التربية الاقتصادية الإسلامية ودورها في إقامة سلوك النشء على كسب الحلال وترك الحرام
وأثره في تكوين الأسرة المسلمة
الدكتور المفتي محمود فهد مهيدات
الملخص
لا شك أن للمال الحرام آثارا سلبية ليس فقط على العلاقات الأسرية بل تتعدى إلى حياة الأمة كلها أفرادا وجماعات، وبالنظر في واقع أسرنا ومجتمعاتنا في ظل المتغيرات الراهنة التي يشهدها العالم ونحن جزء من هذا العالم نرى تهاونا بل وجرأة في كسب المال من غير النظر إلى مصدره، بل بعضهم يجعل الحرام حلالا والحلال حراما.
قال عليه السلام: (ليأتين ّعلى الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم الحرام)[1]، ومن أسباب هذا الانحراف في السلوك الاقتصادي لدى الفرد المسلم، غياب التربية الاقتصادية الإسلاميةـ التي تعمل على تنظيم حياة المسلم المعيشية من حيث: كسبه للمال وإنفاقه واستثماره وادخاره وفق الضوابط والأحكام الشرعية، ومن هنا تظهر الحاجة إلى دراسة علمية متخصصة في هذا الجانب التربوي في ظل المتغيرات الراهنة تعنى بتربية النشء تربية اقتصادية إسلامية، تنظم لهم حياتهم الاقتصادية، وذلك بتكوين ثقافة اقتصادية إسلامية لديهم تحثهم على أخذ المال من حلّه، وتحذرهم من أخذه من غير حلّه، وذلك حتى يستقيم سلوكهم على طلب الحلال وترك الحرام. وبهذا نُكون أُسراً مسلمة مستقيمة ملتزمة بشرع الله تعالى، متماسكةً في بنيانها خاليةً من كل ما من شأنه أن يفككها، وهذا ما سنعمل عليه في هذه الدراسة من خلال تسليط الضوء على دور التربية الاقتصادية الإسلامية في إقامة سلوك النشء على كسب الحلال وترك الحرام، ومن ثم بيان أثر في تكوين الأسرة المسلمة في ظل الظروف المعاصرة.
مشكلة الدراسة
إنّ تطبيق مبدأ الأخذ بالحلال وترك الحرام في واقع الحياة أشق على النفس من العبادات، لأنه يحتاج إلى صبر ومشقة أكثر، ولا شك أن للتحليل والتحريم أثرا ليس فقط على حياة الفرد المسلم، بل يتعدى ذلك إلى حياته الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط به، وعلية فإذا تربى الطفل منذ صغره على النظرة الصحيحة إلى الرزق والتعامل معه وحسن طلبه وإداراته بطريقة شرعية، سيكون له أثر طيب على مستقبل حياته كلها من حيث قناعته بالحلال وترك الحرام، مما سينعكس إيجابا على علاقته بأسرته ومن ثم بمجتمعه، وعليه فإنّ مشكلة الدراسة تكمن في إيجاد جيلٍ واعٍ مُترَبٍ اقتصاديا أساسه منظومة كاملة من التشريعات الربانية في كسب الحلال وترك الحرام، لينعكس ذلك إيجابا على تكوين الأسرة المسلمة، وذلك من خلال التوجيهات الاقتصادية الإسلامية التي تحثه على الكسب المشروع، وتحذره من الكسب غير المشروع .
أهمية الدراسة
تظهر أهمية الدراسة في تحقيق الأهداف التالية:
- تعريف النشء بالتربية الاقتصادية الإسلامية وبيان أهميتها ودورها في ضبط سلوكه الاقتصادي المعيشي.
- بيان أثر الحلال والحرام على حياة الفرد، ومن ثم على تكوين الأسر.
- دور التربية الاقتصادية الإسلامية في إقامة سلوك النشىء على الكسب الحلال وترك الكسب الحرام.
- التدليل على أن التربية الاقتصادية الإسلامية عنصر مكمل لتربية الإسلامية.
- رفد المؤسسات التعليمية بدراسة علمية تربوية جديدة تضاف إلى الدراسات التربوية الاقتصادية تسهم في إيجاد جيلٍ واعٍ ومُتَرَبٍ اقتصاديا أساسه منظومة كاملة من التشريعات الربانية في كسب الحلال وترك الحرام.
منهج الدراسة
سيعتمد المنهج الاستقرائي في هذه الدراسة ابتداءً، حيث سنجمع ما أمكن كافة النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وأقوال الفقهاء ذات الصلة بموضوع الدراسة، ومن ثم دراسة تلك النصوص وتحليلها لربطها بمفردات الدراسة، وهذا يستدعي إتباع المنهج التحليلي.
الدراسات السابقة
بحدود إطلاعي لم أقف على دراسة اقتصادية إسلامية مختصة بدور التربية الاقتصادية بإقامة سلوك الفرد على كسب الحلال وترك الحرام، وما لكسب الحلال والحرام من آثار تعود على سلوك النشء داخل وخارج محيط أسرته في جميع مراحل نموه، إنما كلها دراسات تربوية اقتصادية إسلامية عامة، لذلك سأكتفي بذكر دراستين كان لها صلة -وإن كانت غير مباشرة- بموضوع دراستنا، لكن يستفاد منهما، وتفصيل ذلك كما يلي:
- شحادة، حسين، حسين، أصول منهج التربية الاقتصادية في الإسلام سلسلة دراسات في الفكر الاقتصادي الإسلامي.(د،ت).
بيّن الباحث في دراسته وجوب التربية الاقتصادية في الإسلام من خلال ربطها بالتربية الإسلامية العامة.
ثم أشار الباحث إلى أنّ هناك انحرافات ومخالفات في سلوكيات بعض أفراد المسلمين من المنظور الاقتصادي الإسلامي، وقد عزا ذلك إلى عدة أسباب منها انخفاض الحس والوعي والفهم الاقتصادي الإسلامي في مراحل المسلم المختلفة منذ طفولته في البيت وحتى ممارسته للمعاملات الاقتصادية في جوانب حياته، ثم وضع العلاجات لتلك الانحرافات من خلال قواعد سلوكية عامة تعنى بتربية النشء في مراحله المختلفة تربية اقتصادية إسلامية تعالج سلوكهم قبل وبعد الانحراف إذا حصل.
