معالم في طريق تحويل المصارف من النظام التقليدي إلى النظام الإسلامي
الكفايات والمبررات والتحديات (*)
المفتي الدكتور "محمد علي" يوسف يونس الهواملة
الملخص
يهدف هذا البحث إلى تقديم رؤية واضحة ومعالم إرشادية للمصارف التقليدية للتحويل إلى النظام الإسلامي، وتتمثل هذه المعالم فيما يأتي:
بيان مفهوم المصرف التقليدي والمصرف الإسلامي، وذكر بعض كفايات وشبه التعامل مع المصارف التقليدية مع الجواب عليها، والتي يتخذها البعض كأسباب ومبررات للتعامل معها، إلا أنها لا ترقى لإضفاء الصبغة الشرعية عليها، كما ذكر البحث أهم المحددات التي يحُكم من خلالها على المصرف بأنه يتبع نظام إسلامي، وعقد مقارنة بين المصرف التقليدي والمصرف الإسلامي.
بيان أهم مبررات وفوائد التحويل إلى الأنظمة الإسلامية، مع ذكر أهم التحديات التي تحول دون التحويل، وبيان واقع هذه التحديات عند التطبيق الفعلي للتحويل.
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده؛ حتى أتاه اليقين، اللهم صل عليه صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا كريم، عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون، وبعد؛
فالإنسان – ذلك المخلوق المدني– لا يستطيع العيش في معزل عن بني جلدته، إذ لا بد له من الاعتماد على غيره، فهو محتاج لغيره، وغيره محتاج إليه، وفي ذلك مدعاة إلى الخلطة فيما بينهم، وقد نظم الإسلام الأحكام المتعلقة بهذا الجانب في باب المعاملات وغيرها.
ومن صور المعاملات التي نظمها الإسلام تلك التي تتعلق بالجوانب الاقتصادية وطرق تنمية المال والمحافظة عليه، فقد اهتم الإسلام بهذا الجانب اهتماما بالغا، وجعله أحد المقاصد الشرعية الخمسة، ولا يتسع المقام لبسط القول في العناية الدقيقة والمنهجية المحكمة، التي اتبعها شرعنا الحنيف في بيان ما يتعلق بالمال من جوانب الكسب والإنفاق.
ومن المسائل الاقتصادية التي يروق بحثها ويستعذب نسجها، مسألة " تحويل المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية " وستقوم الدراسة بتقديم نموذج متكامل ورؤية واضحة وشاملة لعملية التحويل بكافة مراحلها، مع ذكر أهم التحديات التي تواجه عملية التحويل، وبيان موقع هذه التحديات من التطبيق الفعلي لعملية التحويل.
وإني لأرجو الله تعالى أن يكون هذا البحث مرجعا مهما ومفيدا، يقدم خدمة للاقتصاد الإسلامي، ولعل في هذا استجابة لأمر الله تعالى، بطلب العلم وتعليمه، وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم؛ فلست أطلب العلم إلا له سبحانه وتعالى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.
أسباب اختيار الموضوع:
- أهمية هذا الموضوع وحيويته ودخوله في كثير من التطبيقات المعاصرة.
- إعطاء فكرة واضحة وتصور شمولي لعملية تحويل المصارف التقليدية إلى المصارف الإسلامية.
أهميتها الدراسة:
تبرز أهمية الدراسة في أنها تقدم خطة إرشادية لعملية تحويل المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية تتبع أسس الاقتصاد الإسلامي، عن طريق بيان ما يتعلق بعملية التحويل من مراحل، وعقد مقارنات بين المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية، وكيف يكون حال المصارف بعد تحويلها، مع ذكر أهم التحديات التي تواجه عملية التحويل، وبيان الواقع الفعلي لهذه التحديات.
خطة البحث:
اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تكون خمسة مطالب وفق الترتيب الآتي:
المطلب الأول: تمهيدي ويشمل تعريف لمفهوم المصرف التقليدي، ومفهوم المصرف الإسلامي.
المطلب الثاني: كفايات المصرف التقليدي وأثرها في التحويل إلى مصرف إسلامي.
المطلب الثالث: محددات المصرف الإسلامي.
المطلب الرابع: مبررات تحويل المصرف التقليدي إلى مصرف إسلامي.
المطلب الخامس: أهم تحديات تحويل المصرف التقليدي إلى مصرف إسلامي.
وفي نهاية البحث ذكرت النتائج التي توصلت إليها.. ثم قائمة للمراجع التي رجعت إليها أثناء البحث.
المطلب الأول
تمهيدي ويشمل تعريف لمفهوم المصرف التقليدي، ومفهوم المصرف الإسلامي
يشير الباحثون المعاصرون في تطوير الأعمال المصرفية والتأريخ لها إلى أن البداية الحديثة لتطوير الأعمال المصرفية كانت مع بداية ازدهار التجارة في مدن شمال ايطاليا، التي اشتهرت من بينها مدن ميلان وجنوه ولمباريا، وإن تفوقت في الشهرة عليها جميعا مدينتا البندقية وفلورنسا، كما أنهم يشيرون إلى أن أول بنك يمكن أن يحمل هذا الاسم كان في مدينة البندقية، وقد تأسس عام ا157م، وترجع نشأة الأعمال المصرفية الحديثة إلى الصيارفة اللمبارديين الذين كانوا يجلسون وراء مكاتبهم الخشبية التي تعرف باسم بانكو(banko) حيث أصبح هذا الاسم ملاصقا لكل عنوان مصرفي في هذا العصر، ثم تطورت الصناعة المصرفة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه هذه الأيام، مع وجود فترة منسية عمدا في تاريخ الصيرفة([1]).
ويشير الباحثون أيضا إلى أن فترة الصيرفة المنسية عمدا في التأريخ، هي نفسها فترة الحضارة الإسلامية الزاهرة، التي ورث فيها المسلمون نماذج التعامل المصرفي، التي كانت سائدة في البلاد التي فتحوها – وفيها أجزاء من الإمبراطورية الرومانية – لكنهم انتقلوا بها نقلة نوعية كبيرة من خلال عدة قرون، وصل فيها الفن المصرفي على أيديهم إلى مستوى المهنة المتكاملة الأبعاد من حيث:
- النظام التشريعي المحكم الذي يتضمن القواعد والأحكام والعقود الشرعية التي تضبط التعامل.
- نظام قضائي قوي يقوم على ضمان تطبيق الأحكام الشرعية.
- صيارفة معترف بهم من الدولة يحترفون العمل – الصيرفة - كمهنة، ويتدربون عليها قبل الممارسة ([2]). وعلى هذا فإن كلمة (بنك، Bank)، مشتقة من كلمة (Banko) الايطالية ([3])، والتي تدل على منشأة هدفها الرئيسي قبول الودائع ومنح القروض والقيام ببعض الخدمات([4]).
مفهوم المصرف التقليدي.
إن كلمة (بنك Bank ) يقابلها في اللغة العربية كلمة (مَصْرِف) وهي مأخوذة من الصرف، والصرف هو بيع النقد بالنقد([5])، و يدلان على منشأة، جل معاملاتها الاتجار بالديون، حيث تتعامل بالنقود على أنها سلعة، فتقوم بالاقتراض من المدخرين مقابل الالتزام بدفع أصل المبلغ وفائدته، ثم إقراض المستثمرين مقابل التزامهم بإعادة الأموال وفوائدها في أجل محدد، مقابل ضمانات تتناسب وطبيعة كل قرض([6]).
تعريف ( المصرف ) البنك التقليدي:
هو مؤسسة مالية، وظيفتها الرئيسة تجميع الأموال من أصحابها في شكل ودائع جارية وقروض بفائدة محددة ابتداء، ثم إعادة إقراضها لمن يطلبها بفائدة أكبر، ويربح البنك الفرق بين الفائدتين، كما يقدم الخدمات المصرفية المرتبطة بعمليتي الإقراض والاقتراض([7]).
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعمال تبقى قاصرة على البنك التقليدي، ولا تنسحب إلى المصرف الإسلامي بمفهومه الدقيق القائم على التعامل بما تبيحه الشريعة الإسلامية المباركة.
مفهوم المصرف الإسلامي.
يقوم المصرف الإسلامي بما يقوم به المصرف التقليدي من سد حاجات العملاء من تقديم قروض وتمويل لشراء البيوت والسيارات وغيرها من الأنشطة المالية الخدمية، ولكن هذه العمليات والخدمات تتم بصورة متوافقة مع قواعد الشريعة الإسلامية، الرامية إلى تحريم الربا والغرر وغيره من الأمور المفسدة للعقد والمعاملات.
وعلى هذا فلا تشابه بين المصرفين التقليدي والإسلامي إلا بالقدر الذي تدل عليه كلمة (مصرف أو بنك ) من تقديم خدمة المعاملات المالية، مع اختلاف في الجوهر بينهما.
فالمصرف الإسلامي: هو مؤسسة مالية تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها الاستثمارية والخدمية من خلال دورها كوسيط مالي بين المدخرين والمستثمرين، وتقديم الخدمات المصرفية في إطار العقود الشرعية([8]).
مفهوم تحول المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية:
التحول في اللغة يعني: التنقل من موضع إلى موضع آخر([9]).
والتحول في الاصطلاح: هو الانتقال من حال إلى حال، والانتقال: يقال تحول عن مكانه إذا انتقل عنه إلى غيره ([10])، وقيل هو: الانتقال من وضع فاسد شرعا إلى وضع صالح شرعا ([11]).
وعلى هذا فالمقصود من تحول المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية هو: ترك المصرف التقليدي العمل بالمعاملات المحرمة، والانتقال إلى العمل بالمعاملات التي تبيحها الشريعة الإسلامية.
ومما لا شك فيه أن تحول البنك التقليدي إلى العمل بما يوافق الشريعة الإسلامية، ليس ظرفا استثنائيا مخيرا فيه، يلجأ إليه في حال العجز أو الكساد، فالشريعة الإسلامية لم تأمر أصلا بالمعاملات المحرمة ابتداء ولا انتهاء، بل أمرت بالعدل والمباح من المعاملات والعقود، فهذا هو الأصل العام المقرر، وهذا الأصل واجب العمل، ولا يصار إلى غيره، بمعنى أن الشارع لم يجعل للمصرف حرية الاختيار في التعامل، فيلجأ إلى الأنظمة التقليدية متى شاء ثم يعمد إلى الإسلامية في الظرف الذي يراه مناسبا له، وسيأتي توجيه ذلك إن شاء الله.
المطلب الثاني
كفايات المصرف التقليدي وأثرها في التحويل إلى مصرف إسلامي
الكفايات جمع كفاية، وهي: ما يلزم بالضَّبط على قدر الحاجة، إلى حدّ يفي بالغرض ويُغني عن غيره([12])، ويشيع في الفقه الإسلامي استعمال كلمة " كفاية " جنبا إلى جنب مع كلمة " فرض "، فيقال: "فرض كفاية " أو " سنة كفائية "، ففرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين([13]).
إن ما أود بيانه حقيقة من إيراد هذا المطلب، هو أن المصرف التقليدي يقوم ببعض الخدمات والمنتجات التي لا تتعارض مع الأحكام العامة لأسس الاقتصاد الإسلامي، ولكن تعامله بها لا يكفي لإضفاء الشرعية على كافة المعاملات التي يقوم بها، ولا يمكن القول بأنه مصرف إسلامي.
ومن المعاملات المشروعة التي تقوم بها البنوك التقليدية ما يأتي([14]):
- تحويل النقود من مكان إلى آخر مقابل مبلغ من المال كأجرة عن هذا التحويل.
- إصدار شيكات السفر التي ينقلها المسافرون معهم لسهولة تداولها وخفة حملها.
- تسهيل التعامل مع الدول الأخرى، إذ يوفر على التجار كثيرا من العناء؛ لأنه ينوب عنهم في استلام وثائق شحن البضاعة، وتسليم الثمن لأصحاب البضائع.
- بيع وشراء العملات.
وقد يضاف إلى هذه عدد من الشُبَه ([15]) التي يرى البعض أن فيها الكفاية لبقاء المصرف على ما هو عليه، ومن هذه الشبه ما يأتي:
- إن المصرف يقوم بمساعدة الناس عن طريق تقديم الهدايا والجوائز.
- إن المصرف التقليدي والمصرف الإسلامي كلاهما يأخذ فائدة في تعامله مع العملاء.
- في المصرف التقليدي موظفون مسلمون يؤدون عباداتهم على أكمل وجه.
- وجود فتاوى تبيح فوائد المصارف التقليدية.
وغير ذلك من الشبهات والمبررات، غير أني لا أود الإطالة في هذا الجانب، وفيما يأتي رد على هذه الشبهات:
- إن الهدف من الهدايا والجوائز التي يقدمها المصرف التقليدي هو جلب العملاء للتعامل معه، وليس من أجل الرغبة في المساعدة، كما أنها غالبا تكون للعملاء مقابل ما يقدمونه للمصرف من قروض، وبالتالي فهي تدخل ضمن النفع المحرم المترتب على القروض.
- إن ما يأخذه المصرف التقليدي يسمى ربا، وإن تم تغيير اسمه إلى فائدة، وهي متحصلة من التعامل بالنقد، أما المصرف الإسلامي فيأخذ الأرباح أو الأجرة مقابل ما يقوم به، وشتان ما بين المصرفين.
- إن عمل الموظف المسلم في المصرف التقليدي الربوي ليس دليلا على مشروعية المصرف، فالمرجع في هذا يكون للكتاب والسنة، وما يقرره الفقهاء العاملون، والواجب على هؤلاء الموظفين أن يتقوا الله تعالى، وينتقلوا إلى المعاملات التي تبيحها الشريعة.
- أما إباحة الفوائد الربوية، فهذا قول رد عليه الفقهاء بما فيه الكفاية([16])، وإن المتصفح لثنايا هذا البحث يجد غنى عن إعادة الجواب هنا.
تبين مما سبق أن الادعاءات السابقة بمجملها لن تكسبها صفة الكفاية، التي توصل المصرف التقليدي إلى مصاف المصارف الإسلامي! وإذا نظرنا إلى الكفاية من وجه آخر، فوجود الربا في معاملاته – بغض النظر عن غيره من المعاملات الأخرى المحرمة – يكفي لإضفاء صفة الكفاية غير المشروعة لهذا المصرف التقليدي.
علة فساد المصرف التقليدي.
إن المصرف التقليدي وإن كان فيه ثمة ما يبيحه الإسلام ويطلبه من المعاملات، إلا أنه يبقى حاله كحال الخمر والميسر، الذي قال الله تعالى عنه (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) البقرة: 219.
هذه هي الحقيقة ! فهي مصارف تربوا مضارها على نفعها، وليس أبلغ ما يدعوا إلى الانتهاء منها، والمسارعة في تغييرها من " تعاملها بالربا " فالمصارف التقليدية بنت الربا وأمه([17])، ووجود الربا - ذلك السرطان الشيطاني المدمر- يعد مخالفة جذرية لنظرية الإسلام فيما يجب أن يكون عليه القرض، والتي تعد بالطبع أحد أركان التعامل في مجتمع إسلامي، وكيف أن هذه المخالفة أدت إلى تخبط العالم الثالث في شبكة الديون تخبط الصيد في شبكة الصائد، بحيث فقدت حريتها وكرامتها([18])
إن النظام التقليدي للمصارف لا يحتاج إلى خبير كي يسبر غوره ويحقق مناطه للحكم عليه، فهو ظاهر للعيان، ومخالف للنظرية الاقتصادية الإسلامية، فالاقتصاد الإسلامي جزء من الإيمان الإسلامي، والاقتصاد الربوي جزء من الإيمان بالذات، والاقتصاد الإسلامي ملتزم بالقيم والتوجيهات الإسلامية، أما الالتزام الوحيد للاقتصاد الربوي هو نحو الفرص التي يقتنصها والحاجات التي يستغلها، كما أن في الاقتصاد الإسلامي يقترن الربح بالعمل، أما في النظام الربوي فالعمل فيه معدوم([19]).
إن العالم كله يسير بسرعة متزايدة نحو كارثة اقتصادية بلا حدود، وإن تلك الكارثة لا ترجع إلى أن موارد الخير والرزق في الأرض قد قلت فلم تعد تكفي، بل الحقيقة هي أن موارد الرزق والغذاء – للإنسان والحيوان – قد ازدادت خلال السنوات القليلة الماضية بصورة تخطت كل التوقعات، وإن إنتاج العالم من الغذاء يبلغ اليوم أضعاف حاجة البشر جميعا، فليس هذا هو السبب، بل إن السبب الرئيس هو أن النظام الاقتصادي العالمي دخل من أوائل القرن التاسع عشر شيئا فشيئا في دائرة الربا، حتى أشرف العالم نحو الكارثة([20]).
إن المصارف التقليدية تقوم بعمليات كثيرة محرمة، وهي معروفة شائعة في كتب الاقتصاد المختلفة، وقد لا يتسع المقام لسردها علاوة على ذكر المفاسد المترتبة عليها، إلا أن الربا هو العلامة الفارقة والسمة الظاهرة للمصارف التقليدية، وهو السبب الرئيس في فسادها، نظرا لما يترتب عليه من شرور ومفاسد تعود على العالم أجمع، وهو الذي اختص الله تعالى آكله بالمحاربة في حال التمادي وعدم التوبة منه.
مقارنة بين المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية:
إن المصرفين – الاسلامي والتقليدي- وإن كان بينهما شبه في تقديم بعض الخدمات مباحة كما تقدم، إلا أن بينهما اختلافات كثيرة، وفيما يأتي أهم وجوه الاختلاف بينهما:
إن الفارق الرئيس بين المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية، هو أن المصارف الإسلامية تقوم على المبادئ التي تقرها الشريعة الإسلامية، وهي: التعامل بالحلال من المعاملات، فلا تتعامل بالربا، كما تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، فجميع معاملات المصارف الإسلامية موافقة للشريعة الإسلامية فيما أحل الله وحرم، فالمرجعية هي أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ولديها هيئة رقابة شرعية تتحقق من ذلك بشكل دوري.
أما المصارف التقليدية، فتقوم على أساس مادي فقط، وتعتمد بشكل أساسي - في جني الربح - على إيداع وإقراض الأموال، حيث تقوم بفرض نسبة فائدة على المقترض فترة اقتراضه، فلا تتحمل أية مخاطر فيما يتعلق بالربح والخسارة ([21]) وهي بالعموم لا تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية وإنما تحكم القوانين الوضعية والأعراف المالية والاستثمارية التي في غالبها تكون مخالفة للشريعة الإسلامية , ويطبقون المبدأ الميكيافيللي: "الغاية تبرر الوسيلة"، وعليه فإنها تتعامل بالربا إذا كان ذلك يحقق لها أرباحاً مادية ويعظم من ثروتها([22]).
ومن الفوارق أيضا، أن الفوائد الربوية التي يفرضها المصرف التقليدي ليست ثابتة بل تزيد كلما تأخر العميل في الدفع، فتنظر إلى مبلغ الدين على أنه يزيد عند تأخر المدين عن السداد وفقا لما كان سائدا في الجاهلية:" أتقضي أم تربي"، بينما أرباح البنوك الإسلامية ثابتة ومعروفة والمشتري يعلم عند العقد مقدار الربح الذي سيأخذه البنك، فلو تأخر عن السداد فليس له أن يزيد عليه في الربح، لأن عقد الشراء الشرعي لا يجيز له ذلك بعد العقد، فتلتزم بمبدأ الزيادة على مبلغ الدين، فهو مبلغ ثابت لا يجوز زيادته مقابل الأجل، وعند عجز المدين عن السداد تعطى له ميسرة لقول الله تبارك وتعالى: "وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ" (البقرة:280)، وإذا ثبت أن المدين مماطلاً فيوقع عليه العقوبة بمقدار الضرر الذي أصاب الدائن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني (الواجد) ظلم يحل عرضه وعقوبته"([23]).
من حيث طريقة تكوين المخصصات:
تُكوّن المصارف التقليدية مخصصات أهمها، مخصص الديون المشكوك في تحصيلها، أما المصارف الإسلامية فتُكوّن مخصصات مخاطر عمليات الاستثمار التي توظف فيها مواردها مع فرق جوهري بينهما، وهو أن البنوك التقليدية تكوّن المخصصات اقتطاعا من إيرادات البنك وصولا إلى صافي الأرباح القابلة للتوزيع على أصحاب رأس المال، بينما المخصصات في البنوك الإسلامية يرتبط تكوينها بتوظيف أموال المودعين في استثمارات مختلفة، وما يتحقق عن هذا التوظيف من أرباح يتم توزيعها على أصحاب الأموال المستثمرة فيها (المودعون بالإضافة إلى المساهمين في رأس مال البنك) أي بالاقتطاع من الأرباح العامة بعد تحققها ([24]).
من حيث النظرة الاجتماعية والأخلاقية:
تلتزم المصارف الإسلامية بالقيم الإيمانية، ومنها أن المال الذي تتعامل فيه ملكاً لله سبحانه وتعالى، وعليه وجوب الالتزام بشرعه، فالإنسان مستخلف في هذا المال، كما أنها تلتزم بالقيم الأخلاقية والتي منها:العدل والأمانة والصدق والتيسير والقناعة والشفافية والوفاء بالعقود والعهود والسلوك السوي باعتبار أن الالتزام بهذه الأخلاق عبادة وطاعة.
كما يقوم المصرف الإسلامي على أساس اجتماعي، فمن أهم مقاصده الأساسية المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية، وهذا مشاهد وملموس في الخدمات الاجتماعية التي يقدمها للناس، والتي منها القروض الحسنة، والسُلَف الاجتماعية، وصرف، كما تخصص بعض المصارف الإسلامية جزءا من الأموال لاستثمارها في مشروعات ذات نفع اجتماعي([25]).
في حين أن معاملات البنوك التقليدية قائمة على المادية والفصل بين العبادات والمعاملات وبين الاقتصاد والأخلاق، فالغاية هي تكثير الثروة وتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، وإن كان مخالفاً للقيم ومصالح الناس ([26]).
من حيث الجهة التي ستتحمل المخاطر:
يقوم البنك التقليدي بحشد المدخرات بجميع أنواعها، نظرا لموقعه كوسيط مالي بين أصحاب الودائع والمقترضين، بحيث يضمن لصاحب الوديعة قيمة الوديعة مع فائدة محددة، ويتحمل رأس المال الخسائر التي تقع على المصرف، أما المودع فلا يتحمل أية خسارة.
أما المصارف الإسلامية، فإن العلاقة بينها وبين أصحاب الحسابات الاستثمارية تأخذ شكل عقود المضاربة، والتي بموجبها يتحمل أصحاب الحسابات الاستثمارية الخسارة في حالة حدوثها شريطة أن لا يكون هناك تعدي أو تقصير من البنك.([27]).
المطلب الثالث
محددات المصرف الإسلامي
من الأمور المهمة المساندة للعمل المصرفي الإسلامي، هي أن موظف المصرف عليه أن يتذكر جيدا أنه صاحب رسالة نبيلة وأنه مخلوق للعبادة قبل أن يكون موظف، وهو مطالب بالتحلي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومتحليا بالقيم الايجابية مع استقامة في السلوك والأخلاق، لوظيفته خاصة وللمسلمين عامة، وعليه أن يتحمل الناس ويصبر على أذاهم، ويقوم بواجبه تجاه الدعوة إلى الله تعالى، فالناس يتأثرون بالأخلاق، فإن كانت حسنة تأثر الناس بها إيجابا، وأصبح هذا المصرف مطلبا ومقصدا للناس؛ يتناقلون إخباره من حسن معاملة وصدق في الموعد وسرعة في الانجاز وبشاشة في الوجه، وعندها يكون هذا المصرف قدوة لغيره من المصارف، للسير على نهجه، وبهذا تتكامل صورة الإسلام فيه، وإن كانت الأخلاق غير ذلك؛ فيصبح هذا المصرف منفرا، ومدعاة للتخلي عنه والبحث عن غيره، فهذه لفتة قيمة ينبغي التفطن لها، ومراعاتها عند التعامل.
وعند توجيه سؤال لكثير من العملاء عن تصوره عن المصرف الإسلامي وكيف يحب أن يراه ؟ فكان من جملة تصورهم: أن المصرف الإسلامي يعني أن يتعامل بالحلال من المعاملات، إضافة إلى أن الموظف يطبق الإسلام على نفسه، فإذا ما رايته تذكرت المسلم الناصح المتحلي بالفضائل، المبتعد عن الشبهات، يصلي الصلاة على وقتها، لين بالكلام، صدق في المواعيد، لطف بالتعامل، غير مدخن..، وعند سؤالهم: فيما إذا اختلت صفة من هذه الصفات؟ كان الجواب: تختل صورة المصرف كاملة، وعندها أحكم أنه لا يختلف عن المصرف التقليدي شيء، فأذهب إلى غيره.. لذا أيها الموظف الحصيف، عليك بخاصة نفسك ومن استطعت، فأنت على ثغرة خطيرة فراعها واحفظها !
وفي ختام هذا التمهيد، ينبغي الإشارة إلى أن هذا من باب التكاملية في العمل المصرفي الإسلامي، ولا يعني هذا الانتقاص من شأنها فهي على خير وبركة، ولكن هي إشارات ولفتات، يحسن التحلي بها، حيث أن البنك قائم على خدمته للعملاء، فإذا لم يحصل على ثقتهم فسوف تكون النتيجة غير مرضية، أمامهم وأمام الله تعالى.
ركائز المصرف اللاربوي الإسلامي:
يقوم المصرف اللاربوي الإسلامي على عدة ركائز مهمة، تهدف إلى تحقيق المصالح المعتبرة شرعا المتمثلة باتباع الدين وحفظ النفس والعقل والنسل والمال، فتعمل على إدخال التصور الإسلامي على النظام المصرفي العالمي للتصرف بالمال، ومن جملة هذه الركائز ما يأتي([28]):
- توظيف الأموال في المشاريع الاستثمارية التي تساعد على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الوطن الإسلامي، بما يتوافق مع الشرعية الإسلامية وبعيدا عن شبهة الربا.
- توزيع العوائد والمخاطر يتم بين أرباب المال والقائمين على إدارته وتوظيفه.
- للمُحتاجين حق في أموال القادرين عن طريق فريضة الزكاة.
- الرقابة الشرعية هي أساس المراجعة والرقابة في عمل المصارف الإسلامية.
- عدم الفصل بين الجانب المادي والجانبين الروحي والأخلاقي.
- التدقيق والتطوير لأنظمة تسيير المصرف.
- التحكم في القيم ووضع أدوات التحليل للمردودية.
الفلسفة التي تقوم عليها المصارف الإسلامية([29]).
تتمثل الفلسفة التي تقوم عليها المصارف الإسلامية بما يأتي:
- إن النظام المصرفي الإسلامي جزء من النظام الاقتصادي الإسلامي، ويمثل أحد أجهزته الهامة.
- إن النظام الاقتصادي الإسلامي – التطبيق العملي الصحيح لفقه المعاملات – يمثل جزءا من الإسلام بشموله للعبادات والمعاملات والأخلاق وهو كل لا يتجزأ.
- إن التطبيق والالتزام بالمنهج التشريعي الصحيح يقوم على تجنب النواهي باعتبارها مخالفة للمنهج مثل (الربا، الغرر، الغش، الكذب، الخيانة، النجش، الاحتكار، الإسراف والتبذير،الجهالة..) ويقوم كذلك على الالتزام بالأوامر باعتبارها أسس للمنهج الإسلامي فتشمل ( الوفاء بالعقود، أداء الزكاة، العمل بنية إعمار الأرض ابتغاء وجه الله تعالى.
- مبدأ الغنم بالغرم، أي المُشاركة بالربح والخسارة.
- مبدأ أن النقود لا تنمو إلاّ بفعل استثمارها، وأن الاستثمار يكون مُعرضاً للمخاطر، وفي ضوء ذلك فإن نتيجة الاستثمار قد تكون ربحاً أو خسارة.
- التعامل بصيغ التمويل الإسلامية من مُشاركة، مُضاربة، مُرابحة، بيع السلم، وغيرها من صيغ التمويل.
- توجيه المدخرات إلى المجالات التي تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- ربط أهداف التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية وأن للمصرف الإسلامي دور في تحقيق هذه التنمية.
بناءاً على هذا فإن أساس عمل المصرف الإسلامي يقوم على عدم التعامل بالفائدة (الربا) أخذاً وإعطاءً، كما يلتزم في نواحي نشاطه ومعاملاته المختلفة بقواعد الشريعة الإسلامية، وبالتالي يلتزم بعدم الاستثمار أو تمويل أية أنشطة مخالفة للشريعة، وبتوجيه ما لديه من موارد مالية إلى أفضل استخدامات ممكنة بما يحقق مصلحة المجتمع، هذا بالإضافة إلى قيام المصرف الإسلامي بممارسة الأعمال الاستثمارية والتجارية مُباشرةً على عكس ما هو مسموح للمصارف التقليدية القيام به، حيث يُحذر عليها غالباً مُمارسة الأعمال التجارية([30]).
المطلب الرابع
مبررات تحويل المصرف التقليدي إلى مصرف إسلامي
يعد الربا كبيرة من كبائر الإثم الواجب تركها والانتهاء منها، ويعد تقنينه والتعامل به – كما هو مشاهد في البنوك التقليدية – من باب المجاهرة بالمعصية، وهو تحايل واستهزاء لما عُلم من الدين بالضرورة، حيث يُعمد إلى تغيير اسمه من الربا إلى الفوائد.
كما أن الربا سبب رئيس في تدمير المجتمعات، حيث يتركز المال في أيدي فئة قليلة من الناس؛ مما يثير الشحناء في قلوب الفقراء فيحصل ما لا تُحمد عقباه، كما أن الربا يوجب غضب الله تعالى ومحاربته لمتعاطيه.
وإذا كان الأمر كذلك، فأي منفعة فيه، وأي خير يرجى منه!؟، بل هو شر كله في الحال والمآل، الذي يأخذ الربا واقع في ذنب عظيم، همه كيف يزيد ثروته، ويشبع نهمته، والذي يعطي الربا في قلق عميم، همه كيف يخلص مما هو فيه من الفوائد المركبة، فالكل شارد الذهن، لا يقوم بواجباته كما طُلب، ولا بعباداته كما يجب.
إن الانتهاء من الربا لا يختص بالمسلمين، بل ينبغي أن تتخلى عنه جميع المجتمعات، فتحاربه كما تحارب الأفيون والمخدرات؛ وذلك لعظيم خطره وشره، كما أن في ترك الربا خير يعود على المسلمين وغيرهم، فبترك المسلم للربا تحسن عبادته، ويتخلص من الآثام، وغير المسلم أيضا تحسن عبادته، فعند تطبيقهم للمعاملات الإسلامية العادلة يحفظون أموالهم ويرون محاسن الإسلام؛ فيخرجون مما هم فيه في الظلمة إلى سعة الدنيا والآخرة.
بالإضافة إلى هذا فهناك عدة مبررات للتحويل إلى الأنظمة الإسلامية، ومن هذه المبررات ما يأتي:
مبررات شرعية([31]):
أولاً: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) البقرة: 278-279.
قال ابن كثير: "يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه، ناهيا لهم عما يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه، فقال: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله " أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون، " وذروا ما بقي من الربا " أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال، بعد هذا الإنذار " إن كنتم مؤمنين " أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك([32]).
ثانياً: عموم النصوص التي تدل على وجوب الانصياع لأمر الله تعالى، والتحذير من مخالفته، والتي منها:
- قال الله تعالى: ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة: 231.
- ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب: 36.
- قال الله تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء: 65.
قال ابن كثير: " فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد هنا، ولا رأي ولا قول"([33]).
ويقول محمد رشيد رضا: " لا شك أن الذي يخالف أمر الله وينقض هذه العهود بعد توثيقها طلبا لشهوة من شهواته، أو استمساكا بعادة من عاداته، فهو جدير بأن يعد مستهزئا بآيات الله غير مذعن لها"([34]).
مبررات اجتماعية([35]):
إن العمل في المصارف التقليدية يعتبر سبب رئيس ومباشر في تفكك الأسر، وظهور الأمراض النفسية، ففي جانب التفكك الأسري، تجد الموظف يعاني من تصرفات تقوده إلى العزلة والانطوائية وعدم مشاركة الآخرين إلى غير ذلك من الأمراض النفسية الخطيرة والفتاكة التي قد تقوده إلى الجريمة، ومن مظاهر التفكك الأسري داخل أسرة الموظف: طلب الزوجة الطلاق لرغبتها في الانفصال عن زوجها لقناعتها أن دخله حرام، كذلك ظهور حالات تمرد عدد من الأبناء الذين رأوا أن أباهم عاصيا لله تعالى؛ وبالتالي لا يستحق الطاعة، ومنها عدم رضا الوالدين عن ولدهما الموظف وبالتالي عدم استقباله وقبول هديته.
ومنها أيضا، تحرج كثير من الأصدقاء زيارة صديقهم الموظف؛ لأنه – كما يرون – سيقدم لهم ضيافة أصلها مال حرام.. إلى غير ذلك.
وفي جانب الأمراض النفسية، فإن هذه التصرفات تجعل من الموظف معول هدم، فينظر للناس نظرة سخط، ويقابلهم بالسوء، مما يؤدي إلى نخر النسيج الاجتماعي للمجتمع، نظرا لتعدد الحالات المشابهة.
مبررات اقتصادية:
يمكن إجمال المبررات الاقتصادية بما يأتي:
- تحقيق العدالة في توزيع الدخل والثروة ([36]).
ويمكن تحقيق ذلك عن طريق مشاركة المصرف للمضاربين بنتيجة المشروع من ربح وخسارة، بخلاف الوضع السائد في ظل نظام الفائدة، والذي يقوم على أن الدائن المرابي يربح دائما في كل عملية، بينما المدين معرض للربح والخسارة، وهذا ظلم فادح في توزيع الدخل والثروة، فالمصرف لا علاقة له بنتيجة المشروع، ولا احتمال لتحمله الخسارة أبدا، فيبقى محافظا على ثرواته، بينما يتحمل المضارب الخسارة، وربما يضطر إلى بيع موجوداته الخاصة لسداد قسط الفائدة([37]).
2. الحد من البطالة([38]).
وذلك لأن تركز الأموال في أيدي فئة قليلة، كما هو الحال في الأنظمة التقليدية، سيمنع الآخرين من الاستثمار والمتاجرة بالمال لعدم توفر السيولة.
3. الحد من المضاربات المصطنعة([39]).
إن المصارف التقليدية تتعامل بمشتقات مالية تتمثل في غالبها على عقود تتوقف قيمتها على أسعار الأصول المالية محل التعاقد، ولكنها لا تقتضي أو تتطلب استثمار الأصل المالي لهذه الأصول، وكعقد بين طرفين على تبادل المدفوعات على أساس الأسعار أو العوائد، فإن أي انتقال لملكية الأصل محل التعاقد والتدفقات النقدية يصبح أمرا غير ضروري، والمشتقات المالية تمثل أحد المعاملات الوهمية التي يجري التعامل بها في سوق العقود الآجلة والمستقبلية مثل البيع على المكشوف والشراء بالهامش والخيارات وبيع وشراء المؤشر وما شابهها، فكل ذلك من قبيل القمار([40]).
ومما لا يخفى أن المتاجرة بالنقود تدخلنا في الاقتصاد الوهمي، بينما تدخل المتاجرة بالسلع في الاقتصاد الحقيقي، وهذا الأمر هو ما عبر عنه أحد الاقتصاديين الدوليين بقوله: " إن (98%) من الاقتصاد الوضعي هو اقتصاد وهمي، و إن (2%) فقط من النقود هي التي يقابلها أصول (سلع)، بينما في عمليات المصارف الإسلامية نجد أن النقود التي يتم التعامل بها يقابلها أصول من السلع والخدمات بنسبة (100%)" ([41]).
4. الحد من التضخم ( تضخم الاقتصاد المالي وانفصاله عن الاقتصاد الحقيقي).
الشائع في الأنظمة التقليدية أنه لا ارتباط بين السوق المالية والسوق الحقيقة، وهذا الانفصال بينهما أدى إلى زيادة التعامل بالأصول المالية، وفي النقود والتمويل ذاته بيعا وشراء من خلال المداينات، وترتب على ذلك أن أصبح حجم التمويل المتاح من خلال الائتمان أضعاف قيمة الاقتصاد الحقيقي؛ فأدى إلى خلل في التوازن نتج عنه ناطحات من الديون التي ركبت بعضها فوق بعض في توازن هش؛ لذا انهار البناء المالي بكامله وحدثت الأزمة المالية، أما في الاقتصاد الإسلامي فلا يُسمح بجني أرباح من خلال التيارات المالية وحدها، وإلا كان هذا ربا([42]).
5. الحد من تركيز السلطة([43]).
إن السلطة تابعة إلى حد ما للثروة، وفي ظل النظام المصرفي التقليدي تتركز الثروة في أيدي أصحاب رؤوس الأموال ([44]).
فوائد تعود بالنفع على المصارف التقليدية في حال تحولها:
من الفوائد الاقتصادية التي تعود بالنفع على المصارف التقليدية في حال تحولت إلى إسلامية هي تلك الآثار الايجابية التي عادت بالنفع على المصارف الإسلامية بعد خروجها سالمة من الأزمة الاقتصادية العاصفة التي شهدها العالم، والتي أدت إلى تدهور النظام التقليدي، ومن تلك الآثار الايجابية ما يأتي:
أولاً: أثبتت أحداث الأزمة المالية العالمية الحالية و نتائجها أن المصارف الإسلامية كانت أقل تأثراً بالأزمة من المصارف التقليدية رغم أن المصارف الإسلامية تؤدي نفس الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف التقليدية لكن بصورة شرعية، بل إنها تزيد عليها في جوانب عدة، مثل القيام بجمع الزكاة و توزيعها، و القرض الحسن، و الإنظار إلى ميسرة و غير ذلك من الخدمات المرتبطة بالجانب الإسلامي، باعتبار أن المصارف الإسلامية تقوم بأنشطتها وفقاً لمقتضيات الشريعة الإسلامية.
ويعود الفضل في حفظ المصارف التقليدية من الكارثة الاقتصادية، إلى أحكام الشريعة الإسلامية، لا إلى المصارف ذاتها، ذلك أن الشريعة الإسلامية قد ضبطت عمليات التعامل بالمال على المستوى الفردي و المستوى الجماعي، واعتبرت أن المال مال الله تعالى، وأن الإنسان مستخلَف في التصرف بهذا المال وفق مشيئة المستخلِف الذي هو الله سبحانه و تعالى، كما أنها جعلت حفظ المال جعل أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة الواجب حفظها([45]).
ثانياً: بروز ظاهرة المصارف الإسلامية واعتراف المجتمع الدولي بها، وإفساح المجال لعملها، والإشادة الدولية بها، مما دفع أصوات غربية كثيرة للمطالبة بتطبيق نظام التمويل الإسلامي للخروج من الأزمة، وكان أهمها دعوة الفاتيكان، لتبني التمويل الإسلامي ولو جزئيا كمخرج من الأزمة الاقتصادية العالمية، ودعوة مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا، وقد أدى هذا إلى إجراءات تعديلات على النظام التشريعي والقانوني للتمكين فرنسا من أن تصبح سوقا رئيسة للتمويل الإسلامي، وبات باستطاعة فرنسا استقطاب مبلغ يصل إلى 100 مليار يورو (136.9 مليار دولار ) من المؤسسات المالية الإسلامية ([46]).
ثالثاً: اكتسبت المنتجات الإسلامية مزيدا من المصداقية باعتبارها ملاذا للاستقرار خاصة مع استمرار البحث عن نظام مالي جديد لمرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية الحالية، حيث شهد قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية نموا بمعدل سنوي مقداره 15% في عام 2008م، ووصل حجمه حول العالم إلى تريليون دولار، أي ما يعادل 5 أضعاف ما كان عليه في عام 2003م، وكما أظهرت الدراسة التي أجرتها مجلة " ذي بانكر ماغزين " أن الأصول التي تملكها البنوك التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة عملياتها أو الوحدات المصرفية الإسلامية التي تعمل ضمن بنوك تقليدية ارتفعت بنسبة 28،6% لتصل إلى 822 مليار دولار في عام 2009م، مقابل 639 مليار دولار في عام 2008م، حيث بلغ النمو السنوي للأعوام 2006 – 2009م نسبة 27،86%، وتشير التوقعات إلى أن الأصول ستصل إلى 1،033 مليار دولار في عام 2010م، ويتناقض ذلك بشكل كبير مع الركود في قطاع البنوك التقليدية، حيث دلت دراسة على أن أكبر 1000 بنك في العالم والتي أجرتها المجلة نموا سنويا في الأصول لا يتجاوز6،8%([47]).
رابعا: حافظت البنوك الإسلامية على تفوقها في عام 2008م من حيث مؤشر الأمان فبلغت نسبة الدين من رأس المال 5.8 % مقارنة بـ10.3 % لبنوك التقليدية و8.5 % للبنوك التقليدية ذات النوافذ الإسلامية([48]).
خامسا: ازدياد ودائع المصارف الإسلامية عقب الأزمة متأثرة بعدة عوامل أهمها:
أ- تحول كثير من العملاء من الإيداع لدى المصارف التقليدية إلى المصارف الإسلامية، هروباً من مسألة الربا التي اتضحت أبعادها عقب الأزمة و خوفاً من إفلاس المصارف التقليدية.
ب- افتتاح كثير من المصارف الإسلامية خاصة في دول الخليج العربي و بقية دول العالم.
ج- افتتاح بعض المصارف التجارية التقليدية لفروع إسلامية مثل (سيتي غروب، و اتش اس بي سي، و دوتشيه بنك)، و البعض الآخر افتتح نوافذ إسلامية ([49]).
سادسا: النمو المستمر في المصرفية الإسلامية يقدر بنحو 15% سنويا في بعض المناطق نظرا لإنشاء مصارف إسلامية وتحول البنوك التقليدية إلى بنوك إسلامية بشكل سنوي والإقبال القوي على المصرفية سواء من المسلمين أو غيرهم كما هو في بريطانيا، فهناك خمسة بنوك إسلامية وأيضا بنك البركة جنوب أفريقيا وبنك البوسنة، وأما أوروبا وأميركا فهي ممثلة في شركات استثمارية إسلامية([50]).
سابعا: تزايد الاهتمام العلمي بتدريس الاقتصاد الإسلامي، فقد أعلنت كثير من الجامعات عن تأسيس أقسام لتدريس الاقتصاد الإسلامي، بل إن بعض الجامعات قد أنشأت كليات لتخريج طلاب متخصصين في الاقتصاد الإسلامي، بما في ذلك تخصص المصارف الإسلامية، و لا شك أن إنشاء التخصصات العلمية في الجامعات، و إنشاء المصارف الإسلامية سيكمل حلقة تطوير الاقتصاد الإسلامي و سيظهر الوجه المشرق للإسلام في المجال الاقتصادي([51]).
ثامنا: تزايد نشاط المؤتمرات و الندوات و مراكز البحوث التي تتناول الاقتصاد الإسلامي بشكل عام و العمل المصرفي الإسلامي بشكل خاص، و تظهر البيانات المنشورة انه لا يكاد يمر شهر من الأشهر الماضية إلا و فيه مؤتمر أو ندوة أو ملتقى أو ورشة عمل تبحث في العمل المصرفي الإسلامي، و هذا الأمر يعطي زخماً للاقتصاد الإسلامي لم يشهده من قبل، و الغريب في الأمر أن الاهتمام بالعمل المصرفي الإسلامي في الدول غير الإسلامية أكثر منه في الدول العربية الإسلامية، ويبدو الأمر الأكثر غرابة حين نجد أن (60%) من المصارف الإسلامية تقع في دول غير إسلامية، و الأكثر غرابة أن لندن و باريس تتنافسان لتكون أيهما مركزاً للتمويل الإسلامي في أوروبا و العالم، و قد أصدرت بريطانيا في عام 2004م نصوصاً تشريعية لتشجيع العمل المصرفي الإسلامي([52]).
المطلب الخامس
أهم تحديات تحويل المصرف التقليدي إلى مصرف إسلامي
يمكن رد التحديات التي تواجه التحول إلى ما يأتي:
- تحديات ذات صلة بالأمور الإدارية:
إن عدم وضوح الرؤيا على مستوى البنك ككل وعدم الإعلان عن خطط الإدارة العليا فيما يتعلق بإقدامها على التحول نحو العمل المصرفي الإسلامي قد يؤدى إلى غياب أو محدودية مشاركة الإدارات الأخرى في صياغة هذا التوجه,الأمر الذي يؤدى بدوره إلى بروز عدة سلبيات منها ([53]):
- تواضع القناعات الشخصية عند بعض المسؤولين بسلامة هذا التوجه المزدوج للبنك.
- ضعف الاستعداد لدى إدارات البنك الأخرى للمساعدة في تطوير بدائل إسلامية لمنتجاتها.
- إن عملية التحول يجب أن تحظى بإجماع حقيقي من الجمعية العمومية غير العادية للبنك وبأغلبية كبيرة، وأن يتم ذلك بعد عرض خطة مدروسة للتحول بكامل تفصيلاتها على الجمعية، وأن يكون التصويت على المشروع بطريق الاقتراع السري لا بطريقة رفع الأيدي([54]).
- أن مثل هذا التحول يتطلب غالباً تغيير جزئي أو كلي في أعضاء مجلس الإدارة، باعتبار أن تحقيق النجاح في هكذا مشروع لا يمكن أن يتم بنفس وجوه الإدارة القديمة، وذلك مطلب قد تُصر عليه الجمعية العمومية للبنك ([55])
2. تحديات ذات صلة بالكوادر البشرية:
ويكمن هذا التحدي في حاجة المصرف إلى إعادة تأهيل هذه الكوادر بما ينسجم مع مقتضيات التحول إلى بنك إسلامي، فبالإضافة إلى محدودية الكوادر البشرية ذات الخبرة في أدوات الخزينة وخدمات الاستثمار والتمويل،هناك محدودية الموارد المالية التي يتم تخصيصها لتدريب العاملين في البنك على طبيعة وأدوات العمل المصرفي الإسلامي، حيث أنه قد يتطلب ذلك الاستغناء عن عدد من الموظفين التقليديين واستبدالهم بعدد آخر ممن لديهم خبرة مصرفية لدى بنوك إسلامية، وذلك شرط ضروري لإقناع العملاء بجدية التحول المقترح([56]).
3. تحديات ذات صلة بالنظم والسياسات:
نظرا للاختلاف بين قواعد العمل المصرفي التقليدي وتلك الخاصة بالعمل المصرفي الإسلامي، فإن الأمر يقتضى تطوير السياسات والإجراءات والنظم الفنية والمحاسبية اللازمة والمناسبة لطبيعة العمل المصرفي الإسلامي ومنتجاته. وهو الأمر الذي لا يقل ضرورة عن غيره من الأمور، سواءً كان ذلك من الناحية الشرعية أم من ناحية تحليل البيانات وقياس الأداء ضمانا لإنجاح العمل المصرفي الإسلامي.
وتشير التجارب إلى أن تحقيق هذا العنصر ليس بالأمر السهل وإنما يتطلب الكثير من الوقت والجهد خاصة من حيث تطوير النظم والبرامج الفنية اللازمة لتشغيل الفروع، وإعداد البيانات المالية والمعلومات الإدارية. وهى عملية تزداد صعوبة في ظل نظام مصرفي ثنائي أو مزدوج ([57]).
4. تحديات ذات صلة بتطوير المنتجات المصرفية:
ويتمثل هذا التحدي في محدودية المنتجات، وإن كانت في معظمها تتبع لأدوات المصرفية التقليدية، حيث أن كثيرا من المنتجات الإسلامية ما هي إلا منتجات تقليدية معدلة لتتوافق مع الضوابط الشرعية، وهذا يجعل منها أدوات قاصرة غير قادرة على المنافسة، ما لم تصل المصرفية الإسلامية إلى مرحلة الإبداع والتحديث عن طريق ابتكار منتجات تحمل طابع الاستقلالية عن المنتجات التقليدية القائمة ([58]).
5. تحديات ذات صلة بالاحتياطات المتولدة من أنشطة محرمة:
ستواجه المصارف مشكلة التكييف القانوني لاحتياطاتها، والتي قد تفوق مقدار ما سيخسره من أنشطة التمويل الإسلامي لديه، كما أنه هذه الاحتياطات قد نشأت عن معاملات مصرفية مجمعة من السنوات السابقة، كما أنها فاسدة لا تقبل التطهير، ويجب أن يتخلص منها البنك في وضعه الجديد، وذلك التصرف يعرض البنك لهزة كبيرة ([59]).
6. تحديات ذات صلة بعلاقة البنك بغيره من المصارف الأخرى:
إن علاقة البنك بالبنوك الأخرى ستكون بحاجة إلى إعادة نظر بحيث يتم استبعاد الفوائد من الودائع المتبادلة بينهما فلا يتقاضى البنك فوائد عن ودائعه، ولا يدفع فوائد للبنوك الأخرى عن ودائعها. وقد يستلزم هذا الأمر إعادة بناء تعاملات البنك مع البنوك الأخرى بحيث يركز التعامل مع البنوك الإسلامية ويقلص تعاملاته مع البنوك غير الإسلامية إلى الحد الأدنى([60]).
7. تحديات ذات صلة بالقروض والعقود التي تمت بالطرق التقليدية:
إن قروض البنك التي تمت بالطرق التقليدية، في السنوات السابقة لعدد كبير ومتنوع من العملاء الأفراد والشركات والحكومة وفي أوقات ولآجال مختلفة، يصعب تحويلها إلى تمويل إسلامي باعتبار أنها قروض قد تمت بالفعل وهي في طور التسديد. ومكمن الصعوبة في التحويل أنه يتطلب موافقة كافة المقترضين أو معظمهم على قبول فكرة إعادة ترتيب ما تبقى من قروضهم لتصبح وفق المنهج الذي تعمل به البنوك الإسلامية. وسيتم ذلك دفترياً على الورق دون أن يتكبد العميل أية رسوم جديدة، وهذا يتطلب أن البنك سيعرض على كل عميل أن يدخل معه في ترتيبات تمويل جديدة عن طريق المرابحة مثلاً؛ حيث يتم في كل عملية شراء سلعة ما وبيعها للعميل بالتقسيط بنفس شروط القرض الممنوح له، أي لنفس المبلغ المتبقي عليه وبسعر مرابحة يعادل سعر فائدة القرض، ويكون مقدار القسط متساوي في الحالتين، وبالطبع لن يتم منح المبلغ المتحصل للعميل وإنما سيستخدم في سداد قيمة قرضه القديم، وتتحول علاقة العميل مع البنك بالتالي من مقترض إلى متمول. ومصدر الصعوبة في التنفيذ أن ذلك يتطلب إجراء الاتصالات والعمليات اللازمة مع آلاف العملاء مع كون ذلك سيتكلف جهوداً إضافية من إدارة البنك وجهازها التنفيذي، بما يعني أن التحول لن يتم في فترة محدودة وإنما قد يمتد إلى عدة سنوات، وقد يجد البنك نفسه أمام رفض قسم من عملائه لهذا التحويل وتفضيلهم الإبقاء على علاقتهم بالبنك دون تغيير، إما لأن ظروفهم تغيرت، أو لعدم اقتناعهم بفكرة التحويل أصلاً ([61]).
8. تحديات ذات صلة تعلق بأصحاب الودائع لدى البنك:
إن أصحاب الودائع لدى البنك وخاصة الذين ليس لديهم قروض بنكية، سيكونون خارج سلطة البنك على التأثير عليهم لقبول فكرة التحويل، وقد يفضل الكثير منهم الانتقال إلى بنك تقليدي آخر، بما يعرض وضع البنك إلى هزة مالية([62]).
9. تحديات ذات صلة تعلق بالسندات الحكومية والأجنبية ذات الفائدة المالية:
إن لدى البنك ضمن موجوداته سندات حكومية وأجنبية بفائدة مالية وعلى البنك أن يسارع بإرجاعها للحكومة، ويطلب منها استبدالها بصكوك إسلامية بنفس المبلغ والعائد. كما أن من بين مطلوبات البنك سندات وديون مستحقة للغير ويجب تصفيتها، ولدى البنك استثمارات في الأسهم تحتاج إلى إعادة النظر فيها بالإبقاء على ما هو مقبول وبيع ما يعتبره منهج البنوك الإسلامية غير شرعي، وقد ينتج عن ذلك خسائر مالية للبنك([63]).
10. تحديات ذات صلة باختلاف معايير تطبيق المنتجات الإسلامية:
في الوقت الذي تم فيه إلى حد كبير معالجة مشكلة محدودية المنتجات الإسلامية من خلال تطوير العديد من منتجات التمويل والاستثمار الإسلاميين فانه لا تزال تواجه المصارف الممارسة للعمل المصرفي الإسلامي صعوبة أخرى لا تقل أهمية، ألا وهى مشكلة تعدد طرق وقواعد تطبيقها في الواقع العملي. فمع تعدد المصارف الإسلامية واستخدامها لعدد من صيغ التمويل الإسلامية، فإنها لم تتمكن حتى الآن من توحيد قواعد تطبيقها، فنجد بنوكا مختلفة تقدم نفس صيغة التمويل ولكن بطرق مختلفة. الأمر الذي قد يؤدى إلي كثير من البلبلة والشك في أذهان المتعاملين مع المصارف الإسلامية من حيث سلامة التطبيق ومصداقيته.([64])
واقع هذه التحديات عند البدء الفعلي للتحويل:
يتبين مما سبق أن هذه التحديات عامة، وليست بالأمر الحتم أن تكون مجتمعة أمام كل عملية تحويل للمصرف من النظام التقليدي إلى النظام الإسلامي.
ومما يبعث على التفاؤل، أن هذه التحديات لا ترقى إلى مستوى المستحيل، فغايتها أنها تحديات تزول بالمجاهدة والصبر والتخطيط والتوكل، وهذا يظهر جليا من خلال تطبيقات تتمثل في مصارف تقليدية تحولت إلى الأنظمة الإسلامية، وتغلبت عليها.
وكما تبين قبيل قليل، فإن النظام الاقتصادي الإسلامي أصبح ضرورة ملحة تنادي به المجتمعات الإسلامية وغيرها على مستوى الأفراد والدول، فباتت على وشك التغيير الجذري للقوانين والتعليمات التي تكفل تطبيق الأنظمة الإسلامية والتي كان آخرها روسيا([65]) وعلى هذا فإن النظام الاقتصادي الإسلامي أصبح أقرب ما يكون إلى واقع مُسلَّم به، فقد أصبحت تلك الدول تعي جيدا خطورة المصارف التقليدية، ولم يعد تحول المصارف إلى الأنظمة الإسلامية بالأمر السري أو المحظور.
إن الناظر في جميع هذا؛ يجد أن المجتمعات أصبحت ذات تعبئة معنوية بضرورة تحويل أنظمتها الاقتصادية التقليدية؛ لما يترتب عليها من مخاطر وعقبات، وإن المأمن من هذا هو الانتقال إلى الاقتصاد الإسلامي الآمن، وإن أضعف ما يقال في هذا: لو تم تخيير أحد العملاء بين أمرين: البقاء على الأنظمة التقليدية مع خطورة التعرض إلى انتكاسة مالية قد تأتي على غالب أمواله أو الاستثمار وفق النظام الإسلامي الآمن ؟ فما من شك في أن المنطق الصريح والعقل الصحيح يتفقان على هذا الأخير، وإن رافق عملية التحويل الاستغناء عن فوائده الربوية؛ حفاظا على رأس المال.
المبادئ الأساسية لعملية التحول:
هناك عدة مبادئ ينبغي على المصرف التقليدي الذي يرغب بالتحويل إتباعها حتى يكتب له النجاح، وهي كما يأتي([66]).
- إعداد خطة إستراتيجية للتحول ذات رؤيا واضحة ومحددة المراحل.
- التنسيق بين الوحدات التي تم تحويلها للعمل المصرفي الإسلامي وباقي الوحدات التقليدية داخل البنك.
- إعداد الخطط اللازمة لتدريب العاملين.
- تعيين هيئة للرقابة الشرعية.
- التدرج في التطبيق.
- الاستمرار وعدم التراجع.
متطلبات عملية التحول:
وهي أمور لابد من مراعاتها عن إرادة التحول من الأنظمة التقليدية إلى الأنظمة الإسلامية،وهي كما يأتي:
أولاً: متطلبات قانونية([67]):
ويقصد بالمتطلبات القانونية كافة الأمور والإجراءات التي يتوجب على المصرف القيام بها لكي تتم عملية التحول وفق الأطر القانونية، ويتجنب بذلك المسألة، وتتمثل أهم المتطلبات القانونية فيما يلي:
- صدور قرار عن الجمعية العمومية للمصرف التقليدي بعد اجتماع يعقد بصفة غير عادية يتضمن الموافقة على تحول المصرف للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، كما يجب مراعاة كافة المتطلبات القانونية في الاجتماع التي تمنح القرار الصفة القانونية.
- ويتم في هذا الاجتماع مناقشة تحول المصرف للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وتقديم القناعات الكافية والدلائل الشرعية على وجوب التحول وصلاحية تطبيقه، ثم يناقش بعد ذلك مستلزمات التحول من تعديلات أو تغيـرات في عقد تأسيس المصرف ونظامه الأساسي، وفي حال حصول المشروع على أغلبية الأصوات اللازمة لاتخاذ قرار التحول ينبغي على مجلس الإدارة القيام بالتعديلات التالية في عقد التأسيس ونظامه الأساسي:
- يجب أن ينص صراحة على أن تكون جميع أعمال المصرف موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية وعدم التعامل بالربا بجميع صوره وأشكاله، أو بأية معاملة محرمة شرعاً في سائر أنواع التعامل مع الآخرين.
- تعديل اسم المصرف في عقد التأسيس بما يدل على طبيعة أنشطته المصرفية المعدلة أو الجديدة وعلى أهدافه وأسلوب تعامله مع الآخرين.
- الحصول على الموافقات المبدئية الرسمية من الجهات المختصة (المصرف المركزي) على تحول المصرف التقليدي وتعديل نظامه الأساسي.
ثانياً: متطلبات شرعية ([68]):
ويقصد بها كافة الأمور والإجراءات التي يتوجب على المصرف التقليدي القيام بها عند تنفيذ التحول، لكي يكون تحوله صحيحاً من الناحية الشرعية , وتوجد مجموعة من المتطلبات الشرعية التي يتوجب على المصرف التجاري التقليدي القيام بها عند اتخاذه لقرار التحول، خاصة وأن أغلب أعماله وأنشطته قامت أساساً على مخالفة أحكام الشريعة، وقد يستلزم تنفيذ هذه المتطلبات مواجهة العديد من العقبات الشرعية، نظراً لتعدد وتشعب الأطراف والجهات المرتبطة بأعمال وأنشطة المصرف التقليدي، وفيما يلي أبرز هذه المتطلبات:
- وقف التعامل بالربا.
- تعيين هيئة فتوى ورقابة شرعية.
- تعيين مدققين شرعيين داخليين.
- استبعاد المعاملات المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
ثالثاً: متطلبات إدارية ([69]):
والمتطلبات الإدارية هي عبارة عن الإجراءات التي تتعلق بالنظام الإداري في المصرف, ويلزم المصرف تنفيذ العديد من المتطلبات الإدارية التي تستدعيها عملية التحول، والاستعداد لمواجهة العقبات الإدارية الناشئة عنها، وتشكل الموارد البشرية الركن الأساسي في النظام الإداري للمصرف.
لذا فإنه يتوجب على إدارة المصرف عند التحول أن تقوم بإعادة تهيئة وتطوير الموارد البشرية بما يتناسب ووضعه الجديد.
طرق التحول:
هناك طريقتان رئيسيتان تتبعهما المصارف عند إرادتها للتحويل وهما ([70]).
الطريقة الأولى: تحول المصارف التقليدية تحولاً كليًا([71]).
ويتم ذلك عن طريق إحلال الأعمال المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مكان الأعمال المخالفة، والتوقف عنها تماما، ويعد هذا الشكل من أكثر الأشكال التي ينطبق عليها مفهوم التحول.
الطريقة الثانية: تحول المصارف تحولاً جزئيًا، ويم ذلك عن طريق ما يأتي:
الصورة الأولى: استحداث خدمات وصيغ مصرفية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية:
تقوم بعض المصارف التقليدية باستحداث خدمات وصيغ مصرفية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتقديمها جنبا إلى جنب مع باقي الخدمات والصيغ المصرفية التقليدية، إلا أنَّ المصرف التقليدي لا يمنح الصيغ والخدمات الإسلامية أيَّ استقلال عن باقي الصيغ والخدمات التقليدية التي يقدمها، بحيث تشكِّل الخدمات والصيغ المصرفية التي يقدمها المصرف مزيجا بين ما هو مباح شرعاً، وآخر محرم.
الصورة الثانية: إنشاء نوافذ متخصصة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية:
ويتمثل ذلك بإنشاء نوافذ متخصصة تقدم الخدمات المصرفية والاستثمارية الموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، عن طريق تخصيص حيز خاص بممارسة الأعمال المصرفية الموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية.بحيث يتم فصله عن باقي الأعمال التقليدية من خلال وحدة متخصصة تعنى فقط بالعمل المصرفي المتوافق مع أحكام الشريعة، إلا أنّها لا تتمتع بالاستقلال المالي والإداري اللازم بل تتبع في ذلك لإدارة المصرف التقليدي.
الصورة الثالثة: فتح فروع متخصصة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية:
تقوم بعض المصارف بفتح فروع متخصصة تمارس في جميع نشاطاتها التعاملات المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية. وعادة ما تكون هذه الفروع إما تابعة لإدارة الفروع بالمصرف التقليدي أو ينشأ لها إدارة خاصة. وتعد هذه الصورة من أكثر الصور التي تمارسها المصارف في التخلص من المعاملات الربوية.
الصورة الرابعة: إنشاء مصارف جديدة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية:
وفي هذه الصورة يقوم المصرف التقليدي بتقديم الخدمات والصيغ المصرفية من خلال مصرف مستقل بإدارته وأعماله عن المصرف التقليدي، ويلتزم في جميع أعماله بأحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن ملكية هذا المصرف أو جزء منها تعود إلى المصرف التقليدي. ويعد هذا الشكل من أقل الأشكال السابقة شيوعاً وانتشار([72]).
نماذج تطبيقية للمصارف المتحولة:
أولاً: تحول المصارف كليا، مصرف الإمارات الإسلامي (مصرف الشرق الأوسط سابق):
تأسس هذا المصرف (مصرف الشرق الأوسط) كشركة محدودة المسؤولية في إمارة دبي بموجب المرسوم الصادر في 3/10/1975م، وتم تسجيله كشركة مساهمة عامة في عام 1995م، ويمارس أعماله من خلال مركزه في دبي بالإضافة إلى فروعه ال ( 49 ) المنتشرة في أرجاء الدولة، وقد بدأ إجراءات تحويله عام 2003م بسبب عدم قدرته على التميز في نشاطه وضعف أرباحه مقارنة بالمصارف الأخرى المنافسة؛ فاختارت إدارته مدخل التحول الكلي للصيرفة الإسلامية، ومن اجل ذلك بدأت بالإجراءات القانونية والإدارية والشرعية اللازمة للتحول، وفي تاريخ 7/أكتوبر / 2004م تم إتمام عملية التحول كليا للعمل المصرفي الإسلامي، وابتدأ عمله كمصرف إسلامي تحت مسمى ( مصرف الإمارات الإسلامي ) ولله الحمد.
وقد حصل هذا المصرف على العديد من الجوائز العالمية المرموقة، منها حصوله عام 2012م على جائزة أفضل مصرف إسلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي نظمتها مجلة "كابيتال فاينانس انترناشيونال"، كما حصل في عام 2003م على جائزة أفضل مصرف إسلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة([73]).
ثانيا: تحول المصارف جزئيا، البنك الأهلي التجاري / السعودية ([74]).
تأسس البنك الأهلي في تاريخ 15/5/1950م كشركة تضامن بين مجموعة من الشركاء، ثم تحول إلى شركة مساهمة في تاريخ 30/3/1997م، وكانت فكرة تحوله إلى النظام الإسلامي محل نظر واهتمام أصحاب البنك منذ أكثر من عشرين سنة، إيمانا منهم بمشروعيته وتحقيقا لرغبات القطاع العريض من عملاء البنك للتوجه نحو العمل المصرفي الإسلامي، حيث ظل ملاك البنك يتابعون التجارب التطبيقية للبنوك الإسلامية، ويشاركون في الندوات الخاصة بالمصرفية الإسلامية عربيا وعالميا، وقد اعتمد هذا المصرف منهج التدرج في التحول إلى المصرفية الإسلامية، حيث بدأ بتأسيس صندوق استثماري متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في عام 1987م، ثم أنشأ فرعا إسلاميا عام 1990م، ثم إدارة للخدمات المصرفية الإسلامية عام 1992م، و تجاوزت مدة التحويل ال 15 عاما، وقد أجريت دراسة على حجم التمويلات الإسلامية التي أجراها من عام ( 2000م – 2004 م) حيث كان التمويل يمثل ما نسبته 8.5 % عام 2000م، ثم ارتفع إلى 14% عام 2001م، ثم إلى 19.7% عام 2002م، ثم إلى 21.8% عام 2003م، ثم إلى 26.5% عام 2004م
الخاتمة
خلصت الدراسة إلى النتائج الآتية:
- المصرف التقليدي هو: مؤسسة مالية، وظيفتها الرئيسة تجميع الأموال من أصحابها في شكل ودائع جارية وقروض بفائدة محددة ابتداء، ثم إعادة إقراضها لمن يطلبها بفائدة أكبر، ويربح البنك الفرق بين الفائدتين، كما يقدم الخدمات المصرفية المرتبطة بعمليتي الإقراض والاقتراض.
- المصرف الإسلامي هو: مؤسسة مالية تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها الاستثمارية والخدمية، من خلال دورها كوسيط مالي بين المدخرين والمستثمرين، وتقديم الخدمات المصرفية في إطار العقود الشرعية.
- تحول المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية يعني: ترك المصرف التقليدي العمل بالمعاملات المحرمة، والانتقال إلى العمل بالمعاملات التي تبيحها الشريعة الإسلامية.
- هناك معاملات مباحة تجريها البنوك التقليدية، لكنها لا تكفي لإضفاء الصفة الشرعية على تلك المصارف، وجعلها في زمرة المصارف الإسلامية.
- الربا هو العلامة الفارقة والسمة الظاهرة لفساد لمصارف التقليدية، نظرا لما يترتب عليه من شرور ومفاسد تعود على العالم أجمع، وهو الذي اختص الله تعالى آكله بالمحاربة في حال التمادي وعدم التوبة منه.
- من أجل استمرارية المصارف الإسلامية القائمة فعلا أو المتحولة، لابد من الموافقة والموائمة بين تطبيقها للاقتصاد الإسلامي، واعتنائها بالقيم الايجابية والأخلاقية والدعوية، المنبثقة من الإيمان بالله تعالى في التعامل مع الناس.
- ظهور مبررات جديدة للتحويل من الأنظمة التقليدية إلى الأنظمة الإسلامية تتمثل في توجه الدول غير الإسلامية إلى تغيير قوانينها للسماح بتطبيق الاقتصاد الإسلامي.
- التحديات التي تواجه التحويل إلى الأنظمة الإسلامية لا ترقى إلى المستحيل، بل يمكن معالجتها والتغلب عليها.
- وجود مصارف تقليدية كثيرة تحولت إلى النظام الإسلامي، مما أكسبها ثقة ورواجا.
التوصيات
- توصي الدراسة بتقديم النصح والإرشاد للقائمين على المصارف التقليدية، وترغيبهم في العمل على تحويل مصارفهم إلى الأنظمة الإسلامية.
- عقد الندوات والدورات المتخصصة في هذا الجانب، والعمل على دعوة أصحاب المصارف التقليدية لحضورها والتفاعل معها.
- زيادة الوعي عند الناس بمخاطر الربا والتعامل فيه، عن طريق الاتصال بالوزارات ذات الصبغة الاجتماعية كالأوقاف والتربية، مع تفعيل دور الصحافة والإعلام في هذا الجانب.
- مخاطبة الوزارات المالية في الدول الإسلامية بتسهيل إجراءات تحويل المصارف إلى الأنظمة الإسلامي.
(*) بحث مقدم لمجلة البحث العلمي الإسلامي، لبنان- طرابلس، العدد 26.
([1]) الغريب، ناصر،(1995م)، أصول المصرفية الإسلامية وقضايا التشغيل، ط1، دار أبوللو للتوزيع والنشر،القاهرة. ص13-16