطعن في المفازة: أي مضى فيها.
والذي يهمنا من هذه المعاني في هذا البحث معنيين:
الأول: معنى: مال، أي أن القاضي مال في حكمة جهة أحد الخصوم.
الثاني: معنى عاب واعترض عليه أي أن أحد الخصوم لم يرضَ بحكم القاضي الذي صدر بحقه فاعترض عليه لإعادة النظر فيه مرة أخرى.
ب. تعريف الطعن اصطلاحا: وهو الإتيان بجرح شخص أو قرار أثناء نظر الدعوى أو بعد فصلها من خصم أو متضرر يكون ثبوته مانعاً من اعتماد أقوال الشخص أو ناقضاً للقرار[2].
ثانياً: تعريف الحكم لغة واصطلاحا:
أ. الحكم في اللغة يأتي بمعانٍ أهمها[3]:
1. القضاء: حكم بالأمر حكماً، أي قضى.
2. العلم والفقه: ومنها قوله تعالى في شأن يحيى بن زكريا عليه السلام: (وآتيناه الحكم صبياً)[4]:
3. الرجوع، يُقال: حكم فلان عن الشيء، أي رجع عنه.
4. المنع، يقال حكم فلاناً أي منعه عما يريد ورده، وحكم الفرس أي جعل للجامعة حكمة وهي التي تمنع الدابة عن الجري الشديد.
ب. الحكم اصطلاحا:
اختلفت عبارة الفقهاء في تعريف الحكم ولكني أختار هنا أرجحها: فصل الخصومة بقول أو فعل يصدر عن القاضي ومن في حكمه بطريق الإلزام[5]:
ثالثاً: تعريف الطعن بالأحكام اصطلاحاً:
عرف الطعن بالأحكام اصطلاحاً بعدة تعريفات أهمها:
1. عدم الرضا بالحكم الذي أصدره القاضي والاعتراض عليه بطلب إعادة النظر في القضية المحكوم فيها والحكم فيها من جديد سواء أكان الاعتراض عليه من المدعى عليه أو من غيره ممن يتضرر بالحكم[6]، ويتجه على هذا التعريف ما يلي:
أ. الطعن ليس هو عدم الرضا، لأنني قد لا أرضى بالحكم ولا أطعن به فالطعن ناتج عن عدم الرضا.
ب. خصص الطعن هنا بإعادة النظر، وهذا يسمى بإعادة المحاكمة، وهي صورة واحدة من صور الطعن.
ج. جعل الطعن خاصاً بالحكم، وقد يكون بالحكم والشهود، وبالتالي فهو غير جامع.
2. هي الوسائل التي حددها القانون على سبيل الحصر التي بمقتضاها يتمكن الخصوم من التظلم من الأحكام الصادرة عليهم بقصد إعادة النظر فيما قضت به[7].
ويتجه على هذا التعريف:
أ. أنه لم يذكر المحكمة التي تنظر الطعن.
ب. لم يذكر الآثار المترتبة على الطعن.
3. بأنها السبل التي جعلها المشرع حقاً للمتخاصمين أو المتضرر من نتيجة الحكم أن يسلكوها أمام المحكمة المختصة بقصد تعديل الحكم أو إلغاءه أو نقضه أو فسخه[8].
وهذا هو التعريف الراجح للطعن بالأحكام لأنه تلافى العيوب التي وجهت لغيره من التعريفات وذكر فيه من له الحق في رفع الطعن والأثر المترتب عليه.
المطلب الثاني: مشروعية الطعن في الأحكام القضائية:
ويقصد بذلك هل يجوز الطعن في الأحكام القضائية بالصورة المعروفة في زمانناً؟
مع العلم أن الأصل في الحكم القضائي الذي صدر وفق الشروط الشرعية ولم يخالف نصاً من القرآن أو السنة أو الإجماع وكان ظاهره العدالة، الأصل فيه أنه حجة يستحق التنفيذ ولا يحق لأحد أن ينقضه.
لقد بحث الفقهاء مسألة لها علاقة بهذا الموضوع، ألا وهي نقض قضاء القاضي وذكروا فيها أن الحكم القضائي إذا صدر وكان فيه أيّة مخالفة للكتاب أو السنة أو الإجماع كان باطلاً وليس لأحد أن يجيزه أو ينفذه، ويجب على كل من يرفع إليه الأمر أن ينقضه[9].
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يجوز الطعن في الأحكام القضائية؟
الطعن في الأحكام أمر مشروع ومما يدل على ذلك ما يلي:
أولاً: ما روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما امرأتان معهما أبناؤهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داوود فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى، لا تفعل يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى)[10].
وجه الدلالة: أن هذا الحديث وإن كان من شرع من قبلنا إلا أنه شرع لنا لأنه لم يأتِ ما يخالفه[11]، ولذا قال الإمام ابن حجر العسقلاني في شرحه لهذا الحديث: وقد استنبط النسائي من هذا الحديث أشياء نفيسة فترجم نقض الحاكم ما حكم به غيره ممن هو مثله أو أجلّ إذا اقتضى الأمر ذلك[12].
ثانياً: ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر، ثم تعلق الرجل بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد، فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا من جراحهم كلهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح ليقتتلوا، فأتاهم علي رضي الله عنه فقال: تريدون أن تتقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، إني أقضي بينكم قضاء إن رضيتم فهو القضاء وإلا حجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له...، إلى أن قال: فأبوا أن يرضوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم فقصوا عليه القصة، فقال: أنا أقضي بينكم، فقال رجل من القوم: إن علياً قضى فينا فقصوا عليه القصة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم"[13].
وجه الدلالة: يدل الحديث على جواز عرض القضية على قاضٍ أو حاكم آخر، كما يدل الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صدّق حكم سيدنا علي فيما حكم، بدلالة أنه وافق عليه ولو كان الحكم غير صحيح لما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم ولنقضه وحكم فيه من جديد[14].
ثالثاً: ما جاء في كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: "ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس، ثم راجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق لأن الحق قديم والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل"[15].
وجه الدلالة: أنه إذا تبين للقاضي أن الحكم الأول الذي صدر منه خطأ فإنه ينبغي عليه أن يرجع عنه وينقضه ويقضي بالحق الذي ظهر له، لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
رابعاً: ما روي عن عمر بن الخطاب في المسألة المشتركة والتي فيها ميراث الزوج والإخوة الأشقاء والإخوة لأم، فقضى عمر فيها للزوج النصف والأم السدس والإخوة لأم الثلث ولم يبقَ شيء للإخوة الأشقاء فراجعوا في ذلك، وقالوا له هب أن أبانا كان حماراً وفي رواية حجراً أليست أمنا واحدة؟ فرجع حينئذٍ عن قضائه وأشركهم مع الإخوة لأم في الثلث[16].
وجه الدلالة: يستدل بها على جواز الاعتراض على الحكم وبيان أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه أو المعترض عليه حيث اعترض الإخوة الأشقاء على حكم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبينوا له وجهة نظرهم وأنهم ظلموا حيث ورّث الذين هم أبعد وترك الأقرب، ولذلك رجع عن قضائه.
خامساً: روي أن عبد الله بن مسعود حكم على رجل من قريش وجده مع امرأة في ملحفتها، ولم تقم البينة على غير ذلك فضربه عبد الله أربعين، وأقامه للناس فغضب قومه على هذا وانطلقوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقالوا: فضح منا رجلاً فقال عمر لعبد الله رضي الله عنهما: بلغني أنك ضربت رجلاً من قريش، قال عبد الله: أجل أوتيت به قد وجد مع امرأة في ملحفتها، ولم تقم البينة على غير ذلك فضربته أربعين، وعرفته للناس، فقال عمر: أرأيت ذلك؟ قال عبد الله: نعم، قال عمر: نعم ما رأيت، وعند ذلك قال الشاكون: جئنا نستعديه عليه فاستفتاه[17].
سادساً: أن الأصل في الأحكام أن تكون وفق شرع الله سبحانه وتعالى، وأن تكون موافقة للحق والعدل، وأي حكم يخالف ذلك يرد وينقض، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)[18].
وجه الدلالة: من هذا الحديث أن الأحكام الباطلة المخالفة للشريعة تنقض وترد ولا يعول عليها.
سابعاً: إن المصلحة تقضي في عصرنا هذا بوجوب وجود هيئة قضائية تراقب أحكام القضاة لسببين:
الأول: فساد الزمان وقلة علم القضاة إذا ما قيس بالقضاة السابقين ولو قلنا بعدم جواز توليته لتعطلت مصالح الناس.
