الفتاوى

الموضوع : اجتماع مقام النبوة والشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
رقم الفتوى: 3874
التاريخ : 12-05-2024
التصنيف: السيرة النبوية والشمائل المحمدية
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مات شهيداً؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

مقام النبوة أرفع المقامات ولا يعدله مقام ولا تدانيه منزلة، وسيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد المرسلين، وخير خلق الله تعالى أجمعين، سواء أقلنا إنه مات متأثرًا بالسم فمات شهيدًا، أم لا.

هذا؛ وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن سيدنا ونبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مات شهيداً؛ لأنّ وفاته كانت بالحمى، والتي كانت من آثار الأكلة المسمومة التي تناول منها بخيبر، فلم تؤثر فيه وقتها بأمر الله تعالى حفظاً له؛ ليبلغ الرسالة ويؤدي الأمانة، وأثرت فيه عندما حان أجله؛ ليجمع الله لنبيِّهِ بين النبوة والشهادة؛ مبالغةً في الرفعة والكرامة عند الله تعالى.

واستدلوا لذلك بأدلة:

منها قول أمّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: (يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي [عرق مرتبط بالقلب إذا انقطع مات الإنسانٍ] مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ) رواه البخاري.

ومنها ما رواه الحاكم عن أمّ مُبَشِّرٍ رضي الله عنها قالت: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَتَّهِمُ بِنَفْسِكَ؟ فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُ بِابْنِي إِلَّا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَهُ مَعَكَ بِخَيْبَرَ وَكَانَ ابْنُهَا بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ مَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ غَيْرَهَا، هَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي هَذَا). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرِّجاه. [المستدرك 3/ 242].

ومنها ما كان يقوله ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: "إنه مات شهيداً من السم" [لطائف المعارف لابن رجب/ ص106]. 

وما تقدم مما لقيه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لا يتعارض مع مفهوم العصمة، فلم يكن موته صلى الله عليه وسلم فجأة ولا بسبب قتل أو اغتيال، وإنما كان موته طبيعياً بسبب الحمى والصداع الذي كان من آثار تلك الأكلة المسمومة التي تناولها بخيبر، فلم تؤثر عليه في ذلك الوقت، فقاد الجيوش بعد ذلك ودخل المعارك الكبرى وانتصر فيها، وفاوض الأعداء، واستقبل الوفود، ومارس حياته العادية اليومية بصورة طبيعية حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى.

ولا يتعارض ذلك -أي تناوله السم- مع قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ لأن الآية تتحدث عن عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من القتل، ورسول الله عُصم من ضر ذلك السم مدة حياته، قال ابن بطال رحمه الله: "لأن الله تعالى دفع عنه ضر السم بعد أن أطلعه على المكيدة فيه بآية معجزة أظهرها له من كلام الذراع، ثم عصمه الله من ضره مدة حياته، حتى إذا دنا أجله بغى عليه السم، فوجد ألمه وأراد الله له الشهادة بتلك الأكلة" [شرح صحيح البخاري 5 /347].

وعليه؛ فكان تأثير السم على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو لرفع درجاته وعلو منزلته عند الله تعالى، ولينال بذلك مقام الشهداء علاوة على مقام النبوة. والله تعالى أعلم.





للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف[ السابق ]
رقم الفتوى[ السابق | التالي ]


التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا