العقل ومكانته في الكتاب والسنة
المفتي الدكتور عبدالله الربابعـة
الملخّص
هدفت هذه الدراسة إلى بيان مكانة العقل في الكتاب والسنة، وقد تبيّن من خلال الدراسة أنّ القرآن وكذا السنة كلاهما أشارا إلى منزلة العقل ومكانته، من خلال الحثّ على النظر والتدبُّر والتفكر وجعل العقل مناطاً للتكليف، وكذا التشنيع على التقليد والمقلدة، ومحاربة كل ما من شأنه أن يؤدّي إلى ظلم العقل بإلغاء دوره عن طريق إدخاله في أمور ليست من وظيفته، كالشعوذة، والخرافات، والأساطير.
وأخيراً فإنه لا صحة لقول من قال: إنه لا يصح في العقل حديث صحيح. والحمدُ لله ربّ العالمين.
المقدّمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أمّا بعد:
فمن المعلوم أنّ العقل هو آلة الإدراك والتمييز عند بني البشر، وبهذه الآلة فضّله الله تعالى على كثير ممّن خلق، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء / 70.
ولقد وجّهنا الله تعالى إلى استخدام هذه الآلة من خلال الحثّ على التأمّل والتفكّر والتدبّر والنظر في السموات والأرض وما فيهما، قال تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يونس / 101. وقال:(أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج / 46.
والعقل رغم مكانته يظلّ محدوداً، فهناك العديد من المخلوقات التي لا يستطيع العقل كشف كنْهها وحقيقتها، فهو وإن أدرك بعض ظواهر الأشياء، فإنّه لم يصل إلى أغوارها وأعماقها، وهذا ما نبّه عليه القرآن، فقال تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) الروم / 7. فمسائل الغيب –مثلاً- لا سبيل إلى معرفتها معرفة عقليّة خالصة، وإنّما طريق معرفتها الوحي.
وقد اشتمل البحث على أربعة مباحث، وخاتمة هي:
المبحث الأول: معنى العقل في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثاني: العقل في القرآن الكريم.
المبحث الثالث: العقل في السنّة المطهّرة.
المبحث الرابع: مكانة العقل في الكتاب والسنّة.
الخاتمة: وفيها أهمّ نتائج البحث.
والله تعالى أسأل أن يجنّبنا الزلل، وأن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، إنه أهل ذلك والقادر عليه، وهو سبحانه الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المبحث الأول
معنى العقل في اللغة والاصطلاح
أولاً: معنى العقل في اللغة:
قال ابن فارس: "العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد، يدلّ عُظْمُهُ على حُبْسة في الشيء أو ما يقارب الحُبسة. من ذلك العقل، وهو الحابس عن ذميم القول والفعل"(1). والمقصود بالحُبسة: المنع، وسمي العقل بذلك لأنه يعقل الإنسان ويمنعه عن التورّط في المهالك، أي يحبسه، كما أنه يمنعه عن ذميم القول والفعل وعمّا لا يَحْسُن، فكأنه يقوم بوظيفة الحارس الأخلاقي الأمين.
والناظر في كتب اللغة يجد أنّها تكاد تُجمع على أنّ المعاني الرئيسة للعقل هي: التثّبّت في الأمر، الإمساك والاستمساك، الامتناع، وأنّ ما عداها من المعاني تندرج تحتها (2). قال الأصفهاني: "وأصل العقل: الإمساك والاستمساك، كعقل البعير بالعقال، وعقل الدواء البطنَ، وعقلت المرأة شعرها، وعقل لسانه: كفّه، ومنه قيل للحصن: مَعْقل. وباعتبار عقل البعير قيل: عقلت المقتول: أعطيت ديّته، وقيل أصله أن تُعقل الإبل بفناء ولي الدم، وقيل: بل بعقل الدم أن يسفك، ثمّ سمّيت الدية بأيّ شيء كان عقلاً"(3).
والمتأمّل في المعاني السابقة للعقل يجد أنّ العقل يطلق على ما يحبس الإنسان عن المهالك والشرور القوليّة والفعليّة على حدّ سواء، أمّا ما يحبس الإنسان عن الخير فلا يسمّى عقلاً، ولذلك قال بعضهم: "العقل ضدّ الحمق"(4)، والأحمق: قليل العقل (5)، والإمساك عن الخير غالباً ما يكون استجابة للهوى وملذات النفس، فلا يُنسب إلى العقل في شيء...
ثانياً: معنى العقل في الاصطلاح:
إنّ المتأمّل في كتب أهل العلم يجد تبايناً واضحاً في تعريفهم للعقل، حيث عرّفه أصحاب التخصّصات المختلفة كل حسب تخصّصه، فهنالك تعريف للفلاسفة، وتعريف لأهل الكلام، وتعريف للأطباء، وتعريف لأهل الفقه والأصول.... (6).
وفي كتابه النافع: "مباحث في العقل"، ناقش أستاذنا الأستاذ الدكتور محمد نعيم ياسين أقوال العلماء في ماهيّة العقل، وخلص إلى القول بأنّ القول الراجح هو أنّ العقل: "أحد غرائز النفس أو قوّة من قواها، تمكنها من إدراك المعاني والحقائق"(7). وهناك تعريفات عديدة ذكرها العديد من علماء الإسلام كالإمام الحارث المحاسبي، والإمام الغزالي، والإمام ابن رشد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي، وغيرهم كثير.
المبحث الثاني
العقل في القرآن الكريم
إنّ الناظر في آيات القرآن العظيم، يجدُ أنّه اشتمل على عشرات الآيات التي تدعو إلى التعقّل، والتدبّر، والنظر، والتفكر، وما في معانيها. كما يجد أنّ العقل في صيغته الإسمية لم يرد في القرآن مطلقاً، وكلّ ما ورد هو في صيغة الفعل: عقل، يعقل، نعقل، في الماضي، والمضارع، والمفرد، والجمع، وعدد هذه الألفاظ يقرب من الخمسين (8). كما وردت ألفاظ مرادفة للعقل، نحو: اللبّ، الحلْم، وغيرها.
أمّا ألفاظ: الفكر، والتفكر، والعلم، والنظر، والتبصّر، والإدراك، والتدّبر، فقد وردت مئات المرّات، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ للعقل شأناً كبيراً ومقاماً عظيماً في القرآن، خاصة إذا عرفنا أنّ النصّ القرآني استوعب كل معاني التفكير الإنساني، وأنّه لم يذكر العقل إلا في مقام المدح والتبجيل والتكريم.
لقد حثّ القرآنُ الإنسانَ على إعمال عقله، ودعاه إلى نبذ الجمود والتقليد، وبيّن أنّ من يغفل نعمة العقل فلا يستخدمها، فإنه ينزل إلى مرتبة دون مرتبة الحيوان، قال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الأنفال / 22.
وقال في آية أخرى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف / 179.
وأكد على أنّ تعطيل العقل مفضٍ بصاحبه إلى النار، قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك / 10.
ومن الآيات القرآنيّة التي تحدّثت عن العقل:
1. قوله تعالى: (إنّا جعلناه قرآناً عربيّاً لعلكم تعقلون) الزخرف/3. وقوله: (صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون) البقرة/171. وقوله: (وسخّر لكم الليل والنّهار والشمس والقمر والنّجوم مسخّرات بأمره إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون) النحل/12. وقوله: “يسمعون كلام الله ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه) البقرة/75. وقوله: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) العنكبوت/43. والعقل في الآيات السابقة جاء بمعنى: العلم، والمعرفة، والفهم.
2. وقوله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) البقرة/44. وقوله: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك/10. وقوله: (أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء/67 . ومعنى العقل في هذه الآيات: التمييز بين الخير والشرّ، وإمساك النفس عن الشرّ وسائر المهالك.
3. وقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) البقرة/170. والآية تندد بهؤلاء الذين ألغوا عقولهم فقلّدوا آباءهم في العقائد الباطلة التي لا زمام لها ولا خطام، ولا أصل ولا فصل.
4. وقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) يونس/100. والآية تنفي العقل السليم المستقيم عن الذين لا تهتدي عقولهم إلى إدراك ما جاء به الوحي من الحق، أولئك الذين لا يستعملون عقولهم بالنظر في الأدلة، والتفريق بين الحق والباطل.
5. وقوله تعالى: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) الحشر/14.
والآية تشير إلى أنّ عدم استخدام العقول سبيل للتشتّت والتشرذم وافتراق الكلمة، وأنّ استخدامها سبيل للألفة والاجتماع والاتفاق، ذلك أنّ صلاح القلب يؤدّي إلى صلاح الجسد، كما أنّ فساد القلب يؤدي إلى فساد الجسد.
6. وقوله تعالى: (وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ) يوسف/109.
فاستعمال العقول قائد إلى النجاح والفلاح واختيار الأفضل الذي هو من شيَم العقلاء، أمّا مَن أغفلوا عقولهم وعطّلوها فلا يقع اختيارهم إلا على الأدنى.
7. وقوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة/164. والآية تحفّز العقل للتفكّر والتدبّر في خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر.
قال الإمام القاسمي في تفسير قوله تعالى: (لقوم يعقلون): "أي: يتفكرون فيها وينظرون إليها بعين العقول، فيستدلون على قدرته سبحانه القاهرة، وكلمته الباهرة، ورحمته الواسعة المقتضية لاختصاص الألوهية به جلّ شأنه"(9).