- التركاوي، كيندة حامد، التربية الاقتصادية في الإسلام وأهميتها للنشء الجديد، دار إحياء للنشر الرقمي، مركز أبحاث فقه المعاملات الإسلامية، مجلة الاقتصاد الإسلامية العالمية، الإصدار الأول، 8/2013.
تناولت الباحثة أهمية التربية الاقتصادية للأبناء، وخصائصها وقواعدها السلوكية، ومن ثم أشارات إلى بعض الممارسات السلوكية المنهي عنها في الإسلام "الإسراف، التبذير ..الخ" ومن ثم عرضت أهم أدوات التربية الاقتصادية الإسلامية "الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام ...الخ" وما لهذه الأدوات من دور في عالج سلوكيات الطفل الاقتصادية، وخلصت الباحثة إلى أن أهم عناصر نجاح العملية التربوية وجود الاستعداد للتلقي والتوجيه والتغيير لدى الفرد، وهذا الاستعداد يكون كبيرا في الصغر.
الخلاصة: بالنظر إلى ما تناوله الباحثون في دراساتهم، نرى أنهم لم يبحثوا موضوع دراستنا بشكل مستقل ومفصل، إنما هي دراسات عامة في التربية الاقتصادية الإسلامية، وإن كانت هناك إشارات تتعلق بموضوع دراستنا، إلا إنها إشارات غير مباشرة.وعليه فإنّ دراستنا تمتاز بانحصارها بدور التربية الاقتصادية الإسلامية في توجيه النشء في جميع مراحل نموه نحو الكسب المشروع، وترك الكسب غير المشروع ومن ثم معالجة انحرافاتهم السلوكية إن وجدت، ومن ثمّ بيان أثر ذلك في تكوين الأسرة المسلمة في ظل ما نشهده من التغيرات المعاصرة في مجتمعاتنا الإسلامية.
وذلك من خلال منظومة الأحكام الشرعية التي تضبط عملية كسب الرزق، وطريق ذلك جمع وتحليل النصوص الشرعية وأقوال الفقهاء ذات الصلة بتحقيق هذا الهدف.
خطة الدراسة
المبحث الأول: التربية الاقتصادية: مفهومها،علاقتها بالتربية الإسلامية أهميتها ومدى الحاجة إليها في ظل الظروف المعاصرة.
المبحث الثاني: الرزق حقيقته وهل يزيد وينقص، وعلاقته بالأسباب الظاهرة.
المبحث الثالث: الحلال والحرام: المفهوم، وانعكاساتهما على الأسرة المسلمة.
المبحث الرابع: التوجيهات الاقتصادية الإسلامية لضبط سلوك النشء وإقامته على كسب الحلال وترك الحرام، وأثر ذلك في تكوين الأسرة المسلمة.
المبحث الأول
التربية الاقتصادية الإسلامية: مفهومها، علاقتها بالتربية الإسلامية، أهميتها ومدى حاجة الأسر إليها في ظل الظروف المعاصرة
المطلب الأول: مفهوم التربية الاقتصادية الإسلامية، وعلاقتها بالتربية الإسلامية
مفهوم التربية الاقتصادية الإسلامية: هي تشكيل السلوك الاقتصادي للمسلم المنبثق من تكوينه الشخصي: إيمانيا وخلقيا ونفسيا وثقافيا وفنيا، ومن خلال تزويده بالثقافة الفكرية وبالخيرات العملية الاقتصادية وبما يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية،لتحقيق الحياة الرغيدة الكريمة لتعينه على عمارة الأرض وعبادة الله تعالى[2].
وعرفت كذلك بأنها: السلوك المادي اليومي للإنسان المسلم في إدارة إمكاناته وموارده المادية والتعامل مع الجوانب الاقتصادية في حياته بكفاءة، من خلال مفاهيمه وقيمه الإيمانية والخلقية والنفسية والعلمية المكتسبة، بما يتفق مع مقاصد وأهداف التشريع الإسلامي، وينضبط بمنهج السلوك الرباني النبوي شكلا ومضمونا، بما يعود بالنفع على المجتمع والفرد[3].
علاقتها مع التربية الإسلامية: للوقوف على حقيقة العلاقة بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية الإسلامية، لابد من بيان مفهوم مصطلح التربية الإسلامية لغة واصطلاحا لتتبين العلاقة بينهما:
التربية في اللغة: الرب في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام[4].
أما في الاصطلاح: فقد عرّفت بعدة تعاريف من قبل الباحثين المعاصرين -نظرا لعدم حرص سلفنا الصالح على إيراد تعريف محدد للتربية الإسلامية بقدر اهتمامهم وحرصهم على معالجة القضايا التربوية المختلفة- إلا أننا نجد أنهم متفقون على جوهر وغاية التربية الإسلامية، وعليه سنورد بعض التعاريف لها وذلك على النحو الآتي:
- عرفت بأنها النظام التربوي القائم على الإسلام بمعناه الشامل[5].
2- وعرفت كذلك بأنها: ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف إيجاد إنسان القرآن والسنة أخلاقا وسلوكا مهما كانت حرفته أو مهنته[6].
- وعرفت بأنها إعداد المسلم إعدادا كاملا من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضوء المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام[7].
من كل ما تقدم يمكن القول: إن جميع التعاريف السابقة تبين أن التربية الإسلامية هي نظام تربوي شامل غايته إيجاد الإنسان الصالح من خلال إعداده إعداد متكاملا دينيا ودنيويا في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسية.
وعلى هذا وبعد هذا البيان لمفهوم التربية الإسلامية من جهة، ومفهوم التربية الاقتصادية من جهة أخرى نستطيع تحديد العلاقة بينهما على النحو الآتي[8]:
- إنّ التربية الاقتصادية هي جزء من منظومة التربية الإسلامية لا ينفصم عنها طبقا للفهم الصحيح للإسلام الذي يشمل كل نواحي الحياة (شمولية الإسلام).