الثاني: أصبحت العملية القضائية معقدة بعض الشيء حتى مع وجود القوانين، وذلك بسبب وجود أشياء كثيرة مستحدثة لم تكن في عهد قضاة السلف، كنظام المحامين والإجراءات الشكلية وغيرها من الأمور، فإذا تركت أحكام القضاة دون رقابة وتقييم فإن مفسدة عظيمة ستترتب على ذلك إذ أن احتمال الخطأ من بني الإنسان موجود بالفعل والقضاة بشر يصيبون ويخطئون فعرض القضية على محكمة أعلى ذات عدد أكبر من القضاة ذوي الخبرة الواسعة في مجال القضاء فيه مصلحة واضحة تؤيدها الأدلة الشرعية وتدعمها مقاصد الشريعة بل إن مقاصد الشريعة تحث على كل أمر يكون فيه تحقيق العدالة، والتي تتحقق في إقرار مبدأ جواز الطعن في الأحكام[19].
والذي ينبغي التنبيه إليه هنا أن إقرار مبدأ جواز الطعن في الأحكام لا يتعارض مع حجية الحكم القضائي المتفق عليه بين الفقهاء لأننا إنما أجزنا الطعن بالأحكام للوصول إلى الحكم القضائي الصحيح الذي استوفى كافة الشروط المطلوبة فيه، والتي نص عليها الفقهاء، ولذا فكل حكم قضائي لم يستوفِ هذه الشروط لم يحز حجية الحكم القضائي مما يستوجب الاعتراض عليه ونقضه، وهذا ما يتفق مع مقاصد الشريعة في إرساء قواعد العدل وإحقاق الحق ورفع الظلم.
المطلب الثالث: طرق الطعن في الأحكام:
نظم قانون أصول المحاكمات الشرعية طرق الطعن في الأحكام التي تصدر عن المحاكم الشرعية بأنها نوعان:
النوع الأول: طرق الطعن العادية وهي الاعتراض واعتراض الغير والاستئناف.
النوع الثاني: طرق الطعن غير العادية وهي الاعتراض، و اعتراض الغير، وطلب إعادة المحاكمة.
ولا بد هنا من التفرقة بين طرق الطعن العادية وطريقة الطعن غير العادية وهي تتلخص في الأمور التالية:
أولاً: إن القانون لم يحصر باب الطعن في أي من الطرق العادية حيث أجاز للمتظلم أن يلجأ إلى أية واحدة منها أياً كان نوع العيب الذي ينسبه إلى الحكم، فقد يكون بسبب خطأ المحكمة في استخلاص الوقائع أو في تقديرها أو في تطبيق القانون على الوقائع أو بسبب بطلان الإجراءات التي سبقت إصدار الحكم أو بسبب بطلان الحكم نفسه لعدم مراعاة المحكمة لأحكام القانون عند النطق به أو تحريره[20].
أما بالنسبة لطرق الطعن غير العادية فلا يجوز أن يلجأ إليها المتظلم إلا بأسباب محددة حصرها القانون وبينتها المادة (153) من قانون أصول المحاكمة الشرعية.
ثانياً: يترتب على ما تقدم أن على من يطعن بالطرق غير العادية إثبات قيام سبب من أسباب الطعن التي نص عليها القانون أولا ًوعلى المحكمة أن تتحقق من ذلك لتقرر قبول الطعن شكلاً قبل أن تنظر فيه موضوعاً أما من يطعن في الحكم بإحدى طرق الطعن العادية فإنه لا يزم بإثبات جواز الطعن لأن الطعن جائز قانوناً دون حصر لأسبابه[21].
ثالثاً: أن الطعن بإحدى الطرق يطرح موضوع الخصومة التي صدر فيها الحكم من جديد أمام المحكمة لأن من حق المتظلم أن يبدي ما يظهر له من الأسباب المتعلقة بشكل الإجراءات أو بذات الحكم من ناحية ما اشتمل عليه من قضاء أما الطعن بالطريق غير العادية فلا تبحث المحكمة التي قدم إليها هذا الطعن إلا بعد التحقق من السبب الذي استند إليه المتظلم في طعنه[22].
رابعاً: لا بد أن يستنفذ المتظلم أولاً طرق الطعن العادية قبل أن يلجأ إلى الطعن بالطريقة غير العادية، أي طلب إعادة المحاكمة[23].
خامساً: لا يقدم الطعن بطريقة طلب إعادة المحاكمة إلا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم (ابتدائية كانت أم استئنافية) أما الطعن بإحدى الطرق العادية فيقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم عن طرق الاعتراض أو اعتراض الغير ويقدم إلى محكمة الدرجة الثانية إذا كان عن طريق الاستئناف[24].
المبحث الثاني
الطعن بالنقض أو التمييز
المطلب الأول: تعريف الطعن بالنقض أو التمييز لغة واصطلاحا:
أ. تعريف النقض لغة:
النقض ضد الإبرام يقال: نقضه ينقضه نقضاً والنقض هو: إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء والنقض اسم البناء المنقوض إذا هدم، ويأتي بمعنى المراجعة والمرادة، يقال: أنقض قوله وينقض قولي وناقضته في الشيء مناقضة ونقاضاً أي خالفه:
كان أبو العيوف أخاً وجاراً وذا رحم، فقلت له: نقاضاً
أي ناقضته في قوله وهجوه إياي، والنقض ما نقضت، والجمع أنقاض ويقال: انتقض الجرح بعد البرء وانتقض الأمر بعد التئامه[25].
وعليه: يكون المعنى المناسب لمعنى النقض كطريق من طرق الطعن في الأحكام هي مراجعة الأحكام التي أبرمت من قبل القاضي وإبطالها إذا وجد فيها ما يوجب ذلك.
ب. تعريف التمييز لغة:
أصلها ميز والميز: التمييز بين الأشياء، تقول مزت بعضه من بعض فأنا أميزه ميزاً،ومزت الشيء أي عزلته وفرزته، ويقال: ماز الشيء ميزاً أي فصل بعضه من بعض ومنه قوله تعالى: (حتى يميز الخبيث من الطيب) وتميز من الغيظ تقطع ومنه قوله تعالى: (تكاد تميز من الغيظ)[26].
ولعل المعنى الذي يعنينا في هذا البحث هو قوله: مزت الشيء: أي عزلته وفرمته وكأن التمييز كأحد طرق الطعن في الأحكام تعمل على فرز وعزل الأحكام الصحيحة المستوفية للشروط عن الأحكام الأخرى الباطلة التي لم تستوف شروط صدورها.
ج. تعريف الطعن بالنقض أو التمييز:
يعرف الطعن بالنقض أو التمييز: بأنه طريق غير عادي يطعن به في الأحكام النهائية أمام محكمة التمييز وذلك بسبب مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون[27].
وعرف أيضاً: بأنه طريق طعن غير عادي يقصد منه نقض الحكم المطعون فيه لمخالفته أحكام القانون[28]، أو لأسباب أخرى لا تخرج عن معنى مخالفة القانون[29]، ويتجه على هذين التعريفين: عدم تحديد المحكمة التي يرفع إليها الطعن.
ويمكن أن نعرف الطعن بالنقض: بأنه طريق غير عادي يمنحها المشرع للمتضرر أن يسلكها أمام محكمة النقض بقصد نقض الحكم المطعون فيه لوجود سبب من الأسباب التي تستوجب النقض كمخالفة أحكام القانون مثلاً.
المطلب الثاني: ماهية الطعن بطريق التمييز:
تعتبر محكمة التمييز هي أعلى محكمة في المملكة الأردنية الهاشمية[30]، وهي تتولى مراقبة محاكم الموضوع في تطبيق القانون على وقائع الدعوى، فإذا وجدت المحاكم قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً فتقرر تأييد الحكم، وإلا فتقرر نقضه وعليه فالطعن بالتمييز في الأردن لا يعد درجة ثالثة من درجات التقاضي وذلك لأن محكمة التمييز يقتصر دورها على الفصل في قانونية الأحكام المطعون فيها بمعنى أن محكمة التمييز باعتبارها محكمة قانون مهمتها مراقبة مدى انطباق القانون على الحكم المميز دون بحث موضوع النزاع الذي يدخل في صلاحيات محكمة الموضوع[31]إلا ما استثناه القانون.