وقال الإمام البقاعي: "وسبب تكثير الأدلة أنّ عقول الناس متفاوتة، فجعل سبحانه وتعالى العالَم وهو الممكنات الموجودة، وهي جملة ما سواه، الدالة على وجوده وفعله بالاختيار على قسمين:
قسم من شأنه أن يدرك بالحواس الظاهرة، ويسمّى في عرف أهل الشرع: الشهادة والخلق والملك. وقسم لا يدرك بالحواس الظاهرة ويسمى: الغيب والأمر والملكوت. والأوّل يدركه عامة الناس، والثاني يدركه أولو الألباب الذين عقولهم خالصة عن الوهم والوساوس. فالله سبحانه وتعالى بكمال عنايته ورأفته ورحمته جعل العالم بقسميه محتوياً على جمل وتفاصيل من وجوه متعددة، وطرق متكثرة تعجز القوى البشريّة عن ضبطها، يستدلّ بها على وحدانيته، بعضها أوضح من بعض، ليشترك الكلّ في المعرفة، فيحصل لكل بقدر ما هيئ له، اللهم إلا أن يكون ممن طبع على قلبه، فذلك -والعياذ بالله سبحانه وتعالى- هو الشقي"(10).
كما وردت في القرآن العظيم ألفاظ عديدة مرادفة للعقل، هي: النُّهى، الحجْر، الحلم، اللبّ، الفؤاد، الأبصار:
أوّلاً: النُّهى:
جاء لفظ النُّهى في القرآن بمعنى العقل في سورة واحدة مرتين، قال تعالى: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى) طه/54. والنُّهى: اسم جمع نُهية، أي: العقل، وقد سُمي بذلك لأنه ينهى عن القبائح، قال الإمام البروسوي: ".. سُمّي بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح، كما سُمّي بالعقل والحجر، لعقله وحجره عن ذلك لذوي العقول الناهية عن الأباطيل التي من جملتها ما تدّعيه الطاغية، وتقبله منهم الفئة الباغية. وتخصيص أولى النُّهى مع أنها آيات للعالمين باعتبار أنهم المنتفعون بها"(11)، وبمثله قال جمهور المفسّرين (12) .
وقال تعالى: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى) طه/128.
قال الإمام الطاهر بن عاشور: "والنّهى، بضم النون، والقصر جمع نُهْيه، بضم النون وسكون الهاء: اسم العقل. وقد يستعمل النّهى مفرداً بمعنى العقل. وفي هذا تعريض بالذين لم يهتدوا بتلك الآيات بأنهم عديمو العقول، كقوله: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضلّ سبيلاً) الفرقان/44. (13).
ثانياً: الحجْر:
ورد لفظ الحجْر بمعنى العقل في القرآن الكريم مرّة واحدة في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) الفجر/1-5.
وصاحب الحجْر هو صاحب العقل الرجيح الذي يضبط نفسه فيمنعها عمّا لا ينبغي ولا يليق.
قال الألوسي: “والحجْر: العقل، لأنه يحجر صاحبه، أي: يمنعه من التهافت فيما لا ينبغي، كما سُمي عقلاً، ونُهية، لأنه يعقل وينهى، وحصاة من الإحصاء وهو الضبط. وقال الفرّاء: يقال: إنه لذو حجْر اذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها”(14).
ثالثاً:القلب:
وردت كلمة القلب في القرآن الكريم في حالات: الإفراد، والتثنية، والجمع أكثر من مائة واثنين وثلاثين مرة (15). والمتامّل في الآيات التي اشتملت على تلك الألفاظ يجد أنّ أهمّ الوظائف المنوطة بالقلب هي: العلم والمعرفة، بالإضافة إلى الإيمان ومتعلقاته.
قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) الحج/46. فالقلب هنا كناية عن الخاطر والتدبّر كقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) ق / 37. (16).
وقال تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج/46. وقال: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) محمد/24. وقال: (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) التوبة/93. وفي التعبير بالقلب عن العقل جمع بين ما يجب أن يعمر القلوب من التقوى وعقل العقول. والآيات كلها تشير إلى أنّ القلب يقوم بوظيفة العقل من التدبّر، والتفكر، والنظر، والعلم وهكذا سائر الآيات.
رابعاً: الحلْم:
جاء لفظ الحلم بمعنى العقل في آية واحدة، وهي قوله تعالى: (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) الطور/32.
والأحلام هنا بمعنى العقول، قال الإمام الطبراني في تفسير الآية: “معناه: أم تأمرهم عقولهم بهذا، وذلك أنّ قريشاً كانوا يعدّون في الجاهلية أهل الأحلام، ويوصفون بالعقل، فأزرى الله بحلومهم حيث لم يثمر لهم معرفة الحقّ من الباطل. وقيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقول ؟ فقال: تلك عقول لم يصحبها التوفيق”(17).
خامساً: اللبّ:
وردت لفظة (اللبّ) في القرآن العظيم بمعنى العقل في ست عشر آية (18)، ولم تذكر إلا في صورة الجمع الذي أضيف إلى أصحابه في عبارة: “أولوا الألباب”، وقد جاءت بمعنى التذكر، والتفكر، والإدراك، والاتعاظ، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، فالعقل يسمى لبّاً وذلك إشارة إلى ما جعل في قلبه من العقل وهو بالتالي يمثل جوهر الإنسان وحقيقته.
قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) آل عمران/190. وقال: (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) الرعد/19. وقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر/18. وقال: (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ص/29.
سادساً: الفؤاد:
وردت كلمة الفؤاد في القرآن العظيم مفردة ومجموعة ست عشرة مرة (19)، قال تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ) الملك/23، وقال: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) الأحقاف/26. وقال: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/36.
والملاحظ أنّ الفؤاد ورد في أغلب الآيات بمعنى: العقل أو الملكة أو الطاقة المهيأة للمعرفة والإدراك. ففي تفسير قوله تعالى: (إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً). قال الإمام الطاهربن عاشور: “... أي: أنك أيّها الإنسان تُسأل عمّا تسنده إلى سمعك وبصرك وعقلك بأنّ مراجع القفو المنهي عنه إلى نسبة لسمع أو بصر أو عقل في المسموعات والمبصرات والمعتقدات”(20).
سابعاً: الأبصار:
قال تعالى: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) ص/45. فقد روي عن مجاهد أنّه فسر الأبصار بالعقول (21).
وفسّر ابن عباس الأبصار: أيضا بالفقه في الدين (22). والفقه في الدين لا يصدر إلا عن العقل”. والأبصار جمع بصر، بمعنى بصيرة، وهو مجاز”(23)، والبصيرة”هي قوة القلب المدركة”(24).
المبحث الثالث
العقل في السنّة المطهّرة
بنظرة فاحصة لكتب السنّة يجد الباحث أنّ لفظة (عقل) جاءت بصيغة الفعل، ومصدراً، وبمعنى الدية. والذي يعنينا في دراستنا هذه هما القسمان: الأوّل، والثاني، لأنّ القسم الثالث خارج عن نطاق الدراسة. كما يجد الناظر –أيضاً- أنّ العلماء اختلفوا في أحاديث العقل، فمن قائل بأنّ أحاديث العقل كلها كذب، وأنه لم يصح منها حديث، إلى قائل بضعف إسنادها، وذهب طرف ثالث إلى القول بصحة بعضها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “قال أبو حاتم بن حبّان البستي: لست أحفظ عن رسول الله خبراً صحيحاً في العقل”(25).
وقال الإمام ابن القيّم: “قال الخطيب (26): حدّثنا الصوريّ، قال: سمعت الحافظ عبد الغني بن سعيد يقول: إنّ كتاب العقل وضعه أربعة: أوّلهم ميسرة بن عبد ربّه، ثمّ سرقه منه داود بن المحبّر، فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة، وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء، فركبه بأسانيد أُخَر، ثمّ سرقه سليمان بن عيسى السِّجزي فأتى بأسانيد أُخَر.
وقال أبو الفتح الأزدي: لا يصحّ في العقل حديث، قاله أبو جعفر العقيلي، وأبو حاتم بن حبّان، والله علم”(27).
ومن الأحاديث التي حكموا عليها بالوضع : "لمّا خلق الله عزّ وجلّ العقل، قال له: قم، فقام، ثمّ قال له: أدبر، فأدبر، ثمّ قال له: أقعد، فقعد، فقال: وعزّتي، ما خلقت خيراً منك، ولا أعزّ منك، ولا أفضل منك ولا أحسن، بك آخذ، وبك أعطي، وبك أعرف، وبك أعاقب، وبك الثواب وعليك العقاب(28).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث: “كذب موضوع عند أهل العلم بالحديث، ليس هو في شيء من كتب الإسلام المعتمدة. وإنّما يرويه مثل داود ابن المحبّر (29)، وأمثاله من المصنّفين في العقل (30)، ويذكره أصحاب”رسائل إخوان الصفا”ونحوهم من المتفلسفة، وقد ذكره أبو حامد في بعض كتبه، وابن عربي، وابن سبعين، وأمثال هؤلاء، وهو عند أهل العلم بالحديث كذب على النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك أبو حاتم الرازي، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما من المصنّفين في الحديث”(31).
وقال الإمام ابن القيّم: “أحاديث العقل كلها كذب، كقوله: “لما خلق الله العقل قال له:....”(32).
وبمثل ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيّم، قال كل من: الإمام السخاوي(33)، والإمام العجلوني(34)، والإمام الزركشي (35)، والإمام الفتني ( 36)، وغيرهم.
والحقّ أنه ومع كل ما ذكره العلماء في تضعيف حديث أوّليّة خلق العقل، فقد وجدت بعض العلماء يصّرحون بجودة إسناده، وغاية ما يقال فيه: أنه ضعيف في بعض طرقه. قال الإمام الزبيدي: "قال عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد: حدّثنا علي بن مسلم، حدّثنا سيّار، حدّثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار، عن الحسن يرفعه: لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: ما خلقت شيئاً أحسن منك، بك آخذ، وبك أعطي".
فهذا كما ترى سند جيّد. فقول الحافظ العراقي: وبالجملة فطرقه كلها ضعيفة محلّ تأمل، وكذا إيراد ابن الجوزي في الموضوعات، وتبعه ابن تيمية، والزركشي، وغير هؤلاء. فغاية ما يقال فيه: أنه ضعيف في بعض طرقه”(37).