2- إن التربية الشاملة للمسلم تبدأ من تكوين شخصيته الإسلامية: عقيدة وشريعة ومشاعر وشرائع، ويتخذ من الدين سندا له في كافة معاملاته ومنها الاقتصادية وينجم عن هذا السلوك الاقتصادي السليم المنضبط بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
3- إن استقرار الإيمان في القلب فإنه يقود صاحبه إلى الالتزام بالحلال الطيب وترك الحرام، وهذا هدف مشترك بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية الإسلامية.
وعلى كل ما تقدم نقول: لا يمكن الفصل بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية الإسلامية، إنما هما متلازمتان، وأن التربية الاقتصادية الإسلامية عنصر مكمل لتربية الإسلامية.
المطلب الثاني: أهمية التربية الاقتصادية الإسلامية، ومدى حاجة الأسر إليها في ظل الظروف المعاصرة.
تأتي أهمية التربية الاقتصادية الإسلامية للنشء وحاجته إليها في ظل الظروف المعاصرة من خلال ما تحققه من الأهداف التالية:
- إنّها تنمي عند المسلم منذ الصغر الرقابة الذاتية، والخشية من الله تعالى والخوف من المساءلة في الآخرة، وهذا بدوره يجعله يلتزم بالحلال ويبتعد عن الحرام[9].
- تعمل على تنمية إدراك الأبناء لحقيقة المال وهي: أنّ المال مال الله ونحن مستخلفون فيه.
- تعمل على تنمية إدراك الأبناء لقيمة رأس المال على أنه وسيلة وليس غاية في حد ذاته، فهو وسيلة تحقيق أهداف تربوية أرقى تصل إلى عمارة الكون وإصلاحه وتحقيق استخلاف الله تعالى في هذا المجال[10].
- إن الطفل اليوم هو رجل أعمال الغد، وهو تاجر المستقبل، وهو العامل والمنتج وهي الأم والزوجة التي تنظم وتتحكم في اقتصاديات البيت مستقبلا[11]. وذلك لابد من إقامة سلوك كل منهما على مبدأ أخذ الحلال وترك الحرام ليستطيع كل منهما عند بلوغه حد المسؤولية أدائها أداءً صحيحا.
تعمل على إيجاد جيل اقتصادي نافع مكتمل التربية يمكنه من كسب المال واستثماره وإنفاقه ضمن منظومة كاملة من التشريعات الربانية الشاملة.
5- إنها تنمي لدى النشء منذ نموه وإدراكه أن ترجيح المصلحة العامة هو الأساس عند تقدير المصالح، حماية لمصالح الآخرين وكفالتهم، ودفع الضرر عنهم، فلا يلجأ الابن مثلا إلى كسب مادي فيه ضرر للمجتمع كاحتكار السلع ونحوها مما فيه ضرر للأفراد والمجتمع[12].
كل ما تقدم ذكره لا شك أنه يسهم في تكوين أسر ملتزم أبناؤها بأحكام الشرّع، أسر متماسكة متعاونة ومتحابة، ومن ثم تنتقل هذه الصفات إلى المجتمع، فيصح عندنا مجتمعات متماسكة البنيان، أسس بنيانها على أسس شرعية.
المبحث الثاني
الرزق حقيقته وهل يزيد وينقص، وعلاقته بالأسباب الظاهرة
مما لا شك فيه أنه ما من إنسان مسلم وغير مسلم بالغ أو قاصر غني أو فقير إلا ومسألة الرزق[13] تشغل باله ليلا نهارا، مع العلم أنّ الله تعالى قد كفل وضمن الرزق لكل دابة على وجه الأرض، وسيصله غير منقوص، قال تعالى: (وما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) هود / 6. وقال صلى الله عليه وسلم: (إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: رزقه وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد)[14]، وعليه فإن غُرِسَ مفهومُ الرزق لدى النشء بجنسيه من بداية مراحل نموه، استقام سلوكه على أخذ الحلال، وترك الحرام، وتفصيل ذلك على نحو الآتي:
المطلب الأول: حقيقة الرزق وهل يزيد وينقص
أقسم الله تعالى بنفسه: أن رزقنا في السماء وأنّ ما نوعد به من الرزق أنه حق كما أنّ نطقنا حق، حيث قال سبحانه تعالى: "وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" الذاريات / 23،22. وقال عليه الصلاة والسلام: (إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإنّ الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته)[15]، وليس هذا فحسب بل لو سأله الخلق كلهم جميعا معا في آن واحد فأعطى كل واحد مسألته، ما يُنقص ذلك من ملكه شيئا، قال عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)"[16].
من كل ما سبق تبين الحقائق التالية:
1- أنّ الرزق من عند الله تعالى فقط، فلا رازق، ولا مانع إلا الله تعالى.
2- أن الرزق محدود لن يزيد ولن ينقص عما قدره الله تعالى، ولو بمقدار ذرة، إلا أنّ الله تعالى، ينزله بقدر قال تعالى: (وإنّ من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر/ 21. ولكن قد يبارك الله تعالى فيه لأناس دون آخرين لحكمة هو يعلمها.
3- أنّه مكفول لكل الخلق، وأنّ كل مخلوق سيستوفي رزقه غير منقوص قبل موته.
4- أنّ الله تعالى هو من يتصرف في أرزاق العباد حسب مشيئته وإرادته، لأنه هو سبحانه وتعالى يعلم من يصلحه الغنى ومن يصلحه الفقر قال تعالى: (إنّ ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) الإسراء / 30. أي خبير بمن يستحق من عباده الغنى، ومن يستحق الفقر.
5- أن الرزق لا ينال إلا بطاعته الله تعالى، قال تعالى: "لو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" الأعراف / 96.
المطلب الثاني: علاقة الرزق بالأسباب الظاهرة
قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك/ 15. يبين الله تعالى لنا أن هناك علاقة واضحة بين تحصيل الرزق وبين الأسباب الظاهرة المتمثلة بالسعي، إلا أنّ هذه العلاقة يفهمها الكثير من الناس على غير معناها الصحيح، فمنهم من يجعل بين الأسباب وبين تحصيل الرزق تلازما حتميا، وهذا شرك والعياذ بالله، ومنهم من يعطل الأسباب بدعوى التوكل على الله تعالى، وهذا تواكل وليس توكلا، لذلك وحتى لا ينشأ أولادنا على هذا الفكر والفهم لمسألة أسباب الرزق يصبح الأمر ضروريا أن نبين لهم من أول مرحلة من مراحل نموهم ليفهموا منذ وعيهم العلاقة الصحيحة بين الرزق والأسباب الظاهرة، ليعرف كيف يجمع بين التوكل على الله تعالى وبين الأخذ بالأسباب.
وبيان ذلك من خلال تأصيل مسألة الأخذ بالأسباب لتحصيل الرزق، وذلك على النحو الآتي:
إنّ من القواعد المقررة في شريعتنا أن التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب فالله تعالى قد أمر الناس بالأخذ بالأسباب لكسب أرزاقهم، قال تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الجمعة / 10.
وورد عن سيدنا عمر أنّه لقي ناسا من أهل اليمن فقال لهم من أنتم ؟ قالوا: نحن المُتوَكِلون، قال: أنتم المتواكلون، إنما المتوكل على الله من يلقي حبه في الأرض ثم يتوكل على الله عز وجل[17]، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم تشهد بأخذه بالأسباب ففي هجرته أعد الراحلة والدليل للطريق، وغيّر الطريق وأمر عليا بأن ينام في فراشه، كل ذلك ليُعلِمَ الأمة بأن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله تعالى.لكن مع الإيمان الجازم بأنّ الفاعل والمتصرف الحقيقي هو الله تعالى، وأن الأسباب لا تفعل بذاتها إنما بأمر الله تعالى، وأنه ليس هناك تلازم حتمي بين الأسباب والنتائج، وكل ذلك حتى لا يتعلق القلب بالأسباب،لأنّ القلب إذا تعلق بالأسباب تعلق بالشهوات، وإذا تعلق بالشهوات تعلق بالشبهات،وإذا تعلق بالشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.
وخلاصة المسألة أنّ التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب، ولكن قد يكون الجمع بينهما أفضل[18].
على ضوء ما تقدم من التأصيل لمسألة زيادة ونقصان الرزق، وأنّ الأسباب الظاهرة غير مؤثرة بذاتها يمكن القول: إنّ النشء حينما يتأصل لديه الإيمان منذ صغره ونشأته، بأن الرزق بيد الله تعالى وحده، وأنه هو سبحانه وتعالى هو الذي يعطي وهو الذي يمنع بعلمه وقدرته، وأن رزقه لن يزيد ولن ينقص، سيتولد لدية قناعة ورضا بما رزقه الله تعالى، ومن ثمّ عفة عن أموال الناس، فلن يفكر لا بسرقة ولا بنهب ولا بغصب ولا باختلاس، ولا بتحايل لكسب الرزق، لأنه أصبح لديه إيمان بأنّ ما قدره الله تعالى له من الرزق آت لا محالة، وما لم يقدره له لن يصيبه حتى ولو سلك كل أسباب الرزق، وأنّ ما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته، ولا شك أنّ هذه التربية الاقتصادية الإسلامية ستجعل سلوكهم يستقيم على الاستغناء بالحلال عن الحرام، وبهذا تحفظ ثروات الأمة وأموال الناس من أن تُأكل بالباطل، فضلا عن استقامة أخلاق أفراد الأسر على الفضائل وترك الرذائل، وهو الهدف الذي تصبو إليه الأسرة المسلمة.
المبحث الثالث
الحلال والحرام: المفهوم، وانعكاساتهما على الأسرة المسلمة.
المطلب الأول: مفهوم الحلال والحرام وقواعدهما الحاكمة لهما.
الحلال: هو ما نص الشارع على حلّه، كأكل الطيبات ونحوها قال تعالى " وأحلّ لكم الطيبات"المائدة5، والحرام: هو ما نص الشارع على تحريمه، أو جعل له حدا أو عقوبة أو وعيدا، قال تعالى: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" الأعراف / 157. إذاً فإنّ الحلال ما أحلّه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحرام ما حرّمه الله تعالى ورسوله، وعليه فإن معرفة الحلال والحرام من أهم المفاهيم التي يجب أن تعرف في الإسلام بعد العقيدة الإسلامية، ولذا فقد اعتبر الفقهاء الحديث" إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن ...الحديث"، نصف الإسلام أو ثلثه[19]، وانطلاقا من القاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" نبين أهم القواعد الحاكمة للحلال والحرام وهي كما يلي:
القاعدة الأولى: أن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بنص[20].
القاعدة الثانية: التحليل والتحريم من حق الله تعالى ولا يحق لأي إنسان أن يحلّل أو يحرّم قال تعالى: "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون"النحل / 116.
القاعدة الثالثة: الحلال بيّن والحرام بيّن، أي أنّ كلا منهما واضح لا يخفى على أحد.
القاعدة الرابعة: أن الحلال حلال للجميع، والحرام محرم على الجميع، فليس هناك أحد يحرم عليه الحلال دون غيره، ولا يحلّ له الحرام دون غيره إلا ما استثناه الشرع: كأكل الميتة للمضطر، وحرمان القاتل من ميراث مورثه إذا قتله، حتى الرسل والأنبياء قال عليه السلام: "وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات). وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)[21] وقال عليه الصلاة والسلام: (واتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب وخذوا ما حلّ ودعوا ما حُرّم)[22]،إذاً فالحلال حلال على الجميع والحرام حرام على الجميع.