من خلال ما سبق يتضح لنا أن عمل محكمة الاستئناف الشرعية يشبه إلى حد كبير عمل محكمة التمييز، وذلك لأن الأصل في الاستئناف في التنظيم القضائي الشرعي لا يحقق مبدأ التقاضي على درجتين ولا يهدف إلى نظر القضية نفسها التي نظرت لدى المحكمة الشرعية الابتدائية، ولا ينقل موضوع النزاع إلى محكمة الدرجة الثانية وإنما تقتصر وظيفة محكمة الاستئناف وهي قمة التنظيم القضائي الشرعي على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني[32].
وعليه: فإن محكمة الاستئناف الشرعية هي محكمة قانون إلا في حالات استثنائية سوف نذكرها فيما بعد.
المطلب الثالث: أهمية تمييز الأحكام:
لما كانت الأحكام القضائية من أعمال الإنسان التي يرد عليها احتمال الخطأ أو السهو أو الجهل أحياناً، لذلك وجب أن تتاح للخصوم الذين تضرروا من الحكم الذي صدر بصورة جائرة وغير مطابق للشرع والأنظمة، ولهذا السبب أوجد المشرع طريقاً للطعن في الأحكام لتمكين الخصوم من الوصول لإصلاحها أو إلغائها، وبالتالي كانت ضرورة الطعن بالتمييز تتجلى في تصحيح مسار الحكم المنطوي على خطأ قضائي سواء في فهم النص أو في تفسيره أو في تطبيقه، فالطعن بالتمييز وسيلة لضمان سلامة الحكم[33].
ومن ناحية أخرى فإن الطعن بالتمييز يؤدي إلى استقرار الحقوق وتصبح الأحكام ملزمة لمن كانوا طرفاً في القضية وقرينة لا يجوز دفعها بأي طريق من طرق الطعن[34].
هذا فضلاً عما يترتب على ذلك من ثقة الناس بالقضاء واطمئنانهم للحكم الذي صدر مما لا يدع مجالاً للشك والريبة في صحته، لأن الشعور بعدم الثقة بالحكم هو شعور طبيعي لدى المحكوم عليه فكان من المتعين على المشرع أن يعمل على تأمين مصلحة الخصوم بإجازة الطعن في الأحكام[35].
وهذا يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في إرساء قواعد العدل بين الناس وإحقاق الحق وإعطاء كل ذي حق حقه خاصة في هذا الزمان الذي فسد وكثر فيه الخلاف واتبع فيه الهوى.
المطلب الرابع: شروط قبول الطعن بالتمييز:
يمكن تقسيم هذه الشروط إلى قسمين:
القسم الأول: شروط عامة ينبغي توافرها في كل من يتقدم بدعوى الطعن وهي:
الشرط الأول: وجود مصلحة للطاعن: ويقصد بذلك أن يكون للطاعن في الحكم هدف نافع من طعنه وهذا الهدف يتحقق من إزالة الضرر الذي أصابه من الحكم المطعون فيه فالمصلحة يقصد بها هنا أن هناك خسارة أو ضرراً لحق بالطاعن نتيجة الحكم الصادر، ويهدف الطعن في تحقيق مصلحة الطاعن في الحصول على حكم أفضل من المحكمة التي يقدم الطعن أمامها[36].
ولذلك قضت محكمة التمييز بما يلي: المصلحة ضابط الدعوى وشرط لقبولها ولا يقبل طعن من غير ذي مصلحة أو غير محكوم عليه وفقاً للمادتين (3، 169) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
وعليه بما أن المميز لم يكن له مصلحة في تقديم الاستئناف ضد قرار محكمة البداية ما دام أن الدعوى قد ردت عنه ولم يلزمه قرار محكمة البداية بأي مبلغ فيكون بالتالي قرار محكمة البداية برد استئنافه صحيحاً ومتفقاً وأحكام القانون[37].
الشرط الثاني: أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وأن يختص بالصفة نفسها التي اعتد بها قبل صدور الحكم[38].
وفي تقرير ذلك يقول الدكتور أحمد أبو الوفا: "أنه لما كانت القاعدة هي نسبية إجراءات المرافعات وأن الحكم لا يحتج به إلا بين خصوم الدعوى التي صدر فيها، ولا يحوز الحجية إلا بينهم، فإنه يكون من الطبيعي أن الغير الذي لم يكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم لا يحق له الطعن فيه لأنه لا يؤثر على حقوقه ولا يحتج به عليه[39].
وتطبيقاً على ذلك قضت محكمة التمييز بما يلي: حق الطعن في الأحكام مقرر لأطراف الخصومة فقط عملاً بالمادة (169/ 1) من قانون أصول المحاكمات المدنية، ولما لم يكن بنك الأردن والخليج من أطراف الخصومة في الدعوى، وليس ممثلاً فيها ولم يتقرر إدخاله في الدعوى بطلب من أحد الطرفيين أو بقرار من المحكمة، ولم يصدر بحقه أي حكم من محكمة البداية، بالتالي ليس محكوماً عليه أو له فيكون الاستئناف المقدم منه واجب الرد شكلاً[40].
الشرط الثالث: أن لا يكون الطاعن قد قبل بالحكم المطعون فيه:
الطعن إجراء جوازي (إلا ما استثناه القانون فإنه يرفع إلى التمييز تلقائياً) وإن شئت قل: إنه رخصة ومن ثم إن شاء الطاعن استعمالها وإن شاء عرض عنها، ولهذا فإن نظام الطعن لا يجوّز إجبار الخصم على سلوكه أو استعماله، والقبول المانع من الطعن كما يمكن أن يكون صريحاً يكون ضمنياً، وكما يكون قبول الحكم لاحقاً لصدوره يكون سابقاً عليه ويكون ذلك مستفاداً من صدور الحكم موافقاً لطلبات الخصم[41].
الشروط الخاصة: الشرط الأول: أن يكون الحكم قابلاً للطعن بالتمييز: ولبيان الأحكام القابلة للتمييز لا بد من القول بأن محكمة التمييز تختص بنظر الطعون ضد الأحكام التالية[42].
النوع الأول: الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف:
ليس جميع الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف تقبل التمييز، وإنما تختص محكمة التمييز بنظر بعض أحكام محكمة الاستئناف على النحو التالي:
أ. الأحكام والقرارات التي تقبل التمييز تلقائياً وهي:
1. الأحكام والقرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في الدعاوى البدائية التي تزيد قيمة الواحد منها على خمسة آلاف دينار وهذا ما نصت عليه المادة (191/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية بصيغتها المعدلة بالقانون رقم (14) لسنة 2001م والمادة (10/ب/1) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (17) لسنة (2001).
2. الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف في دعاوى تسوية الأراضي والمياه، وذلك إذا كانت قيمة المحكوم به تزيد على ألف دينار عملاً بالمادة (13/4) من قانون تسوية الأراضي والمياه[43].
3. الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف في دعاوى سلطة الأجور التي تزيد على خمسة آلاف دينار.
وهذا المبدأ يتفق مع عمل محكمة الاستئناف الشرعية حيث نصت المادة (138) من قانون أصول المحاكمات الشرعية على أنه:
ترفع المحاكم البدائية إلى محكمة الاستئناف الشرعية الأحكام الصادرة على القاصرين وفاقدي الأهلية وعلى الوقف وبيت المال وأحكام فسخ النكاح والتفريق والطلاق والرضاع المانع للزوجية والإمهال للعته والجنون وغير ذلك مما يتعلق به حق الله تعالى لتدقيقها وذلك بعد مضي ثلاثين يوماً من صدور الحكم ويشترط في ذلك أن لا يكون الخصوم قد استأنفوا هذه الأحكام خلال المدة المعينة وفصلت محكمة الاستئناف في موضوعها.
ب. الأحكام والقرارات التي لا تقبل التمييز إلا بإذن:
وهذا يشمل الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف في الدعاوى الصلحية والبدائية التي لا تزيد على خمسة آلاف دينار وهذا ما نصت عليه المادة (191/2) من قانون المحاكمات المدنية والمادة (10/ب/2) من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
وهذا يخالف ما عليه محكمة الاستئناف الشرعية حيث أجاز قانون المحاكمات الشرعية استئناف جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية الابتدائية مهما كانت قيمة المحكوم به أو أهمية الدعوى ولم يشترط في ذلك إذن محكمة الاستئناف بل هو حق لأي طرف لم يرض بالحكم[44].