وقال الإمام حسام الدين القدسي: “قال الإمام السيوطي في الدرّ بعد أن ذكر الطريق التي ذكرها الإمام الزبيدي: وهذا مرسل جيّد الإسناد، وهو في معجم الطبراني الأوسط موصول من حديث أبي أمامة (38) ومن حديث أبي هريرة (39) بإسنادين ضعيفين (40).
فالحقّ أنّ التصريح بعدم صحة أيّ حديث ورد في العقل، فيه مجازفة ومجانبة للصواب، ذلك أنّ النافين والمضعِّفين لأحاديث العقل بالجملة لم يلتفتوا إلى الموقف القرآني من العقل، فالقرآن تحدّث عن العقل ومشتقاته ومرادفاته عشرات المرات، فالعقل ومشتقاته ورد في تسع وأربعين آية، وورد الفؤاد ومشتقاته في ست عشرة آية، وورد الفكر ـــــ عمل العقل ـــــــ ومشتقاته في ثماني عشرة آية، وورد التدبّر ومشتقاته في ثماني آيات، وورد الفقه ومشتقاته في عشرين آية، وورد اللبّ ومشتقاته في ثلاثين آية...
فلو أنّ المحدّثين ردّوا حديثاً بعينه بعد نقده، لقبل الأمر منهم، أما أن تردّ أحاديث العقل بالكليّة، فهذا أمر غريب مستنكر؛ لأنّ فضل العقل ومكانته في دين الله تعالى من المعلوم بالضرورة، وكيف لا والإسلام يعتبره مناط التكليف؟!
والباحث يرى في هذا المقام أنّ الذي دفع إلى هذا السلوك هو طبيعة المعركة بين المعتزلة وخصومهم من أهل السنّة، فالمعتزلة جعلوا العقل حاكماً على النقل!!! ولذلك ردّوا الأحاديث المصادمة للعقل ولو كانت صحيحة، فما كان من بعض العلماء إلا الردّ على المعتزلة بالمثل، فردّوا جمع الأحاديث المتعلقة بالعقل، حتى قال قائلهم: أحاديث العقل كلها كذب -كما تقدم-
قال الإمام الكوثري: “إنّ المعتزلة كما تغالوا في تحكيم العقل، تغالى كثير من الرواة في ردّ كل ما ورد في فضل العقل، نكاية في هؤلاء، والحقّ بين طرفي الإفراط والتفريط”(41).
يضاف لذلك أنّ الفلاسفة أخذوا عن الفلسفة اليونانيّة نظريّة العقل الأول والعقل الفعّال، وهي مصادمة لديننا وعقيدتنا، فما كان من بعض العلماء إلا أن ردّوا ذلك في إطار انشغالهم بهدم نظريّة العقول الفلسفيّة. ولذلك فإنّي أرى أنّ بعض العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميّة، لم يقصدوا في ردّهم لأحاديث العقل إلا هذا المعنى.
يؤكد ذلك أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر تضعيفه للحديث في معرض الردّ على الفلاسفة والباطنيّة، قال: “... ومعنى هذا اللفظ أنه قال للعقل في أول أوقات خلقه، ليس فيه أنّ العقل أوّل المخلوقات، لكن المتفلسفة القائلون بقدم العالم أتباع أرسطو، هم ومن سلك سبيلهم من باطنيّة الشيعة، والمتصوّفة، والمتكلمة، رووه: أوّلُ ما خلق الله العقل ( بالضم )، ليكون ذلك حجّة لمذهبهم في أنّ أوّل المبدعات هو العقل الأول. وهذا اللفظ لم يروه به أحد من أهل الحديث. بل اللفظ المروي مع ضعفه يدلّ على نقيض هذا المعنى، فإنه قال: “ما خلقتُ خلقاً أكرم عليّ منك”فدلّ على أنه قد خلق قبله غيره، والذي يسمّيه الفلاسفة العقل الأول، ليس قبله مخلوق عندهم.
وأيضاً، فإنه قال: “بك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب”، فجعل به هذه الأعراض الأربعة، وعند أولئك المتفلسفة الباطنيّة: أنّ جميع العالم صدر عن العقل الأول، وهو ربّ السموات والأرض وما بينهما عندهم، وإن كان مربوباً للواجب بنفسه، وهو عندهم متولّد عن الله، لازم لذاته، وليس هذا قول أحد من أهل الملل، لا المسلمين، ولا اليهود، ولا النصارى، إلا من ألحد منهم، ولا هو قول المجوس، ولا جمهور الصابئين، ولا أكثر المشركين، ولا جمهور الفلاسفة، بل هو قول طائفة منهم.
وأيضاً، فإنّ العقل في لغة المسلمين عَرَض من الأعراض، قائم بغيره وهو غريزة، أو علم، أو عمل بالعلم، ليس العقل في لغتهم جوهراً قائماً بنفسه فيمتنع أن يكون أول المخلوقات عَرَضاً قائماً بغيره، فإن العَرَض لا يقوم إلا بمحل، فيمتنع وجوده قبل وجود شيء من الأعيان. وأمّا أولئك المتفلسفة: ففي اصطلاحهم أنه جوهر قائم بنفسه، وليس هذا المعنى هو معنى العقل في لغة المسلمين، والنبيّ صلى الله عليه وسلم خاطب المسلمين بلغة العرب، لا بلغة اليونان، فعلم أنّ المعنى الذي أراده المتفلسفة لم يقصده الرسول (42). وهذا الكلام في غاية الروعة والجمال.....
وممّا يدلّل على مجانبة النافين لصحّة أحاديث العقل للصّواب: وجود العديد من الأحاديث الصحيحة التي تكلمت عن العقل ومكانته، ولذلك رأينا الإمام الزبيدي يعقّب على الإمام العراقي الذي نصّ على أنّ الأحاديث التي أوردها الإمام الغزالي في الإحياء ضعيفة، فيقول: “وبعض ما ذكره فيه منتقض، وقد ورد في العقل أحاديث صحّحها بعض الأئمّة”(43).
فالأحاديث الصّحيحة الواردة في العقل كثيرة، منها:
1. قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمرّ على النساء، فقال: “يا معشر النساء تصدّقن فإني أوريتكنّ أكثر أهل النار. فقلن: وبمَ يا رسول الله ؟ فقال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها (44). والحديث ينصّ على نقصان عقل المرأة، ويعلل نقصان عقلها بأنّ الشارع يعتبر شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، وقد نصّ القرآن على ذلك، قال تعالى: “واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممّن ترضون من الشهداء أن تضلّ إحداهما فتذكرّ إحداهما الأخرى”(البقرة/282)، والضّلال هنا بمعنى النسيان”لما أنّ النسيان غالب على طبع النساء لكثرة الرطوبة في أمزجتهنّ”(45)،”وقد ينشأ من طبيعة المرأة الإنفعالية، فإنّ وظيفة الأمومة العضويّة البيولوجيّة تستدعي مقابلاً نفسيّاً في المرأة حتماً تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانيّة الإنفعاليّة لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيويّة لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء، وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة...”(46). فالنقص في عقل المرأة ناتج عن عوامل عاطفيّة خاصّة بالمرأة، وهو نقص ممدوح، لأنّه يتناسب مع وظيفة الأمومة التي من شأنها أن تربّي الرجال لمعترك النزال...
2. وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو مسعود الأنصاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: “استووا ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثمّ الذين يلونهم”(47). وأولو الأحلام والنهى همم العقلاء، وهذا مدح للعقل وأهله، قال الإمام النووي: “أولو الأحلام هم العقلاء، وقيل: البالغون، والنُّهى بضم النون: العقول، فعلىى قول من يقول: أولو الأحلام العقلاء، يكون اللفظان بمعنى، فلما اختلف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيداً، وعلى الثاني معناه: البالغون العقلاء، قال أهل اللغة: واحدة النُّهى نُهية بضم النون، وهي العقل، ورجل نه ونهى من قوم نهين، وسمي العقل نُهية، لأنه ينتهى إلى ما أمر به ولا يتجاوز، وقيل: لأنه ينهى عن القبائح...”(48).
3. وقوله صلى الله فيما يرويه ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشجّ عبد القيس(49): “إنّ فيك خصلتين يحبّهما الله: الحلم والأناة”(50). والحلم يُطلق ويُراد به العقل، قال الإمام النووي: “الحلم هو العقل، وأمّا الأناة فهي التثبّت وترك العجلة”(51).
4. وقوله صلى الله فيما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا مريض لا أعقل، فتوضّأ وصبّ عليّ من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول الله لمن الميراث ؟ إنّما يرثني كلالةٌ، فنزلت آية الفرائض (52). والعقل الوارد في الحديث يُقصد به الفهم، قال الحافظ ابن حجر: “قوله (لا أعقل) أي: لا أفهم، وحذف مفعوله إشارة إلى عظم الحال، أي: لا أعقل شيئا”(53).
5. وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عبد الله بن بريدة عن أبيه أنّ ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنّي قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهّرني، فردّه، فلما كان من الغداة أتاه فقال يا رسول الله إني قد زنيت فردّه الثانية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه، فقال: أتعلمون بعقله باساً تنكرون منه شيئاً ؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفيّ العقل، من صالحينا، فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضاً فسأل عنه، فأخبروه: أنه لا بأس به ولا بعقله، فلمّا كان الرابعة حفر له حفرة ثمّ أمر به فرجم (54). فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إلى قوم ماعز يسألهم عن عقله: أبه بأس أم لا ؟ لأنّ غير العاقل ليس مكلفاً، فلمّا أخبروه بأنه وفيّ العقل، ولا بأس به ولا بعقله، أمر برجمه. وهذا فيه ما فيه من الإشادة بالعقل وأنه مناط التكليف، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن عقل ماعز عدة مرات: أبه بأس أو لوثة ؟ ولو أجابوه بالإثبات وأنّ بعقله شئ من ذلك لما أقام عليه الحد.
6. وقوله صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه، أو قال: المجنون، حتى يعقل، وعن الصغير حتى يشب”(55). فقلم التكليف ـــــــ كما هو معلوم ـــــــ مرفوع عن المجنون حتى يعقل، لأنّ العقل هو مناط التكليف،، والعقل هو القادر على تفهّم الوحي الإلهي وتدبّره والتفكر فيه، وهو الذي يبحث عن مراد الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه...
7. وعن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتّاني القبر، فقال عمر بن الخطاب: أتردّ علينا عقولنا يا رسول الله ؟ فقال: نعم كهيئتكم اليوم، فقال عمر: بفيه الحجر (56) وهذا من سيّدنا عمر رضي الله عنه إشادة عظيمة بالعقل ومكانته وأنه سبيل لتثبيت المؤمن عند السؤال في القبر بإذن الله، فيجيب الفتّانين في القبر بثبات ويقين بالله، لأنّ المؤمن العاقل أعمل عقله في الدنيا بما يرضي الله، فثباته عند السؤال تماماً كثبات الحجر في الأرض.
8. وعن حذيفة بن اليمان، قال: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، وفيه: “....حتى يقال للرجل ما أجلده وأظرفه وأعقله، وما في قلبه حبّة من خردل من إيمان..”(57).
9. وعن ابن لبيد الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذا أوان ذهاب العلم، قال شعبة: أو قال: هذا أوان انقطاع العلم، فقلت: وكيف وفينا كتاب الله نعلّمه أبناءنا ويعلّمه أبناؤنا أبناءهم ؟ قال: ثكلتك أمّك ابن لبيد، ما كنت أحسبك إلا من أعقل أهل المدينة...”(58).
10. وعن المغيرة بن عبد الله، قال: حدّثني والدي، قال: قلت يا رسول الله، حدثني، أو خبّرني بعمل يقرّبني من الجنة ويباعدني من النار، قال: أو ذلك أعملك، أو أنصبك ؟ قال: قلت: نعم، قال: فاعقل إذا، أو افهم، تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤدّي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت، وتأتي إلى الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك، وتكره للناس ما تكره أن يؤتى إليك”(59).
11. وعن أبي ذرّ الغفاري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أبا ذرّ، اعقل ما أقول لك، لعناق يأتي رجلاً من المسلمين خير له من اُحُدِ ذهباً يتركه وراءه، يا أبا ذرّ، اعقل ما أقول لك، إنّ المكثرين هم الأقلّون يوم القيامة، إلا من قال كذا وكذا. اعقل يا أبا ذر ما أقول لك، إنّ الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، أو إنّ الخيل في نواصيها الخير”(60).
12. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: مرني بأمر ولا تكثر عليّ حتى أعقله، قال: لا تغضب، فأعاد عليه، لا تغضب”(61 ).
13. وعن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه (62) ، وفي رواية البخاري: “ حتى تفهم عنه”(63)......
فهذه نماذج من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تدلل على أنّ السنة المطهّرة اشتملت على جملة من الأحاديث الصحيحة التي ورد فيها ذكر العقل وفضله، وبالتالي تردّ على من نفى وجود أحاديث صحيحة في السنة المطهرة تشيد بالعقل وفضله وتشير إلى مكانته في الإسلام.
المبحث الرابع
مكانة العقل في القرآن والسنة
إنّ المتتبّع للآيات التي ذكرت مشتقات العقل يجد أنّ العقل لا يذكر إلا في مقام التكريم والتبجيل، كما يجد أنّ القرآن يدعو إلى فريضة التفكير التي تشتمل على جميع وظائف العقل وخصائصه ومدلولاته. ومن خلال استقرائنا لآيات العقل وأحاديثه تبيّن لنا أنّ للعقل مكانة سامية سامقة في دين الله تعالى، حيث أشارت الآيات الكريمة وكذا الأحاديث الشريفة إلى العديد من الوجوه التي توضّح مكانة العقل في الكتاب والسنة، من أهمها:
- الثناء على أصحاب العقول:
فآيات الكتاب العزيز وكذا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم اشتملت على ألوان شتى من الثناء العاطر على أصحاب العقول، قال تعالى: “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ”(العنكبوت/43).
وقال سبحانه: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”(البقرة/179)، وقال: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”(البقرة/269). وقال: “فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”(المائدة/100).
وفي المبحث الثاني والثالث ذكرنا جملة من الآيات والأحاديث التي أشادت أثنت على أصحاب العقول ما فيه مقنع وكفاية....
2- أنّ العقل أصل التكليف ومداره:
قال الإمام العز بن عبد السلام: “والعقل هو مناط التكليف بإجماع المسلمين، مع أنَّ الشرع قد عدَّل العقل، وقبِل شهادته، واستدلَّ به في مواضع من كتابه، كالاستدلال بالإنشاء على الإعادة، وكقوله تعالى: “لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا”(الانبياء/22). وقوله: “وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ”(المؤمنون/91). وقوله: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ”(الأعراف/185). فيا خيبة من ردَّ شاهداً قبله الله، وأسقط دليلاً نصبه الله”(64).
ومن المعلوم أنّ من بلغ مجنوناً ثمّ مات على جنونه، كان ناجياً، ومن مات من الأطفال دون سنّ البلوغ فهو ناجٍ من الناجين، قال الإمام النووي: “أجمع من يعتدّ به من علماء المسلمين على أنّ من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفاً...”(65). فغير العاقل ليس مكلفاً بالأحكام الشرعيّة، ولهذا جاء في الحديث الشريف: “رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل”(66). والقلم المرفوع عن الثلاثة هو قلم التكليف وقلم المؤاخذة، بعكس قلم الثواب فإنه غير مرفوع عنهم. فقد روى مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “رفعت إمرأة صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال: نعم ولك أجر”(67).
وفي الحديث دلالة على صحة عبادة الصغير مع كونه غير مكلف. قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: “فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء: أنّ حج الصبي منعقد صحيح، وإن كان لا يجزِ به عن حجّة الإسلام”(68).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتت امرأة سوداء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشـّف، فادعُ الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشـّف، فادعُ الله لي أن لا أتكشـّف، فدعا لها”(69). وفي الحديث دلالة على أنّ المجنون يؤجر....
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة”(70). والحديث يفيد أن قلم الأجر لم يُرفع عن النائم الذي كان من عادته أن يصلي في الليل، فمن غلبه نومٌ على صلاته التي كان من عادته أن يصليها، كتب له أجر صلاته كما لو صلاها...
ولمكانة العقل فيالكتاب والسنة فقد حرمت النصوص الشرعية كل ما من شأنه أن يضرّ به، ولذلك حرّمت المسكرات والمخدرات، قال تعالى: “إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”(المائدة/90)، وقال صلى الله عليه وسلم: “كل مسكرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام”(71).
والحكمة من تحريم الإسلام للخمر تكمن في أضرارِ الخمر الدينيّة، والأخلاقيّة، والاقتصادية، والسياسيّة، والاجتماعية، والصحيّة... فالإسلام يحرص ويحضّ الإنسان ليبقى محافظاً على إنسانيته، والإنسان الذي يفقد عقله بسبب شربه للمسكر يفعل أفعالاً يترفّع عنها أصحاب العقول السويّة، وينحدر إلى ما هو أدنى من الحيوانية... كما أن الإسلام يدعو الإنسان للقيام بما افترضه الله عليه من واجبات، تلك الواجبات التي لا يستطيع الإنسان القيام بها إلا مع وجود العقل الذي يفقده من يشرب الخمر.
3- الحثّ على النظر والتفكر والتدبّر:
إنّ الناظر في آيات الكتاب العزيز يجد عشرات الآيات التي تدعو للنظر والتدبّر والتفكر فيما خلق الله تعالى، قال سبحانه: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”(آل عمران/190-191). وقد جاء في الحديث: “ويل لمن قرأها ولم يتفكر بها”(72).
وعن معنى الآية السابقة يقول الإمام ابن كثير: “ومعنى الآية أنـّه يقول تعالى: “إنّ في خلق السموات والأرض”، أي: هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها، وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيّارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار، وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص”واختلاف الليل والنهار”، أي: تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيراً، ويقصر الذي كان طويلاً، وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم، ولهذا قال: “لآيات لأولي الألباب”، أي: العقول التامّة الذكيّة التي تدرك الأشياء بحقائقها على جليّاتها، وليسوا كالصمّ البكم الذين لا يعقلون”(73).
وقال الإمام الرازي: “دلائل التوحيد محصورة في قسمين: دلائل الآفاق ودلائل الأنفس، ولا شك أنّ دلائل الآفاق أجلّ وأعظم، كما قال تعالى: “لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”(غافر/57). ولما كان الأمر كذلك لا جرم أمر في هذه الآية بالفكر في خلق السموات والأرض لأنّ دلالتها أعجب وشواهدها أعظم، وكيف لا نقول ذلك، ولو أنّ الإنسان نظر إلى ورقة صغيرة من أوراق شجرة، رأى في تلك الورقة عرقاً واحداً ممتداً في وسطها، ثم يتشعّب من ذلك العرق عروقاً كثيرة إلى الجانبين، ثم يتشعّب منها عروقاً دقيقة، ولا يزال يتشعّب من كل عرق عروق أخرى، حتى يصير بالدقة بحيث لا يراها البصير، وعند هذا يعلم أنّ للخالق في تدبير تلك الورقة على هذه الخلقة حكما بالغة وأسراراً عجيبة، وأنّ الله تعالى أودع فيها قوى جاذبة لغذائها من مقر الأرض، ثم إنّ ذلك الغذاء يجري في تلك العروق حتى يتوزّع على كل جزء من أجزاء ذلك الغذاء بتقدير العزيز العليم.
ولو أراد الإنسان أن يعرف كيفيّة خلقة تلك الورقة وكيفية التدبير في إيجادها وإبداع القوى الغازية والنامية فيها لعجز عنه، فإذا عرف أنّ عقله قاصر عن الوقوف على كيفية خلقة تلك الورقة الصغيرة، فحينئذ يقيس تلك الورقة إلى السموات مع ما فيها من الشمس والقمر والنجوم، وإلى الأرض مع ما فيها من البحار والجبال والمعادن والنبات والحيوان، عرف أنّ تلك الورقة بالنسبة إلى هذه الأشياء كالعدم، فإذا عرف قصور عقله عن معرفة ذلك الشيء الحقير عرف أنّه لا سبيل له البـتـّة إلى الإطلاع على عجائب حكمة الله في خلق السموات والأرض، وإذا عرف بهذا البرهان النيّر قصور عقله وفهمه عن الإحاطة بهذا المقام لم يبق معه إلا الاعتراف بأنّ الخالق أجلّ وأعظم من أن يحيط به وصف الواصفين ومعارف العارفين، بل يسلم أنّ كل ما خلقه ففيه حكم بالغة وأسرار عظيمة، وإن كان لا سبيل له إلى معرفتها...”(74).
ومن الآيات التي دعت إلى النظر في آيات الله والاعتبار بمخلوقاته، قوله تعالى: “أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء”(الأعراف/185).
والآية سيقت للتقريع والإنكار والتبكيت والتوبيخ لهؤلاء الذين قصّروا في إمعان النظر والتفكر في خلق السماء والأرض وما فيهما من عظيم الصنعة وروائع الإتقان والإبداع، ذلكم النظر القائد لهم إلى الإيمان بالله الخالق العظيم....
ومن الآيات الداعية للنظر والتفكر: قوله تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يونس/101. وقوله: (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل/36. وقوله: “أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ”(ق/6-7). وقوله: “فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ”(الطارق/5-7).
وقوله: “وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ”(الذاريات/20-21). والمتأمل في القرآن العظيم يجد أن الآيات الدالة على الحثّ والدعوة إلى النظر والتفكر والتأمل والتدبّر كثيرة جداً......
كما ذكرت كتب الأثر العديد العديد من الروايات عن السلف الصالح في الحثّ على النظر والتفكر والتدبر والتأمل في خلق الله تعالى، تلك الآثار الناجمة عن دعوة القرآن للتدبر والنظر والتفكّر، ومن تلك الآثار: سئلت أمّ الدرداء: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء، قالت: التفكّر والاعتبار (75).
وعن أبي الدرداء قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة (76). وفي الخيرية المقصودة بالأثر وجهان:
أحدهما: أن التفكّر يوصلك إلى الله، والعبارة توصلك إلى ثواب الله، والذي يوصلك إلى الله خير مما يوصلك إلى غير الله.
والثاني: أن التفكّر عمل القلب، والطاعة عمل الجوارح، والقلب أشرف من الجوارح، فكأن عمل القلب أشرف من عمل الجوارح (77) .
وقال أبو الشيخ الدارانيّ: إنّي لأخرج من منزلي، فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة، ولي فيه عبره (78). وعن عامر بن قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يقولون: إنّ ضياء الإيمان، أو نور الإيمان: التفكّر(79).
ومن جهة أخرى فقد ذمّ الله تعالى الّذين عطلوا عقولهم عن التفكّر والتدبّر، فلم يعتبروا بمخلوقات الله تعالى الدالّة على عظمته وإبداعه، فقال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف/105. والآيات الدالّة على الله ووحدانيته وقدرته كثيرة مبثوثة في تضاعيف الكون، معروضة للأبصار والبصائر، في السموات والأرض، يمرون عليها صباح مساء، آناء الليل وأطراف النهار، وهي ناطقة تكاد تدعو الناس إليها، بارزة تواجه العيون والمشاعر، موحية تخايل للقلوب والعقول، ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسّون إيقاعها العميق.
وإن لحظة تأمل في مطلع الشمس ومغيبها، لحظة تأمل في الظل الممدود وينقص بلطف أو يزيد، لحظة تأمل في الخضم الزاخر، والعين الفوّارة، والنبع الروي، لحظة تأمل في النبتة النامية، والبرعم الناعم، والزهرة المتفتحة، والحصيد الهشيم، لحظة تأمل في الطائر السابح في الفضاء، والسمك السابح في الماء، والدود السارب والنمل الدائب، وسائر الحشود والأمم من الحيوان والحشرات والهوام... لحظة تأمل في صبح أو مساء، في هدأة الليل أو في زحمة النهار... لحظة واحدة يستمتع فيها القلب البشري إلى ايقاعات هذا الوجود العجيب... إنّ لحظة واحدة لكافية لارتعاش هذا القلب بقشعريرة الإدراك الرهيب، والتأثر المستجيب، ولكنهم يمرّون عليها وهم عنها معرضون” (80).
وقال سبحانه فيمن عطّل قلبه وبصره وسمعه عن الفكر والتأمّل والنظر والتدبّر: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف/179. فهؤلاء الذين ذرأهم الله للنار كان ذنبهم أنهم عطّلوا قلوبهم عن التفكّر والتدبّر والتأمّل في عجيب صنع الله وأشغلوها في البحث عن الشهوات والملذات وكل مما من شأنه أن يصرفها عن وظيفتها التعبدية القائمة على التأمل والتفكر، حتى أصبح التفكير بالشهوات وكيفية الحصول عليها هو شغلهم الشاغل. كما أنّهم عطّلوا عيونهم عن النظر والبحث والتدبّر فيما خلق الله تعالى من آيات تدلّ على عظمته وإبداعه وأشغلوها فيما يستهويها من ملذّات ونزوات وشهوات ورغبات. وكذلك الآذان، عطّلوها عمّا من شأنه أن يوظفوها في الطاعة والعبادة، فكل منهم يرى غير مراد الرؤية، ويسمع غير مراد السمع.
4- ذم التقليد:
وممّا يوضح مكانة العقل في الكتاب والسنة: أنّ القرآن والسُنة ذمّا التقليد ونعيا على المقلّدة الذين عطّلوا عقولهم من خلال تسليمهم عقولهم لغيرهم كي يفكروا لهم بها، لدرجة أنهم غدوا لا يروا إلا بعيون من اتّبعوا وسلموا لهم القيادة، ولا يفكّروا إلا بتفكيرهم، ولا يصدروا إلا عن أمرهم، وهذا هو شأن التقليد: الحجر على العقول وجمود التفكير، فالمقلد تابع لمن قلد بلا حجّة ولا بيان، لأنّ التقليد هو: “قبول رأي من لا تقوم به الحجّة بلا حجّة”. (81)
والمراد بالقبول: اعتقاد مضمون المقبول، سواء كان قولاً أو فعلاً أو تقريراً، ولا يسمّى التلامذة مقلّدين إذا أخذوا عن مشايخهم ما دُلّل عليه، لأنهم متى أخذوا عن علمائهم ما أُقيم عليه الحجة والبرهان فهم عالمون عارفون وليسوا مقلّدين...
ومن الآيات التي نَعَتْ على المقلدين وأفادت منع التقليد القائم على تعطيل نعمة العقل التي يُفرّق فيها الإنسان بين الحق والباطل، وبها مُيّز الإنسان عن الحيوان، قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا) لقمان/21. "فهذا هو سندهم الوحيد، وهذا هو دليلهم العجيب، التقليد الجامد المتحجّر الذي لا يقوم على علم ولا يعتمد على تفكير، التقليد الذي يريد الإسلام أن يحررهم منه، وأن يطلق عقولهم لكي تتدبّر، ويشيع فيها اليقظة والحركة والنور، فيأبوا هم الانطلاق من إسار الماضي المنحرف، ويتمسّكوا بالأغلال والقيود.
إنّ الإسلام حريّة في الضمير، وحركة في الشعور، وتطلّع إلى النو ر، ومنهج جديد للحياة طليق من إسار التقليد والجمود. ومع ذلك كان يأباه ذلك الفريق من الناس، ويدفعون عن أرواحهم هداه، ويجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير". (82)
وقال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ. وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) البقرة/170-171.
فالتقليد هو رأس مالهم، وهو ديدنهم ودينهم، وهو السند الذي يركنون إليه في تقليد آبائهم،”فأي جمود هذا وأي تقليد؟ ومن ثم يرسم لهم صورة زرية تليق بهذا التقليد وهذا الجمود، صورة البهيمة السارحة التي لا تفقه ما يقال لها، بل إذا صاح بها راعيها سمعت مجرد صوت لا تفقه ماذا يعني، بل هم أضل من هذه البهيمة، فالبهيمة ترى وتسمع وتصيح، وهم صم بكم عمي”(83).
وقال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ. بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ. وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ. قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)الزخرف/20-24.
قال الإمام الرازي في تفسيره لهذه الآية: “لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت في إبطال القول بالتقليد، وذلك لأنّه تعالى بيّن أنّ هؤلاء الكفار لم يتمسّكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي ولا بدليل نقلي، ثم بيّن أنّهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنّما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أنّ القول بالتقليد باطل، ومما يدلّ عليه أيضاً من جهة العقل أنّ التقليد أمر مشترك فيه بين المبطل والمحق، وذلك لأنّه كم حصل لهذه الطائفة قوم من المقلدة، فكذلك حصل لأضدادهم أقوام من المقلدة، فلو كان التقليد طريقاً إلى الحق لوجب كون الشيء ونقيضه حقاً، ومعلوم أنّ ذلك باطل”(84).
وفي السنة المطهرة جاءت عشرات الأحاديث التي تنهى عن التقليد وتذم المقلدة، من ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تكونوا أمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا”(85). والأمعة هو من لا رأي له ولا عزم، ولا حول ولا طول، بل يقول ما يحكى له كما تقول الببغاء، فلا رأي له يرجع إليه.
قال صاحب تحفة الأحوذي في شرحه للحديث: “وفيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرّد حتى في الأخلاق فضلاً عن الإعتقادات والعبادات”(86).
وقوله صلى الله عليه وسلم: “لتتبعنّ سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضبّ لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال: فمن”(87). والحديث ينهى عن تقليد الكفرة من اليهود والنصارى، وينعى على أولئك المقلدة الذين قلّدوهم في كل شئ، مع أن ديننا العظيم ما ترك شاردة ولا واردة إلا ذكرها، فما عندنا يُغني عماّ عندهم، ولكنّ المقلدة أبوا إلا التقليد والسير في ركب اليهود والنصارى أينما ساروا، مع أن المكان لا يتّسع.... وفي التشبيه بجحر الضب تشبيه بليغ، لأنّ من المعلوم أنّ جحر الضبّ لا يتّسع إلا له، حتى أنه لا يدخله إلا بصعوبة...
وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم ؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك”(88).
فالتقليد آفة خطيرة من شأنها أن تنحدر بالإنسان إلى مستوى البهيمية، وهو سبيل لتجريد الإنسان من الحجة والدليل والبرهان والسلطان، وبه يسير الإنسان إلى حتفه بظلفه، حيث لا نور يهديه في ظلمة الليل البهيم، وبالتالي فهو ليس طريقاً للعلم، ولا موصلاً له، وعلى ذلك جمهور العقلاء.
ولأجل ذلك فقد أبانت آيات الكتاب العزيز عن المصير الذي ينتظر المقلدة يوم الحساب، وما سيكون بين التابعين والمتبوعين من محاورة يعتصرها الألم والحزن والأسى، قال تعالى: “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ”(البقرة/166-167).
وقال سبحانه: “وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ. وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”(سبأ/31-33).
وقال تعالى حاكياً عن إبراهيم في قوله لقومه: “إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ”(العنكبوت/29).
وقال تعالى: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “(إبراهيم/22).
5- محاربة الشعوذة والخرافة والأساطير:
تضافرت آيات الكتاب العزيز وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في محاربة الأساطير(89)، والخرافات(90)، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى ظلم العقل بإلغاء دوره عن طريق إدخاله وإشغاله في أمور ليست من وظيفته، تلكم الأمور التي من شأنها أن تحرم الإنسان من نعمة الهداية بأنوار الوحي.
ولتأكيد هذا كله فقد حرّم الإسلام كلّ ما من شأنه أن يستعبد عقول الناس ويتلاعب بها، مثل: الطيرة(91)، والكهانة(92)، والعرافة(93)، والتنجيم(94)، والشعوذة(95)، والتولة(96)، والتمائم(97)، ونسبة الحوادث إلى غير الله تعالى(98)، وغير ذلك.
فأصحاب هذه الترّهات اعتمدوا في ترّهاتهم على التمويهات وألوان الخداع التي لا يتقبّلها إلا السذج من الناس الذين وقعوا في مصيدة هؤلاء بما زخرفوه وزيّنوه من الكذب والبهتان، فقد سمّوا الظنون الكاذبة التي لا تغني عن الحقّ شيئا: علماً، وموّهوا على من أصغى إليهم فخدعوهم بالتمويه والكذب.
وما ذلك إلا لأن أغلب القضايا السابقة داخله في دائرة علم الغيب الذي خصّ الله تعالى نفسه بالعلم به، قال تعالى: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ”(آل عمران/179)، وقال سبحانه: “وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ”(الأنعام/59)، وقال: “فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ”(يونس/20)، وقال: “لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ”(النمل/65)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.....
فعالم الغيب لا تستطيع عقولنا أن تدخل في مسائلة بنفي أو إثبات إن لم يسعفها خبر السماء، لأنّ العقل مقـيّد بعالم المحسوسات، ولا عمل له في عالم المغيّبات.
قال الإمام الشاطبي: “إنّ الله جعل للعقول في إدراكها حدّاً تنتهي إليه لا تتعدّاه، ولم يجعل لها سبيلاً إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري تعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون، إذ لو كان كيف كان يكون. فمعلومات الله لا تتناهى، ومعلومات العبد متناهية، والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى...
وأيضاً فأنت ترى المعلومات عند العلماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم ضروري: لا يمكن التشكيك فيه، كعلم الإنسان بوجوده، وعلمه بأن الإثنين أكثر من الواحد، وأنّ الضدّين لا يجتمعان.
وقسم لا يعلمه البتة إلا أن يعلم به أو يجعل له طريق إلى العلم به، وذلك كعلم المغيّبات عنه، كانت من قبيل ما يعتاد علم العبد به أو لا، كعلمه بما تحت رجليه، إلا أن مغيبه عنه تحت الأرض بمقدار شبر، وعلمه بالبلد القاصي عنه الذي لم يتقدّم له به عهد، فضلاً عن علمه بما في السموات والبحار وما في الجنة أو النار على التفصيل، فعلمه بما لم يجعل له عليه دليل غير ممكن.
وقسم نظري: يمكن العلم به ويمكن أن لا يعلم به ــــــ وهي النظريّات ــــــــ وذلك القسم النظري هو الممكنات التي تعلم بواسطة لا بأنفسها إلا أن يعلم بها إخباراً”(99).
وقال الحافظ ابن حجر في شرح باب قول الله تعالى: “عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً”من كتاب التوحيد: “وفي الآية ردّ على المنجّمين، وعلى كل من يدّعي أنه يطلع ما سيكون من حياة أو موت أو غير ذلك، لأنّه مكذّب للقرآن، وهم أبعد شيء من الإرتضاء (100) مع سلب صفة الرسلية عنهم”(101).
وقال الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب بدء بالخلق: باب في النجوم، وقال قتادة: “وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ”(الملك/5): خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به”(102).
وقال الحافظ أيضاً فيما نقله عن ابن بزيزة(103): “نهت الشريعة عن الخوض في النجوم، لأنها حدس وتخمين، ليس فيها قطع ولا ظن غالب”(104).
كما نعى الله تعالى على أمثال هؤلاء فقال: “أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا”(مريم/78). قال ابن عباس في الآية: أنَظر في اللوح المحفوظ”(105).
وفي السنة المطهّرة جاءت الأحاديث تترى تحذّر من جميع الأقاويل والأفاعيل التي تتعارض مع عقيدتنا بالغيب، وكذا عقيدة الإعتماد على الله وحده في حصول ما ينفع العبد ويدفع عنه ما يضرّه في دينه ودنياه. قال صلى الله عليه وسلم: “لا عدوى ولا طيرة”(106). وقال: “إنّ الرقى والتمائم والتولة شرك”(107). وقال: “هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأمّا من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، وأمّا من قال: بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب”(108).
والأحاديث في مثل هذه المعنى كثيرة...
الخاتمة
بعد هذا التطواف في جنبات الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، نخلص إلى أهم نتائج البحث، وهي:
- العقل نعمة عظيمة من نعم الله تعالى أنعم بها على الإنسان، إذ من خلاله يتعرّف الإنسان على أسرار خلق الله تعالى وعظيم صنعه، وبه يتوصّل إلى تصديق الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله تعالى لهدايته وسعادته، وذلك أنّ الإنسان لا يستطيع أن يهتدي إلا بالشرع، والشرع لا يتبيّن إلا بالعقل، فالعقل كالأساس والشرع كالبناء، أو الشرع كالشمس والعقل كالعين، فإذا فتحت رأت الشمس، وإلا فلا.
- للعقل مكانة سامية في دين الله تعالى، ومنزلة رفيعة، ومع ذلك فإنّ له حدوداً لا يجوز تخطيها أو تجاوزها، لأنه إن فعل خبط خبْط عشواء، فهو في حاجة دائمة للشرع، لأنه تابع له، ومن شأن الشرع أن يعصمه.
ومن الأمور التي لا يجوز للعقل أن يخوض فيها: الحكم في المباحث الإلهية التي لا تعلم إلا بدلالة الوحي لكونه من الغيب المحض. أمّا المباحث الإلهيّة التي يمكن الإستدلال عليها بالأدلة العقليّة، كوجود الله تعالى ـــــــ مثلاً ـــــــ فهذه المباحث داخلة ضمن دائرة عمل العقل، وضابط الجواز والمنع في هذه المسألة هو أنّ المنع لا يكون إلا إذا كانت الدلالة عقليّة خالصة، أمّا الجواز فما يستدل عليه بالأدلة العقلية لا بدّ وأن يرد الوحي بما يدل عليه.
3. أنّ من رفض الأحاديث الواردة في مكانة العقل وصرّح بأنه لم يحفظ حديثاً صحيحاً في فضل العقل، ما كان منه هذا السلوك إلا ردّاً على المعتزلة الذين غالوا في تحكيم العقل، حتى وثقوا بقدرته على إدراك الأشياء، فالحقّ بين طرفي الإفراط والتفريط. والله أعلم.والحمد لله ربّ العالمين
الهوامش
- معجم مقاييس اللغة، 4/ 69.
- انظر: لسان العرب، 2/845-848، القاموس المحيط، ص1190 -1199، تهذيب اللغة، 1/158-162، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، 4/85، مختار الصحاح ، ص446- 448.
- معجم مفردات ألفاظ القرآن ص 354، وانظر: بصائر ذوي التمييز 4/ 85.
- بصائر ذوي التمييز 4/85.
- القاموس المحيط ص420.
- انظر: المواقف في علم الكلام، ص 146، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الإعتقاد، ص16، مقالات الإسلاميين، ص480، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 11/ 375، البحر المحيط في أصول الفقه، 1/85، المنخول من تعليقات الأصول، ص 44، الكتاب المعتبر في الحكمة 2/ 356، مجموع فتاوى ابن تيمية 9/286-287، المعارف العقليّة، ص29-36.
- مباحث في العقل، ص130.
- انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، ص 468- 469.
- محاسن التأويل، 2/406-407.
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، 1/298-299.
- تفسير روح البيان 5/472.
- انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/210، أنوار التنزيل وأسرار التنزيل، 4/30، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، 4/ 48، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، 8/520، التحرير والتنوير، 16/134.
- التحرير والتنوير 16/202.
- روح المعاني 15/337، وانظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 8/415
- انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، ص549-551.
- تفسير الرازي، 23/40، وانظر: تفسير القرطبي 12/77، روح المعاني 9/160، التحرير والتنوير 17/208.