المطلب الثاني: مفهوم الأسرة المسلمة ومميزاتها وأهدافها
مما لا شك فيه أنّ الأسرة -مسلمة أو غير مسلمة- هي الركن الأساسي لبناء المجتمع، وعليه فإن العلاقة بين تماسك المجتمع وصلابته وبين تماسك الأسرة وتماسكها علاقة طرديّة، فكلما كانت الأسًرة متماسكة البنيان، كلما كان المجتمع متمسكا بنيانه، والعكس صحيح، وبناءً على ما نحن بصدده من بيان أثر الحلال والحرام على الأسرة المسلمة، نبين مفهومها وما تمتاز به عن باقي الأسر، لنحدد من خلالها أثرهما على الأسرة المسلمة، وذلك على النحو التالي:
بحدود اطلاعي لم يرد لفظ الأسرة لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية، إنما الذي ورد بمعنى الأسرة لفظ "الأهل" قال تعالى: (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله..الآية) القصص / 29، وقال تعالى: (فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى للعابدين) الأنبياء / 84. وقال تعالى: (فراغ إلى أهله وجاء بعجل سمين) الذاريات / 26. كل هذه الآيات وغيرها هي بمعنى الأسرة، وكذلك الحال في السنة قال عليه السلام: (من يعذرني في رجل بلغني أذاه في أهل بيتي فو الله ما علمت من أهلي إلا خيرا)[23]، لذا ربما لهذاّ الفقهاء لم يتعرضوا لبيان مفهوم الأسرة، وعليه فالأمر راجع لاجتهاد الفقهاء المعاصرين، فمنهم من عرَفها بقوله: "الأسرة في الإسلام هي: اللبنة الأولى القائمة على العقيدة الإسلامية في بناء المجتمع الإسلامي،وهي البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية لا سيّما في السنوات الأولى من عمره، وهي الوعاء الثقافي الذي يشكل الفرد ويكسبه الاتجاهات والممارسات الاجتماعية"[24]، وعرّفها آخر بأنَها: "وحدة اجتماعية ممتدة تتكون منها لبنات المجتمع المسلم، وهي نواة أسست على بِرٍ وإيمان والتزام ووفاء، دلت عليه آي الكتاب والسنة وتوجيهات الرسول"[25].
من خلال هذا البيان لمفهوم الأسرة في الإسلام يتبين لنا أنّ لها مميزات تختلف عن باقي الأسر نجملها فيما يلي:
- أنها تقوم على أساس الإيمان بالله تعالى وحده، قال تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم والآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) البقرة / 126.
- أنّ أساس بنائها العبودية لله تعالى وحده، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات / 56، أي ما خلقتهم إلا لعبادتنا والتذلل لأمرنا. وقال تعالى: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة..) ابراهيم / 37. أي كي تؤدى فرائض الله تعالى من الصلاة التي أوجبها الله تعالى عليهم.
- أنّها تقوم على أساس المحبة والمودة بين أفرادها، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم / 21.
- أنّ الذي يحكمهما ويؤطر العلاقة بين أفرادها أحكام الشريعة الإسلامية، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة / 228، وهذا يعني أنّ كل واحد من أفرادها يؤدي ما عليه من واجبات نحو أسرته وفق تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية.
بعد هذا البيان لأهم المميزات للأسرة المسلمة، نبين أهم الأهداف لها، وهي كما يلي[26]:
الهدف الأول: الفوز برضوان الله تعالى والنجاة من عقابه.
وهذا لا يتأتى إلا بالتزام أوامره والانتهاء عن نواهيه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) التحريم / 6.
الهدف الثاني: إنشاء أجيال مؤمنة وصالحة تخدم دينها، وأوطانها بنشر الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والانخراط في مشروع في بناء صرح الحضارة الإنسانية قال عليه السلام: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته،الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول)[27].
الهدف الثالث: حماية المجتمع من الرذائل وإحلال الفضائل.
وجه النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع إلى ما يحفظه من فوضى الرذائل الجنسية، وإلى ما يبني عليه أسره على أساس العفة والطهر، وذلك من خلال حماية عنصر الشباب، فقال عليه السلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإّنه أغض للبصر وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)[28].
وخلاصة القول: على قدر التزام الأسرة بمميزاتها التي تؤهلها للنجاح ستفلح بإذن الله تعالى في إيجاد وإنشاء الأجيال الصالحة لبناء مجتمعاتنا على التقوى وكرائم الأخلاق.
المطلب الثالث: انعكاسات أخذ الحلال وترك الحرام على الأسرة
من خلال ما تقدم يمكن أن نقول: إنّ لأكل الحلال وترك الحرام آثاراً إيجابية تعود على الأسرة، بل وتسهم في تكوينها على أسس شرعية متينة وقوية، ومن هذه الآثار ما يلي:
- تماسك الأسرة واستقرارها.
إنّ أخذ المال من حلّه يجنب مجتمعاتنا كل الجرائم المالية: أكل الربا وتطفيف الميزان وأكل أموال الناس بالباطل وشيوع الاحتكار، وأكل أموال اليتامى ظلما وزورا، وستحل مكان تلك الجرائم الفضائل: الرحمة المحبة المودة التعاون الإيثار العطف على الفقير والمسكين، حفظ مال اليتيم...الخ، وكل ذلك لا شك أنّه سينعكس إيجابا على الأُسَر فتصبح أُسَرا قوية الروابط والمشاعر صلبةً في بنيانها محققةً أهدافها، وبالتالي ستسهم في بناء مجتمعها الذي تعيش فيه على أسس شرعية. لكن إذا تُرك الحلال وأُكِلَ الحرامُ فشت السرقات والرشاوى وكل الجرائم المالية في المجتمعات، مما سينعكس ذلك سلبا على العلاقات الأسرية، فتكون الفرقة والقطيعة والضغائن والشحناء بين أفراد الأُسر التي يتكون منها المجتمع، وبهذا زعزعة لأمن المجتمع وضعف لقوته وانهيار لأسره.
- حرص الأبناء على قضاء حوائج أُسَرِهم.
كل أسرة لها حاجات ومتطلبات ترغب في تحقيقها والحصول عليها، وقد تقرر: أن قضاء الحاجات بيد الله تعالى، وأنّ الأسباب الظاهرة ليست هي الفاعل الحقيقي في تحصيلها وأنّ من موجبات استجابة الدعاء أكل الحلال وترك الحرام، قال عليه السلام: (أيها الناس: إنّ الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم). ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك"[29]). إذاً إنّ لحلال المطعم أثرا مباشرا في قبول الدعاء، والعكس صحيح، وبافتراض حرص كل ابن -تربى تربية إسلامية صحيحة- مساعدته في قضاء حوائج أسرته، فإنّ الأسرة المسلمة حينما تغرس هذا التأصيل الشرعي في نفوس أبنائها، فإنها بذلك تنمي في نفوس أبنائها مراقبة الله تعالى في كل ما يرغبون بكسبه من مال ونحوه، وبهذا يستقيم سلوكهم على أخذ الحلال وترك الحرام قبل أن يتوجهوا إلى الله تعالى -بعد أخذهم بالأسباب- بطلب قضاء حوائجهم وحوائج أسرهم.