ومما ينبغي ملاحظته هنا ما يلي:
أولاً: أن قابلية الحكم الاستئنافي للتمييز هي بقيمة الدعوى التي يقدمها الخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى لا بقيمة المحكوم به[45].
ثانياً: إجراءات الإذن على النحو التالي:
- يجب على طالب الإذن بالتمييز أن يبين في طلبه بالتفصيل النقطة القانونية المستحدثة أو التي على جانب من التعقيد، وإلا كان تحت طائلة رد الطلب شكلاً وهذا ما نصت عليه المادة (191/4) من قانون أصول المحاكمات المدنية، والمادة (10/ب/3) من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
- على طالب الإذن بالتمييز أن يقدم الطلب خلال عشرة أيام من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم إذا كان وجاهياً وإلا فمن اليوم التالي لتبليغه إذا كان الحكم غيابياً وهذا ما نصت عيه المادة (191/3) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
- على طالب الإذن بالتمييز أن يقدم الطلب إلى رئيس محكمة التمييز أو من يفوضه عملاً بالمادة (191/2).
وبناءً على ما سبق فإذا وجد رئيس محكمة التمييز أو من يفوضه أن الشروط السابقة قد تحققت منح طالب الإذن بالتمييز هذا الإذن، وهذا الإذن يفسح المجال للمأذون أن يطعن بالحكم بأسباب الطعن بالتمييز الواردة في المادة (198) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ج. الأحكام الاستثنائية التي لا تقبل التمييز أبداً، وهذه الأحكام تكون غير قابلة للتمييز[46].
النوع الثاني: الأحكام الصادرة عن محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل.
النوع الثالث: الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف الجمركية إذا كان المبلغ المحكوم به لا يقل عن ألفي دينار عملاً بالمادة (225) من قانون الجمارك.
النوع الرابع: الأحكام الصادرة عن محكمة صيانة أموال الدولة.
الشرط الثاني: أن يقدم الطعن خلال المدة القانونية:
وميعاد الطعن بالتمييز بالنسبة للأحكام القابلة للتمييز هو ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدورها إذا كانت وجاهية، ومن اليوم التالي لتاريخ تبليغها إذا كانت قد صدرت تدقيقاً أو بمثابة الوجاهي أو وجاهياً اعتبارياً وذلك عملاً بالمادة (191/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية[47].
وهذا الشرط يتفق مع عمل محكمة الاستئناف الشرعية حيث نصت المادة (136) من قانون أصول المحاكمات الشرعية على ذلك: "مدة الاستئناف ثلاثون يوماً تبتدئ من تاريخ صدور الحكم إن كان وجاهياً".
وإذا لم يقدم التمييز خلال هذا الموعد فإنه يترتب على ذلك رد الطعن شكلاً وهذا ما نصت عليه المادة (196/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ويتفق هذا مع عمل محكمة الاستئناف الشرعية حيث نصت المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الشرعية.
ومما ينبغي ملاحظته هنا أن الحكمة من تحديد ميعاد الطعن سواء كان بالتمييز أو الاستئناف هي حسن سير القضاء، وضمان حرية الدفاع للخصوم فحسن سير القضاء يقتضي تقيد الخصوم بمواعيد معينة حتى لا تتراخى إجراءات الخصومة فيتأخر الفصل فيها مما يؤدي إلى تأبيد المنازعات كما أن ضمان حرية الدفاع للخصوم يقتضي حمايتهم من المفاجأة وتمكينهم من فرص إعداد وسائل دفاعهم واتخاذ ما يرون من إجراءات التقاضي في روية[48].
الشرط الثالث: تقديم لائحة التمييز:
يشترط لقبول التمييز أن تقدم لائحة التمييز إلى محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم لترفعه مع أوراق الدعوى إلى محكمة التمييز بعد إجراء التبليغات عملاً بالمادة (192) من قانون أصول المحاكمات المدنية وفي حالة تعدد المميز ضدهم فعلى المميز في هذه الحالة أن يرفق لائحة التمييز بنسخ إضافية تكفي لتبليغ المميز ضدهم عملاً بالمادة (194) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ومما ينبغي ذكره هنا أن قانون أصول المحاكمات المدنية قد اشترط شروطاً عدة في لائحة التمييز ولذا نصت المادة (193) على ما يلي:
تقدم لائحة التمييز مطبوعة وتتضمن التفاصيل التالية:
1. اسم المميز ووكيله وعنوانه للتبليغ.
2. اسم المميز ضده ووكيله وعنوانه للتبليغ.
3. اسم المحكمة التي أصدرت الحكم المميز وتاريخه ورقم الدعوى التي صدر فيها.
4. ذكر أسباب الطعن بالتمييز واضحة خالية من الجدل وفي بنود مستقلة مرقمة وعلى المميز أن يبين طلباته وله أن يرفق بلائحة التمييز مذكرة توضيحية حول أسباب الطعن، وذلك لأن القانون قد نص حصراً على هذه الأسباب التي سنبينها إن شاء الله فيما بعد المادة (198).
5. تاريخ الحكم المميز إلى المميز إذا لم يكن الحكم وجاهياً.
6. كما ينبغي أن تكون هذه اللائحة موقعة من محام مقبول أمام محكمة النقض، وذلك عملاً بالمادة (41) من قانون نقابة المحامين وإلا كانت تحت طائلة البطلان[49].
وفي هذه الحالة تقوم المحكمة بتبليغ المميز ضده نسخة من لائحة التمييز مرفقة بصورة الحكم المميز عملاً بالمادة (195/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية ويحق للمميز ضده أن يقدم لائحة جوابية خلال عشرة أيام من اليوم التالي لتاريخ تبليغه لائحة التمييز وله أن يرفق بها مذكرة توضيحية مطبوعة عملاً بالمادة (195/2) من القانون نفسه.
هذا وتتفق محكمة الاستئناف الشرعية مع محكمة التمييز في هذا الشرط وهذا ما نصت عليه المادة (140-142) من قانون أصول المحاكمات الشرعية.
الشرط الرابع: دفع الرسوم:
يجب على المميز دفع الرسوم كاملة وإلا رد طلب التمييز شكلاً، عملاً بالمادة (196/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية، إلا أنه يستثنى من ذلك إذا كان المميز قد دفع الرسم ناقصاً فيجوز والحالة هذه أن يسمح للمميز بإكمال الرسم خلال مدة تعينها لذلك.
فإذا تخلف المميز عن دفع باقي الرسم المستحق خلال هذه المدة كان التمييز مستحقاً للرد شكلاً وذلك عملاً بالمادة (196/2) من القانون، وتطبيقهاً لهذا الشرط:
أوجبت المادة (196) من قانون أصول المحاكمات المدنية رد التمييز في حال عدم دفع الرسم المقرر عنه، وحيث أن أمانة عمان الكبرى تقدمت بهذا التمييز لأول مرة للطعن بالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف وحيث أنها لم تقم بدفع الرسم المقرر عنه مما يستوجب رد التمييز شكلاً[50].
ولعل الحكمة من ذلك هو ضمان لجدية الطعن بالنقض وحتى لا تتخذ وسيلة لكسب الوقت من الخصوم سيء النية، ولذا فقد اشترطت بعض القوانين كقانون المرافعات في دولة الإمارات مثلاً أن يودع المميز في خزانة المحكمة عند أداء الرسم المقرر للطعن مبلغ ألف درهم على سبيل التأمين تأكيداً لهذا المعنى[51].
هذا وقد ذهبت محكمة الاستئناف الشرعية إلى وجوب دفع الرسم حتى يعد الاستئناف مقبولاً إلا رد شكلاً وذلك عملاً بالمادة (136/3) من قانون أصول المحاكمات الشرعية.
المطلب الخامس: أسباب الطعن بالتمييز[52]:
بما أن التمييز طريق من طرق الطعن غير العادية فيجب أن يكون التمييز مستنداً إلى أحد الأسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة (198) من قانون أصول المحاكمات وهذه الأسباب هي:
أولاً: إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله:
وهذا يعتبر من أهم الأسباب التي يمكن أن تكون مطعناً للحكم، ومعنى مخالفة القانون إغفال القاضي أو المحكمة قاعدة قانونية صريحة واجبة التطبيق على النزاع المعروض عليه أو عمل قاعدة قانونية ملغاة وإذا أساء فهم النص القانوني الغامض وفسره تفسيراً يخرج عن روحه أو الحكمة منه كان مخطئاً في تأويله[53].
وتأصيل هذا السبب من الناحية الفقهية هو اتفاق الفقهاء على أن كل حكم يخالف نصاً من كتاب الله أو سنة رسول الله أو الإجماع فهو حكم باطل وليس لأحد أن يجيزه أو ينفذه، وينقضه كل من رفع إليه[54]، لأنه حكم بغير ما أنزل الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)[55].
ومثال الحكم القضائي المخالف لنص قطعي من كتاب الله عز وجل الحكم الصادر بإلزام المدعى عليه بالفوائد المستحقة عليه بسبب تأخره عن الدفع في الموعد المحدد للدين فهذا حكم يجوّز التعامل بالربا فهو باطل لمخالفته عدة نصوص قرآنية.
ثانياً: إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات لها أثر في الحكم:
من الواضح في هذه الحالة أن المشرع قد ميز بين نوعين من البطلان هما:
1. البطلان الواقع في الحكم ذاته: وهو العيب الذي يتعلق بالحكم، فمثلاً: صدور حكم عن محكمة مشكلة تشكيلاً خاطئاً أو صدروه عن قاضٍ لم يتوفر فيه مبدأ الصلاحية مثلاً.
2. البطلان في الإجراءات السابقة ويقصد بها العيوب والمخالفات التي قد تحدث نتيجة لعدم مراعاة قواعد قانون أصول المحاكمات المدنية وهي كثيرة لا يمكن إيراد حصر محدد لها.
ومما يجدر التنويه إليه أن مثل هذه العيوب يجب أن تكون مؤثرة في الحكم المطعون فيه بشكل يجعل الحكم ذاته باطلاً تبعاً لذلك، ذلك أن محل الطعن هو الحكم ذاته وليس الإجراءات السابقة عليه[56].
وتأصيل هذا الشرط في المذهب الحنفي حيث ذهبوا إلى جواز تشكيل هيئة أكثر من قاضٍ لإصدار الحكم كأن يشرط السلطان أيصدر الحكم من قاضيين أو ثلاثة فانفرد أحدهم بالإصدار فإن هذا الحكم يعتبر باطلاً ولا بد من اجتماعهم على الحكم ليصبح جائزاً[57].
ثالثاً: إذا صدر الحكم نهائياً خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً وحاز قوة القضية المقضية.
إن نظر النزاع كما هو مقرر من المحكمة المختصة وصدور حكم فيه واكتسابه الدرجة القطعية إنما يجعل منه حكماً حائزاً لقوة الأمر المقضي به وبالتالي اعتبار القضية مقضية وعليه فلا يجوز بعد ذلك عرضها على ذات المحكمة أو على محكمة أخرى وعليه فإن صدور حكم نهائي خلافاً لحكم آخر سبق وأن صدر بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وكان هذا الحكم صادراً في نزاع يتعلق بذات الحق محلاً وسبباً إنما يعد عيباً يلحق به، ذلك أنه ليس للمحكمة في هذه الحالة أية ولاية للفصل في نزاع سبق وأن فصل فيه إذ يترتب على صدور حكم سابق نهائياً وحائزاً على قوة القضية المقضية إنكار لسلطة أية محكمة بعد ذلك في إعادة نظر النزاع كتعليق ذلك بالنظام العام وبالتالي فإن صدور الحكم الثاني وفقاً لهذه الحالة يعد سبباً من الأسباب الواردة على الحكم المطعون فيه[58].
وهذا ما نص عليه الفقهاء من إبطال الأحكام القضائية المخالفة لحكم قضائي صدر في مواضع الاجتهاد بعد أن استوفى شروطه، وذلك لأنه لا يجوز نقضه ما دام أنه صحيح صدر من أهله في محله فإن قام أحد القضاة بنقض هذا الحكم المستوفي لشروطه أو حكم بخلافه فرفع الأمر إلى قاضٍ ثالث وجب على الأخير أن ينقضه ويمضي الحكم الأول لأن الحكم الثاني - صدر غير صحيح بسبب تعرضه لحكم صحيح واجب التنفيذ -[59].
ومن ذلك قول حسام الشهيد: "إذا قضى بقول البعض وحكم بذلك ثم رفع إلى قاضٍ آخر يرى خلاف ذلك فإنه ينفذ هذه القضية ويمضيها فلو قضى بإبطالها ونقضها ثم رفع الأمر إلى قاضٍ آخر فإن هذا القاضي الثالث ينفذ قضاء الأول ويبطل قضاء الثاني لأن قضاء الأول كان في موضع الاجتهاد والقضاء في المجتهدات نافذ بالإجماع فكان الثاني بقضائه ببطلان الأول مخالف للإجماع ومخالفة الإجماع ضلال وباطل فلا يجوز الاعتماد عليه فعلى القاضي الثالث أن يبطلها وينقضها"[60].
رابعاً: إذا لم يبن الحكم على أساس قانوني بحيث لا تسمح أسبابه لمحكمة التمييز أن تمارس رقابتها عليه:
ويقصد بهذا أن يكون الحكم القضائي مبنياً على أساس غير قانوني وهو عيب يعتري الحكم منذ صدوره إذ تكون الأسباب الواقعية فيه غير كافية لتبرير تطبيق القاعدة القانونية ويتحقق ذلك عند تطبيق المحكمة قاعدة قانونية على النزاع دون أن تقوم ببيان العناصر الواقعية والأسباب القانونية الكامنة التي دعتها إلى تطبيق هذه القاعدة على نحو لا تدع مجالاً لمحكمة التمييز أن تمارس رقابتها على صحة وتطبيق القاعدة القانونية ويكون الحكم تبعاً لذلك معيباً ومحلاً للطعن بناء على هذا السبب[61].
ولذا نجد أن الفقهاء قد نصوا على وجوب ذكر أسباب الحكم ومستنداته وخاصة في الحالات التالية:
1. في حالة نقض الأحكام فإذا رفع للقاضي حكم صادر من قاض آخر فرأى أن الحكم يستحق النقض والإبطال فنقضه فيشترط عليه حينئذٍ ذكر سبب الحكم بالنقض لئلاً ينسب إلى الجور والهوى وذلك لأن أمر النقض عظيم لا يستهان به[62].
2. في حالة اعتماد القاضي على علمه الشخصي كسبب للحكم وذلك لدفع التهمة عنه.
3. كما أوجب الفقهاء تسبيب الأحكام التي يصدرها حكام من الأصناف التالية: القاضي الفاسق، والقاضي الجاهل، وقاضي الضرورة، والقاضي المقلد، المحكم.
4. الكتب الحكمية التي تكتب من قاضٍ إلى آخر ضمن حدود الدولة الإسلامية وهذا يتفق مع روح الشريعة ومقاصدها من حيث تحقيق العدل بين الناس ضماناً لحياد القاضي فلا يبقى لدى الخصوم أدنى شك في نزاهة القاضي وحرصه على إعطاء كل ذي حق حقه.
خامساً: إذا أغفل الحكم الفصل في أحد المطالب أو حكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، وهذا يعني أن محكمة الموضوع إذا خرجت عن مهمتها الأساسية للفصل في كافة وجوه النزاع القائم أمامها أو في حالة صدور حكم عنها بأكثر مما طلب الخصم في الدعوى فإن هذا الحكم يستحق النقض لهذا السبب وتفصيل ذلك فيما يلي[63].
أولاً: إغفال محكمة الموضوع الفصل في أحد الطلبات المعروضة أمامها، ومثاله:
أن تكون الدعوى منصبة على المطالبة بتنفيذ العقد مع التعويض أو يصدر الحكم بالإلزام بالتنفيذ دون التعرض لبحث طلب التعويض.
ثانياً: الحكم بشيء لم يطلبه الخصم ومثاله: أن تكون الدعوى منصبة على المطالبة بتنفيذ العقد ويصدر الحكم متضمناً إلزام المدعى عليه بالتنفيذ مع الغرامة، ودون أن يكون المدعي قد طالب بالحكم لهذه الغرامة، ويستثنى من هذا إذا كان نص القانون يوجب على المحكمة الحكم في الدعوى في شيء لم يطلبه الخصم فلا يكون الحكم عرضة للنقض لهذا السبب.