- التفسير الكبير، 6/ 128، وانظر: تفسير القرطبي 17/73، تفسير الطبري، 27/43-44.
- انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ص644.
- انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ص510.
- التحرير والتنوير 14/81، وانظر: الجامع لأحكام القرآن 10/257-260، روح البيان 5/188.
- أخرج ذلك ابن أبي الدنيا في كتاب العقل وفضله، ضمن موسوعة رسائل ابن الدنيا، ص302 برقم 6، الطبري في التفسير 23/202 برقم 23042، السيوطي في الدرّ المنثور ، 7/171، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد، وانظر: اللباب في علوم الكتاب 6/155، النكت والعيون 3/498.
- أخرجه الطبري في التفسير 23/202 برقم 23038، ابن كثير في التفسير، ص1472.
- روح المعاني 12/201.
- بصائر ذوي التمييز 2/222.
- انظر: بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة، ص245.
- انظر: تاريخ بغداد 8/360.
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص66-67.
- أخرجه الطبراني في الأوسط، 1/500 برقم 1845، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 8/25 برقم 12715، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو مجمع على ضعفه.
- هو داود بن المحبر بن قحذم، أبو سليمان البصري صاحب العقل، ضعّفه العديد من أهل العلم، مات سنة ست ومائتين. انظر: ميزان الإعتدال في نقد الرجال 3/33.
- من المصنّفين في العقل: ابن أبي الدنيا (281ه)، واسم كتابه: العقل وفضله، الحارث المحاسبي (243ه)، واسم كتابه: شرف العقل وماهيته، الغزالي (505ه)، واسم كتابه: شرف العقل وماهيته، وهو ضمن كتابه: إحياء علوم الدين، وقد طبع مستقلاً أخيراً...
- مجموع فتاوى ابن تيمية 18/336-337.
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص66.
- انظر: المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة،، ص118.
- انظر: كشف الخفا ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، 1/275.
- انظر: التذكرة في الأحاديث المشتهرة، ص189.
- انظر: تذكرة الموضوعات، ص28-29، وانظر: الموضوعات 1/174، الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، 1/43، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، 1/35، 1/120، المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، مطبوع في هامش إحياء علوم الدين للغزالي1/ 86، فتح الباري 6/289، تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة، 1/204.
- إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، 1/455.
- انظر رواية أبي أمامة في المعجم الكبير للطبراني برقم 8086.
- انظر رواية أبي هريرة في المعجم الأوسط للطبراني برقم 1845.
- إنتقاد المغني عن الحفظ والكتاب ص 73، نقلاً عن التنكيت والإفادة في تخريج أحاديث خاتمة سفر السعادة لابن همات الدمشقي.
- انظر: مقدمات الإمام الكوثري، ص364، في تقديمه لكتاب: العقل وفضله، لابن أبي الدنيا.
- مجموع الفتاوى 18/337-338، وانظر: مجموع الفتاوى 1/244، 11/230، 17/333، 27/242، 35/153.
- إتحاف السادة المتقين 1/474.
- أخرجه البخاري في الصحيح ص80 برقم 304، كتاب الحيض، باب: ترك الحائض الصوم، مسلم في الصحيح ص60 برقم 79، كتاب الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات، وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله، ككفر النعمة والحقوق، ابن خزيمة في الصحيح، 2/ 101 برقم 1000، البيهقي في السنن الكبرى 1/308 برقم 1529، ابن حبّان في الصحيح، 13/ 54 برقم 5744، ابن ماجة في السنن، ص430 برقم 4003 من حديث ابن عمر، أحمد في المسند، ص325 برقم 4122 من حديث ابن عمر أيضاً، الترمذي في الجامع ص424 برقم 2613، من حديث أبي هريرة، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
- روح المعاني 2/57.
- في ظلال القرآن، 1/336
- أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف، ص 185 برقم 432، أحمد في المسند ص1212 برقم17231، ابن خزيمة في الصحيح 3/32 برقم 1572، الترمذي في الجامع ص57 برقم 228، كتاب الصلاة، باب: ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنّهى، وقال: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب، ابن أبي شيبة في المصنف 1/351 برقم 3547، البزار في المسند 1/262 برقم 1544، النسائي في السنن الكبرى 3/298 برقم 798، ابن ماجة في السنن ص112 برقم 976، كتاب إقامة الصلاة، باب: من يستحب أن يلي الإمام، الحاكم في المستدرك، 1/340 برقم796، أبو داود في السنن ص94 برقم 674، كتاب الصلاة، باب: من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر، عبد الرزاق في المصنف 2/45 برقم 2430.
- صحيح مسلم بشرح النووي، 4/155.
- واسمه المنذر بن عائذ العصري وقيل: غير ذلك. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 1/189.
- أخرجه مسلم في الصحيح ص41 برقم 17 كتاب الإيمان، باب: الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين، والدعاء إليه، والسؤال عنه، وحفظه وتبليغه من لم يبلغه، أحمد في المسند ص1273 برقم 17982، الترمذي في الجامع ص334 برقم 2011، كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في التأني والعجلة، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، ابن ماجة في السنن ص452 برقم 4188، كتاب الزهد، باب: الحلم، البيهقي في شعب الإيمان 6/2980 برقم 8966، السنن الكبرى 10/104 برقم 20059، البخاري في الأدب المفرد 1/205 برقم 585، الطبراني في الأوسط 2/25 برقم 2374، الصغير 2/67 برقم 792، الكبير 12/230 برقم 12969.
- صحيح مسلم بشرح النووي 1/189.
- أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الوضوء، باب: صبّ النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه، 62 برقم 194، مسلم في الصحيح ص659 برقم 1616، كتاب الفرائض، باب: ميراث الكلالة، أحمد في المسند ص972 برقم 14235، ابن ماجة في السنن ص298 برقم 2728، كتاب الفرائض، باب: ميراث أهل الإسلام عن أهل الشرك، الترمذي في الجامع ص348 برقم 2097، كتاب الفرائض، باب: ميراث الأخوات، وقال: هذا حديث حسن صحيح، أبو داود في السنن ص327 برقم 2887، كتاب الفرائض، باب: من كان ليس له ولد وله أخوات، ابن خزيمة في الصحيح 1/56 برقم 106، الدارمي، كتاب الطهارة، باب: الوضوء بالماء المستعمل، 1/ 128 برقم733، البيهقي في السنن الكبرى 1/235 برقم 1053.
- فتح الباري 1/301.
- أخرجه مسلم في الصحيح ص704 برقم 1695، كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا، ابن أبي شيبة في المصنف 10/73 برقم 29367.
- أخرجه أحمد في المسند ص100 برقم 956، البيهقي في السنن الكبرى 3/83 برقم 4868، الحاكم في المستدرك 4/430 برقم 8170، الترمذي في الجامع ص250 برقم 1423، كتاب الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، وقال: حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه، أبو داود في السنن ص481 برقم 4403، كتاب الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حداً، ابن ماجه في السنن ص221 برقم 2042، كتاب الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم، النسائي في السنن الكبرى 4/324 برقم 7346.
- أخرجه أحمد في المسند ص474 برقم 6603، ابن حبّان في صحيحه 7/384 برقم 3115، وحسّن إسناده الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبّان، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/128 برقم 4262، وقال: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح.
- أخرجه أحمد في المسند ص1711 برقم 23644، البخاري في الصحيح ص1246 برقم 6497، كتاب الرقاق، باب: رفع الأمانة، مسلم في الصحيح ص81 برقم 143، كتاب الإيمان، باب: رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب، وعرض الفتن على القلوب، الترمذي في الجامع ص362 برقم2179، كتاب الفتن، باب: ما جاء في رفع الأمانة، ابن ماجة في السنن ص436 برقم 4053، كتاب الفتن، باب: ذهاب الأمانة، الطيالسي في المسند ص57 برقم 424، ابن حبّان في الصحيح 15/164 برقم 6762، الحميدي في المسند 1/211 برقم 446، البيهقي في شعب الإيمان 4/1857 برقم 5271، السنن الكبرى 10/122 برقم 20172.
- أخرجه أحمد في المسند ص1283 برقم 18083، الحاكم في المستدرك 1/180 برقم 339، وقال: قد ثبت الحديث بلا ريب فيه برواية زياد بن لبيد بمثل هذا الإسناد الواضح، الطبراني في الكبير 5/265 برقم 5292.
- أخرجه أحمد في المسند ص1704 برقم 23551.
- أخرجه أحمد في المسند ص1574 برقم 21903، أبو نعيم في الحلية 1/158
- أخرجه أحمد في المسند ص617 برقم 8729.
- أخرجه الترمذي في الجامع ص571 برقم 3640، كتاب المناقب، باب: في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، الحاكم في المستدرك 4/304 برقم 7716، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه، قال الذهبي في التلخيص: أخرجه البخاري سوى قوله ( لتعقل عنه ).
- أخرجه البخاري في الصحيح ص44 برقم 95، كتاب العلم، باب: من أعاد الحديث ثلاثاً ليفهم عنه.
- ملحة الإعتقاد ص22، وانظر: شرح المقاصد 2/332.
- صحيح مسلم بشرح النووي 16/ 207.
- أخرجه أحمد في المسند ص115 برقم 1183، الترمذي في الجامع ص250 برقم 1423، كتاب الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، ابن ماجه في السنن ص221 برقم 2041، كتاب الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم، أبو داود في السنن ص481 برقم 4403، كتاب الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حدّاً، ابن حبّان في صحيحه 1/355 برقم 142، الحاكم في المستدرك 2/68 برقم 2350، كتاب البيوع، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي، الدارمي 2/141 برقم 2296، كتاب الحدود، باب: رفع القلم عن ثلاثة، النسائي في السنن الكبرى 6/156، كتاب الطلاق، باب: من لا يقع طلاقه من الأزواج.
- أخرجه مسلم في الصحيح ص528 برقم 1336، كتاب الحج، باب: صحّة حج الصبي وأجر من حجّ به.
- صحيح مسلم بشرح النووي 9/99.
- أخرجه البخاري في الصحيح ص1110 برقم 5652، كتاب المرضى، باب: فضل من يصرع من الريح، مسلم في الصحيح ص 1039 برقم 2576، كتاب البر والصلة والآداب، باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن او نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها، أحمد في المسند ص263 برقم 3240، البيهقي في شعب الإيمان 7/3250 برقم 9966، باب: في الصبر على المصائب، دلائل النبوة 6/136 برقم 2410، باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت تصرع وتنكشف بالعافية، النسائي في السنن الكبرى 4/353 برقم 7490، باب: ثواب من يصرع.
- أخرجه أبو داود في السنن ص159 برقم 1314، كتاب التطوع، باب: من نوى القيام فنام، النسائي في المجتبى ص205 برقم 1784، كتاب قيام الليل، باب: من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم، مالك في الموطأ ص76 برقم 507، كتاب صلاة الليل، باب: ما جاء في صلاة الليل، البيهقي في السنن الكبرى 3/15 برقم 4910، باب: من نام على نية أن يقوم فلم يستيقظ.
- أخرجه مسلم في الصحيح ص832 برقم 2003، كتاب الأشربة، باب: بيان أنّ كل مسكر خمر، وأنّ كل خمر حرام، الطبراني في الأوسط 6/ 7943، الصغير 1/103 برقم 143، ابن ماجة في السنن ص367 برقم 3390، كتاب الأشربة، باب: كل مسكر حرام، أحمد في المسند ص360 برقم 4645، البيهقي في شعب الإيمان 5/1949 برقم 5572، باب: في المطاعم والمشارب، الترمذي في الجامع ص316 برقم 1861، كتاب الأشربة، باب: ما جاء في شارب الخمر، ابن حبّان في الصحيح 12/177 برقم 5354، الدارقطني في السنن 4/249 برقم 18، كتاب الأشربة وغيرها.
- أخرجه ابن حبّان في صحيحه 2/387 برقم 620، وصحّحه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه للصحيح، السيوطي في الدرّ المنثور 2/382.
- تفسير ابن كثير ص370، وانظر للإستزادة: محاسن التأويل 2/828.
- تفسير الرازي 9/112.
- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، 13/307 برقم 35729، أحمد بن حنبل في الزهد ، ص168، البيهقي في شعب الإيمان 1/107 برقم 119.
- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 1/106 برقم 118، أحمد في الزهد ص173، أبو نعيم في الحلية 1/209، ابن أبي شيبة في المصنف 3/307 برقم 35728.
- تفسير روح البيان 2/179.
- ذكره ابن كثير في التفسير ص370 ، وعزاه لابن أبي الدنيا في الاعتبار والتوكل.
- ذكره ابن كثير في التفسير ص370.
- في ظلال القرآن 4/2032.
- إرشاد الفحول، ص65، وللإستزادة انظر: العقيدة الوسطى وشرحها، ص 36- 37 , لوامع الأنوار البهية، 1/ 267، شرح الخريدة البهية، ص39، تفسير القرطبي 2/211.
- في ظلال القرآن 5/2793.
- في ظلال القرآن 1/155.
- تفسير الرازي 27/177.
- أخرجه الترمذي في الجامع ص334 برقم 2007، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الإحسان والعفو، وقال: هذا حديث حسن غريب، البزار في المسند 1/429 برقم 2802.
- تحفة الأحوذي 6/123.
- أخرجه البخاري في الصحيح ص665 برقم 3456، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، مسلم في الصحيح ص1070 برقم 2669، كتاب العلم، باب: اتباع سنن اليهود والنصارى، أحمد في المسند ص812 برقم 11822، البزار في المسند 2/433 برقم 8411، الطبراني في الكبير 6/186 برقم 5943، ابن حبّان في الصحيح 15/95 برقم 6703.
- أخرجه البخاري في الصحيح ص1396 برقم 7319، كتاب الإعتصام، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم.
- الأساطير: الأباطيل، والأساطير: أحاديث لا نظام لها، واحدتها إسطار وإسطارة، بالكسر، وأسطير وأسطيرة وأسطور وأسطورة بالضم. انظر: لسان العرب 2/143، مادة: سطر.
وكلمة الأسطورة وردت في القرآن تسع مرّات بصورة الجمع: “أساطير”ودائماً مضافة إلى الأولين.
ومن خلال ما كتبه علماء التفسير يمكن أن نطلق كلمة أساطير على خرافات العرب في الجاهلية، سواء منها ما تعلق بعباداتهم وتقاليدهم الطقسيّة، وما تناول أخبار كهانهم وعرّافيهم، وما تنوقل من مروّياتهم في ظواهر الكون والطبيعة.
90. الخرافة لون من ألوان الأساطير، وجاء في الحديث: “أتدرون ما خرافة ؟ إنّ خرافة كان رجلاً من عذره أسرته الجن في الجاهليّة، فمكث فيهم دهراً طويلاً، ثم ردّوه إلى الإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة”. أخرجه أحمد في المسند ص1872 برقم 25758 بسند ضعيف، الطبراني في الأوسط 4/306 برقم 6068.
91. عرّف الرسول صلى الله عليه وسلم الطيرة تعريفاً جامعاً مانعاً، فقال: “الطيرة ما أمضاك أو ردّك”. أخرجه أحمد في المسند ص167 برقم 1824، وانظر في تعريفها: لسان العرب 2/636، مادة: طير، تاج العروس من جواهر القاموس، 12/401، مادة: طير، مختار الصحاح، ص402، مجموع فتاوى ابن تيمية 23/17، الفروق، 4/238، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة، 3/116.
92. الكهانة: إدّعاء علم الغيب، كالإخبار بما سيقع بالأرض مع الإستناد إلى سبب. انظر: فتح الباري 10/216. والكاهن هو الذي يتعاطى الإخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان، انظر: هدي الساري ص181. وللاستزادة انظر: تهذيب اللغة 6/18، مادة: كهن، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/573، لسان العرب 3/309، مادة: كهن.
93. العرافة: هي عمل العرّاف الذي يدّعي علم الغيب الذي اسستأثر الله تعالى به. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/191، لسان العرب 3/746، مادة: عرف، تهذيب اللغة 2/209، مادة: عرف.
94. التنجيم: هو الإستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية كما يزعمون. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 35/ 192، 5/371-372، شرح السنة للبغوي، 12/183، كشف الظنون، 2/1930، مقدمة ابن خلدون، ص519- 520.
95. الشعوذة: خفة في اليد، وأخذ كالسحر، يُرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين، انظر: ترتيب القاموس 2/666. وللاستزادة انظر: لسان العرب 2/ 323، مادة: شعذ، تهذيب اللغة 1/258، مادة: شعذ.
96. التولة: بكسر التاء وفتح الواو، ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره، جعله الرسول صلى الله عليه وسلّم من الشرك لاعتقادهم أنّ ذلك يؤثر، ويفعل خلاف ما قدّره الله تعالى. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 199.
97. التمائم: جمع تميمة، وهي خرز أو قلادة توضع في الرأس، كانوا في الجاهلية يعتقدون أنّ ذلك يدفع الآفات. انظر: فتح الباري 10/196، وأصلها خرزات تعلّق لاتقاء العين، ويمكن أن تشمل كل ما علّق لدفع العين. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/196، شرح السنّة للبغوي 12/158.
98. ومما يندرج تحت هذا: الإيمان بالأنواء، والنوء هو النجم إذا مال للغروب. وكانت العرب تنسب المطر للأنواء، ويقولون : مطرنا بنوء كذا، وهذا كفر، لأنّ النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً. انظر: النهاية غريب الحديث والأثر في 2/799- 800، ترتيب القاموس 4/408، فتح الباري 2/523-524، 6/295، 10/159.
99. الإعتصام، ص562-563
100. يعني المذكور في قوله تعالى: “إلا من ارتضى من رسول”(الجن/27).
101. فتح الباري 13/364-365.
102. فتح الباري 6/295.
103. هو عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي التيّمي، التونسي، المعروف بإبن بزيزة، صوفي، فقيه، مفسر، له العديد من المؤلفات، توفي عام 662ه. انظر: معجم المؤلفين 5/239
104. فتح الباري 4/127.
105. روح المعاني 8/446.
106. أخرجه البخاري في الصحيح ص1127 برقم 5757، كتاب الطب، باب: لا هامة ولا صفر، مسلم قي الصحيح ص913 برقم 2220، كتاب السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول، ولا يورد ممرض على مصح، أحمد في المسند ص709 برقم 10326، ابن أبي عاصم في السنة، باب: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى وقوله من أعدى الأول، ص134 برقم 276.
107. أخرجه الحاكم في المستدرك 4/241 برقم 7505، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي، الطبراني في الكبير 10/213 برقم 10503، الأوسط 1/394 برقم 394، أحمد في المسند ص288 برقم 3615، ابن ماجة في السنن ص381 برقم 3530، كتاب الطب، باب: تعليق التمائم، أبو داود في السنن ص426 برقم 3883، كتاب الطب، باب: في تعليق التمائم، أبو يعلى في المسند 9/133 برقم 5208، البيهقي في السنن الكبرى 9/350 برقم 19387.
108. أخرجه البخاري في الصحيح ص172 برقم 846، كتاب الأذان، باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلّم، مسلم في الصحيح ص59 برقم 71، كتاب الإيمان، باب: بيان كفر من قال مطرنا بالنوء، أبو داود في السنن ص428 برقم 3906، كتاب الطب، باب: في النجوم، أحمد في المسند ص1209 برقم 17187، مالك في الموطأ ص121 برقم 825، كتاب الإستسقاء، باب: الإستمطار بالنجوم , البخاري في الأدب المفرد 1/ 312 برقم 907, البيهقي في السنن الكبرى 2/ 188 برقم 3151 , النسائي في السنن الكبرى 1/ 563 برقم 1833.