- تحقيق الأمن الاقتصادي للأسرة[30].
لا نعني بالأمن الاقتصادي فقط تأمين المأكل والمشرب والمسكن والدواء، بل هو تأمين الموارد والاحتياجات والمستلزمات التي تعطي الأمن والاستقرار وتحفظ النفس، بمعنى أنه مسألة استقرار وطمأنينة وسكون الناس لبعضها البعض، وسلامة العلاقات فيما بينهم، وتأمين احتياجاتهم بسلاسة ويسر، وقد أشار القرآن الكريم في مجمل آياته إلى هذا المفهوم قال تعالى: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) قريش / 4. وقال تعالى: (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن بالله واليوم الآخر.. الآية) البقرة / 126. وقال تعالى: (إنّ لك ألا تجوع فيها ولا تعرى) طه / 118، وهذا الأمن لا يتأتى إلا بتحقيق الإيمان والتقوى، وحقيقة التقوى: فعل المأمور به والمندوب إليه واجتناب المنهي عنه والمكروه المنزه عنه لأن المراد من التقوى وقاية العبد من النار"[31] وعليه فأنّ من مستلزمات التقوى تنفيذ أحكام شرع الله تعالى في المجتمع، قال تعالى: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) الأعراف / 96، ومن أحكام شرع الله تعالى التي يجب أن يحتكم لها المجتمع: الكسب الحلال وترك الكسب الحرام بكل طرقهما التي سبق بيانها، ومن هنا على الأسرة حتى تقيم سلوك أبنائها منذ طفولتهم على مبدأ الكسب الحلال وترك الحرام... الذي يعد قيمة من القيم الإسلامية المتميزة في المجال الاقتصادي الإسلامي تسهم في تحقيق المحبة والرحمة وروح الأخوة بين أفراد المجتمع ليتحقق لها أمنها الاقتصادي، أن تربيهم هذه التربية الإيمانية الاقتصادية.
- البركة في الرزق وانعكاساتها على الأسرة.
من معاني البركة في الرزق: أن يعطي الموجود فوق ما يتطلبه حجمه؛ كواحد مرتبه خمسون جنيها ونجده يعيش هو وأولاده في رضا وسعادة ودون ضيق، فنتساءل: كيف تعيش؟ ويجيبك: إنها البركة، وللبركة تفسير كوني لأن الناس دائما ينظرون في وارداتهم إلى رزق الإيجاب وهو: أن يجعل الله تعالى دخلك مائة وتحتاج إلى أضعافه ويغفلون عن رزق السلب وهو: يجعل دخلك مائة ويسلب عنك مصارف كثيرة، كأن يمنحك العافية فلا تحتاج إلى علاج[32]، إذاً فالبركة في الرزق زيادة ونماء وكفاية، ولكن لا ترى بالعين، إنما هي أمر معنوي يحس به من بورك له في رزقه، ولا شك أنها لا تكون إلا من الله تعالى وحده، قال تعالى: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) الأعراف / 96، لذلك فالبركة عنصر أساسي في تمام وجود الإنسان لا قِوام لحياته إلا بها، وللبركة أسباب كثيرة منها -وهو مدار بحثنا- الكسب الحلال وترك الحرام، قال تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) البقرة / 276، أي كل مستحل لأكل الربا متماد في الإثم، فيما نهاه عنه من أكل الربا والحرام[33]، فإنّ البركة تنزع منه، قال عليه الصلاة والسلام: إنّ هذا المال خضرة حلوة فمن أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار). أي من أخذ بقدر حاجته من الحلال يبارك له فيما أخذ[34]. وحلول البركة الأسرة يعني أنها قادرة على الإنفاق على أبنائها، ولا شك أنّ الإنفاق عليهم فيه تدعيم لوحدة الأسرة وتماسكها وتضامنها، وفيه شعور بالأمن والأمان لجميع أفرادها، ومن هنا حينما يقوم الوالدان بتربية أبنائهم منذ صغرهم على هذه القيمة الإيمانية الاقتصادية -قيمة البركة في الرزق- سينعكس ذلك على سلوكياتهم، فيرضوا بالحلال القليل للقناعة التي توفرت لديهم بأن العبرة ليس بكثرة الرزق إنما بالبركة،وهذا بالطبع سيحميهم من مشاعر الطمع والجشع والأنانية والشره والحقد والغيرة والحسد، ويكسبهم بالمقابل مشاعر التعاون والإيثار وحب الإنفاق وخاصة على الوالدين وعطف الغني على الفقير ..الخ، وبذلك تتكون أُسر مسلمة متحابة متماسكة متعاونة، ومن ثم تكون مجتمعاتنا مجتمعات مسلمة متينة علاقاتها قوية روابطها .
المبحث الرابع
التوجيهات الاقتصادية الإسلامية لضبط سلوك النشء وإقامته على كسب الحلال وترك الحرام، وأثر ذلك في تكوين الأسرة المسلمة
بعد بيان أثر غرس مفهوم الحلال والحرام وانعكاساته على الأسرة، في نفوس الأبناء،لا بد من توجيههم إلى منظومة أخلاقية تربوية اقتصادية إسلامية لإقامة سلوكه على ترجمة ذلك في حياتهم منذ وعيهم وإدراكهم، ليحرصوا على الكسب الحلال وترك الكسب الحرام، وهذه المنظومة تتمثل في التوجيهات الاقتصادية الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة وهي كما يلي:
- الترغيب والترهيب "مبدأ الثواب والعقاب".