ثالثاً: الحكم بأكثر مما طلبه الخصم، ومثاله: أن تكون الدعوى منصبة على المطالبة برصيد دين باقٍ بذمة المدعى عليه، وقد حدد المدعي مقداره بمبلغ (ألف دينار) ثم تبين للمحكمة أن مقدار رصيد المدعى عليه في البنك ألف وخمسمائة دينار، فحكم المحكمة بهذا المبلغ ألف وخمسمائة دينار دون أن يكون المدعي قد تقدم بطلب عارض أثناء المحاكمة بتعديل المبلغ المدعى به، وهذا يتفق مع مبدأ حياد القاضي، وأن الأصل في أن يحكم بما طلبه المدعي إن كان محقاً، لأن من شروط الحكم أن يكون متفقاً مع الدعوى إن كانت صحيحة، وإلا كان الحكم باطلاً، ولذا جعل من الحالات التي يبطل بها الحكم، الحكم لعدم طلب الخصم[64].
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز:
إغفال محكمة الاستئناف الفصل في طلب المدعية الحكم لها بالفائدة القانونية يعتبر سبباً للنقض عملاً بالمادة (198/ 1) من قانون أصول المحاكمات المدنية[65].
سادساً: إذا كان في الحكم أو الإجراءات المتخذة في الدعوى مخالفة صريحة للقانون سواء أكانت هذه المخالفة تتعلق بواجبات المحكمة أو بحقوق الخصمين.
يتضح لنا من خلال هذا الشرط أن نميز بين المخالفة الصريحة للقانون سواء في الحكم أم في الإجراءات بين تلك التي تتعلق بواجبات المحكمة، وبين المخالفة التي تتعلق بحقوق الخصمين بحيث تعتبر الأولى من المخالفات المتعلقة بالنظام العام، والتي يتعين على محكمة التمييز التعرض لها، وإثارتها من تلقاء نفسها، ولو لم يأت المميز أو المميز ضده في لوائحهما ويترتب على ذلك نقض الحكم الذي يعتريه مخالفة صريحة للقانون، ومن أمثلة ذلك الحكم في مشكلة بصورة مخالفة للقانون[66].
أما إذا كانت المخالفة تتعلق بحقوق الخصمين فإن القانون قد اشترط ضرورة الاعتراض عليها أمام محكمة الموضوع بداية أو استئنافاً وإهمال هذا الاعتراض من قبل المحكمة ثم يأتي الخصمين على ذكرها في لائحته التمييزية بشرط أن يغير وجه الحكم وذلك عملاً بالمادة (198/6) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
وقد سبق أن ذكرنا أنه إذا كانت هيئة الإصدار مشكلة من أكثر من قاضٍ كأن يشترط السلطان أن يصدر الحكم من ثلاثة فإذا تفرد واحد بإصدار الحكم عند الحنفية يعتبر باطلاً.
المطلب السادس: إجراءات محكمة التمييز:
كما أشرنا سابقاً فإن محكمة التمييز تعتبر محكمة قانون، وبالتالي فالأصل فيها أن تنظر في الدعوى تدقيقاً، إلا أن القانون منحها الحق في نظر الدعوى مرافعة في حالتين وذلك عملاً بالمادة (971/1) من قانون أصول المحاكمات المدني وهما:
أ. إذا قررت المحكمة من تلقاء نفسها رؤية الدعوة مرافعة.
ب. إذا طلب أحد الفرقاء النظر في الدعوة مرافعة ووافقت محكمة التمييز على ذلك.
وهنا تتفق محكمة الاستئناف الشرعية مع محكمة التمييز في ذلك فالأصل في محكمة الاستئناف الشرعية أنها تنظر في القضايا المستأنفة تدقيقاً إلا في الحالتين:
أ. إذا قررت المحكمة الاستئنافية سماع الاستئناف مرافعة.
ب. إذا طلب أحد الفرقاء ذلك ووافقت المحكمة على ذلك عملاً بالمادة (143) من قانون أصول المحاكمات الشرعية.
ولذلك يمكن تقسيم الإجراءات إلى قسمين:
أولاً: الإجراءات في حالة رؤية الدعوى مرافعة[67].
1. على المحكمة أن تعيّن يوماً للمحاكمة وتدعو الفرقاء للحضور فيه بعد تبليغهم ذلك حسب القانون.
2. في اليوم المعيّن تباشر المحكمة رؤية الدعوى بحضور من حضر من محامي الفرقاء وبعد أن تسمع لمرافعات الحاضر منهم وتستوضح ما ترى ضرورة استيضاحه تدقق في القضية وتصدر قراراها.
3. تنظر المحكمة في القضية على ضوء محضر المحاكمة واللوائح والأوراق الموجودة وتصدر قرارها.
4. إذا لم تتمكن المحكمة من فصل القضية في ذات الجلسة تؤجل رؤيتها إلى جلسة أخرى سواء حضر محامو الفرقاء هذه الجلسة أو ما يتلوها من جلسات أو تخلفوا جميعهم أو بعضهم تصدر قرارها أما بتأييد الحكم وإما بنقضه وإعادته للمحكمة التي أصدرته.
ثانياً إجراءات محكمة التمييز عند رؤية الدعوى تدقيقاً:
الأصل أن وظيفة محكمة التمييز باعتبارها محكمة قانون تنحصر في تصديق الأحكام المطعون فيها متى كانت موافقة للقانون أو نقضها وإعادتها للمحكمة التي أصدرتها إذا كانت معيبة ومخالفة للقانون وذلك عملاً بالمادة (198) من قانون أصول المحاكمات المدنية ولذا يمكن أن نجمل الإجراءات في هذه الحالة بأمرين:
الأمر الأول: إجراءات تتعلق بالشكل:
أوجب القانون على محكمة التمييز أن تتحقق من تلقاء نفسها من استيفاء لائحة التمييز المقدمة إليها الشروط القانونية المطلوبة، وإنها قد قدمت ضمن المدة القانونية للطعن، وذلك إن مثل هذه المسألة تتعلق بالنظام العام فتقديم الطعن بالتمييز بعد فوات مدة الطعن المقررة قانونياً يؤدي حتماً إلى الحكم بعدم قبوله، وبالتالي رده شكلاً دون البحث في الموضوع وعلى المحكمة أن تتأكد من دفع الرسوم وإلا لم يقبل الطعن.
الأمر الثاني: إجراءات تتعلق بالموضوع متى قررت محكمة التمييز قبول التمييز شكلاً فإنه يتعين عليها أن تنتقل لبحث أسباب الطعن بالتمييز المذكورة من حيث اتفاقها مع الأسباب المنصوص عليها في المادة (198) من قانون أصول المحاكمات المدنية ويمكن أن يصدر الحكم بالتمييز بأحد الاحتمالات التالية:
أولاً: تصديق الحكم المميز: فإذا وجدت محكمة التمييز بعد التدقيق أن الحكم المميز موافقاً للقوانين فإنها تقرر رد الطعن وتصديق الحكم المميز[68].
ثانياً: نقض الحكم والفصل في الدعوى دون أن تعيدها إلى مصدرها:
إذا قررت محكمة التمييز نقض الحكم لأي سبب من الأسباب الواردة في المادة (198) من القانون فإن لها أن تفصل في الدعوى دون أن تعيدها إلى مصدرها متى كان موضوع القضية صالحاً للفصل فيه عملاً بالمادة (197/4) من قانون أصول المحاكمات المدنية، والمقصود بكون موضوع الدعوى صالحاً للحكم هو أن يكون ما توصلت إليه محكمة الموضوع من وقائع صحيحة وكاملة لا مجال لتغيرها أو إضافة أي شيء إليها إذا أعيدت إليها القضية بعد النقض، ففي هذه الحالة لا يبقى مبرر للإعادة ما دام أن محكمة الموضوع لن تجري أية إجراءات بحيث تكون معه الإعادة مضيعة للوقت ولهذا تقوم محكمة التمييز بالحكم في الدعوى دون أن تقرر إعادتها[69].
ثالثاً: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص:
إذا قررت المحكمة نقض الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص فإن على محكمة التمييز في هذه الحالة أن تقتصر مهمتها على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها عملاً بالمادة (199) من القانون[70].
رابعاً: نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم:
إذا قررت محكمة التمييز نقض الحكم لسبب آخر غير السبب المتعلق بمخالفة قواعد الاختصاص إذا كان موضوع الدعوى بعد النقض غير صالح للفصل فيه فإنها تقرر تبعاً لقرار النقض إعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم عملاً بالمادة (201) من قانون أصول المحاكمات المدنية وعلى المحكمة التي أعيد إليها الحكم المميز أن تدعوا الفرقاء في الدعوى للمرافعة في يوم تعيّنه لهذا الغرض بناءً على مراجعة أي منهم وتستأنف النظر في الدعوى[71].
وبعد تبليغ الفرقاء ذلك الموعد تتلو المحكمة في ذلك اليوم قرار التمييز المتضمن نقض الحكم وتسمع أقوال الفرقاء بشأن قبول النقض أو عدم قبوله ثم يقرر قبول النقض أو الإصرار على الحكم السابق فإذا قررت القبول تسير بالدعوى بدأً من النقطة المنقوضة وتفصل فيها وإذا قررت الإصرار على حكمها السابق للأسباب التي استندت إليها في الحكم المنقوض، وإذا قدم الفرقاء تمييزاً فإن على محكمة التمييز في هذه الحالة ما يلي:
1. أن تدقق في القرار مرة ثانية وتصدر قرارها إما بتأييد الحكم أو نقضه فإذا قررت نقضه للأسباب التي أوجبت النقض الأول تعيد الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم فيها وعندئذٍ يترتب عليها أن تمتثل لهذا القرار.
2. في حالة إصرار محكمة الاستئناف على حكمها المنقوض لذات العلل والأسباب التي استندت إليها في الحكم، فإنه يجوز لمحكمة التمييز والحالة هذه أن تنظر الدعوى مرافعة وتفصل فيها دون إعادتها لمحكمة الاستئناف، ويجب أن تكون محكمة التمييز مشكلة من هيئة عامة والحكم في هذه الحالة لا يقبل أي اعتراض أو مراجعة أخرى.
هذا وقد ذهبت محكمة الاستئناف إلى مثل هذه الإجراءات تقريباً وقد نصت عليها في المواد (146، 147، 148، 149، 150، 151) من قانون أصول المحاكمات الشرعية.
المطلب السابع: شروط قرار محكمة التمييز:
تصدر محكمة التمييز قراراتها بإجماع الآراء أو بأكثريتها، ويجب أن تحتوي هذه القرارات على ما يلي عملاً بالمادة (23) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
1. اسم الفريقين ووكيليهما وعنوانيهما.
2. خلاصة وافية للحكم المطعون فيه.
3. الأسباب التي أوردها الطرفان في الحكم المميز أو لتأييده.
4. القرار الذي أصدرته محكمة التمييز بتصديق الحكم المميز أو نقضه والحكم في القضية مع بيان أسباب النقض أو الحكم أو الرد على أسباب الطعن التي لها تأثير في جوهره سواء في التصديق أو النقض.
5. تاريخ صدور القرار.
علماً بأن محكمة التمييز بهيئتها العادية تتكون من خمسة قضاة على الأقل يرأسها القاضي الأقدم وتنعقد بهيئتها العامة من رئيس وثمانية قضاة في ثلاث حالات:
1. إذا أصرت محكمة الاستئناف على قرارها المنقوض.
2. إذا كانت القضية المعروضة عليها تدور حول نقطة قانونية مستحدثة أو على جانب من التعقيد أو ينطوي على أهمية عامة.
3. إذا رأى أحد هيئاتها الرجوع عن مبدأ مقرر في حكم سابق عملاً بالمادة (205) من قانون أصول المحاكمات المدنية وهذا ما نصت عليه المادة (9/1) من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
وقريباً من هذا اشترطت محكمة الاستئناف توافر الشروط السابقة في قار محكمة الاستئناف غير أن عدد قضاة محكمة الاستئناف ثلاثة قضاة في هيئتها العادية وخمسة قضاة في هيئتها العامة وبذلك تفترق عن عدد القضاة في محكمة التمييز.
المطلب الثامن: حجيّة قرار محكمة التمييز:
تعتبر أحكام محكمة التمييز كقاعدة عامة قطعية لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن عملاً بالمادة (204) من قانون أصول المحاكمات المدنية، إلا أن القانون قد استثنى من ذلك حالتين:
الحالة الأولى: إذا كانت محكمة التمييز قد ردت الطعن استناداً إلى أي سبب شكلي خلافاً للقانون عملاً بالمادة (204/2) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ومثاله: إذا كانت محكمة التمييز قد ردت طعناً لعدم حصول المميز على إذن بالتمييز وطعن المميز في حكم محكمة التمييز فقد أجاز القانون لمحكمة التمييز إعادة النظر في قرارها السابق القاضي برد الطعن شكلاً.
الحالة الثانية: إذا كانت محكمة التمييز قد نظرت طعناً وبين هيئاتها قاضٍ قام به سبب من أساب عدم صلاحية القضاة المنصوص عليها في المادة (133) من قانون الأحوال المدنية والتي أجازت للخصوم أن يطلب إلغاء الحكم، وإعادة نظر الطعن أمام هيئة أخرى لا يكون فيها القاضي المتسبب بالبطلان[72].
المطلب التاسع: مدى التوافق بين محكمة الاستئناف الشرعية ومحكمة التمييز النظامية:
من خلال ما سبق يتضح لنا أن محكمة الاستئناف الشرعية تشبه إلى حد كبير جداً محكمة التمييز ذلك أن كل منها تراقب تطبيق القانون إلا في حالتين نص عليها القانون يجوز لكل منهما أن تنظر القضية مرافعة ولا تعد كلاً منهما من درجات التقاضي وهذا التشابه الكبير بين محكمة الاستئناف الشرعية ومحكمة التمييز هو الذي جعل الدكتور عبد الناصر أبو البصل يعتبر إطلاق اسم الاستئناف على ما يرفع لمحكمة الاستئناف الشرعية فيه من التجاوز في إطلاق الأسماء ما ينبغي الاحتراز منه ذلك أن عمل محكمة الاستئناف يماثل عمل محكمة التمييز في القضاء النظامي ولا يشبه عمل محكمة الاستئناف الشرعية النظامية، وبالتالي يجب أن يطلق عليها اسم محكمة التمييز الشرعية لا محكمة الاستئناف الشرعية[73]. ولعلي أتفق تماماً مع ما ذهب إليه فضيلة الدكتور أبو البصل في ذلك غير أنني ومن خلال المقارنات السابقة بين عمل محكمة التمييز والاستئناف وقفت على بعض الفروق أهمها:
أولاً: يجوز استئناف جميع الأحكام الفاصلة في موضوع الدعوات وقرارات الوظيفة والصلاحية ومرور الزمن لدى محكمة الاستئناف الشرعية، بينما لا يجوز الطعن في محكمة التمييز إلا في حالة وجود سبب من الأسباب التي نصت عليها المادة (198) من قانون أصول المحاكمات المدنية فإذا لم يوجد سبب من هذه الأسباب رد الطعن.
ثانياً: أن عدد القضاة في محكمة الاستئناف الشرعية في هيئتها العادة ثلاثة قضاة وفي هيئتها العامة خمسة قضاة، بينما محكمة التمييز خمسة قضاة في هيئتها العادية وتسع قضاة في هيئتها العامة.
ثالثاً: إن طلب إعادة المحاكمة يقبل في الاستئناف ولا يقبل في محكمة التمييز.
الخاتمة
من خلال ما سبق يمكن الوقوف على النتائج التالية:
أولاً: إن الطعن يعني الإتيان بجرح شخص أو قرار أثناء نظر الدعوى أو بعد فصلها من خصم أو متضرر يكون ثبوته مانعاً من اعتماد أقوال الشخص أو ناقضاً للقرار.
ثانياً: مشروعية الطعن في الأحكام القضائية.
ثالثاً: إن طرق الطعن تقسم إلى: طرق طعن عادية وطرق طعن غير عادية.
رابعاً: إن الطعن بالنقض أو التمييز طريق من طرق الطعن غير عادة.
خامساً: إن محكمة التمييز ليست درجة من درجات التقاضي وإنما هي محكمة قانون إلا في حالات استثناها القانون.
سادساً: لا بد من توافر شروط خاصة وعامة لقبول الطعن بالتمييز.
سابعاً: حتى يكون الطعن بالتمييز مقبولاً لا بد من وجود أسباب معينة نص عليها القانون.
ثامناً: إن محكمة التمييز تقوم بإجراءات محددة نص عليها القانون لضمانة تحقيق العدالة.
تاسعاً: إن قرار محكمة التمييز لا بد أن يصدر بكيفية معينة نص عليها القانون.
عاشراً: إن قرار محكمة التمييز حجة قطعية لا يقبل الطعن، إلا في حالتين نص عليهما القانون.
حادي عشر: إن محكمة الاستئناف الشرعية تشبه إلى حد كبير محكمة التمييز النظامية.
(*) منشور في مجلة جرش للبحوث والدراسات (مجلة علمية تصدر عن عمادة البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة جرش الأهلية) المجلد الحادي عشر، العدد الأول.
الهوامش:
([1]) انظر مادة (طعن): ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1423هـ- 1993م، ج13، ص266؛ الرازي: محمد بن أبي بكر الرازي، مختار الصحاح، دار عمار، الطبعة الأولى، 1417هـ- 1996م، ص197؛ إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، دار إحياء التراث العربي، ج2، ص564.
([2]) ذياب: زياد صبحي ذياب، مذكرات لمادة الأحكام القضائية وطرق الطعن بها لطلبة الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، كلية الشريعة، 2003م.
([3]) ابن منظور، لسان العرب، مادة طعن، ج13، ص141.
([4]) سورة مريم، آية 12.
([5]) ياسين: محمد نعيم ياسين، نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلامية وقانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى، 1419هـ-1999م، ص643.
([6]) واصل: نصر فريد واصل، السلطة القضائية ونظام القضاء في الإسلام، الطبعة الثانية، مطبعة الأمانة، القاهرة 1983م، ص257.
([7]) أبو الوفا: أحمد أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، بيروت، 1983م، ص675، وذهب الدكتور مفلح القضاة إلى تعريف طرق الطعن، بأنها: "الوسائل القضائية التي يتمكن بمقتضاها أطراف النزاع والغير في بعض الحالات من التظلم من حكم يضر بمصالحهم بقصد تعديله أو إلغائه". القضاة: مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، مكتبة دار الثقافة، عمان، الطبعة الثانية، 1992م، ص329.
([8]) زياد ذياب، مذكرات في مادة الأحكام القضائية وطرق الطعن بها.
([9]) ياسين: محمد نعيم ياسين، حجية الحكم القضائي بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، دار الفرقان، الطبعة الأولى، 1404هـ- 1984م، ص57.
([10]) العسقلاني: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار الفكر، المطبعة السلفية، ج12، ص55، النووي: يحيى بن شرف النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، دار الكتب العلمية، بيروت، ج12، ص16.
([11]) أبو البصل: عبد الناصر أبو البصل، شرح قانون أصول المحاكمات الشرعية، 1999م، ص205.
([12]) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، ج12، ص55.
([13]) رواه أحمد في المسند ج1، ص77، والبيهقي في السنن الكبرى، ج8، ص111.
([14]) أبو البصل، شرح قانون أصول المحاكمات الشرعية، ص206، 207.
([15]) رواه البيهقي في السنن الكبرى.
([16]) أبو البصل، أصول المحاكمات الشرعية، ص207.
([17]) وكيع: محمد بن خلف بن حيان، أخبار القضاة، عالم الكتب، بيروت، ج2، ص188.
([18]) النووي، شرح النووي لصحيح مسلم، ج12، ص208.
([19]) أبو البصل، أصول المحاكمات الشرعية، ص208.
([20]) أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية، ص280، الدركزلي، طرق الطعن في قانون أصول المحاكمات السوري، ص13.
([21]) المراجع السابقة.
([22]) النمر: أمينة النمر، قانون المرافعات، مطبعة إلاشعاع الفنية، القاهرة، 1992م، ص540، أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، ص680.
([23]) المراجع السابقة.
([24]) المراجع السابقة.
([25]) ابن منظور، لسان العرب، ج7، ص247، الرازي، مختار الصحاح، ص330.
([26]) لسان العرب 137، ص231، الرازي، مختار الصحاح، ص324.
([27]) أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، ص763.
([28]) الأنطاكي، أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية، ص765.
([29]) أحمد صدق، قواعد المرافعات، ص482.
([30]) نظم قانون أصول المحاكمات المدنية، الطعن بطريق التمييز في المواد (191-205) وقانون أصول المحاكمات الجزائية (270-291).
([31]) شوشاري، الوافي شرح قانون أصول المحاكمات المدنية، ص388.
([32]) راتب الظاهر، وعصام عربيات، الطعن في الأحكام الشرعية ص6.
([33]) محمد إبراهيم، نظام الطعن بالتمييز، ص19.
([34]) العشماوي، قواعد المرافعات، ص725.
([35]) أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، ص716.
([36]) الشواربي، طرق الطعن في الأحكام، ص921.
([37]) انظر: تمييز حقوق (96/504) لسنة 1997م.
([38]) أنور طلبة، الطعن بالنقض في المواد المدنية، ص12.
([39]) أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، ص723.
([40]) انظر: قرار تمييز (93/1273) لسنة 1995.
([41]) محمد عابدين، الوسيط في طرق الطعن، ص33.
([42]) صلاح شوشاري، الوافي في شرح قانون المحاكمات، ص389.
([43]) المرجع السابق.
([44]) راتب الظاهر، الطعن في الأحكام الشرعية، ص21.
([45]) مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية، ص372.
([46]) فارس خوري، أصول المحاكمات، ص548.
([47]) محمد إبراهيم، نظام الطعن بالتمييز، ص130.
([48]) المرجع السابق.
([49]) صلاح سلحدار، أصول المحاكمات المدنية، ص252، أنور طلبة، الطعن بالنقض في المواد المدنية والتجارية، ص410.
([50]) انظر قرار تمييز حقوق (2128/99) ص(3176) لسنة 2000م.
([51]) أحمد محمود، قواعد المرافعات في دولة الإمارات، ص493.
([52]) الزحيلي: محمد مصطفى الزحيلي، أصول المحاكمات الرعية والمدنية، مطبعة دار الكتاب، دمشق 1409هـ -1989م، ص269.
([53]) مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ص376.
([54]) الشافعي: أبو عبد الله محمد بن إدريس، الأم، المطبعة الأميرية، ببولاق، ط1324، ج6، ص207.
([55]) حديث صحيح رواه البخاري ومسلم. انظر صحيح مسلم بشرح النووي ج12، ص16.
([56]) انظر ياسين الدركزلي: طرق الطعن في الأحكام ص155.
صلاح الدين شوشاري الوافي في شرح قانون المحاكمات ص40.
([57]) السمناني: أبو القاسم علي بن محمد بن أحمد، روضة القضاة وطريق النجاة، مؤسسة الرسالة، بيروت، دار الفرقان، عمان، الطبعة الثانية، 1984م، ج1، ص80.
([58]) صلاح سلحدار: أصول المحاكمات المدنية ص250.
صلاح الدين شوشاري، الوافي في شرح قانون أصول المحاكمات، ص401.
([59]) محمد نعيم ياسين، حجية الحكم القضائي، ص43.
([60]) الحسام الشهيد: أبو محمد عمر بن عبد العزيز المعروف بالحسام الشهيد، شرح أدب القاضي، مطبعة الإرشاد، بغداد، الطبعة الأولى، 1977م، ص110؛ ابن فرحون: برهان الدين أبو الوفا، تبصرة الحكام من أصول الأقضية ومناهج الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1301هـ، ج1، ص347.
([61]) صلاح الدين شوشاري، الوافي، ص402.
([62]) أبو البصل، عبد الناصر أبو البصل، نظرية الحكم القضائي في الشريعة والقانون، دارالنفائس للنشر والتوزيع، الأردن (1420هـ-1986م)، ص347.
([63]) ابن أبي الدم: شهاب أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله، أدب القضاء، دار الفكر، الطبعة الثانية 1402هـ-1986م، ص488.
([64]) صلاح الدين شوشاري، الوافي ص402؛ صلاح سلحدار، أصول المحاكمات المدنية ص251.
([65]) عبد الناصر أبو البصل، نظرية الحكم القضائي ص533.
([66]) صلاح الدين شوشاري، الوافي ص40.
([67]) انظر قرار تمييز (289/93) لسنة 1993م.
([68]) انظر المواد (197/2/3-أ-ب-ج) من قانون المحاكمات المدنية.
([69]) مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية ص382.
([70]) صلاح الدين شوشاري، الوافي ص207.
([71]) انظر تمييز حقوق (818/90) ص1808 لسنة 1991.
([72]) مفلح القضاة، أصول المحاكمات ص385.
([73]) صلاح الدين شوشاري، الوافي، ص410.