مبدأ الترغيب والترهيب له دوره في استقامة الإنسان، وبناءً على ما نحن بصدده من العمل على تربية النشء على تحري الكسب الحلال وترك الكسب الحرام، فيمكن إعمال هذا المبدأ بترغيبهم بطلب الحلال وترهيبهم من أكل الحرام، من خلال ما ورد في الكتاب والسنة، قال الله تعالى " يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"البقرة / 168، وقال تعالى: (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى) طه / 81. وقال صلى الله عليه وسلم: (أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)[35]، أما النهي عن أكل الحرام فقد ورد الكثير من النصوص التي تحذر من أكله، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)[36]، وفي رواية (لا يدخل الجنة لحمٌ نبت من سحت)[37]، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن رواحه ليَخرُصَ بينه وبين يهود قال: فجمعوا له حُلّيا من حُلّي نسائهم، فقالوا هذا لك، وخفف عنا وتجاوز في القَسم قال ابن رواحه: يا معشر يهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما الذي عرضتم من الرشوة، فإنها سحت،لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض[38] "هذا التوجيه الإيماني الاقتصادي للأبناء منذ طفولتهم تتكون شخصيتهم الإسلامية ذات السلوك الاقتصادي القويم له أثره في إيجاد وتكوين أسرة مسلمة تبنى على أسس تربوية إسلامية تعزز لديها القيم الاقتصادية الإسلامية بطريقة عملية يحكمها مبدأ الحلال والحرام.
- غرس قيمة غنى النفس لدى النشء.
بيّنَ الله تعالى في القرآن الكريم أنّ كل إنسان يحب جمع المال واقتناؤه حبا كبيرا وشديدا فقال سبحانه وتعالى: (وتحبون المال حبا جما) الفجر / 20، وهذا الحب غريزة قائمة في النفس الإنسانية "حب التملك" ولذا يحرص الإسلام من خلال توجيهاته إلى تهذيب هذا الحرص، سَأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر يوما "أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت: "أبو ذر": نعم، وترى قلة المال هو الفقر؟ قلت: نعم. قال عليه السلام: (إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب)[39]، فانظر كيف يرتقي النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى الغنى إلى مقام أرفع مما تعارف عليه الناس، حيث إنّ غنى القلب لا يقبل المال من كل السبل بل مما أحلّه الله تعالى[40]، وقد جاء في حديث آخر ما يعزز هذه القيمة الاقتصادية الإسلامية "قيمة غنى النفس" قال عليه السلام: (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى عنى النفس)[41]، وهذه القيمة تكسب صاحبها قيمة خلقية اقتصادية أخرى عظيمة، القناعة بما قسمه الله له والرضا به، وهذا يعني أنّه لن يمد يده على أموال الآخرين ولا على ممتلكاتهم، داخل الأسرة وخارجها، وبهذا تتماسك الأسر وتتحاب وتتعاون، وتستقيم على طاعة الله ورسوله.
- مراقبة الله تعالى في الكسب.
مراقبة الله تعالى: هي دوام العبد وتيقُنه باطّلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه فاستدامتُهُ لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرةُ علمه بأن الله تعالى رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله. وهو مطلعٌ على عمله كل وقت وكل لحظةٍ، وكل نَفَسٍ وكل طرفة عين[42]، وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على وجوب المراقبة، قال تعالى: (واعلموا أنّ الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) البقرة / 235. وقوله عليه السلام: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)[43]، فمراقبة المسلم لربه سبحانه وتعالى خلق قويم من شأنه أن يُقَوِمُ سلوكه فيجعله متبِعاً للهدى لا متبعا للهوى،مستقيماً في أخلاقه ومعاملاته ومعاشراته، مراقبا لله تعالى في كسبه لرزقه، فلن يتعدى على أموال الآخرين وممتلكاتهم داخل وخارج أسرته ولن يغش ولن يسرق، ولن يأكل مالا ظلما وعدوانا، لأنه يخشى الله ويخاف عقابه إن أكل الحرام وترك الحلال،وعندها سيستقيم سلوكه على أخذ الحلال والاستغناء به عن الحرام، ولنسمع لمقولة تلك الفتاة التي تربت على هذا السلوك لأمها حينما أمرتها أن تمزج الحليب بالماء: إنّ أمير المؤمنين عمر نهى ذلك فتجيبها أمها: إنّك بموضع لا يراك فيه عمر، ولا منادي عمر، فقالت لها" أمتاه ما كنت لأطيعه في الملأ واعصيه في الخلاء"[44]. فانظر بما كافئها الله تعالى، فقد أصبحت جدة للخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، لذا فغرس هذا الخلق الإيماني في نفوس أبنائنا منذ نشأتهم ووعيهم، ستتكون الأُسر على التقوى والمراقبة لله تعالى، فتكون أسراً مسلمة عابدة لله حق العبادة أساسها البرٍ والإيمانٍ بالله تعالى، محتكمة لشرع الله تعالى في جميع شؤونها،ومن ثمّ ستوجد لنا جيلاً صالحا مؤمنا بربه وملتزماً بشرعه، يخدم دينها ودنياها، وبهذا تتطهر مجتمعاتنا من الرذائل وتحلّ مكانها الفضائل.
- تزكية النفس بالورع.
الورع: ترك ما لا بأس به؛ حذرا مما به البأس[45]، والورع هو ملاك الدين كله قال عليه السلام: (وملاك الدين الورع)[46]، وبه تضبط النفوس ويوجه السلوك نحو الفضائل، ويمنعه من الرذائل، ويولد القناعات، وبه تزكو النفوس وبه يفرق الإنسان بين الحلال والحرام، وبه تنعم حياة البشر، وأساس هذا كله قوله عليه السلام: (إن الحلال بيَن وإن الحرام بيَن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ...الحديث)[47]، فالنبي عليه السلام ينبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي أن يكون حلالا، وأرشد عليه السلام إلى معرفة الحلال وأنه ينبغي ترك المشتبهات فأنه سبب لحماية دينه وعرضه وحذر من مواقعة الشبهات[48] ولذلك حينما مرّ النبي عليه السلام بتمرة في الطريق قال: (لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)[49]، وأخذ الحسن بن علي رضي الله عنه يوما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال له النبي عليه السلام: (كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة)[50]. لذلك ينبغي أن ننمي هذا الخلق في نفوس النشء ونربهم عليه، حتى يخافوا من أكل الحرام وكسبه، ويبحثون عن كسب الحلال، فيستقيم سلوكهم على القناعة والعفة والتنزه عن الحرام ويرضون بما قسمه الله تعالى لهم، وبهذا تتكون أُسرُنا من أفراد يكونوا أعبد الناس وأغنى الناس وأشكر الناس، قال عليه السلام: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا، تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ.. الحديث)[51]، وهذا عبدالله ابن المبارك أثر من آثر ورع أبيه، الذي كان رقيقا يعمل في بستان لمولاه، وأقام به زمانا، فجاءه مولاه يوما، وقال له: يا مبارك أريد رمانا حلوا، فجاءه بواحدة، فلما كسرها وجدها حامضة، فقال له اطلب منك الحلو وتأتي بالحامض، فذهب وجاءه بأخرى، فلما كسره وجدها كذلك حامضة، فاشتد عليه، وفعل ذلك مرة ثالثة، فذاقه، فوجده أيضا حامضا، فقال له بعد ذلك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض ؟ فقال: لأني ما أكلت منه شيئا حتى أعرفه!! فقال: ولِمَ لم تأكل؟ قال: لأنك ما أذنت لي بالأكل منه فعجب صاحب البستان من ذلك، ولما تبين له صدق عبده عظم في عينه وزاد قدره عنده، وزوجه ابنته، فأنجبت عبد الله بن المبارك، الذي قال عنه الإمام النووي وعبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن: الإمام المجمع على إمامته وجلالته في كل شيء الذي تستنزل الرحمة بذكره، وترجى المغفرة بحبه[52].
- عدم الحرص على الكسب السريع وانعكاساته على الأسر.
السعي للكسب أمر مطلوب شرعا قال تعالى: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك / 15، إلا أنّ هناك أُناسا يحرصون على الكسب السريع دون النظر إلى الطريقة لأنه أصبح هو الغاية والهدف المنشود، وعليه إذا ما تأخر عنهم الرزق حملهم ذلك على طلبه بمعصية الله تعالى، فقد يسرق، يرتشي، يحتال، يُرابي، يغش، يحتكر .. الخ وكل ذلك سيؤدي إلى فساد الأسر، لأن ّ هذا السلوك يعني تنافس الأفراد على الظفر بمال ليس مالهم أصلا، يعني أنهم سيعتدون على أموال الآخرين، وربما يكون ذلك بين الأخوة أنفسهم، وبالتالي ستنشأ بينهم العداوة والبغضاء والقطيعة والتنافر، وهذا لا شك أنه يضعف الروابط بين الأسر، لذا ينبغي أن ننمي في نفوسهم منذ صغرهم خطر الحرص على الكسب السريع من غير حلٍه، وأنّ رزقهم آتيهم من غير نقص ولا حرمان، وتوجيههم إلى التأني بطلب الرزق، وذلك من خلال توجيهات القرآن والسنة، قال تعالى: (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون) المائدة /100، وقال صلى الله عليه وسلم: (فلا يستبطئنّ أحد منكم رزقه، فإنّ جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال فضله بمعصيته)[53]، ولما نزل قوله تعالى: (ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم) قال الصحابة: عن أي النعيم نسأُل وإنما هما الأسودان: التمر والماء، وسيوفنا على عواتقنا والعدو حاضر، قال: إنّ ذلك سيكون)[54] وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدم ابن آدم حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم)[55]. وقال عليه السلام: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرّم عليه الجنة، وأوجب الله له النار، قالوا: ولو كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: ولو كان قضيبا من أراك، ولو كان قضيبا من أراك، ولو كان قضيبا من أراك" قالها ثلاثا)[56]. إذاً هذه التوجيهات الإيمانية الاقتصادية تنمي عند النشء منذ الصغر: الرقابة الذاتية، والخشية من الله تعالى، والخوف من المساءلة في الآخرة.
الخاتمة
بعد هذا المنَ من الله تعالى علينا بأن وفقنا إلى كتابة هذه الورقة البحثية -التي أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت فيها إلى الصواب- نخلص إلى النتائج التالية:
- أن التربية الاقتصادية جزء مكمل للتربية الإسلامية، لا ينفكان عن بعضهما البعض.
- أن التربية الاقتصادية لها دور كبير في إصلاح الفرد والأسر والمجتمع.
- أنّ الكسب الحلال له دور في استقامة الأسر وتماسكها، وإيجاد تعاون بين أفرادها. وأما كسب الحرام دوره عكس ذلك.
- أنّ التوجيهات الاقتصادية الإسلامية تسهم في إيجاد وتكوين الأسرة المسلمة. من خلال دورها في استقامة سلوك النشء على أخذ الحلال وترك الحرام.
- التربية الاقتصادية الإسلامية تعمل على تنظيم حياة المسلم المعيشية من حيث: كسبه للمال وفق الأحكام الشرعية، فيستقيم سلوكه على طلب الحلال وترك الحرام. ونُكون أُسراً مسلمة متماسكةً خاليةً من كل ما من شأنه أن يفككها.
- أنّ التربية الاقتصادية الإسلامية في ظل الظروف الحالية حماية للأسر من انحراف أبنائها نحو اقتراف الجرائم المالية.
التوصيات
أما التوصيات فيمكن إجمالها فيما يلي:
- أنّ تولي الأسرة اهتمامها بتربية أبنائها تربية اقتصادية، وخاصة في كل ما يتعلق بالحلال والحرام، كاهتمامها بمفردات التربية الإسلامية العامة.
- أن تتبنى المؤسسات التعليمية: مدارس، معاهد، جامعات، وضع مقررات تشتمل مفرداتها على أسس وقواعد التربية الاقتصادية الإسلامية.
- أن تتبنى وسائل الإعلام بكل أنواعها خطة إعلامية تعنى بالثقافة الاقتصادية الإسلامية.
والحمد لله رب العالمين
الهوامش
[1] - البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح، دار طوق، ط1، 1422هــ، ج3، ص109.